المخرج التركي نوري جيلان: نصنع الأفلام لنفهم أنفسنا ونصحح أخطاءنا

قال في ندوة بـ«القاهرة السينمائي» إن بعض أعماله واجهت قيوداً

المخرج التركي نوري بيلغي جيلان متحدثاً في محاضرة له بالقاهرة السينمائي (مهرجان القاهرة السينمائي)
المخرج التركي نوري بيلغي جيلان متحدثاً في محاضرة له بالقاهرة السينمائي (مهرجان القاهرة السينمائي)
TT

المخرج التركي نوري جيلان: نصنع الأفلام لنفهم أنفسنا ونصحح أخطاءنا

المخرج التركي نوري بيلغي جيلان متحدثاً في محاضرة له بالقاهرة السينمائي (مهرجان القاهرة السينمائي)
المخرج التركي نوري بيلغي جيلان متحدثاً في محاضرة له بالقاهرة السينمائي (مهرجان القاهرة السينمائي)

قال المخرج التركي نوري بيلغي جيلان إنه اتجه إلى التصوير الفوتوغرافي في بداية حياته لكونه يناسب شخصيته الانطوائية، إذ يمكنه ممارسته بمفرده، مشيراً إلى أن أعماله الفوتوغرافية لا تنفصل عن رؤيته السينمائية. وأكد أن صناعة السينما باتت اليوم أكثر صعوبة مما كانت عليه قبل 20 عاماً، لافتاً إلى أن أسلوبه الواقعي المتأني في أفلامه يسعى إلى اكتشاف أغوار النفس البشرية.

جاء ذلك خلال ندوة نظمها «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» في دورته الـ46، الأحد، بعنوان «انعكاسات سينمائية... رحلة في عالم نوري بيلغي جيلان»، ضمن فعاليات «أيام القاهرة لصناعة السينما»، وأدارها الناقد المصري أحمد شوقي، رئيس الاتحاد الدولي للنقاد «فيبرسي».

وتحدث المخرج التركي، الذي يترأس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة في المهرجان المقام خلال الفترة من 12 إلى 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، عن بداية رحلته، كاشفاً أنه كان شديد الانطواء، وأن شغفه بالتصوير الفوتوغرافي بدأ عندما كان في الخامسة عشرة من عمره، إذ وجده نشاطاً مثالياً لا يتطلب مساعدة من أحد. ومع بلوغه الـ25، وقع في حب السينما واتجه إلى صناعة الأفلام القصيرة بمفرده، موضحاً: «كنت أصوّر من دون سيناريو مسبق، وبدأت في تصوير عائلتي، وصوّرت فيلماً يعتمد على لقطة واحدة فقط، ثم شعرت بضرورة الاستعانة بآخرين. في فيلمي الثاني كان معي 5 أشخاص، ومع الوقت اكتسبت ثقة كبيرة في نفسي».

ولا يزال جيلان يجد متعة كبيرة في التصوير الفوتوغرافي، ويشارك بأعماله في معارض دولية كما تُعرض في متاحف عالمية، وفق قوله. وأكد أن أعماله الفوتوغرافية تحمل الروح التأملية والعمق نفسيهما اللذين تتسم بهما أفلامه، معداً «الانسجام بين الصورة والفكرة يتيح للجمهور التواصل مع المشهد السينمائي بشكل تأملي».

بيلغي متحدثاً عن مشواره السينمائي (مهرجان القاهرة السينمائي)

وتحدث عن دور المخرج قائلاً: «على المخرج أن يعرف إمكاناته جيداً. أنا اليوم أتمتع بحرية أكبر في تقديم أفكاري ولا أتوقف عند حدود معيّنة، ولا ألجأ إلى كتابة أعمال أقل تعقيداً. أستمر في التعديل والتغيير في الفيلم حتى آخر لحظة». ولفت إلى أنه لم يكن يوماً متفائلاً عند كتابة أي عمل، مضيفاً: «أبدأ القصة وأنا أشعر باليأس، وأفكر كثيراً في التوقف خلال مراحل صناعة الفيلم، خصوصاً في الفترة بين اختبارات الأداء وبداية التصوير، التي قد تستغرق ثلاثة أشهر».

