هل خطر ببالك يوماً أنّ قطتك الوديعة قد تكون قاتلة بالفطرة؟ ربما كانت تلك النظرة الحادّة التي تُلقيها من فوق الثلاجة، أو ذلك التحوُّل المفاجئ من الدلال إلى العضّ، ليست مجرّد سلوك عابر.
يُقدّم بحث برازيلي جديد تنقله «الإندبندنت» أدلة مُصوَّرة على هذه الطبيعة الخفيّة للقطط المنزلية، بعدما جمع الباحثون أكثر من 17 ألف صورة وفيديو منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر القطط وهي تمارس هوايتها القاتلة، وتحديداً ضدّ الحشرات.
حلَّلت الدراسة 550 هجوماً موثَّقاً، وكشفت عن أنّ معظم فرائس القطط كانت من الجراد، والصراصير، والبقّ الحقيقي، مثل الزيز، والنطاط، وذبابة اللانترن الغازية. وأوضحت الباحثة ليتيسيا ألكسندر من جامعة كامبيناس أنّ أهمية الدراسة تكمن في قدرة العلماء على «الاعتماد على بيانات التواصل الاجتماعي لكشف تأثير ذلك طالما جرى تجاهله في الأدبيات العلمية بشأن أثر القطط على التنوّع البيولوجي».
ووفق الدراسة، توزَّعت الهجمات على النحو التالي: 20.7 في المائة ضدّ الجراد، و14.5 في المائة ضدّ أنواع البقّ المختلفة، و14.4 في المائة ضدّ الصراصير، و11.5 في المائة ضدّ الفراشات والعثّ، و9.1 في المائة ضدّ الخنافس، و8.5 في المائة ضدّ النحل والدبابير والنمل، و7.2 في المائة ضدّ اليعاسيب والرمم، بينما رُصدت اعتداءات أقلّ على الذباب والسرعوف.
وأشار الباحثون إلى أنّ سهولة اصطياد الجراد بالنسبة إلى القطط تعود إلى حجمه الكبير وانتشاره الواسع حول العالم. فهناك نحو 400 نوع من الجراد يعيش في أميركا الشمالية وحدها، خصوصاً في معظم أنحاء الغرب الأميركي. وبدورها، تعيش القطط المنزلية في نحو 49 مليون منزل أميركي، أي ما يزيد على ثلث المنازل في الولايات المتحدة، وفق تقرير لجمعية منتجات الحيوانات الأليفة الأميركية.
ورغم أنّ الصورة الكاملة لحجم اصطياد القطط للحشرات على المستوى العالمي لا تزال غير واضحة، تشير دراسات سابقة إلى أنّ القطط المنزلية تقتل مليارات الطيور والثدييات الصغيرة سنوياً. ففي الولايات المتحدة وحدها، يسقط 2.4 مليار طائر و12.3 مليار حيوان صغير ضحية للقطط سنوياً، وفق دراسة شهيرة صادرة عن «خدمة الأسماك والحياة البرّية» الأميركية عام 2013.
ويؤكد العلماء أنّ القطط المنزلية، رغم كونها أقلّ شراسة من القطط البرّية، يمكن أن تقتل بين ضعفَي و10 أضعاف ما يقتله أي مفترس برّي مُشابه الحجم ضمن مساحة لا تتجاوز 100 متر مربع، وفق تصريحات سابقة نُشرت في مجلة «ساينتيفيك أميركان».
وتأتي هذه النتائج في وقت تتعرَّض فيه الحشرات حول العالم لتهديدات متزايدة جراء فقدان الموائل، والتغيُّر المناخي، والتلوّث، وانتشار الأنواع الغازية.
ويرى الباحثون أنّ الاعتماد على الفيديوهات المنتشرة عبر الإنترنت قد يُشكّل مدخلاً جديداً ومهماً لفَهْم أثر القطط على التنوُّع البيئي، خصوصاً أنّ الدراسات التقليدية كانت تُواجه عقبات لوجيستية، مثل صعوبة تزويد القطط بكاميرات تتبُّع أو الاعتماد على تعاون المالكين.
ويخلص العلماء إلى أنّ «الكنز الرقمي» المتمثّل في ملايين المقاطع المنشورة على المنصات الاجتماعية قد يتحوَّل إلى أداة بحثية ثمينة، تُسهم في «فهم حجم التحدّي البيئي الذي تفرضه قططنا الأليفة على النُّظم البيئية».




