تحمل 6 قصور تاريخية في حي الطريف بالدرعية معاني تاريخية، وقيماً لصمود المنطقة في وجه التحديات وتطلعها للمستقبل، ويحمل كل قصر معنى ومضموناً فريداً، ينعكس على تفاصيله العمرانية وأروقته الطينية.
ويرمز قصر الإمام عبد الله بن سعود إلى الصمود، ويُبرز قصر الأمير تركي بن سعود قِيم الشجاعة والصبر، ويعكس قصر الأمير ثنيان بن سعود بن محمد بن مقرن مكانة العلم، في حين يُجسد قصر الأمير مشاري بن سعود بن محمد بن مقرن قيمة العزوة، أما قصر الأمير سعد بن سعود بن عبد العزيز فيرمز إلى العمارة والابتكار، فيما يرمز قصر الأمير ناصر بن سعود بن عبد العزيز إلى الأمن وتأمين القوافل.
وفي حي الطريف التاريخي، أحد أكبر الأحياء المبنية بالطوب الطيني على الطراز المعماري النجدي، والمسجّل في قائمة التراث العالمي في «اليونيسكو» منذ عام 2010، تفتح قصور أئمة الدولة السعودية وأمرائها، أبوابها للزوّار لسرد حكاية التاريخ، وتلمس أجواء الحياة الاجتماعية والثقافية آنذاك، من خلال سرد تحتفظ به أبواب القصور وجدرانها وغرفها، لفهم السياق التاريخي للدرعية، ودور الأئمة والأمراء في نهضة الدرعية والدفاع عنها، والتعرف على الجوانب الاجتماعية والإنسانية في هذه القصص.

وفي الجهة الشمالية من حي الطريف بالدرعية، يقع قصر الأمير ناصر بن سعود، الذي ارتبطت قصته بمرحلة تثبيت الأمن وتأمين القوافل التي كانت تُغذي كامل المنطقة بأسباب الحياة والبقاء، بالإضافة إلى قصر الأمير سعد بن سعود بن عبد العزيز، الذي مثّل في طرازه المعماري نقلة جديدة في محيطه لفنون العمارة والابتكار.
يقول منصور الشويعر، الباحث في تاريخ الدرعية، إن القصر، مثل بقية القصور في الحي، يتسم بالبناء التقليدي واتساع غرفه، ويرتبط به فناء من الجهة الشمالية الغربية، ويبدو أنه كان أكبر من القصر المرمم حالياً، كما يوجد له مدخل رئيسي من الناحية الجنوبية الشرقية.

ويضيف الشويعر، أن القصر عبارة عن مبنى من طابق واحد يُحيط به فناء واسع، ويعدّ من أجمل القصور التاريخية في الحي ويتميز بالطراز المعماري النجدي القديم؛ حيث كانت القصور الأخرى تُشيد بطابقين، مثل قصر الأمير سعد ومقصورة عمر وقصور من 3 أو 4 طوابق مثل قصور سلوى التي كان ارتفاعها أطول من عرضها. والقصر يعود للأمير ناصر بن سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود، وهو أحد أبناء الإمام سعود بن عبد العزيز، وقد توفي مريضاً في الدرعية (سنة 1225 للهجرة الموافق لـ1810 ميلادي).

وعلى مسافة قصيرة من القصر الأول، يتربع قصر الأمير سعد بن سعود، الذي يقع هو الآخر في الجهة الشمالية من حي الطريف بين قصري فرحان بن سعود وناصر بن سعود، ويتسم بناؤه بالنمط المتبع نفسه في بقية قصور الطريف، ويقع مدخله الرئيسي جهة الجنوب، ويقع في جهته الشمالية مسجد يُسمى مسجد سعد.
ويقول الباحث الشويعر، إن القصر يعود إلى الأمير سعد بن سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود، وهو أحد أبناء الإمام سعود بن عبد العزيز، وقد شارك في الدفاع عن الدرعية، ونقل مع نقل من آل سعود إلى مصر وتوفي هناك.
وقد تم ترميم هذا القصر بناءً على رؤية وكالة الآثار والمتاحف آنذاك، وأشرف على ترميمه الأستاذ الراحل سعد بن رواف، وهو من أهالي مدينة الدرعية.

ويقع القصران في حيّ الطريف التاريخي الذي يمتاز بطابعه المعماري النجدي الأصيل، ويمثل رمز القيادة والحكم في الدرعية، إذ اختاره الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود عام 1180هـ/ 1766م لموقعه المميز على الضفة الغربية لوادي حنيفة، ويحتوي الحيّ على 13 قصراً، و5 مساجد، يجسّد بناؤها قوة العمارة النجدية وجمالها، كما يضم قصر سلوى بوصفه قصراً رئيسياً محاطاً بعدد من المرافق العامة، مثل سبالة موضي (وقف خيري)، وبيت المال، وجامع الطريف، وقصر الضيافة، وحمّام الطريف الذي يمثل دلالة على جودة الحياة التي عاشها أهل الدرعية.

وتُمثل زيارة القصور، التي افتتحت عبر برنامج «هل القصور» الذي انطلق ضمن فعاليات موسم الدرعية، جسراً يربط الماضي بالحاضر، وتجربة ثقافية وتاريخية متكاملة، تستعرض دور قادة الدولة السعودية الأولى في بناء الدرعية والدفاع عنها، ويؤكد الدور التاريخي لحيّ الطريف بوصفه مركزاً للثقافة والانفتاح الاجتماعي في الدولة السعودية، ويُحافظ على إرث القيادة السعودية، ويشاركه مع الجمهور من داخل السعودية وخارجها، موفراً للزوّار تجربة مباشرة، عبر عروض تفاعلية تُسهم في تعزيز الشعور بقيمة المكان.



