في دراسة واسعة النطاق، وجد الباحثون أنّ تمريناً قصيراً للتأمل لمدّة دقيقتين يمكن أن يُقلل من المقاومة العاطفية لإنجاز أي عمل، ويساعد الناس على اتخاذ الخطوة الأولى الحاسمة نحوه من دون تسويف.
قالت الباحثة في مرحلة الدكتوراه أنوشا غارغ، التي شاركت في تأليف الدراسة مع شيفانغ شيلات، زميلة بحوث الدراسات العليا في المؤسسة الوطنية للعلوم، والأستاذ جوناثان سكولر، من قسم العلوم النفسية والدماغية بجامعة كاليفورنيا الأميركية في سانتا باربرا: «يسعى عدد من التدخلات لتغيير سلوكياتنا الشخصية، عاداتنا أو سماتنا الشخصية، لكنّ التسويف يحدث في اللحظة الأخيرة».
ركّزت الدراسة، المنشورة في مجلة «بي إم سيكولوجي»، على «مشكلة التسويف» في حياتنا، وتناولت تلك اللحظة النفسية القصيرة بين النية والفعل.
تقول غارغ، في بيان، الجمعة: «إذا استطعنا تصميم أدوات تُسهّل تجاوز ما يعرف بخط بداية الإنجاز، يُمكننا مساعدة الناس على تغيير سلوكهم في الوقت المناسب».
تعاونت غارغ مع طلاب علوم الكمبيوتر في جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا، لتطوير تطبيق إلكتروني مجاني يحمل اسم «دودل»، يُطبّق نتائج هذا البحث في الحياة اليومية، محوّلاً الأمر إلى أداة عملية يُمكن لأي شخص استخدامها.
ووفق الباحثين، يعتمد التطبيق مباشرةً على نتيجة بسيطة لكنها فعّالة. استغرق النشاط أقل من دقيقتين، لكن تأثيره كان لافتاً. وأفاد أولئك الذين أكملوا هذا النشاط المُوجَّه بتحسن في الحالة المزاجية، وانخفاض في المقاومة العاطفية التي تَحول بينهم وبين الإنجاز العملي.
تتابع غارغ: «كان الهدف جعل البدء في الإنجاز أسهل قليلاً، ومنح الناس زخماً في اللحظة التي يجدون أنفسهم فيها عالقين في التردد».
يعتمد هذا النهج على نموذج القرار الزمني للتسويف، الذي يُؤطر السلوك على هيئة حساب «تكلفة وفائدة» بين النفور من المهمّة وفائدة النتيجة. فعندما تفوق التكلفة العاطفية المكافأة المتوقعة، يُؤجَّل العمل.
يقول الباحثون إن التدخل يُغيّر هذه المعادلة، فهو يُخفّض النفور من خلال تصنيف المشاعر، ويرفع الفائدة من خلال ربط المهمّة بفوز سريع: هدف فرعي أصغر ومكافأة يختارها الشخص بنفسه.
دور المكافآت
تشير البيانات الأولية للدراسة إلى هذا المزيج معاً. تقول غارغ: «عندما اكتفى المشاركون بتقسيم المهمة، شعروا بتحفيز أكبر بقليل. ولكن عندما اقترنت تلك الخطوة بمكافأة صغيرة كانت دفعة التحفيز أقوى بكثير. المكافأة تجعل الجهد نفسه يبدو جديراً بالاهتمام».
فعندما يقترن الجهد بالمكافأة، يصبح مُجزياً. وبمرور الوقت، يمكن أن يُحوّل ذلك عملية البدء من مهمة روتينية إلى نجاح مُرضٍ.
وبدلاً من ترك هذه النتائج في المختبر، حوّلتها غارغ إلى واقع: «صممنا تطبيقاً يُلبي حاجات الناس».
يجمع تطبيق «دودل» بين علم النفس والتقنية في واجهة بسيطة. يدعو التطبيق المستخدمين إلى مناقشة ما يتجنبونه، ويساعدهم على إنشاء مهمّات فرعية، ويشجعهم على اختيار مكافآت لكل خطوة مُنجزة. ويتضمن التطبيق تتبعاً للنتائج، ورسومات توضيحية للتعليقات الإيجابية تُعزز الزخم.
تقول غارغ: «إنه في الأساس دراسة بحثية مُحوَّلة إلى أداة إلكترونية. عندما يشعر شخص ما بالعجز، يمكنه فتح هذا التطبيق، والتأمُّل لدقائق، والشعور بالتحوّل عينه الذي رأيناه من خلال النتائج».
يتوافر «دودل» الآن على متجر التطبيقات، وقد أُطلق رسمياً في حرم جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا هذا الشهر لمساعدة الطلاب على تطبيق البحث عملياً.
وتختم غارغ: «كثير من البحوث النفسية ينتهي بها المطاف حبيسة المجلات العلمية. أردنا أن يكون هذا البحث بين أيدي الناس. نحن نؤجل لأننا بشر. ولكن إذا تعلمنا كيفية التعامل مع لحظة البداية هذه؛ أنْ نلاحظها ونصنفها نفسياً ونُرجّح كفة المكافأة، فسنتمكن من البدء في أي شيء تقريباً دون تسويف».