وأضاف: «من المهم أن نكتب وفقاً للتغييرات التي تعترينا، وأن ندرك أوهامنا ومعتقداتنا الخاطئة ونحاول تصحيحها. هذا ليس تحيزاً للذات بقدر ما هو محاولة لفهم أنفسنا. أما أنا فأفضّل الكتابة عن قصص بسيطة، وأشعر بانجذاب لهذا النوع من الأفلام». وأشار إلى أنه لا يبدأ الكتابة بأفكار مسبقة عن الشخصيات، بل ينطلق من الحالات ثم يكتب عنها، مؤكداً تقديره للحوار في أفلامه، «فهو ليس مجرد كلمات، بل عنصر أساسي في بناء القصة وتشكيل الشخصيات». كما أشار إلى أنه واجه قيوداً في بعض أفلامه، مشدداً على أن السينما ليست مجرد صور متحركة، بل «فرصة لتسجيل لحظات الحياة الدقيقة وتسليط الضوء على التجربة الإنسانية». وتابع جيلان: «لعل أسلوبي الواقعي المتأني وصوري الشعرية يسعيان إلى اكتشاف الروح الإنسانية وما يعتريها وعلاقتها بالعالم».

وعبّر جيلان عن إعجابه بالكاتب المصري الراحل توفيق الحكيم، قائلاً إنه تعرّف إلى كتاباته بالمصادفة، ووجد فيها حكمة وعمقاً مختلفين، وتعلم منها الكثير، مضيفاً أنه يتطلع إلى مشاهدة الأفلام المأخوذة عن رواياته خلال وجوده في القاهرة.

وعلى الرغم من النجاح الذي حققته أفلامه والتقدير الذي لاقته عالمياً، قال جيلان: «أعمق ما تعلمته خلال مسيرتي أنني لا أعتبر نفسي مهماً ولا أمنح نفسي قيمة كبيرة، لكن الإنسانية مهمة بالنسبة لي». وأشار إلى أن «صناعة السينما اليوم أصبحت أصعب مقارنة بما كانت عليه قبل 20 عاماً، إذ يرفض المنتجون والموزعون تكاليفها العالية، كما تواجه الأفلام رفض المهرجانات والجمهور أحياناً». وأضاف أنه رغم أن إنجاز الأفلام يستغرق عامين بين التصوير ومراحل ما بعد الإنتاج، «فإنها تُباع في النهاية بنصف قيمتها الفعلية».

ويُعد نوري بيلغي جيلان (66 عاماً) أحد أبرز صناع السينما في العالم، إذ يجمع بين التصوير وكتابة السيناريو والإخراج والإنتاج. وقد درس السينما والتصوير الفوتوغرافي، وحازت أفلامه تقديراً محلياً ودولياً، حيث فاز فيلمه «بعيداً» (2002) بجائزة لجنة التحكيم الكبرى في مهرجان «كان»، إلى جانب 16 جائزة أخرى من مهرجانات مختلفة. كما تُوّج فيلمه «الأقاليم» (2006) بجائزة أفضل فيلم في مهرجان إسطنبول السينمائي، وحاز فيلمه «حدث ذات مرة في الأناضول» (2011) جائزة لجنة التحكيم الكبرى للمرة الثانية في مهرجان «كان» السينمائي.


مقالات ذات صلة

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان) play-circle 01:19

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة.

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق خلال حضورها حفل افتتاح مهرجان البحر الأحمر السينمائي (إدارة المهرجان)

نينا دوبريف تستعيد مسيرتها الفنية في «البحر الأحمر السينمائي»

بدت الممثلة البلغارية الكندية، نينا دوبريف، خلال ندوة خصصت لها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» وكأنها تعيد قراءة الطريق الذي قادها إلى التمثيل.

أحمد عدلي (جدة)
سينما «البحر الأحمر» يكشف عن أفلام سعودية جديدة

«البحر الأحمر» يكشف عن أفلام سعودية جديدة

افتتح مهرجان «البحر الأحمر» دورته الخامسة، يوم الخميس، بفيلم بريطاني الإنتاج عنوانه «عملاق» (Giant)، ويستمر حتى 13 من الشهر الحالي.

