صادرات السعودية غير النفطية تسجل في مايو أعلى مستوى منذ عامين

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: تعزز القدرة التنافسية للمملكة عالمياً

ميناء الملك عبد العزيز بالدمام شرق السعودية (موقع «موانئ»)
ميناء الملك عبد العزيز بالدمام شرق السعودية (موقع «موانئ»)
TT

صادرات السعودية غير النفطية تسجل في مايو أعلى مستوى منذ عامين

ميناء الملك عبد العزيز بالدمام شرق السعودية (موقع «موانئ»)
ميناء الملك عبد العزيز بالدمام شرق السعودية (موقع «موانئ»)

سجلت الصادرات السعودية غير النفطية أعلى مستوى لها في عامين في مايو (أيار) الماضي، حيث بلغت 28.89 مليار ريال سعودي (7.70 مليار دولار)، بزيادة 8.2 في المائة على أساس سنوي مقارنة بالشهر نفسه من عام 2023. في حين زادت على أساس شهري بنسبة 26.93 في المائة من أبريل (نيسان).

وعزّز ذلك تسجيل الميزان التجاري السعودي فائضاً على أساس سنوي بلغ 34.5 مليار ريال (9.1 مليار دولار) بارتفاع نسبته 12.8 في المائة مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، وذلك بعد 18 شهراً من التراجع.

ويظل تعزيز القطاع الخاص غير النفطي هدفاً محورياً للسعودية في ظل استمرار جهودها لتنويع اقتصادها وتقليل اعتمادها على عائدات النفط.

وقد سجلت الأنشطة غير النفطية في السعودية أعلى مساهمة لها في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال عام 2023 بنسبة 50 في المائة، وهو أعلى مستوى تاريخي تصل إليه على الإطلاق، بناءً على تحليلات وزارة الاقتصاد والتخطيط للبيانات الصادرة من الهيئة العامة للإحصاء.

وكان وزير المالية السعودي محمد الجدعان، صرح في «مبادرة مستقبل الاستثمار» في أكتوبر (تشرين الأول)، أن بلاده لم تعد تركز على أرقام الناتج المحلي الإجمالي، بل على تطور القطاع غير النفطي، في ظل مستهدفها لتنويع الاقتصاد وفق «رؤية 2030».

وذكرت وكالة «موديز» في تقرير لها عن نمو القطاع غير النفطي في دول الخليج، أن السعودية تشهد أنشطة واسعة النطاق بهدف إحداث تحول في بنية الاقتصاد، وتقليل اعتمادها على النفط، وتعزيز القطاعات غير النفطية كالصناعة والسياحة والعقارات وغيرها.

وبحسب التقرير الشهري عن التجارة الدولية، الذي تصدره الهيئة العامة للإحصاء، شهدت صادرات السلع نمواً، حيث ارتفعت بنسبة 5.8 في المائة في مايو مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مدفوعةً بارتفاع صادرات النفط بنسبة 4.9 في المائة التي وصلت إلى 75.9 مليار ريال خلال مايو 2024.

ويعود التغير إلى حركة أسعار النفط العالمية، بينما يظل حجم الإنتاج ثابتاً عند أقل من 9 ملايين برميل يومياً منذ بدأت دول تحالف «أوبك بلس» تخفيضاً طوعياً لإمدادات الخام للحفاظ على الأسعار. ومن المقرر أن تبدأ زيادة الإنتاج تدريجياً من مطلع شهر أكتوبر المقبل.

وعلى أساس شهري، ارتفعت صادرات السلع بنسبة 3.3 في المائة من أبريل إلى مايو بفضل زيادة الصادرات غير النفطية بنسبة 26.9 في المائة. وهو ارتفاع دعمته قفزة في نشاط إعادة التصدير الذي بلغ 10.2 مليار ريال، وهو أعلى مستوى لهذا البند منذ عام 2017.

وانخفضت حصة صادرات النفط من إجمالي الصادرات، حيث انخفضت إلى 72.4 في المائة في مايو من 73 في المائة في الشهر نفسه من العام السابق.

وأفادت الهيئة العامة للإحصاء بأن «نسبة الصادرات غير النفطية (بما في ذلك إعادة التصدير) إلى الواردات ارتفعت إلى 41.1 في المائة في مايو 2024 من 39 في المائة في مايو 2023. ويعود ذلك إلى زيادة الصادرات غير النفطية بنسبة 8.2 في المائة وزيادة الواردات بنسبة 2.6 في المائة خلال تلك الفترة».

