الشراكات الأميركية - السعودية تعيد تشكيل «المشهد السينمائي»

من التدريب إلى الإنتاج... برامج شاملة ومبتكرة تربط مبدعي المملكة بنهج الصناعة العالمية

مؤسسة «فيلم إندبندنت» تنظم ورشة عمل لصناع الأفلام ومنتجي التلفزيون السعوديين (الشرق الأوسط)
مؤسسة «فيلم إندبندنت» تنظم ورشة عمل لصناع الأفلام ومنتجي التلفزيون السعوديين (الشرق الأوسط)
TT

الشراكات الأميركية - السعودية تعيد تشكيل «المشهد السينمائي»

مؤسسة «فيلم إندبندنت» تنظم ورشة عمل لصناع الأفلام ومنتجي التلفزيون السعوديين (الشرق الأوسط)
مؤسسة «فيلم إندبندنت» تنظم ورشة عمل لصناع الأفلام ومنتجي التلفزيون السعوديين (الشرق الأوسط)

في مشهد يعكس تحوّل السينما من فعل ثقافي إلى صناعة عابرة للحدود، حضرت البعثة الأميركية لدى المملكة العربية السعودية، عبر القنصلية العامة الأميركية في جدة، على هامش «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي»، لتسلّط الضوء على الريادة الأميركية في صناعة السينما والتقنيات الإبداعية وصناعة الترفيه، مؤكدة موقع الولايات المتحدة بوصفها مركزاً عالمياً للسرد القصصي والابتكار، وشريكاً فاعلاً في بناء الاقتصاد الإبداعي السعودي.

هذا الحضور لم يأتِ بوصفه مشاركة احتفالية عابرة، بل ضمن استراتيجية ثقافية طويلة الأمد، تستثمر في الإنسان والمحتوى والسوق، وتربط بين الطموحات السعودية المتسارعة والخبرة الأميركية المتراكمة في صناعة الصورة؛ من الكتابة إلى التوزيع العالمي.

التزام ثقافي يتجاوز العناوين

وأكدت القنصلية العامة الأميركية التزام البعثة الأميركية لدى المملكة دعم الاقتصاد الإبداعي المتنامي، عبر برامج تطوير مهني مختصة وفعّالة، تستهدف صُنّاع الأفلام والكتّاب والمنتجين، ولا تكتفي ببناء المهارات، بل تعمل على دمج المبدعين السعوديين في منظومة الصناعة الدولية.

ويشمل هذا الالتزام تعاوناً مستمراً مع مبادرات ومنصات دولية، من أبرزها: «غلوبال ميديا ميكرز (Global Media Makers)»، و«كرييتيف أفريكان تليفيجين (Creative African Television)»، و«مبادرة الشرق الأوسط للإعلام (The Middle East Media Initiative – MEMI)»، التي تنفذها «فيلم إندبندنت» بالشراكة مع «مدرسة الفنون السينمائية بجامعة جنوب كاليفورنيا (USC)». وتهدف هذه البرامج إلى خلق مساحات تلاقٍ حقيقية بين صُنّاع الأفلام في المملكة ونظرائهم في الولايات المتحدة، بما يعزز التعاون الإبداعي والتجاري في آن معاً.

وفي هذا السياق، قال ستيفن إيبيلي، رئيس قسم الشؤون الثقافية والإعلامية بالقنصلية الأميركية في جدة، لـ«الشرق الأوسط»: «تعكس هذه المبادرات التزامنا المشترك دعم الطموحات الإبداعية للمملكة، وضمان استمرار حضور الابتكار والموهبة الأميركية في هذه الشراكة الديناميكية والمتنامية».

