ما خيارات مصر مع تعثر مفاوضات «السد الإثيوبي»؟

اتهامات متبادلة بين القاهرة وأديس أبابا

الوفد المصري خلال الجولة الثانية من مفاوضات «سد النهضة» في أديس أبابا (مجلس الوزراء المصري)
الوفد المصري خلال الجولة الثانية من مفاوضات «سد النهضة» في أديس أبابا (مجلس الوزراء المصري)
TT

ما خيارات مصر مع تعثر مفاوضات «السد الإثيوبي»؟

الوفد المصري خلال الجولة الثانية من مفاوضات «سد النهضة» في أديس أبابا (مجلس الوزراء المصري)
الوفد المصري خلال الجولة الثانية من مفاوضات «سد النهضة» في أديس أبابا (مجلس الوزراء المصري)

أثيرت تساؤلات خلال الساعات الأخيرة عن خيارات مصر المرتقبة مع تعثر مفاوضات «سد النهضة» الإثيوبي، وذلك عقب إخفاق الجولة الثانية من المباحثات التي جرت في أديس أبابا في «إحراز أي تقدم». في حين قلل خبراء مصريون من «جدوى استمرار المسار التفاوضي بين مصر والسودان وإثيوبيا»، وطالبوا بـ«تدخل أطراف دولية على خط المحادثات، خصوصاً مع إعلان الجانب الإثيوبي مواصلة المفاوضات الثلاثية في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل في القاهرة».

وردّت إثيوبيا على اتهام مصر لها بأنها «وراء عدم تحقيق أي تقدم في المفاوضات»، وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية، الاثنين، في بيان عبر صفحتها على «فيسبوك»، إن «الجانب المصري هو السبب في عدم إحراز تقدم في المفاوضات بشأن (سد النهضة) التي اختتمت في أديس أبابا (الأحد)».

وأشار بيان «الخارجية الإثيوبية» إلى أن مصر «تتبني موقفاً يقوض إعلان المبادئ الموقَّع في عام 2015»، على حد وصف البيان. وأضاف أن «هدف المفاوضات الثلاثية الحالية وضع اللمسات الأخيرة على قواعد الملء الأول والتشغيل السنوي لـ(سد النهضة)».

وكانت مصر قد أعلنت (مساء الأحد) انتهاء جولة التفاوض الجديدة بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن «سد النهضة» «من دون تقدم يذكر»، على حد قول المتحدث باسم وزارة الري المصرية، محمد غانم. وأضاف متحدث «الري المصرية» في بيان أن أديس أبابا مستمرة في «رفض الأخذ بأي من الحلول الوسط المطروحة، وكذا الترتيبات الفنية المتفق عليها دولياً التي من شأنها تلبية المصالح الإثيوبية اتصالاً بـ(سد النهضة) دون الافتئات على حقوق ومصالح دولتي المصب». وأكد البيان مواصلة الوفد المصري «التفاوض بجدية، بناءً على محددات واضحة، تتمثل في الوصول لاتفاق (قانوني ملزم) على قواعد ملء وتشغيل (سد النهضة)، على النحو الذي يحفظ مصالح مصر الوطنية، ويحمي أمنها المائي واستخداماتها المائية، ويحقق في الوقت نفسه مصالح الدول الثلاث، بما في ذلك المصالح الإثيوبية المُعلنة».

وشدد البيان على أنه «بات من الضروري التحلي بالإرادة السياسية والجدية اللازمتين للتوصل بلا إبطاء إلى اتفاق، وذلك في الإطار الزمني المتفق عليه بين الدول الثلاث بناءً على لقاء قيادتي مصر وإثيوبيا» في يوليو (تموز) الماضي.

واتفقت مصر وإثيوبيا على جولة جديدة من المفاوضات تستمر 4 أشهر، وذلك بعد لقاء جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على هامش قمة دول جوار السودان في القاهرة يوليو الماضي.

