عُقدت، الخميس، الجلسة الثانية من المحاكمة العلنية للمتهمين بارتكاب انتهاكات خلال أحداث الساحل السوري في مدينة حلب شمال البلاد، وذلك بحضور ممثلين عن منظمات حقوقية ودولية من الأمم المتحدة والعدالة الانتقالية ومنظمات العدالة والمساءلة والشفافية. وقد تم تعليق المحاكمة إلى 22 من يناير (كانون الثاني) المقبل.
ومثل خلال الجلسة، التي ترأسها القاضي زكريا عبد الغني البكار، رئيس محكمة الجنايات بحلب، 7 متهمين بارتكاب انتهاكات خلال أحداث الساحل مطلع مارس (آذار) الماضي.
وأظهر مقطع فيديو نشرته قناة «الإخبارية» السورية لجزء من مجريات الجلسة حضور عدد كبير من المواطنين والمحامين والقضاة في قاعة المحكمة.
وأوضح القاضي البكار، في مقطع الفيديو، أنه جرى خلال الجلسة سماع أقوال المتهمين السبعة من المتمردين، والتوضيحات المطلوبة من الأطراف والمحامين، لافتاً إلى أنه تم تعليق الجلسة إلى 22 يناير.

وأكّد أن المتهمين أدلوا بأقوالهم «بكل حرية واستقلال، وقدّموا دفوعهم وطلبوا سماع الشهود، وأن المحكمة مستعدة لسماع شهودهم في الجلسات المقبلة، ومنحهم الحرية الكاملة والوقت الكافي للدفاع عن أنفسهم بالطريقة التي يرونها مناسبة».
بدوره، قال القاضي علاء الدين لطيف، رئيس المحكمة العسكرية بحلب، إن جلسة اليوم هي استكمال لإجراء المحاكمات للمتمردين على القوات الحكومية، وقد تمت بحضور جمع من أهالي المتهمين وممثلين عن مفوضية الأمم المتحدة، مؤكداً أن المحاكمة تتم على مبدأ استقلالية وشفافية القضاء والحيادية.
وكان رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل، القاضي جمعة العنزي، قد أكّد في تدوينة نشرها الأربعاء على منصة «إكس»، أن الحكومة السورية جادة في اعتماد المحاكمات العلنية المفتوحة نهجاً ثابتاً لكسر دائرة العنف والإفلات من العقاب وتعزيز مبدأ الشفافية وحماية حقوق المتهمين من كلا الطرفين، وتعزيز الرقابة المجتمعية لمرفق القضاء، مشيراً إلى أن منظمات حقوقية أممية ومدنية ستحضر جلسات المحاكمات.
ولفت العنزي إلى أن ملايين السوريين ينتظرون انطلاق عمل مسار العدالة الانتقالية بشكل أوسع مما هو عليه الآن، وأن ضخامة الملف تتطلب كثيراً من العمل والإعداد لمحاسبة آلاف المجرمين في عهد النظام البائد.
ومع بدء الجلسة الثانية من المحاكمة العلنية للمتهمين بارتكاب انتهاكات خلال أحداث الساحل، قالت وزارة العدل السورية في منشور على قناتها في منصة «تلغرام»: «محكمة الجنايات في حلب تفتح باب العدالة لإكمال المحاكمات في مسار العدالة السورية في أحداث الساحل، بحضور ممثلين عن منظمات حقوقية ودولية من الأمم المتحدة والعدالة الانتقاليّة ومنظمات العدالة والمساءلة والشفافية».
وانطلقت في الثامن عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في قصر العدل بمدينة حلب، أولى جلسات المحاكمة العلنية للمتهمين بارتكاب انتهاكات خلال أحداث الساحل السوري التي وقعت مطلع مارس الماضي.
وشمل القسم الأول من الجلسة الأولى محاكمة 7 موقوفين من فلول النظام السابق بتهم إثارة الفتنة الطائفية والسرقة، والاعتداء على قوى الأمن الداخلي وقوات الجيش العربي السوري، وعلّق حينها القاضي جلسات محاكمتهم إلى الثامن عشر من ديسمبر (كانون الأول) الحالي.
فيما شمل القسم الثاني محاكمة 7 من العناصر المنفلتة المتهمين بجرائم سرقة وقتل، وجرى تعليق جلسات محاكمتهم إلى 25 من الشهر نفسه.
وأكد آنذاك مدير إعلام حلب، عبد الكريم ليلة، أن هذه الجلسة تُمثل سابقة بعد تحرير سوريا؛ حيث دعيت وسائل الإعلام العربية والدولية لمواكبة الجلسة، ما يعكس حرص الحكومة على تحسين واقع الشفافية والمصداقية في قطاع القضاء.

وقد حضر الجلسة الأولى، التي تُعدّ الأولى من نوعها في سوريا، العديد من أهالي الضحايا، وانتشرت قوات الأمن العام بشكل مكثف في محيط القصر العدلي بحلب.
وتقول مصادر في وزارة العدل السورية إنه ستكون هناك محاكم علنية أخرى للأشخاص الذين ارتكبوا جرائم في أحداث الساحل السوري، وعددهم أكثر من 560 متهماً، إضافة إلى محاكمات أخرى بحق متهمين ارتكبوا جرائم بحق الشعب السوري على مدى 14 عاماً.
وكانت اللجنة الوطنية للتحقيق في أحداث الساحل السوري قد أعلنت أن أولى الجلسات العلنية لمحاكمة المتهمين بارتكاب الانتهاكات هي خطوة تُعد الأولى من نوعها منذ سقوط النظام السابق.
وشهدت أحداث الساحل السوري، التي اندلعت في السابع من مارس الماضي، أعمال عنف راح ضحيتها المئات من المدنيين وعناصر من الأمن العام وقوات وزارة الدفاع وعناصر من النظام السابق، إضافة إلى حرق منازل مدنيين.