عندما تغيّر الشراكات شكل الحكاية

السؤال الذي يفرض نفسه اليوم لم يعد: كم عدد ورشات العمل؟ بل: كيف أثّرت هذه الشراكات على شكل السرد السينمائي نفسه؟

الإجابة، وفق ستيفن إيبيلي، «تشير إلى تحوّل نوعي، فمبادرات مثل (MEMI)، المدعومة من وزارة الخارجية الأميركية، لا تكتفي بتدريب نظري، بل تقدم نماذج عملية لورشات كتابة السيناريو، وآليات عرض المشروعات، وبناء الحزم الإنتاجية، وهي أدوات بات الخريجون يوظفونها مباشرة في أفلام ومسلسلات دخلت السوق التجارية».

وتوضح ريتشل غاندين مارك، المؤسسة المشاركة للمبادرة، أن «هذه البرامج تسهم في تعزيز فرص الإنتاج المشترك والتبادل التجاري، وتساعد المبدعين على الانتقال من مرحلة التطوير إلى التوزيع العالمي، مع الحفاظ على الأصالة والقصص المرتبطة بالجذور المحلية. بهذا المعنى، تتحول الشراكة من نقل معرفة إلى إعادة تشكيل لغة السينما، حيث تلتقي الحكايات المحلية مع أدوات إنتاج قادرة على الوصول إلى جمهور عالمي».

الأرقام تتحدث: تعاون واسع ومستدام

وتعكس المؤشرات الرقمية حجم هذا التعاون واتساعه؛ فمنذ عام 2018، وصلت البرامج المدعومة من وزارة الخارجية الأميركية إلى آلاف المبدعين السعوديين في مجالات السينما والتلفزيون والإعلام التفاعلي. وقدم «The American Film Showcase» سبع ورشات عمل ودورات تدريبية متقدمة داخل المملكة، استفاد منها أكثر من ألفي مشارك سعودي، كما ساهمت مبادرة «MEMI» في تدريب 84 كاتباً ومنتجاً سعودياً عبر برامج وورشات عمل إقليمية مختصة. وقد امتدت هذه المبادرات عبر مدن سعودية متعددة وتخصصات إنتاجية مختلفة؛ مما يعكس التزاماً مؤسسياً طويل الأمد، لا يقتصر على مبادرات فردية أو مؤقتة.

المستقبل: إنتاج مشترك واقتصاد محتوى

ومع تسارع نمو الاقتصاد الإبداعي في المملكة، تتجه الشراكات الأميركية - السعودية إلى آفاق أوسع، تشمل الإنتاج المشترك للأفلام والمسلسلات، ومنصات البث الرقمي، والألعاب، وتقنيات صناعة الأفلام المتقدمة.

وتغطي الشراكات القائمة بالفعل تطوير كتابة السيناريو، وتصميم الإنتاج، والتصوير السينمائي، والتحرير، والوسائط التفاعلية؛ مما يهيئ الأرضية لتعاون تجاري أعمق، مدفوعٍ بالطلب العالمي على محتوى محلي الهوية، وقادرٍ في الوقت نفسه على المنافسة دولياً.

كما تعكس مشاركة «الهيئة العامة للسينما السعودية» في السوق الأميركية للأفلام هذا التوجه، عبر توسيع فرص الإنتاج المشترك والاستثمار، وتعزيز الروابط التجارية والإبداعية بين البلدين.

مهرجان يتحول منصة صناعة

في هذا السياق، لا يبدو «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» مجرد حدث ثقافي، بل منصة استراتيجية تُعاد فيها صياغة العلاقات بين الثقافة والصناعة، فتتحول السينما إلى لغة مشتركة، والاستثمار إلى امتداد للسرد، في لحظة تشهد فيها السينما السعودية انتقالها من المحلية إلى العالمية بثقة محسوبة.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد مركز عمليات البرج الافتراضي - الملاحة الجوية (الشرق الأوسط)

«الملاحة الجوية السعودية»: أبراج افتراضية لرفع الكفاءة وتمكين سعوديات من المراقبة والصيانة

تواصل السعودية تسريع وتيرة التحول الرقمي في قطاع الطيران، مع دخول تقنية أبراج المراقبة الافتراضية حيز التشغيل الفعلي.