وزير الموارد المائية والري المصري الأسبق، محمد نصر الدين علام، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «التعنت الإثيوبي مستمر على مدار 12 عاماً، وما زالت إثيوبيا تعرقل الجهود الكبيرة المبذولة للتوصل إلى اتفاق يرضي الجميع، وذلك رغم أن التوصل لهذا الاتفاق سوف يؤدي إلى تحقيق الاستقرار والتنمية للدول الثلاث، وللمنطقة كلها».

ويرى علام أن «الأمر وصل لمرحلة لا بد أن يكون فيها جديد، وألا يتجمد عند هذا الحد؛ لأنه سيؤدي لضرر وتعطل للمصالح الدولية والإقليمية»، مؤكداً أنه يجب تصحيح المسار التفاوضي إذا كانت النيات السياسية صادقة، لكون «نسب الفشل حالياً أكبر من نسب النجاح».

وحول الخيارات المطروحة مستقبلاً، توقع علام «تدخل القيادة الإثيوبية لتوجيه الوفد الإثيوبي ليكون أكثر (إيجابية)، وتصحيح مسار المفاوضات وجعلها مثمرة»، مضيفاً: «قد نرى تواصلاً بين القيادة السياسية للدولتين، وكذلك مع بعض قيادات قوى إقليمية ودولية»، لافتاً إلى الدور الأميركي في هذا الإطار للتوصل إلى حلول، لأن الحل سيكون في صالح الجميع وأولهم إثيوبيا».

وهنا يرى أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أن ما ظهر خلال الجولتين الماضيتين من المفاوضات هو عدم وجود أطراف دولية وأجنبية خلالها، ولو بصفتهم مراقبين، لذا «أصبح الوصول إلى حل أمراً صعباً»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن ادعاء الجانب الإثيوبي بتمسك مصر بمعاهدة قديمة هو «كلام غير مقبول وغير منطقي، لأن الاتفاقات لا تنتهي بالقدم».

واقترح شراقي «وجود أطراف دولية في الجولات المقبلة، مثل الاتحاد الأوروبي أو البنك الدولي أو أميركا وروسيا كأحد الخيارات»، مؤكداً «أهمية التمسك بهذا الخيار، مع توافق الدول الثلاث عليه؛ لأن هذه الأطراف يمكنها الاستماع واقتراح حلول وسط للجميع». وأضاف: «في حالة رفض إثيوبيا وجود الأطراف الدولية، فعلى مصر أن تعلن (فشل المفاوضات) بشكل نهائي، لأنه لن تكون لها جدوى، ويكون الخيار التالي هو العودة لمجلس الأمن مرة أخرى، ولا يكون التقدم المصري إليه مثل المرة الأولى حول قضية المياه وتخزينها؛ لكن يكون على هيئة كونه مشروعاً قد يكون مُعرضاً للانهيار، ما يهدد الأمن والسلم في مصر والسودان».


مقالات ذات صلة

رسائل «طمأنة مشروطة» من السيسي إلى إثيوبيا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال حفل تخرج الدفعة الجديدة من طلبة الشرطة (الرئاسة المصرية)

رسائل «طمأنة مشروطة» من السيسي إلى إثيوبيا

حملت رسائل رئاسية مصرية جديدة، «طمأنة مشروطة»، بالتأكيد على أن دعم القاهرة لمقديشو لا علاقة له بأديس أبابا، التي أبدت قلقاً متواصلاً على مدار نحو شهرين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (الخارجية المصرية)

رسائل مصرية - إثيوبية متبادلة في الأمم المتحدة تنذر بالتصعيد

تنذر رسائل القاهرة وأديس أبابا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بـ«مزيد من التصعيد»، وسط توتر يتزايد مع رفض إثيوبي للدعم العسكري المصري لجارتها الصومال.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مؤتمر صحافي بالقاهرة بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره المجري بيتر سيارتو (الخارجية المصرية)

«سد النهضة»: مصر تشدِّد على حتمية ضمان «حقوق» دولتَي المصب

شدَّد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الثلاثاء، على أهمية التوصل مع إثيوبيا إلى اتفاق قانوني مُلزِم لتشغيل وإدارة «سد النهضة» على نهر النيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري خلال محادثات مع نظيره الألماني في القاهرة (الرئاسة المصرية)