وأوضح التقرير أن منتجات الصناعات الكيميائية هيمنت على الصادرات غير النفطية، حيث شكلت 23.8 في المائة من إجمالي الصادرات في مايو.

وارتفعت واردات المملكة في مايو بنسبة 2.6 في المائة على أساس سنوي، لتبلغ 70.24 مليار ريال.

ووفقاً للهيئة العامة للإحصاء، سيطرت الآلات والمعدات الكهربائية وأجزاؤها على هذا المجال، حيث شكلت 26.7 في المائة من إجمالي الصادرات الواردة.

وكانت الصين الشريك التجاري الأول للمملكة في مايو، حيث بلغت الصادرات إلى الدولة الآسيوية 15.91 مليار ريال، أو 15.2 في المائة من الإجمالي. تلتها كوريا الجنوبية والهند، حيث صدرت المملكة سلعاً بقيمة 10.31 مليار ريال و8.03 مليار ريال على التوالي إلى هذه الدول.

كما كانت الإمارات واليابان والبحرين من بين أكبر 10 وجهات للصادرات السعودية، إلى جانب الولايات المتحدة وبولندا وتايوان ومالطا.

وعلى صعيد الواردات، تصدرت الصين قائمة الدول المستوردة بنسبة 25 في المائة أو ما يعادل 17.55 مليار ريال من إجمالي الصادرات الواردة في مايو 2023.

وكان ميناء الملك عبد العزيز البحري بالدمام أعلى نقطة دخول للبضائع إلى السعودية في مايو، بقيمة 16.56 مليار ريال، بما يعادل 23.6 في المائة من إجمالي الواردات.

وقال المختص في السياسات الاقتصادية أحمد الشهري لـ«الشرق الأوسط» إن الارتفاع الذي سجلته الصادرات غير النفطية يعكس نجاح الجهود الوطنية في تعزيز التنوع الاقتصادي، كما ارتفعت قيمة السلع المعاد تصديرها بنسبة كبيرة بلغت 33.9 في المائة.

وأوضح أن ارتفاع الصادرات النفطية بنسبة 4.9 في المائة يشير إلى استقرار قطاع النفط السعودي رغم التحديات العالمية، مبيّناً أن زيادة الواردات بنسبة 2.6 في المائة تعكس تحسن القوة الشرائية ونمو الطلب على السلع والخدمات داخل المملكة.

وأضاف أن ارتفاع الفائض في الميزان التجاري السلعي بنسبة 12.8 في المائة، يعزز من القدرة التنافسية للصادرات السعودية على المستوى العالمي.

وقال إن هذه النتائج الإيجابية تعكس نجاح «رؤية 2030» في تحقيق التنمية المستدامة وتنويع مصادر الدخل، ما يعزز النمو الاقتصادي ويوفر مزيداً من فرص العمل، ويضمن استقراراً مالياً طويل الأمد.

بدوره، قال مستشار تنمية الأعمال والأكاديمي في جامعة الملك فيصل، الدكتور صالح التركي، إن بيانات التجارة الخارجية توضح تطور الوضع الاقتصادي بشكلٍ متناسق، إذ تواكب أهداف التنمية الاقتصادية المبنية على رؤية واستراتيجية المملكة التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل الوطني و تقليل الاعتماد على الصادرات النفطية.

ولفت إلى أن هذه الإحصاءات تؤكد نجاح خطة التنمية الشاملة ضمن «رؤية 2030»، ما يؤكد استمرارية تنويع مصادر الدخل بتوفر السيولة النقدية القوية في البنوك السعودية، والدعم المالي الكبير الذي تقدمه الجهات الحكومية المعنية لتشجيع تنويع الصادرات السعودية وزيادة نسبة الصادرات غير النفطية، لزيادة مرونة الاقتصاد الوطني، وتعزيز قدرته على التأقلم ومواجهة التحديات الاقتصادية في ضوء التقلبات السياسية والاقتصادية العالمية.