الاقتصاد الشراكات الاستراتيجية تدعم توجهات السعودية في تنويع الاقتصاد (الشرق الأوسط)

دراسة: الشراكات الاستراتيجية للسعودية بوابة للنمو وتنويع الاقتصاد وتجاوز التحديات

دعت دراسة اقتصادية إلى ضرورة تعزيز الشراكات السعودية الاستراتيجية بما يتوافق مع مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، عبر تبنّي اتفاقيات نوعية.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
الخليج وزير الخارجية السعودي ونظيره العماني خلال الاجتماع التنسيقي (واس)

فيصل بن فرحان والبوسعيدي يناقشان المستجدات إقليمياً ودولياً

ترأس الأمير فيصل بن فرحان والوزير بدر البوسعيدي الاجتماع الثالث لمجلس التنسيق «السعودي – العُماني» بمشاركة رؤساء اللجان المنبثقة.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
الاقتصاد «أكوا باور» تعيد تمويل محطة «رابغ 3» لإنتاج المياه المستقلة بسندات طويلة الأجل

«أكوا باور» تعيد تمويل محطة «رابغ 3» لإنتاج المياه المستقلة بسندات طويلة الأجل

استكملت شركة «أكوا باور» عملية إعادة تمويل مشروع «رابغ 3» للمياه المستقلة، في خطوة وصفتها بأنها محطة مفصلية لتطوير البنية التحتية وأسواق المال السعودية

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«التحطيب»... لعبة الصعايدة التراثية تُسجل حضوراً كرنفالياً في مصر

اللعب بالعصا ضمن مهرجان التحطيب (وزارة الثقافة المصرية)
اللعب بالعصا ضمن مهرجان التحطيب (وزارة الثقافة المصرية)
TT

«التحطيب»... لعبة الصعايدة التراثية تُسجل حضوراً كرنفالياً في مصر

اللعب بالعصا ضمن مهرجان التحطيب (وزارة الثقافة المصرية)
اللعب بالعصا ضمن مهرجان التحطيب (وزارة الثقافة المصرية)

في أجواء احتفالية، أُقيم «المهرجان القومي للتحطيب» بالأقصر، في دورته الـ15، وسط إقبال جماهيري وتفاعل من أهالي الأقصر وأبناء محافظات الجنوب، إلى جانب السائحين الذين اهتموا بفعاليات المهرجان التي تستمر حتى 24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وتنوّعت فعاليات المهرجان الذي تنظمه وزارة الثقافة، ممثلة في الهيئة العامة لقصور الثقافة بالتعاون مع محافظة الأقصر، لتتضمن حلقة «سامر للتحطيب»، ولعبة العصا على أنغام المزمار البلدي والناي، بمشاركة لاعبي التحطيب من فرق قنا، والمنيا، وسوهاج، وملوي، وأسيوط، وبني سويف للفنون الشعبية، وبمصاحبة فرقة النيل للموسيقى والغناء.

وقدمت الفرق المشاركة استعراضات فنية تجسّد لعبة التحطيب في صورتها الأصلية. كما قدمت عروضاً بالعصا على أنغام المزمار وأغنيات التراث الصعيدي، وسط إقبال وتفاعل كبيرَيْن من جمهور الحضور من أبناء محافظات الصعيد وكذلك من السائحين.

وأكد الفنان أحمد الشافعي، رئيس الإدارة المركزية للشؤون الفنية ومخرج حفل الافتتاح، الحرص على تنظيم دورة العام الحالي بما يليق بمكانة مدينة الأقصر التاريخية، مرحباً بجميع لاعبي وشيوخ التحطيب والفرق الفنية المشاركة، وفق بيان لوزارة الثقافة.

وأشار الشافعي إلى الحرص على إقامة تدريبات مكثفة للفرق المشاركة والاستعانة بعدد من شيوخ لعبة التحطيب في محافظة الأقصر، للاستفادة من خبراتهم المتوارثة عبر الأجيال التي تعود جذورها إلى المصريين القدماء.

