عندما أُعلن مؤخراً عن أسماء المدربين النجوم في برنامجي «ذا فويس» و«ذا فويس كيدز»، استغرب الأمر كثيرون، فهم، وعلى عكس ما عودتهم عليه مجموعة «إم بي سي» الإعلامية، لا ينتمون إلى نجوم الصف الأول. فكما أحمد سعد ورحمة رياض وناصيف زيتون، كذلك اختير رامي صبري وداليا مبارك والشامي. المجموعة الأولى تتولى مهمة التدريب والتحكيم في برنامج «ذا فويس»، وقد بدأت حلقات هذا البرنامج تُعرض منذ فترة قصيرة، في حين أن المجموعة الثانية ستتعاون معها «إم بي سي» في «ذا فويس كيدز». ومن المتوقع أن يبدأ عرض الحلقات بعد انتهاء موسم رمضان المقبل.

غابت أسماء شهيرة شاركت في هذه البرامج وأسهمت في انتشارها، من بين هؤلاء أحلام وراغب علامة وكاظم الساهر وتامر حسني ونانسي عجرم وغيرهم. من يقرأ بين السطور يدرك أن «إم بي سي» تبدّلت رهاناتها، وباتت تضع ثقتها في الشباب لأنها ترى فيهم نجوم الغد.
لا ينكر مدير عام القنوات التلفزيونية والمحتوى في مجموعة «إم بي سي» هذا التوجه، بل يصف هذه الخيارات بأنها مقصودة، مضيفاً أنه حان الوقت لتوفير الفرص أمام النجوم الشباب، وبذلك ينتقلون مما نسميه الصف الثاني إلى الأول. ويبرر جابر هذه الخطوة بأنها من باب مراجعة سياسة المجموعة من ناحية، ومن ناحية ثانية نتيجة نجاحات يحققها الفنانون الشباب، تفوق بنسب كبيرة تلك الخاصة بنجوم آخرين.
وربما يأتي هذا الإجراء من باب تمرير رسالة مبطنة تعبر فيها «إم بي سي» صراحة عن استيائها من تصرفات مارسها معها بعض نجوم الصف الأول. ويوضح جابر لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا ملاحظات كثيرة على بعض نجوم الصف الأول. يتعلّق الأمر بالناحية الإنسانية التي باتوا يفتقدونها مقابل تفاقم تفكيرهم المادي. وهو ما أدّى بنا إلى مراجعة سياستنا. فاستبدلنا بقوة النجومية جرعات إبداعية عالية جداً، ينتج عنها قيمة إنتاجية أفضل، ويواكبها السلوك المطلوب».
«أرى أن هذا الموسم من (ذا فويس) الأهم بالنسبة لكفاءة المشتركين فيه. عززنا المستوى المطلوب واستثمرنا في المواهب الخلّاقة. ومن ثمّ راهنا على المدربين من النجوم الشباب».
لكن السؤال هو: ماذا عن الخبرات التي يجب أن تتمتع بها لجان التحكيم من المدربين؟ فهل هؤلاء النجوم الشباب لديهم القدرات المطلوبة؟ يردّ علي جابر: «ليس دقيقاً ما يتم تداوله. فكما رحمة رياض وأحمد سعد، كذلك ناصيف زيتون، وغيرهم يتمتعون بنجاحات طويلة. وقد جاهدوا ومرّوا بتحديات كثيرة للوصول، ومرات كثيرة كانت نجاحاتهم نتاج جهد شخصي إذ لم يعوّلوا على أحد».

يكمل جابر: «كما أن عدد متابعيهم الخرافي على وسائل التواصل الاجتماعي يدحض هذا التباين. فليس من الضروري أن يكون المدرب كهلاً ليتمتع بخبرتي تحكيم وتعليم عاليتين. هذا الأمر نجده سارياً في برامج عالمية، وقد شاهدنا نماذج عدة في نسخ (ذا فويس) أجنبية، حيث اختيرت أسماء كانت قد فازت في موسم سابق وضُمَّت إلى لجنة التحكيم».
ويرى جابر أن بعض الفنانين من الصف الأول يعوزهم التواضع، مضيفاً: «عليهم التخفيف من غرورهم، وكذلك التحرر من هاجس تحقيق الربح من خلال أجور عالية يطالبون بها. لا يوجد مَن يستحيل الاستغناء عنه. بلادنا ولّادة نجوم، وهناك كثيرون غيرهم على الساحة. والشباب سيتحولون إلى نجوم صف أول قريباً جداً، شئنا ذلك أم أبينا. و(إم بي سي) ستتيح لهم هذه الفرصة».
يشير جابر إلى أن «إم بي سي» لن ترضى بأن تكون رهينة أشخاص محددين يقررون نجاحها، وهي مستعدة للنظر في قدرات أي موهبة جديدة. ومن واجباتها كونها مؤسسة إعلامية أن تقوم بهذا الدور. ويتابع: «لن نقفل أبوابنا في وجه أي موهبة فتية ناجحة، وقد برهنت غالبيتها على أنها موجودة وبقوة معنا أو دوننا».
يشرح جابر أن هناك نسبة شباب عالية تتابع برامج القناة، والعمل دائم لتكون البرامج صديقة للسوشيال ميديا. يقول: «إن برامجنا يمكنها أن تحيا لوقت طويل عبر وسائل التواصل، كما على الشاشة التلفزيونية والمنصات الإلكترونية. تشاهد كاملة عبر شاشاتنا، وبالتقسيط عبر الوسائل الأخرى. ونقوم بكل ما يلزم من مونتاج وتقنيات أخرى لتنتشر».

يستطرد: «هناك زمن ولّى وآخر حلّ مكانه. وإذا لم تواكب (إم بي سي) هذا التغير فلا بد أن يتأثر انتشارها سلباً. لذلك فإنها والعاملين فيها هم السباقون. نقود الصناعة الترفيهية بالتحول ولن ننتظر أحداً».
وعن سبب تكرار بعض أسماء الممثلين المشاركين في دراما معرَّبة، وهو ما انتقده بعضهم إلى حد وصفه بالشللية، يوضح جابر: «ليس عندنا بتاتاً هذا النوع من الممارسات. كل ما نقوم به يدور في فلك المهنية البحتة. فليس لدينا أي عقود حصرية مع ممثلين محددين، وهو ما تتبعه بعض شركات الإنتاج. وليست لدينا حقوق حصرية مع أحد. نعمل على قاعدة الممثل المناسب في المكان المناسب، ولا معيار غير المهنية. وهو ما دفع بنا إلى التخلي عن خدمات مخرجين وكتّاب وعناصر أخرى درامية غير مناسبة».
يختم علي جابر متحدثاً عن برامج أخرى تنوي «إم بي سي» إطلاقها قريباً كـ«آراب غوت تالنت»، وكذلك «آراب أيدول»، وجميعها ستدور في فلك برامج «ذا فويس» نفسها وترتكز على فنانين شباب أيضاً.

