يقدّم الإعلامي السعودي ياسر السقّاف الموسم الحالي من برنامج «ذا فويس» وهو يدرك أن البرنامج يمرّ بمرحلة مختلفة تماماً عن مواسمه السابقة، خصوصاً مع التغييرات الواضحة في لجنة التحكيم التي تضم هذا العام أحمد سعد، نصيف زيتون، رحمة رياض، بعد مواسم عدة كانت اللجنة تضم خلالها محكّمين آخرين.
ويقول السقّاف لـ«الشرق الأوسط» إن شكل البرنامج تأثّر بهذه التركيبة الجديدة، ليس فقط من ناحية العمر والخبرة، بل أيضاً من ناحية طبيعة التفاعل داخل الحلقات، مشيراً إلى أن «وجود مدربين من جيل أصغر يمنح البرنامج إيقاعاً مختلفاً، فالثلاثة فنانون حاضرون بقوة في المشهد اليوم، وجمهورهم واسع، وهذا يجعل المنافسة أسرع وتفاعل المشاهدين أكبر».
ويلفت السقاف إلى أن «التغيير لم يقتصر على لجنة التحكيم، بل شمل كذلك بعض آليات البرنامج، مثل أدوات الحسم الجديدة وأنظمة التقييم التي تظهر للمرة الأولى، وهو ما يراه جزءاً طبيعياً من تطوير شكل المسابقة».
ويتوقف السقّاف عند ظروف العمل خلف الكواليس، قائلاً إن تصوير الموسم في الأردن كان من التجارب المريحة بالنسبة له، بسبب الروح الجماعية داخل الفريق، فالبرنامج قائم على مجموعة كبيرة تعمل معاً. المدربون والمواهب والفرقة الموسيقية والفريق الفني... كل طرف يعتمد على الآخر».

ويشير إلى أن ما يراه المشاهد على الشاشة هو الجزء الأكثر وضوحاً، لكن الجزء الأهم يجري دائماً قبل بدء التصوير، حيث تُجرى اختبارات الصوت، وتُراجع تفاصيل الإضاءة والكواليس، ويجري التنسيق بين الفرق المختلفة لضمان انسيابية الحلقة، مؤكداً أن هذا النوع من البرامج يحتاج إلى قدر كبير من التحضير المسبق، لأن أي خلل صغير يمكن أن يؤثر على وتيرة المنافسة أو يربك المتسابقين في لحظات حسّاسة من أدائهم.
ويؤكد أن طبيعة عمله مقدّماً في «ذا فويس» لا تعتمد على الحضور اللفظي فقط، بل على مراقبة التفاصيل في أثناء البث، خصوصاً ردود فعل المتسابقين لحظة إعلان النتائج أو عند الانتقال من مرحلة إلى أخرى، مضيفاً: «أحاول أن أترك مساحة حقيقية للمواهب كي تظهر كما هي، من دون ضغط أو مقاطعة أو محاولة لقيادة اللحظة. وظيفة المقدّم، كما أفهمها، هي تنظيم الإيقاع لا السيطرة عليه».
ويشرح أن التعاطي مع المواهب الشابة يتطلب حساسية خاصة، لأن بعض المتسابقين يمرّون بتجربة الوقوف أمام لجنة تحكيم للمرة الأولى في حياتهم، وهو ما يفرض على البرنامج خلق بيئة مطمئنة تساعدهم على تقديم أفضل ما لديهم، مؤكداً أن الدعم النفسي، سواء من المدربين أو من فريق الإعداد، بات جزءاً أساسياً من صناعة البرامج الغنائية في السنوات الأخيرة، لأن الجمهور أصبح قادراً على التمييز بين الموهبة التي تتطور تحت الضغط وتلك التي تنهار بسببه.
ويقول السقّاف إن قوة «ذا فويس» تكمن في وضوح قواعده؛ كل صوت يملك فرصة عادلة، وكل قرار مرتبط برد فعل اللجنة والجمهور وليس بعوامل خارجية، مشيراً إلى أن «هذه الفكرة هي التي تُبقي البرنامج حاضراً رغم تعدد العروض الغنائية في المنطقة، فالجمهور يعرف من ينتظره من (ذا فويس)، ويثق بأن المنافسة حقيقية، وهذا عنصر مهم في استمرار البرامج من هذا النوع».
ويرى أن «الموسم الجديد قدّم نوعاً مختلفاً من الأصوات، بعضها يمتلك خبرة سابقة في الأداء على المسرح، وبعضها يدخل تجربته الأولى تماماً، وهو ما يخلق توازناً بين الخبرة والاندفاع. ويعدّ أن وجود مدربين لديهم أساليب متباينة في إدارة الفرق يساعد على إبراز اختلاف الشخصيات الفنية داخل كل فريق، من دون محاولة لصنع نسخة مكررة من أي فنان موجود في لجنة التحكيم.

ويؤكد السقّاف أن دوره خارج الكاميرا لا يقل أهمية عن دوره أمامها، إذ يحرص على متابعة المتسابقين بين الفواصل، والتأكد من جاهزيتهم قبل العودة إلى المسرح، لافتاً إلى أن كثيراً من اللحظات المؤثرة التي لا يراها الجمهور تحدث في تلك الدقائق القصيرة «لحظات توتر، أو مراجعة سريعة لكلمات الأغنية، أو محاولة لطمأنة متسابق يشك في أدائه، هذه التفاصيل الصغيرة تصنع فارقاً في النتيجة النهائية»، وفق تعبيره.
وتبقى لحظات الوداع خلال الحلقات الأصعب من وجهة نظر الإعلامي السعودي لأنها تجمع بين الجهد الطويل الذي يبذله المتسابقون والرغبة في الاستمرار، مضيفاً: «البرامج الغنائية تعتمد دائماً على فكرة الاختيار، والاختيار يعني رحيل أصوات جيدة مهما كانت درجة تميزهم لأنه في النهاية يجب أن يفوز واحد فقط».
ويشدد على أن أكبر قيمة يقدمها البرنامج للمتسابقين ليست الفوز النهائي فقط، بل المسار الذي يمر به المتسابق منذ الوقوف الأول على المسرح حتى اللحظة التي يغادر فيها المنافسة «هذا المسار هو ما يبقى، وهو ما يجعل التجربة مؤثرة حتى بعد انتهاء الموسم».