مهرجان التحطيب في الأقصر (وزارة الثقافة المصرية)

وقدمت فرقة سوهاج للفنون الشعبية عرض «السوهاجية - الربابة» بقيادة المدرب محمد الرز، في حين قدمت فرقة قنا للفنون الشعبية استعراض «صعيدي» بقيادة المدرب أحمد فؤاد، وشاركت فرقة ملوي بعدد من الفقرات الفنية من بينها «العصا» و«شعبيات»، بقيادة المدرب محمد شحاتة.

وتصف الدكتورة الشيماء الصعيدي، المديرة العامة لأطلس المأثورات الشعبية المصرية، التحطيب بأنه «من الألعاب الشعبية الخاصة بالمصريين، وقد توارثوها منذ مصر القديمة وحتى وقتنا الحالي». وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «هي لعبة وليست رقصة، وتُمارس بوصفها نوعاً من الترفية واستعراضاً للقوة بين الرجال، وهي لعبة تخص الذكور دون الإناث». وأشارت إلى أن «لعبة التحطيب تحمل كثيراً من الطقوس الشعبية المرتبطة بالمجتمع الذي تُمارس فيه من حيث العادات والتقاليد والمعارف الشعبية، إلا أنها تُعد من الألعاب المهمة التي يمارسها الرجال في مجتمع الصعيد في الوقت الحالي، وأشهر المحافظات على الترتيب هي: قنا، والأقصر، وأسوان، وسوهاج، والمنيا».

مهرجان التحطيب يؤكد حضور فنون اللعب بالعصا في الصعيد (وزارة الثقافة المصرية)

ويهدف المهرجان إلى ترسيخ فنون لعبة التحطيب، وتأكيد توارثها عبر الأجيال بوصفها أحد أهم عناصر الهوية الثقافية المصرية، وممارستها لعبة رجالية في المناسبات الكبرى والأفراح، خصوصاً بعد نجاح مصر في إدراج لعبة التحطيب عام 2016 ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي في «اليونيسكو».

وأكدت الشيماء أن «المهرجان القومي للتحطيب يأتي في إطار جهود توثيق وحفظ اللعبة التراثية، حيث تتجمع الفرق والممارسون تحت سقف واحد، يتبارى كل منهم في إبراز مهاراته الخاصة، بما يضمن المحافظة على اللعبة من الاندثار، ويُعد جزءاً من برامج الحفظ التي تتبناها وزارة الثقافة».

وتواصلت الفعاليات في الأقصر بعروض فرقة بني سويف للفنون الشعبية بعنوان «الصعيدي» تحت قيادة وائل عيد، في حين قدمت فرقة المنيا للفنون الشعبية عرض «يا نخل عالي» بقيادة سيد التوني، بالإضافة إلى فقرة «التحميلة» التي قدمتها فرقة أسيوط للفنون الشعبية.

كما قدمت فرقة النيل للموسيقى والغناء، بقيادة منال إبراهيم، باقة من الأغنيات التراثية والفلكلور الشعبي، من بينها: «الافتتاحية» و«الغلة غلتنا»، و«موال يا رب سترك»، و«جمال العين»، و«قلوب العاشقين»، و«حالة ذكر».

فنون المزمار والموسيقى والرقص الشعبي ضمن مهرجان التحطيب (وزارة الثقافة المصرية)

من جانبه، يرى الباحث في الأدب والفنون الشعبية بأكاديمية الفنون المصرية، عبد الكريم الحجراوي، أن «وجود مهرجان للتحطيب في الأقصر تحديداً يعكس قيمة هذه اللعبة وانتشارها بكثافة في المحافظة وفي جنوب مصر عموماً». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «لعبة التحطيب جزء من الحياة اليومية، وتُنظم حلقات لممارستها تقريباً بعد العصر يومياً بوصفها نوعاً من تفريغ الطاقة، وهي لعبة متوارثة عن المصريين القدماء، حيث توجد إشارات ورسومات لها على المعابد».

