للمرة الأولى منذ تأسيسها عام 1969 تُصدر نقابة الفنانين السوريين بيان موقف سياسي طالب الحكومة السورية باتخاذ «خطوات جادة وعاجلة» باتجاه تحقيق العدالة الانتقالية وتشكيل «هيئة وطنية مستقلة للعدالة الانتقالية».
وقالت النقابة، اليوم (الثلاثاء)، إنه «في ظل الجرائم الجسيمة لحقوق الإنسان، والتمادي في إفلات الجناة من العقاب، تبرز حاجة السوريين الماسة إلى دولة العدالة والقانون».
ويعد هذا الموقف الرسمي الأول للنقابة منذ سقوط نظام الأسد واستعادة أكثر من مائة فنان، بينهم ممثلون ومخرجون وكتاب سيناريو، من المعارضين لنظام الأسد، عضويتهم في النقابة بعد سنوات من إسقاط عضويتهم، أبرزهم: مكسيم خليل، وفارس الحلو، وجمال سليمان، ويارا صبري، ومازن الناطور، وسامر المصري، ورامي حنا، وعبد الحكيم قطيفان، وأصالة نصري، ومحمد آل رشي، وعزة البحرة، وآخرون.
وشدد الفنانون الموقِّعون على دور الفن في «رأب الصدع» بين السوريين، وناشدوا «باسم الضحايا، والحقيقة، وباسم المستقبل المنشود المبنيّ على أسس القانون والعدالة والسلم الأهلي، تشكيل هيئة وطنية مستقلة للعدالة الانتقالية ذات شفافية تضم خبراء حقوقيين مشهود لهم بالكفاءة والاستقلالية»، وأن ذلك «بات ضرورة أكثر من أي وقت مضى؛ منعاً للنزعات الانتقامية».

الفنان السوري فارس الحلو المعروف بمواقفه المعارضة لنظام البعث، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا أول بيان نقابي بعد سقوط نظام الأسد، وهو إحدى علامات «الخروج من التبعية السياسية»، معتبراً هذا الموقف السياسي ذا النكهة الحقوقية والإنسانية «يتماشى بالإساس مع العمل الإبداعي الساعي على الدوام لتسليط الضوء على الضعف الإنساني».

وقَّع البيان نحو مائة فنان من العاملين في مجال التمثيل والإخراج والموسيقى أبرزهم نقيب الفنانين مازن الناطور، وعبد الحكيم قطيفان، وسمر سامي، وفارس الحلو، ويارا صبري، وجمال سليمان، وكاريس بشار، وجهاد عبده، وسامر إسماعيل، وواحة الراهب، ومأمون البني، وسلافة عويشق، وسميح شقير، وغيرهم.
وحذر الموقعون من «تأخير إطلاق مسار العدالة الانتقالية»، لأن ذلك يحمل في طياته «ألغاماً مدمرة على استقرار البلاد ومستقبلها». وقال البيان إن «انعدام المساءلة واستمرار الإفلات من العقاب قد يؤديان إلى موجات جديدة من العنف وعدم الثقة، مما يعرقل الجهود لإعادة بناء الدولة والمجتمع».

وحسب البيان، «العدالة الانتقالية ليست ترفاً قانونياً، وليست بنداً اختيارياً في أجندة التسويات السياسية؛ إنها أساس الكرامة التي يمثل جبر الضرر حدها الأدنى»، وهي «خطوة تجاه بناء الدولة المنشودة»، و«العدالة الانتقالية هي حجر الأساس للسلم الأهلي»، مع الإشارة إلى أن «المجرم لا يمثل سوى نفسه، ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تتحمل عائلته أو بيئته المحلية تبعات أفعاله وبما يتناسب مع أحكام القانون».

يشار إلى أن الفنان مازن الناطور المنحدر من درعا، تسلم قبل شهر نقابة الفنانين خلفاً للنقيب محسن غازي، وأصدر قراراً بعد سقوط النظام بإلغاء قرارات شطب عضوية الفنانين المعارضين التي صدرت بعد عام 2011، والذي تم بموجبه منعهم من العودة إلى سوريا ومزاولة عملهم الفني.
وشهدت البلاد حملات تجييش طائفي بعد الأحداث الدموية التي شهدها الساحل السوري في مارس (آذار) الماضي، لا تزال تداعياتها تنعكس على الأرض مع استمرار وقوع حوادث أمنية وجرائم انتقامية في مناطق متفرقة من البلاد في ظل هشاشة الأوضاع الأمنية التي تعمل السلطات على ضبطها عبر سحب السلاح، وملاحقة عصابات الإجرام والخطف.
وأعلنت الشرطة العسكرية، الثلاثاء، إلقاءها القبض على عناصر ظهروا في مقطع فيديو يرتدون الزي العسكري في مقامٍ ديني للطائفة العلوية في الساحل، يوجهون عبارات طائفية، وحسب مصدر في الشرطة العسكرية فإن هؤلاء لا ينتمون إلى الدولة وأُحيلوا إلى القضاء.