دمشق تضع خطط استجابة سريعة مع تواصل حركة النزوح من لبنان

مخاوف تتصل بمصير اللاجئين السوريين العائدين... وتوجس من ارتفاع الأسعار

لقطة من فيديو متداول لازدحام نازحين باتجاه سوريا
لقطة من فيديو متداول لازدحام نازحين باتجاه سوريا
TT

دمشق تضع خطط استجابة سريعة مع تواصل حركة النزوح من لبنان

لقطة من فيديو متداول لازدحام نازحين باتجاه سوريا
لقطة من فيديو متداول لازدحام نازحين باتجاه سوريا

ازدادت أعداد النازحين من الأراضي اللبنانية باتجاه الأراضي السورية وسط حالة من الوجوم العام. وقالت مصادر أهلية في ريف حمص الغربي لـ«الشرق الأوسط» إن أعداد الذين وصلوا إلى منطقة القصير شهدت ازدياداً ملحوظاً، الأربعاء، فيما كان دوي انفجارات في منطقة البقاع يُسمع على مدار الساعة.

وأضافت المصادر أن أعداد النازحين من السوريين اللاجئين في لبنان يفوق أعداد اللبنانيين، ومعظمهم نساء وأطفال وشيوخ، وأن استضافتهم تكون في المنازل عند أقارب أو معارف، فيما نزلت أعداد منهم في محال ومستودعات تجارية، ريثما يجري تأمين سكن آخر. ولفتت إلى أن الاستجابة في المنطقة لا تزال متواضعة ومحدودة قياساً بأعداد النازحين. إلا إنها نبهت إلى «وجود مخاوف في أوساط النازحين من اللاجئين السوريين العائدين من لبنان، مما ينتظرهم لدى السلطات السورية، التي لم تعلن عن طريقة التعامل معهم، وما إذا كانت ستخصص لهم مراكز إيواء وتعالج حالتهم الأمنية أم لا، في الوقت الذي يبدو فيه وضع النازحين اللبنانيين أوضح من هذا الجانب».

من معبر «جوسيه» الحدودي (وزارة الصحة)

وعلمت «الشرق الأوسط» من عائلة سورية استقبلت أقارب لها كانوا لاجئين في لبنان أن «هؤلاء تسللوا عبر ممر غير شرعي، وسوف ينتظرون إلى أن تنجلي الأمور، فإما العودة إلى لبنان من الطريق ذاتها، وإما بحث إجراء تسوية مع الأجهزة الأمنية والبقاء في سوريا... لا شيء واضحاً الآن».

في سياق متصل، يسود توجس عام لدى السوريين من موجة ارتفاع أسعار جديدة، وتحديداً في إيجارات المنازل. وقالت مصادر متابعة في دمشق إنه «خلال سنوات الحرب وحركة النزوح الداخلي من المناطق الساخنة وترافق ذلك مع انخفاض قيمة الليرة، ارتفعت إيجارات المنازل بشكل كبير جداً، وباتت تحدد بشكل غير معلن بالقياس إلى سعر صرف الدولار، الذي يساوي اليوم نحو 14 ألفاً و700 ليرة سورية للدولار الواحد... وقد يحدث الأمر نفسه راهناً».

وأضافت أن متوسط الإيجارات في دمشق يتراوح بين المليون والأربعة ملايين ليرة شهرياً، ومع أن الإيجارات خارج دمشق تنخفض إلى ما دون المليون ليرة، إلا إنها تبقى أعلى من مستوى الدخل؛ حيث لا يتجاوز راتب الموظف نصف المليون ليرة. والأمر الذي يدعو إلى التوجس هو أن هذه الأسعار أرخص بكثير منها في لبنان، مما قد يثير شهية المؤجرين لانتهاز الفرصة ورفع أسعار الإيجارات.