وحسب الحجراوي، كانت لعبة التحطيب ثاني عنصر مصري يُدرج على قائمة «اليونيسكو» لصون التراث اللامادي، بعد أن رُفض الملف مرات عدّة بوصفها لعبة قتالية. وأضاف: «بعد تدخلات الدكتور أحمد مرسي -رحمه الله- والدكتورة نهلة إمام، أُُثبت أن اللعبة احتفالية، وتهدف إلى تفريغ الطاقة ولا علاقة لها بالعنف، وإنما بالاستعراض، وقُبل الملف لاحقاً».

وأشار الباحث إلى أن «مهرجان الأقصر يحافظ على اللعبة وينقلها إلى الأجيال الجديدة. كما أن البعض يطمح إلى أن تصبح اللعبة معتمدة رياضة رسمية وتُدرج ضمن الألعاب الأولمبية».


«هنومة»... مسلسل عن هند رستم يجدد أزمات دراما السيرة الذاتية

الفنانة هند رستم وابنتها بسنت رضا (خاص لـ«الشرق الأوسط»)
الفنانة هند رستم وابنتها بسنت رضا (خاص لـ«الشرق الأوسط»)
TT

«هنومة»... مسلسل عن هند رستم يجدد أزمات دراما السيرة الذاتية

الفنانة هند رستم وابنتها بسنت رضا (خاص لـ«الشرق الأوسط»)
الفنانة هند رستم وابنتها بسنت رضا (خاص لـ«الشرق الأوسط»)

جدد الحديث عن صناعة عمل فني يتناول سيرة الفنانة المصرية الراحلة هند رستم بعنوان «هنومة»، أزمات دراما «السير الذاتية»، بالتزامن مع الزخم والجدل النقدي الذي أحدثه فيلم «الست»، المستوحى من حياة «كوكب الشرق»، أم كلثوم، ويعرض حالياً، ويتصدر إيرادات «شباك التذاكر» في مصر منذ طرحه قبل أيام عدة.

وعقب إعلان «سوشيالي» يحمل اسم «ناقد فني» عن التحضير لعمل من 10 حلقات بعنوان «هنومة»، وجارٍ اختيار الشخصيات المشاركة، هددت أسرة الفنانة الراحلة هند رستم بمقاضاة صناع العمل، وأصدرت بياناً تحذيرياً.

وأكد المكتب القانوني للسيدة بسنت حسن رضا، ابنة هند رستم، أنه «انطلاقاً من الحق الأدبي والقانوني الحصري لأسرة الفنانة الراحلة في حماية إرثها فإنها تحذر من التعدي الصارخ، بعد القيام بالإعلان والترويج لمسلسل درامي بعنوان (هنومة)، زعم صناعه تناول قصة حياة هند رستم، دون الحصول على أي إذن كتابي أو تفويض من الورثة، برغم رفضهم القاطع لتقديم سيرتها الذاتية».

وأكدت الأسرة في بيانها أن هذه الأفعال تشكل انتهاكاً صريحاً لنصوص قانون «حماية حقوق الملكية الفكرية»، رقم 82 لسنة 2002 وقانون «مكافحة جرائم تقنية المعلومات»، رقم 175 لسنة 2018 وقانون «الهيئة الوطنية للصحافة»، رقم 179 لسنة 2018.

وحذر البيان من الاستمرار في نشر أو ترويج أي مادة تتعلق بسيرة الفنانة الراحلة، وكل شركات الإنتاج والقنوات الفضائية والمنصات الرقمية، وجهات التمويل، بالإضافة للكتاب والمخرجين والممثلين، من المشاركة في هذا العمل غير المشروع بأي صورة.