محمد رُضا (جدة)
يوميات الشرق كامل الباشا وأحمد مالك في أحد مشاهد فيلم «كولونيا» (الشركة المنتجة)

المخرج محمد صيام: «كولونيا» يطرح تساؤلات حول العلاقات الأسرية المتوترة

عبّر المخرج المصري محمد صيام عن سعادته بمشاركة فيلمه «كولونيا» بمهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الخامسة.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق صقلية في مراياها المتكسّرة (متروبوليس)

الأخوان تافياني في «متروبوليس»... سينما تُنصف مكانة الإنسان في العالم

الفنّ يستطيع أن يُحوّل القرية النائية والمزرعة الفقيرة والسجن المُغلق إلى مساحات مفتوحة على أسئلة عن الحرّية والسلطة والذنب والذاكرة...

فاطمة عبد الله (بيروت)

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
TT

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)

كشفت شرطة نيوزيلندا، التي أمضت 6 أيام في مراقبة كل حركة أمعاء لرجل متهم بابتلاع قلادة مستوحاة من أحد أفلام جيمس بوند من متجر مجوهرات، اليوم (الجمعة)، أنها استعادت القلادة المزعومة.

وقال متحدث باسم الشرطة إن القلادة البالغة قيمتها 33 ألف دولار نيوزيلندي ( 19 ألف دولار أميركي)، تم استردادها من الجهاز الهضمي للرجل مساء الخميس، بطرق طبيعية، ولم تكن هناك حاجة لتدخل طبي.

يشار إلى أن الرجل، البالغ من العمر 32 عاماً، والذي لم يكشف عن هويته، محتجز لدى الشرطة منذ أن زعم أنه ابتلع قلادة الأخطبوط المرصعة بالجواهر في متجر بارتريدج للمجوهرات بمدينة أوكلاند في 28 نوفمبر (تشرين الثاني)، وتم القبض عليه داخل المتجر بعد دقائق من السرقة المزعومة.

وكانت المسروقات عبارة عن قلادة على شكل بيضة فابرجيه محدودة الإصدار ومستوحاة من فيلم جيمس بوند لعام 1983 «أوكتوبوسي». ويدور جزء أساسي من حبكة الفيلم حول عملية تهريب مجوهرات تتضمن بيضة فابرجيه مزيفة.

وأظهرت صورة أقل بريقاً قدمتها شرطة نيوزيلندا يوم الجمعة، يداً مرتدية قفازاً وهي تحمل القلادة المستعادة، التي كانت لا تزال متصلة بسلسلة ذهبية طويلة مع بطاقة سعر سليمة. وقال متحدث إن القلادة والرجل سيبقيان في حوزة الشرطة.

ومن المقرر أن يمثل الرجل أمام محكمة مقاطعة أوكلاند في 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وقد مثل أمام المحكمة لأول مرة في 29 نوفمبر.

ومنذ ذلك الحين، تمركز الضباط على مدار الساعة مع الرجل لانتظار ظهور الدليل.


إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
TT

إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)

اختفت من وسط بيروت منحوتة «جدار الأمل» للفنان هادي سي، أحد أبرز أعمال الفضاء العام التي وُلدت من انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول). العمل الذي استقرّ منذ عام 2019 أمام فندق «لوغراي»، وتحوَّل إلى علامة بصرية على التحوّلات السياسية والاجتماعية، أُزيل من دون إعلان رسمي أو توضيح. هذا الغياب الفجائي لعمل يزن أكثر من 11 طناً يفتح الباب أمام أسئلة تتجاوز الشقّ اللوجستي لتطول معنى اختفاء رمز من رموز المدينة وواقع حماية الأعمال الفنّية في فضاء بيروت العام. وبين محاولات تتبُّع مصيره، التي يقودها مؤسِّس مجموعة «دلول للفنون» باسل دلول، يبقى الحدث، بما يحيطه من غموض، مُشرَّعاً على استفهام جوهري: بأيّ معنى يمكن لعمل بهذا الوزن المادي والرمزي أن يُزال من عمق العاصمة من دون تفسير، ولمصلحة أيّ سردية يُترك هذا الفراغ في المكان؟