مقالات ذات صلة

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

الاقتصاد شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن، نيويورك، الولايات المتحدة (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، اليوم، تصنيف السعودية إلى «Aa3» من«A1»، مشيرة إلى جهود المملكة لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية وكالات الولاية بالتوقف عن الاستثمار في الصين، وبيع أصول هناك في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)
الاقتصاد منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

انكمش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ أكثر من عام، كما أثرت الزيادات الضريبية في أول موازنة للحكومة الجديدة على خطط التوظيف والاستثمار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شعار شركة «غازبروم» الروسية على أحد الحقول في مدينة سوتشي (د.ب.أ)

في أحدث صورها بـ«غازبروم»... العقوبات الأميركية على روسيا تربك حلفاء واشنطن

تسبب إعلان واشنطن عن عقوبات ضد «غازبروم بنك» الروسي في إرباك العديد من الدول الحليفة لواشنطن حول إمدادات الغاز

«الشرق الأوسط» (عواصم)

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)
صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)
TT

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)
صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)

أصبحت جملة «محمد صلاح هو الوحيد الذي...» شائعةً للغاية خلال السنوات الأخيرة عند الحديث عن أي بيانات أو إحصاءات هجومية في عالم كرة القدم. ويقدم النجم المصري مستويات استثنائية منذ انضمامه لليفربول عام 2017، إذ سجل وصنع أهدافاً قادت الريدز إلى منصات التتويج المحلية والعالمية.

ولا يزال صلاح يواصل العطاء بشكل مثير للإعجاب. ففي وقت سابق من هذا الشهر، أحرز هدفاً في المباراة التي فاز فيها الريدز على برايتون بهدفين مقابل هدف وحيد، وكان ذلك هو هدفه رقم 164 في الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو ما يعني تجاوزه أسطورة ليفربول السابق روبي فاولر ووصوله إلى المركز الثامن في قائمة أفضل هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز عبر تاريخه.

وبعد ذلك، وبفضل تمريرته الحاسمة وهدفه رقم 165 في المباراة التي فاز فيها ليفربول على أستون فيلا بهدفين دون رد، أصبح صلاح أول لاعب في الدوريات الخمس الكبرى في أوروبا هذا الموسم يسجل ويصنع عشرة أهداف أو أكثر في جميع المسابقات، إذ سجل عشرة أهداف وصنع مثلها في 17 مباراة فقط هذا الموسم.

وكان الوحيد الذي انضم إليه في هذا الإنجاز مواطنه ونجم آينتراخت فرانكفورت عمر مرموش، وهو ما جعل الناس يقولون مرة أخرى: «محمد صلاح هو الوحيد أيضاً الذي سجل وصنع عشرة أهداف أو أكثر في جميع المسابقات هذا الموسم».

صلاح وصل هذا الموسم إلى أفضل معدل في صناعة الأهداف (أ.ف.ب)

بدأ ليفربول مسيرته بعد رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب بشكل رائع، إذ حقق أرني سلوت الفوز في 9 من أول 11 مباراة له في الدوري الإنجليزي الممتاز، كما تأهل ليفربول إلى الدور ربع النهائي لكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، ويتصدر مجموعته في دوري أبطال أوروبا باعتباره الفريق الوحيد الذي حقق أربعة انتصارات من أربع مباريات.

ولم يكن من الغريب أن يكون صلاح المساهم الرئيسي في وصول الفريق إلى صدارة جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد فوزه على أستون فيلا. والآن، يتوقع الكمبيوتر العملاق التابع لشركة «أوبتا» للإحصاءات أن يفوز الريدز باللقب. وكان موسم 2019-20، عندما فاز بلقب الدوري، الموسم الوحيد الذي جمع فيه ليفربول عدداً أكبر من النقاط بعد مرور 11 جولة من الموسم (كان قد حقق الفوز في عشر مباريات وتعادل في مباراة واحدة في أول 11 جولة من الموسم).

وأمام أستون فيلا بقيادة مديره الفني أوناي إيمري، لم تكن تمريرة صلاح الحاسمة في الهدف الذي سجله داروين نونيز متعمدة، حيث كان النجم المصري يحاول الركض نحو المرمى بنفسه قبل أن يسقطه ليون بايلي، ثم اندفع نونيز نحو الكرة المرتدة ووضعها في الشباك، لكن السبب الرئيسي وراء هذا الهدف هو صلاح أيضاً، لأنه انطلق بسرعة فائقة في هجمة مرتدة سريعة بعد قطع الكرة من ركلة ركنية لأستون فيلا.