الفنانة هند رستم وابنتها بسنت رضا (خاص لـ«الشرق الأوسط»)

وشددت الأسرة على أنها لن تتهاون في اتخاذ كافة الإجراءات القانونية والملاحقة القضائية الجنائية والمدنية ضد أي كيان أو فرد يشارك في هذا التعدي على حقوق الورثة أو يحاول استغلال اسم وتاريخ الفنانة هند رستم دون وجه حق.

وقالت بسنت رضا لـ«الشرق الأوسط» إن «تجسيد سيرة والدتها درامياً أمر مرفوض ولا مجال للمناقشة فيه»، مؤكدة أنه لا توجد فنانة بإمكانها تقديم الشخصية باقتدار، وأن والدتها حسمت الأمر في حياتها وكانت تردد دائماً: «ما اللافت في مسيرتي حتى يتم سرده في عمل فني».

وأكدت بسنت أنها ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد من يزعمون تناول سيرة والدتها دون حصولهم على إذن كتابي من ورثتها.

وتعليقاً على تهديد أسرة هند رستم باتخاذ إجراءات قانونية ضد صناع مسلسل «هنومة»، الذي سيتناول سيرة الفنانة هند رستم حسبما أعلن، وهل صناعة أعمال فنية عن أسماء المشاهير تتطلب موافقة فعلية من الورثة أم الأمر متاح للجميع؟، أكدت الناقدة الفنية المصرية فايزة هنداوي أن الحديث في هذا الموضوع حساس وشائك جداً، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»، أن «تناول حياة المشاهير هو شأن عام وملك للناس، ومن حق صناع الفن تقديم أعمال متنوعة تسلط الضوء على حياتهم ومسيرتهم، لكن بشرط تحري الدقة وعدم التشويه، خصوصاً ما يخص العلاقات الشخصية».

وأشارت إلى أن «مناقشة حياة فنان وتتبع مسيرته الثقافية أو الفنية أمر متاح، لكن فيما يتعلق بالأمور الشخصية لا بد من موافقة الأسرة على سرد هذه التفاصيل، لأن صناعتها لسبب درامي سيؤثر على شخصيات أخرى كانت لها علاقة بالشخصية محور العمل بشكل أو بآخر»، موضحة أن «أعمال السيرة الذاتية سلاح ذو حدين، إما لزيادة الوعي الثقافي وتعريف الجمهور بها فنياً وإنسانياً، أو تكون في بعض الأحيان للتجارة باسم الفنان لجمهوره الكبير، لإحداث ضجة»، مشيرةً إلى أن التفرقة بين النوعين ضروري حتى يخرج العمل بصورة مختلفة ومتميزة.

وقبل بسنت رضا، رفض عدد من ورثة نجوم الفن في مصر تقديم «السيرة الذاتية» لذويهم درامياً، وأكدوا ذلك في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط»، ومن بينهم محمد المهندس الذي أكد عدم موافقته على تقديم سيرة والده الفنان الراحل فؤاد المهندس، لافتاً إلى أن السبب يعود لعدم وجود من يصلح لتجسيد الشخصية، وكذلك الدكتور منير محمد فوزي، نجل الفنان الراحل محمد فوزي، والفنانة رانيا فريد شوقي، ابنة الفنان الراحل فريد شوقي، والفنانة شهيرة، أرملة الفنان الراحل محمود ياسين، والأخيرة ذكرت أن «السير الذاتية» تتطلب سيناريو فيه مطبات وعثرات ومفاجآت وأحداث جاذبة، وهذه مواصفات عكس حياة الفنان محمود ياسين، على حد تعبيرها.