جانب من معبر على الحدود اللبنانية - السورية (أرشيفية - المركزية)

ووفق المصادر الأهلية، «فقد بدأت في المناطق الحدودية بشائر ارتفاع الأسعار بالمحروقات (بنزين ومازوت) التي تُسْتَجَرّ من لبنان عبر التهريب وتباع بشكل حر، ونتيجة لازدياد الطلب عليها، وصل سعر لتر البنزين الأربعاء إلى 20 ألف ليرة سورية، ارتفاعاً من 12 ألف ليرة قبل يومين».

صحيفة «الوطن»السورية المقربة من الحكومة، أفادت بدخول نحو ألفي مواطن لبناني من معبر «جديدة يابوس/ المصنع»، صباح الثلاثاء، مقابل نحو 3 آلاف مواطن سوري عائدين من لبنان. كما نقلت عن عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل بحمص، بشار العبد الله، قوله إن 583 مواطناً سورياً و830 مواطناً لبنانياً دخلوا الأراضي السورية عبر منفذ «جوسيه» خلال اليومين الماضيين، في حين دخل نحو 400 مواطن لبناني عبر معبر «مطربا»، لافتاً إلى أن حركة العبور عبر المنافذ الحدودية طبيعية وضمن الحركة الاعتيادية، مع التأكيد على أن عمليات «دخول المواطنين السوريين واللبنانيين تجري بكل سهولة ويسر وفق الأنظمة والقوانين الناظمة لحركة الدخول والخروج».

وكان الرئيس السوري، بشار الأسد، حدد العنوان الأساسي لعمل الحكومة الجديدة في ساعاتها الأولى بعد أدائها القسم، وهو «كيف يمكن أن نقف مع أشقائنا في لبنان بكل المجالات وبكل القطاعات من دون استثناء ومن دون تردد».

وأعلن وزير الصحة الجديد، أحمد حسن ضميرية، «رفع حالة الجاهزية في كل المنشآت الصحية والنقاط الطبية على المعابر الحدودية مع لبنان؛ لاستقبال جميع الحالات الوافدة، وتقديم الخدمات الصحية اللازمة لهم»، وذلك في اجتماع عقد الأربعاء بمبنى الوزارة مع المديرين المعنيين بوضع آلية التعامل مع الوافدين، «وتقديم الدعم الكامل للمتضررين، والتركيز على المتطلبات الصحية، مع (وضع جميع المشافي التابعة لمديريات الصحة في المحافظات الحدودية مع لبنان بجاهزية تامة لاستقبال أي حالات».

نازحون سوريون عند معبر وادي حميد في عرسال (أرشيفية - المركزية)

وفي محافظة حمص، التي يُتوقع أن تستقبل العدد الأكبر من القادمين من لبنان، جُهّزت 5 مراكز إيواء رئيسية تتسع لنحو 40 ألف شخص، و9 مراكز إيواء احتياطية تتسع لنحو 25 ألف شخص، وفق تقارير إعلامية محلية. كما أفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» بأن محافظ حمص، نمير مخلوف، عقد اجتماعاً مع فريق عمل المحافظة، وبحث «خطة الاستجابة والجاهزية» للتعامل المباشر مع أي احتياجات محتملة للوافدين من لبنان.

من جانبه، حضّ محافظ ريف دمشق، أحمد إبراهيم خليل، خلال زيارة إلى معبر «جديدة يابوس» الحدودي، على «تبسيط الإجراءات، وانسياب حركة القدوم والمغادرة، وإنجاز المعاملات بالسرعة المطلوبة».


مقالات ذات صلة

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

المشرق العربي عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

تحاول المستشفيات في جنوب لبنان، النهوض مجدداً رغم الصعوبات، بعد انتهاء الحرب، بينما لا تزال مجموعة منها، لا سيّما الواقعة في القرى الحدودية، متوقفة عن العمل.