من هنا عَبَر الأمل (صور هادي سي)

ليست «جدار الأمل» منحوتة جيء بها لتزيين وسط بيروت. فمنذ ولادتها خلال انتفاضة 17 أكتوبر، تحوَّلت إلى نقطة التقاء بين الذاكرة الجماعية والفضاء العام، وعلامة على رغبة اللبنانيين في استعادة مدينتهم ومخيّلتهم السياسية. بدت كأنها تجسيد لما كان يتشكّل في الساحات. للحركة، وللاهتزاز، وللممرّ البصري نحو مستقبل أراده اللبنانيون أقل التباساً. ومع السنوات، باتت المنحوتة شاهدة على الانفجار الكبير في المرفأ وما تبعه من تغيّرات في المزاج العام، وعلى التحوّلات التي أصابت الوسط التجاري نفسه. لذلك، فإنّ إزالتها اليوم تطرح مسألة حماية الأعمال الفنّية، وتُحيي النقاش حول القدرة على الاحتفاظ بالرموز التي صنعتها لحظة شعبية نادرة، وما إذا كانت المدينة تواصل فقدان معالمها التي حملت معنى، واحداً تلو الآخر.

في هذا الركن... مرَّ العابرون من ضيقهم إلى فسحة الضوء (صور هادي سي)

ويأتي اختفاء «جدار الأمل» ليعيد الضوء على مسار التشكيلي الفرنسي - اللبناني - السنغالي هادي سي، الذي حملت أعماله دائماً حواراً بين الذاكرة الفردية والفضاء المشترك. هاجس العبور والحركة وإعادة تركيب المدينة من شظاياها، شكّلت أساسات عالمه. لذلك، حين وضع عمله في قلب بيروت عام 2019، لم يكن يضيف قطعة إلى المشهد بقدر ما كان يُعيد صياغة علاقة الناس بالمدينة. سي ينتمي إلى جيل يرى أنّ الفنّ في الفضاء العام مساحة نقاش واحتكاك، ولهذا يصعب عليه أن يقرأ ما جرى على أنه حادثة تقنية، وإنما حدث يُصيب صميم الفكرة التي يقوم عليها مشروعه.

يروي باسل دلول ما جرى: «حين أُعيد افتتاح (لوغراي) في وسط بيروت، فضّل القائمون عليه إزالة المنحوتة». يُقدّم تفسيراً أولياً للخطوة، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «قبل 2019، كانت المنحوتة تستمدّ الكهرباء اللازمة لإضاءتها من الفندق وبموافقته. ثم تعاقبت الأحداث الصعبة فأرغمته على الإغلاق. ومع إعادة افتتاحه مؤخراً، طلب من محافظ بيروت نقل المنحوتة إلى مكان آخر». يصف دلول اللحظة قائلاً إنّ العملية تمّت «بشكل غامض بعد نزول الليل، إذ جِيء برافعة لإزالة العمل بلا إذن من أحد». أما اليوم، فـ«المنحوتة موجودة في ثكنة مُغلقة بمنطقة الكارنتينا».

كأنّ المدينة فقدت أحد أنفاسها (صور هادي سي)

دلول الذي يتابع مسارات فنانين، من بينهم هادي سي، لا يتردَّد في الإجابة بـ«نعم» حين نسأله إن كان يرى الحادثة «محاولة محو للذاكرة». يخشى أن تصبح الأعمال الفنّية في بيروت مهدَّدة كلّما حملت رمزية جماعية أو امتداداً لذاكرة سياسية لا ترغب المدينة في مواجهتها. يرفض أن يتحوَّل الفضاء العام إلى مساحة بلا سردية، ويُحزنه، كما يقول، صدور هذا الارتكاب عن فندق «يُطلق على نفسه أوتيل الفنّ»، حيث تتوزَّع اللوحات في أروقته ويتميَّز تصميمه الداخلي بحسّ فنّي واضح. ومع ذلك، يُبدي شيئاً من التفاؤل الحَذِر حيال مصير المنحوتة: «نُحاول التوصّل إلى اتفاق لإيجاد مكان لائق بها، ونأمل إعادتها إلى موقعها».