كلارا خوري: الأمومة والإنكار وهواجس المرأة جذبتني لـ«غرق»

كلارا خوري تعبر عن فخرها بمشاركتها في فيلم «صوت هند رجب» (الشرق الأوسط)
كلارا خوري تعبر عن فخرها بمشاركتها في فيلم «صوت هند رجب» (الشرق الأوسط)
TT

كلارا خوري: الأمومة والإنكار وهواجس المرأة جذبتني لـ«غرق»

كلارا خوري تعبر عن فخرها بمشاركتها في فيلم «صوت هند رجب» (الشرق الأوسط)
كلارا خوري تعبر عن فخرها بمشاركتها في فيلم «صوت هند رجب» (الشرق الأوسط)

قالت الممثلة الفلسطينية كلارا خوري إن شخصية «نادية» في الفيلم الأردني «غرق» جذبتها كثيراً، لكونها تلامس المرأة في مشاعرها، وإحباطاتها، والضغوط التي تواجهها، مؤكدة أن حالة الإنكار التي تعيشها البطلة شكّلت عنصراً مثيراً بالنسبة لها. وأضافت، في حديثها إلى «الشرق الأوسط»، أنها حرصت على ألا تعرف كثيراً عن المرض النفسي الذي يعانيه الابن، كي تحافظ على عفوية ردّة فعلها خلال التصوير، مشيرةً إلى فخرها بالمشاركة في فيلم «صوت هند رجب»، الذي أدّت فيه شخصية «نسرين قواص»، مسؤولة الصحة النفسية في مكتب الإسعاف الفلسطيني.

في فيلم «غرق»، تبدو حياة «نادية» مثالية وبراقة في نظر الآخرين، فيما تعاني المرأة الأربعينية من ضغوط ومشكلات داخلية، وشعور متزايد بفقدان ذاتها، ما يدفعها إلى الانعزال عاطفياً. غير أن الانهيار الحقيقي في حياتها يبدأ حين يتسبَّب السلوك العنيف لابنها في المدرسة بإيقافه عن الدراسة، إثر إصابته بمرض عقلي لم يُشخَّص بعد. ومع تدهور حالته، يتفاقم صراع «نادية» لإقناع من حولها بأن ابنها طبيعي.

شارك فيلم «غرق» في الدورة الخامسة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي»، ضمن مسابقة «الأفلام الروائية الطويلة»، مقدّماً نظرة حميمية إلى رابطة الأمومة، بوصفها صورة للحب غير المشروط في مواجهة الفوضى. ويشارك في بطولته محمد نزار ووسام طبيلة، وهو من تأليف زين دريعي وإخراجه، وإنتاج مشترك بين الأردن والسعودية وفرنسا وإستونيا. كما فاز الفيلم بجائزة «التانيت البرونزي» في «مهرجان قرطاج السينمائي»، وعُرض للمرة الأولى في «مهرجان تورونتو»، إضافة إلى مشاركته في «مهرجان لندن السينمائي».

تروي كلارا خوري تجربتها مع الفيلم قائلة: «حدّثتني صديقتي، المخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر، عن العمل، وقالت إن المخرجة زين دريعي تمتلك سيناريو رائعاً، وتشعر أنني الأنسب لتجسيد شخصية (نادية). قرأت النص ووقعت في حب الشخصية والفيلم بأكمله، لأنه ليس عملاً عادياً؛ فنادراً ما أجد دور امرأة بعيداً عن النمطية، ينطوي على هذا القدر من العمق والتعقيد. (نادية) أمّ لثلاثة أطفال، تحمل عبء العائلة على كتفيها، فيما زوجها منشغل بأسفاره الدائمة، وتحاول تحقيق توازن صعب بين مسؤولياتها الأسرية».

وتظهر كلارا في مشاهد تعكس إحباط الشخصية واكتئابها، مبرّرة ذلك بقولها: «نادية امرأة تبدو كئيبة، تفتقد السعادة لأنها لم تحقق أحلامها. في مجتمعاتنا الشرقية، يُنظر إلى المرأة بعد الزواج والإنجاب على أنها مطالبة بالتخلي عن طموحاتها، لتصبح حياتها عطاءً فقط. لهذا جذبني الفيلم، وقلت: أريد هذا السيناريو».