حنان حمدان (بيروت)
شؤون إقليمية جنود من قوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يُسلّم «اليونيفيل» 7 لبنانيين كان يحتجزهم

سلّم الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأحد)، قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) 7 لبنانيين كان يحتجزهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)

جنبلاط يلتقي الشرع في «قصر الشعب»: عاشت سوريا حرة أبية

في زيارة هي الأولى لزعيم ومسؤول لبناني إلى دمشق بعد سقوط النظام، التقى رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط القائد العام للإدارة الجديدة أحمد الشرع.

«الشرق الأوسط» (بيروت - دمشق)
المشرق العربي البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

لا تزال الحركة الناشطة على صعيد الملف الرئاسي «من دون بركة»، كما يؤكد مصدر معني بالمشاورات الحاصلة.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق يستيقظ ريكاردو كرم يومياً مع أفكار جديدة لا يهدأ قبل أن تتحقّق (من حفل عام 2023)

«النجوم تلمع أملاً» من أجل فنان لبنان المُلقى في النسيان

3 عقود في الإعلام والحوارات، جعلت اسم ريكاردو كرم اختزالاً للصدقية والشفافية. وبالتحاق الشغف والمحبة بالفضيلتَيْن المتراكمتَيْن، يضمن التجاوب وحماسة الخيِّرين.

فاطمة عبد الله (بيروت)

عميلان سابقان بالموساد يرويان تفاصيل جديدة عن تفجيرات «البيجر» في لبنان

سيارة إسعاف تنقل جرحى إلى المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت بعد انفجار أجهزة «البيجر» في عناصر من «حزب الله» (أ.ف.ب)
سيارة إسعاف تنقل جرحى إلى المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت بعد انفجار أجهزة «البيجر» في عناصر من «حزب الله» (أ.ف.ب)
TT

عميلان سابقان بالموساد يرويان تفاصيل جديدة عن تفجيرات «البيجر» في لبنان

سيارة إسعاف تنقل جرحى إلى المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت بعد انفجار أجهزة «البيجر» في عناصر من «حزب الله» (أ.ف.ب)
سيارة إسعاف تنقل جرحى إلى المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت بعد انفجار أجهزة «البيجر» في عناصر من «حزب الله» (أ.ف.ب)

أدلى اثنان من عملاء الاستخبارات الإسرائيلية السابقين بتفاصيل جديدة عن عملية سرية قاتلة كانت تخطط لها إسرائيل على مدار سنوات، واستهدفت قبل ثلاثة أشهر، عناصر «حزب الله» في لبنان وسوريا باستخدام أجهزة نداء «بيجر» وأجهزة اتصال لاسلكية «ووكي توكي» مفخخة.

وبدأ «حزب الله» في ضرب إسرائيل في أعقاب الهجوم الذي شنته حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والذي أشعل الحرب بين إسرائيل و«حماس».

وتحدث العميلان مع برنامج «60 دقيقة» على قناة «سي بي إس»، في جزء من تقرير تم بثه مساء أمس الأحد، وهما يرتديان أقنعة ويتحدثان بصوت معدل لإخفاء هويتهما، حسب ما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية.

عنصر أمن في «حزب الله» يحمل جهاز «توكي ووكي» بعد إزالة البطارية خلال تشييع عناصر في الحزب قتلوا في تفجيرات «البيجر» الثلاثاء (أ.ف.ب)

وقال أحد العملاء إن العملية بدأت قبل عشر سنوات باستخدام أجهزة «ووكي توكي» تحتوي على متفجرات مخفية، والتي لم يدرك «حزب الله» أنه كان يشتريها من إسرائيل، عدوته. ولم تنفجر هذه الأجهزة إلا في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد يوم من تفجير أجهزة الإرسال المفخخة (البيجر).

وأضاف الضابط الذي أطلق عليه اسم «مايكل»: «أنشأنا عالماً وهمياً».

أما المرحلة الثانية من الخطة، والتي جرى فيها استخدام أجهزة «البيجر» المفخخة، فقد بدأت في عام 2022 بعد أن علم جهاز الموساد الإسرائيلي أن «حزب الله» كان يشتري أجهزة البيجر من شركة مقرها تايوان، كما ذكر العميل الثاني.