وأحرز صلاح الهدف الثاني بطريقته المعتادة، فبعد قطع الكرة من دييغو كارلوس في منتصف الملعب، اندفع النجم المصري نحو المرمى بسرعة هائلة وسدد الكرة في مرمى الحارس الأرجنتيني إيميليانو مارتينيز المتوج مؤخراً بجائزة أفضل حارس مرمى في العالم. وتشير الأرقام والإحصاءات إلى أن صلاح سجل وصنع في مباراة واحدة بالدوري الإنجليزي الممتاز للمرة 35، ولا يتفوق عليه في هذا الأمر سوى واين روني (36 مرة)، وبالتالي فإن صلاح بحاجة إلى التسجيل والصناعة في مباراة واحدة أخرى ليصبح أكثر من فعل ذلك في تاريخ المسابقة.

لقد كان أداءً استثنائياً مرة أخرى من اللاعب البالغ من العمر 32 عاماً، بعد أن صنع هدفين يوم الثلاثاء الماضي ليقود الريدز للفوز برباعية نظيفة على بطل ألمانيا باير ليفركوزن في دوري أبطال أوروبا.

وعلاوة على ذلك، فإن وصوله إلى 10 أهداف و10 تمريرات حاسمة في 17 مباراة فقط يجعله أسرع لاعب يفعل ذلك مع ليفربول في آخر 40 موسماً. ويأتي النجم الأورغوياني لويس سواريز في المركز الثاني، إذ فعل ذلك في 23 مباراة في موسم 2013-14.

بقاء صلاح في ليفربول بات ضرورة حتمية بالنسبة لمسؤولي وجماهير النادي (الشرق الأوسط)

دعونا نتوقف قليلاً عن استخدام عبارة «محمد صلاح هو الوحيد...»، ونقول هذه المرة إن اللاعبين الوحيدين الذين ساهموا في أهداف أكثر من صلاح هذا الموسم في جميع المسابقات في الدوريات الخمس الكبرى هم هاري كين (24 هدفاً)، ومرموش (24 هدفاً) وروبرت ليفاندوفسكي (21 هدفاً).

وهذا هو الموسم الرابع على التوالي الذي يتجاوز فيه صلاح الرقم 10 في كل من تسجيل وصناعة الأهداف، كما أنه الآن في أفضل معدل له على الإطلاق من حيث المساهمة في الأهداف لكل 90 دقيقة منذ وصوله إلى ملعب «آنفيلد» قبل أكثر من سبع سنوات. لقد ساهم صلاح في 20 هدفاً في 1347 دقيقة فقط هذا الموسم، وهو ما يعني تسجيل أو صناعة هدف كل 67.5 دقيقة في جميع المسابقات هذا الموسم. وخلال موسمه الأول المذهل مع النادي في 2017-18، الذي سجل فيه 44 هدفاً وصنع 14 هدفاً، وصل متوسط مساهماته في الأهداف إلى هدف كل 71 دقيقة.

لقد عودنا صلاح دائماً على تسجيل الأهداف، كما يخلق الفرص لزملائه بطريقة استثنائية. لقد تمكن من صناعة 10 أهداف أو أكثر في كل موسم من المواسم التي قضاها في ليفربول، باستثناء موسم 2020-21 عندما صنع 6 أهداف. ومع ذلك، يبدو صلاح في طريقه لأن ينهي الموسم الحالي بأعلى حصيلة له مع الريدز في موسم واحد، حيث لا يحتاج إلا لصناعة 7 أهداف أخرى ليتجاوز أكبر عدد من التمريرات الحاسمة له في موسم واحد، الذي وصل إلى 16 تمريرة حاسمة في موسم 2022-23. ويعد صلاح ومواطنه مرموش اللاعبين الوحيدين اللذين صنعا 10 أهداف أو أكثر في الدوريات الخمس الكبرى في أوروبا في جميع المسابقات هذا الموسم، في حين أن 7 لاعبين فقط في هذه الدوريات صنعوا فرصاً من اللعب المفتوح أكثر من صلاح (30 فرصة).

صلاح لاعب رئيسي في وصول الفريق إلى صدارة الدوري (أ.ف.ب)

في الحقيقة، يعد صلاح أهم لاعب في ليفربول مرة أخرى هذا الموسم. وبالمقارنة مع زملائه في الفريق، فإن مساهمات صلاح في الأهداف تتجاوز تقريباً ضعف مساهمات أي لاعب آخر (لويس دياز 11 مساهمة تهديفية)، كما صنع النجم المصري فرصاً من اللعب المفتوح تزيد عن أي لاعب آخر بما لا يقل عن تسع فرص (كودي غاكبو 21 فرصة). وعلاوة على ذلك، فإن صلاح، الذي صنع 30 فرصة من اللعب المفتوح، قد تجاوز صانع اللعب الأبرز في ليفربول ترينت ألكسندر أرنولد بفارق 12 فرصة، حيث صنع النجم الإنجليزي الدولي 18 فرصة من اللعب المفتوح هذا الموسم.