لكن أكثر ما لمسها في العمل، حسب قولها، هو تقاطعه مع تجربتها الواقعية أمّاً: «أتمنى، كأي أم، أن ينجح أولادي ويحققوا أحلامهم، وهذا ما تريده (نادية) أيضاً. غير أن أكثر ما أدهشني هو حالة الإنكار التي تعيشها؛ إذ ترفض الاعتراف بمرض ابنها، فتتعقّد الأمور بين الحب والخوف والإنكار».

وعن استعدادها للدور، توضح: «حاولت أن أعيش اللحظة بصدق، وتعمدت ألا أعرف الكثير عن المرض النفسي، عن قصد. لم أكن أريد درس الحالة، بل الحفاظ على حيوية ردّة الفعل، لتخرج طبيعية، لا أقرب إلى التمثيل».

كلارا خوري تتوسط المخرجة زين دريعي والممثل محمد نزار (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

في تعاونها مع المخرجة زين دريعي في أول أفلامها الروائية الطويلة، ترى كلارا خوري أن زين «إنسانة محبوبة جداً»، مؤكدة أنها أحبتها وأحبت كتابتها للسيناريو. وتصف العمل قائلة: «وجدته يُغرِّد خارج المألوف، فقلَّما نجد من يتناول موضوع الصحة النفسية في مجتمع مغلق، يتعامل مع هذه القضايا بوصفها عيباً لا يرغب في كشفه».

وتتحدث عن ردود الفعل على الفيلم بين مهرجاني «تورونتو» و«البحر الأحمر»، موضحةً أنه «لم يكن هناك اختلاف في التلقي؛ لأن القصة عالمية تمسّ الشرق والغرب على حد سواء، وهذه هي عبقرية الفيلم؛ إذ يخلو من السياسة، وينحاز إلى العائلة، وإلى العلاقة بين الأم وابنها، وإلى جيل المراهقين الذين يبتعدون عن أسرهم بدعوى الاستقلالية، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى نوع من القطيعة مع العائلة».

وترى خوري أن قلبها يشكّل بوصلة اختياراتها الفنية، قائلة: «بصفتي ممثلة، أميل إلى الأعمال التي تلامسني إنسانياً وتحمل معنى ورسالة. أحب التحديات، وإذا لم يتضمن الدور صعوبة حقيقية فلا يجذبني، خصوصاً في ظل ندرة الأدوار التي تستهويني».

وعن علاقتها بالممثل الشاب محمد نزار، تقول إنهما شكّلا معاً علاقة صادقة بين أم وابنها على الشاشة: «حين التقيت نزار للمرة الأولى أحببته فوراً؛ لأنه يشبه ابني. ما يهمني دائماً هو المعاملة الإنسانية البسيطة التي تعكس حباً وعطاء. صرنا نتواصل من دون كلام، وسيظل ابني إلى الأبد».

وترى الفنانة الفلسطينية أن دورها في فيلم «غرق» من أصعب أدوارها، موضحة: «أعدّه من أكثر الأدوار تحدّياً في مسيرتي؛ لأن الشخصيات التي جسَّدتها سابقاً لم تكن بهذا القدر من العمق والتعقيد».

كما عبّرت كلارا عن فخرها بالمشاركة في الفيلم التونسي «صوت هند رجب»، الذي أدّت فيه شخصية «نسرين القواص»، المسؤولة عن الصحة النفسية للعاملين في مكتب الإسعاف الفلسطيني خلال حرب غزة، حيث تحاول حمايتهم من الانهيار العصبي والانفعالات الحادة، في خضم محاولاتهم إنقاذ الطفلة الفلسطينية هند رجب. ورأت في الفيلم «وثيقة إدانة مهمة لحرب الإبادة»، مؤكدة أنه من أهم أعمالها الفنية، ومعبّرة عن اعتزازها بالتعاون مع المخرجة كوثر بن هنية في «فيلم كان صوتنا إلى العالم»، على حد تعبيرها.