وزعم أنه كان لا بد من جعل أجهزة «البيجر» أكبر قليلاً لتناسب كمية المتفجرات المخفية بداخلها. وتم اختبارها على دمى عدة مرات للعثور على الكمية المناسبة من المتفجرات التي ستسبب الأذى للمقاتل فقط دون أي ضرر للأشخاص القريبين.

كما اختبر الموساد العديد من نغمات الرنين للعثور على نغمة تبدو عاجلةبما فيه الكفاية لجعل الشخص يخرج جهاز البيجر من جيبه، حسب ما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية.

وقال العميل الثاني، الذي أطلق عليه اسم «غابرييل»، إن إقناع «حزب الله» بتغيير الأجهزة إلى أجهزة بيجر أكبر استغرق أسبوعين، جزئياً باستخدام إعلانات مزيفة على «يوتيوب» تروج للأجهزة بأنها مقاومة للغبار والماء وتتمتع بعمر بطارية طويل.

كما وصف استخدام الشركات الوهمية، بما في ذلك شركة مقرها المجر، لخداع شركة «غولد أبولو» التايوانية لدفعها بشكل غير واعٍ للتعاون مع الموساد.

وكان «حزب الله» أيضاً غير مدرك أن الشركة الوهمية كانت تعمل مع إسرائيل. وقال غابرييل: «عندما يشترون منا، ليس لديهم أي فكرة أنهم يشترون من الموساد. كنا نبدو مثل (ترومان شو)، كل شيء تحت السيطرة من وراء الكواليس. في تجربتهم، كل شيء طبيعي. كل شيء كان أصيلاً بنسبة 100في المائة، بما في ذلك رجال الأعمال والتسويق والمهندسون وصالة العرض وكل شيء».

وبحلول سبتمبر، كان لدى «حزب الله» 5 آلاف جهاز بيجر في جيوبهم.

وشنت إسرائيل الهجوم في 17 سبتمبر، عندما بدأت أجهزة البيجر في جميع أنحاء لبنان بالرن. وكانت الأجهزة ستنفجر حتى إذا فشل الشخص في الضغط على الأزرار لقراءة الرسالة المشفرة الواردة.

مقاتلون من «حزب الله» يحملون أحد نعوش رفاقهم الأربعة الذين قُتلوا بعد انفجار أجهزة «البيجر» الخاصة بهم في الضاحية الجنوبية لبيروت بلبنان يوم الأربعاء 18 سبتمبر 2024 (أ.ب)

وفي اليوم التالي، قام الموساد بتفعيل أجهزة «الووكي توكي»، وانفجرت بعض الأجهزة في جنازات نحو 30 شخصاً قتلوا في هجمات أجهزة البيجر.

وقال غابرييل إن الهدف كان يتعلق بإرسال رسالة أكثر من قتل عناصر «حزب الله».

وفي الأيام التي تلت الهجوم، ضربت الطائرات الحربية الإسرائيلية أهدافاً في جميع أنحاء لبنان، مما أسفر عن مقتل الآلاف. وتم اغتيال زعيم «حزب الله»، حسن نصر الله، عندما ألقت إسرائيل قنابل على ملجئه.

وقال العميل الذي استخدم اسم (مايكل) إن اليوم التالي لانفجارات أجهزة البيجر، كان الناس في لبنان يخافون من تشغيل مكيفات الهواء خوفاً من أن تنفجر أيضاً. وأضاف: «كان هناك خوف حقيقي».

وعند سؤاله إذا كان ذلك مقصوداً، قال: «نريدهم أن يشعروا بالضعف، وهم كذلك. لا يمكننا استخدام أجهزة البيجر مرة أخرى لأننا قمنا بذلك بالفعل. لقد انتقلنا بالفعل إلى الشيء التالي. وسيتعين عليهم الاستمرار في محاولة التخمين حول ما سيكون الشيء التالي».