لقد شارك صلاح في 100 هجمة من اللعب المفتوح في جميع المسابقات، وهو ما يزيد بنحو 24 هجمة على الأقل عن أي لاعب آخر في ليفربول. ورغم كل ما يقال، فمن الواضح أن صلاح لا يزال في قمة مسيرته الكروية، أو قريباً منها، وهو الأمر الذي يجعل انتهاء عقده بنهاية الموسم الحالي يخلق الكثير من القلق بين عشاق الريدز.

ربما يكون من المفهوم أن النادي لم يكن في عجلة من أمره لتقديم عرض ضخم لصلاح هذا الصيف، نظراً لأن أداء صلاح كان مخيباً للآمال، مثل أي لاعب آخر بالفريق، بعدما تبخرت آمال ليفربول للفوز باللقب في موسم 2023-24.

النجم المصري قدم مستويات استثنائية منذ انضمامه لليفربول (أ.ب)

وكان صلاح قد لعب مباراة واحدة فقط في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال الفترة بين يوم رأس السنة الجديدة والمباراة التي خاضها الفريق على ملعبه أمام مانشستر سيتي في 10 مارس (آذار). وخلال الفترة من عودته للمشاركة في المباريات وحتى نهاية الموسم، سجل صلاح 3 أهداف فقط في 11 مباراة بالدوري، من بينها ركلة جزاء في المباراة التي انتهت بالتعادل مع مانشستر يونايتد بهدفين لكل فريق، وهدف وتمريرة حاسمة في الفوز بأربعة أهداف مقابل هدفين على توتنهام، بعد انتهت آمال الفريق تماماً في المنافسة على لقب الدوري.

لكن لو كانت هناك أي شكوك حول مستوى صلاح، وكيف سيتأقلم مع طريقة اللعب تحت قيادة المدير الفني الجديد أرني سلوت، وما إذا كان لا يزال يستحق الأموال الكبيرة التي سيحصل عليها في حال تمديد عقده، فمن المؤكد أن كل هذه الشكوك قد تلاشت تماماً الآن. خلال الموسم الماضي، تعرض صلاح لانتقادات في بعض الأحيان بسبب بقائه كثيراً بجوار خط التماس وعدم الدخول إلى عمق الملعب، لكن الخريطة الحرارية لتحركاته داخل الملعب خلال الموسمين الماضي والحالي تُظهر أنه يتحرك في عمق الملعب بشكل أقل الآن تحت قيادة سلوت، إذ يتحرك في تلك المساحة على الجانب الأيمن من منطقة الجزاء في كثير من الأحيان، وهذا هو المكان الذي يقدم فيه أفضل مستوياته، كما تُظهر خريطة مشاركته في الأهداف.

تشير التقارير إلى أن ليفربول فتح محادثات بالفعل مع صلاح، إلى جانب فيرجيل فان دايك وألكسندر أرنولد، اللذين تنتهي عقودهما أيضاً في الصيف المقبل. من المؤكد أن قوة النجم المصري في التفاوض قد زادت كثيراً بعد المستويات الرائعة التي قدمها في الأسابيع الأخيرة، وهو ما دفع أحد المشجعين إلى رفع لافتة في مباراة ليفربول يوم السبت الماضي كتب عليها: «إنه يُطلق السهام، جددوا تعاقد محمد الآن»، في إشارة إلى احتفاله الشهير بالقوس والسهم عند إحراز الأهداف. يحقق صلاح أرقاماً مذهلة منذ وصوله إلى ليفربول، فقد سجل 221 هدفاً وصنع 97 هدفاً في 366 مباراة مع النادي، ولم يسجل أقل من 23 هدفاً في موسم واحد. لكن السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: إلى متى يُمكن للنجم المصري الاستمرار في تقديم هذه المستويات؟ من الصعب الإجابة على هذا السؤال، لكن مشجعي ليفربول يأملون بالتأكيد أن يستمر الملك المصري في ملعب «آنفيلد» لفترة طويلة مقبلة.

* خدمة «الغارديان»