أما هادي سي، فلا يُخفي صدمته لحظة تلقّي الخبر: «شعرتُ كأنّ ولداً من أولادي خُطف منّي». نسأله: هل يبقى العمل الفنّي امتداداً لجسد الفنان، أم يبدأ حياته الحقيقية حين يخرج إلى العلن؟ فيُجيب: «بعرضه، يصبح للجميع. أردته رسالة ضدّ الانغلاق وكلّ ما يُفرّق. في المنحوتة صرخة تقول إنّ الجدار لا يحمينا، وإن شَقَّه هو قدرُنا نحو العبور».

كان الجدار مفتوحاً على الناس قبل أن تُغلق عليه ليلة بيروت (صور هادي سي)

ما آلَمَه أكثر هو غياب أيّ إشعار مُسبَق. فـ«منحوتة ضخمة تُزال بهذه الطريقة» جعلته يشعر بأنّ «الفنان في لبنان غير مُحتَرم ومُهدَّد». يؤكد أنّ «الفعل مقصود»، لكنه يمتنع عن تحديد أيّ جهة «لغياب الأدلّة».

يؤمن سي بأنّ الفنّ أقرب الطرق إلى الإنسان، والذاكرة، وإنْ مُحيَت من المكان، لا تُنتزع من أصحابها. كثيرون تواصلوا معه تعاطفاً، وقالوا إنهم لم يتعاملوا مع المنحوتة على أنها عمل للمُشاهدة فقط، وإنما مرّوا في داخلها كأنهم يخرجون من «رحم أُم نحو ولادة أخرى». لذلك يأمل أن تجد مكاناً يسمح بقراءتها من جديد على مستوى المعنى والأمل: «إنها تشبه بيروت. شاهدة على المآسي والنهوض، ولم تَسْلم من المصير المشترك».

من جهتها، تُشدّد مديرة المبيعات والتسويق في «لوغراي»، دارين مدوّر، على أنّ الفندق «مساحة لاحتضان الفنّ واستضافة المعارض ومواكبة الحركة الثقافية البيروتية». وتنفي لـ«الشرق الأوسط» أيّ علاقة للفندق بقرار إزالة المنحوتة: «الرصيف الذي وُضعت عليه لا يعود عقارياً لنا، ولا نملك سُلطة بتّ مصيرها. بُلِّغنا، كما الجميع، بتغيير موقعها، لا أكثر ولا أقل».


بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
TT

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة، وسط حضور كبير لنجوم وصنّاع السينما، يتقدمهم الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة، وجمانا الراشد، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي، إلى جانب أسماء سعودية بارزة في مجالات الإخراج والتمثيل والإنتاج.

ويواصل المهرجان، الذي يمتد من 4 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، ترسيخ موقعه مركزاً لالتقاء المواهب وصناعة الشراكات في المنطقة. وشهدت سجادة المهرجان الحمراء حضوراً مكثفاً لشخصيات سينمائية من مختلف دول العالم. وجذبت الجلسات الحوارية الأولى جمهوراً واسعاً من المهتمين، بينها الجلسة التي استضافت النجمة الأميركية كوين لطيفة، وجلسة للممثلة الأميركية كريستن دانست، وجلسة لنجمة بوليوود إيشواريا راي. وافتُتح المهرجان بفيلم «العملاق»، للمخرج البريطاني - الهندي روان أثالي، في عرضه الأول بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو فيلم يستعرض سيرة الملاكم البريطاني اليمني الأصل نسيم حميد بلقبه «ناز».

ويسعى المهرجان هذا العام إلى تقديم برنامج سينمائي متنوع يضم عروضاً عالمية مختارة، وأعمالاً من المنطقة تُعرض للمرة الأولى، إضافة إلى مسابقة رسمية تستقطب أفلاماً من القارات الخمس. كما يُقدّم سلسلة من الجلسات، والحوارات المفتوحة، وبرامج المواهب، التي تهدف إلى دعم الأصوات الجديدة وتعزيز الحضور العربي في المشهد السينمائي الدولي.