محادثات مصرية - ألمانية تناولت «سد النهضة» ومستجدات المنطقة

أكد الرئيس المصري أنه اتفق مع نظيره الألماني على أهمية التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
تحليل إخباري منظر عام لمقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا 15 فبراير 2024 (أ.ف.ب)

تحليل إخباري ما خيارات مصر للرد على مساعي إثيوبيا لإنشاء مفوضية «حوض النيل»؟

خطوة تصعيدية جديدة لإثيوبيا ترفع منسوب التوتر مع القاهرة عبر طلب للاتحاد الأفريقي بإنشاء مفوضية لدول حوض النيل تأسيساً على اتفاقية عرفت باسم «عنتيبي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

لُجين نعمة تلتقط الأمل المولود من رحم الخراب

على باب الله (الشرق الأوسط)
على باب الله (الشرق الأوسط)
TT

لُجين نعمة تلتقط الأمل المولود من رحم الخراب

على باب الله (الشرق الأوسط)
على باب الله (الشرق الأوسط)

«طريق العودة من المنفى أمل يولَد من رحم الخراب»، هو معرض مؤثر تستضيفه العاصمة الفرنسية باريس، يكشف العلاقة بين الحرب والوطن، من خلال أعمال مصوِّرة شابة هي لجين نعمة.

مسيحية تحتفل بعيد الشعانين (الشرق الأوسط)

تستخدم الفنانة كاميرتها وسيلة للتعبير، وتشارك تجربتها الشخصية في الصّمود، وحياتها المكتظة بالأحداث، والتنقل بين مُدن وطنها العراق والمنفى. تفتح الصور المعروضة نافذة على الدّمار الذي خلّفته الحرب، حيث تلتقط المنازل المدمَّرة، والذكريات المهجورة، والأطفال الذين يسيرون بين الأنقاض. تجسّد كلّ صورة من صورها تجربتها الحياتية، وتعكس التحديات التي واجهتها هي وكثيراً من العراقيين الذين اضطروا لسلوك دروب الهجرات.

هنا كان بيت (الشرق الأوسط)

تُركّز لجين نعمة على مواضيع التهجير، والفقدان، والمرونة، مسلّطة الضوء على قصص حياة مضطربة، لكنها قاومت ولم تُدمّر. ويُكرِّم هذا المعرض كل من اضطر للفرار من وطنه، ويُشيد بمن بقي متمسكاً بجذوره رغم الصّعاب.

حذاء بقي من لحظة هروب (الشرق الأوسط)

لا يكتفي «طريق العودة من المنفى» بتوثيق الماضي، بل ينفذ إلى قوة الروح البشرية في مواجهة المِحن. وبالنسبة للزوار من الفرنسيين والعرب، يشكل هذا المعرض دعوة لفهم المعاناة التي جرى تحملها، وأيضاً القدرة المدهشة على إعادة بناء الحياة وإعطائها معنى جديداً، حتى في أصعب الظروف.

وُلدت لجين نعمة في البصرة عام 1994، وترعرعت في بيئة هادئة بعيدة عن الاضطرابات السياسية التي عصفت ببلدها. بدأت تُدرك وحشية الحرب مع الغزو الأميركي للعراق.

أرض الخيرات (الشرق الأوسط)

وفي عام 2005، بعد الاختطاف المأساوي لوالدها، لجأت عائلتها إلى مدينة قرقوش في ضواحي الموصل. لكن في عام 2014، ومع تهديد تنظيم «داعش»، أُجبرت العائلة على الفرار، هذه المرة، إلى لبنان، ومن ثَمّ إلى فرنسا حيث حصلت العائلة على اللجوء. وخلال هذه الفترة من المنفى، أصبح التصوير الفوتوغرافي وسيلة المرأة الشابة للبقاء والتعبير، مما ساعدها على اجتياز المحن والتواصل مع ماضيها.