يحتفي معرض للآثار المصرية في هونغ كونغ بالحياة الملكية في مصر القديمة، والملك توت عنخ آمون، وحفائر منطقة سقارة الأثرية، ويبوح المعرض الذي يقام في الفترة من 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري إلى 31 أغسطس (آب) 2026 بأسرار الحضارة المصرية القديمة عبر 250 قطعة أثرية.
المعرض الذي يحمل عنوان «مصر القديمة تكشف عن نفسها: كنوز من المتاحف المصرية» يستضيفه متحف قصر هونغ كونغ بجمهورية الصين الشعبية، ويضم قطعاً أثرية متميزة تم اختيارها من المتاحف المصرية، من بينها المتحف المصري بالتحرير ومتحف مطروح القومي، ومتحف كفر الشيخ القومي، والأقصر للفن المصري، وسوهاج القومي، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار.
كما يتضمن المعرض قطعاً حديثة الاكتشاف من منطقة سقارة الأثرية، إلى جانب مجموعة مختارة من القطع التي سبق عرضها في معرض «قمة الهرم: حضارة مصر القديمة» الذي أقيم بمتحف شنغهاي بالصين في الفترة من يوليو (تموز) 2024 إلى أغسطس 2025.
وعَدّت نائبة وزير السياحة والآثار المصري، يمنى البحار، افتتاح معرض «مصر القديمة تكشف عن نفسها» في هونغ كونغ امتداداً للنجاح الكبير الذي حققه معرض «قمة الهرم: حضارة مصر القديمة» بمتحف شنغهاي.
وأشارت في كلمتها خلال افتتاح المعرض الأثري المؤقت الجديد إلى ما تمثله هذه الفعاليات باعتبارها جسراً للتواصل بين الثقافات، وأن المعرض «يبرز عراقة الحضارة المصرية وقدرتها الدائمة على الإلهام، باعتبارها إحدى أهم ركائز القوة الناعمة لمصر، ويؤكد قدرتها على التأثير في وجدان الشعوب حول العالم، كما يؤكد أن الحضارات الإنسانية تتطور وتتفاعل من خلال التبادل المستمر ولا تزدهر بمعزل عن غيرها».

وكان معرض «قمة الهرم: حضارة مصر القديمة» الذي أقيم في متحف شنغهاي تناول فكرة العالم الآخر لدى المصريين القدماء، وضم 787 قطعة أثرية، من بينها مجموعة من التوابيت الخشبية الملونة والأواني الكانوبية، ومجموعة من مكتشفات البعثة المصرية بمنطقة آثار سقارة، وزاره نحو 2.7 مليون شخص خلال فترة عرضه، وفق تصريحات صحافية للأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر، محمد إسماعيل خالد.
ولفت خالد إلى أن «افتتاح معرض (مصر القديمة تكشف عن نفسها: كنوز من المتاحف المصرية) يأتي بعد أيام قليلة من الافتتاح التاريخي للمتحف المصري الكبير في الأول من نوفمبر الجاري، ليشكّل نافذة جديدة تطل على أكثر من خمسة آلاف عام من الحضارة المصرية».
وأقامت مصر عدداً من المعارض الأثرية في الخارج، من بينها معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» الذي يضم 180 قطعة أثرية، وتنقل بين عدة مدن حول العالم منذ عام 2021، حتى وصل إلى محطته السادسة في طوكيو، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وزاره نحو 350 ألف شخص خلال شهرين.
وعَدّ المتخصص في المصريات، الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، معرض «مصر القديمة تكشف عن نفسها: كنوز من المتاحف المصرية» في متحف قصر هونغ كونغ «تأكيداً جديداً على قدرة الحضارة المصرية على العبور عبر الزمان والمكان، والوصول إلى قلوب الشعوب مهما تباعدت الجغرافيا أو اختلفت اللغات»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن هذا المعرض «ليس مجرد عرض لقطع نادرة، بل هو رحلة حضارية متكاملة تحمل روح مصر الملكية، ودهشة توت عنخ آمون، وأسرار جبانة سقارة التي لا تزال تبوح بالجديد عاماً بعد عام».
ووصف عبد البصير المعرض بأنه «رسالة قوية تعبّر عن استراتيجية مصر الحديثة في توظيف تراثها الضخم لتعزيز قوتها الناعمة عالمياً».
وصاحب افتتاح المعرض الأثري المؤقت بهونغ كونغ فعاليات وحوارات سلطت الضوء على دور معارض الآثار المؤقتة بالخارج في تعزيز العلاقات الثقافية بين الشعوب، والتعريف بكنوز الحضارة المصرية بوصفها أحد أهم عناصر القوة الناعمة لمصر، ودورها في دعم الترويج السياحي لمصر.

«ويمثل افتتاح المعرض الأثري المؤقت في هونغ كونغ، خطوة محورية في إعادة تقديم التراث المصري عبر منصات دولية ذات تأثير ثقافي واسع»، وفق المتخصصة في آثار مصر والشرق الأدنى القديم بكلية الآثار والإرشاد السياحي في جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، الدكتورة دينا سليمان، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «اللافت في هذا المعرض ليس مجرد عرض قطع نادرة أو إبراز جوانب جمالية من الحضارة المصرية، بل قدرته على صياغة سردية معرفية تُظهر عمق مصر القديمة بوصفها واحدة من أقدم أنظمة الحكم المركزية وأكثرها تطوراً في العالم القديم».
وأشارت إلى أن «المعرض يتيح فهماً أعمق لكيفية تشكّل الأيقونة العالمية (توت)، والتأكيد على أن منطقة سقارة ليست مجرد موقع دفن، بل مختبر مفتوح لفهم تطور الفكر الديني والممارسات الجنائزية عبر آلاف السنين».
وعَدّت المعرض «تطوراً واضحاً في استراتيجية مصر، التي باتت تعتمد على القوة الناعمة الأثرية لتعزيز حضورها العالمي. فالعرض ليس مجرد مشاركة خارجية، بل امتداد لمسار أوسع يشمل توسع المعارض المؤقتة، وتحديث المتاحف الوطنية، والاقتراب من الزخم الذي حققه افتتاح المتحف المصري الكبير، بما يمثله من منصة عالمية جديدة للتراث المصري».

