قالت الفنانة المصرية ليلى علوي إن رئاستها للجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة في «مهرجان الجونة السينمائي» بدورته الماضية، لم تكن مهمة سهلة، بل كانت تحدياً جديداً لها. وأكدت في حوار مع «الشرق الأوسط» أن التوافق بين أعضاء اللجنة حول الجوائز جاء بعد مناقشات عميقة واحترام متبادل للرأي الآخر، معبّرة عن سعادتها بالاحتفاء بالفنانة يسرا والمخرج الراحل يوسف شاهين، مشيرة إلى أن المعرض الذي استعرض مسيرة كلٍّ منهما كان أكثر من رائع.
وأضافت علوي أن رئاستها للجنة التحكيم كانت مسؤولية كبيرة ومهمة صعبة تتطلب تركيزاً وجهداً، لكنها في الوقت نفسه تجربة ممتعة وثريّة للغاية؛ إذ وضعتها في مواجهة سينمات من ثقافات مختلفة. وأوضحت أن التحدي الحقيقي لا يكمن في مشاهدة الأفلام فحسب، بل في رؤيتها بعين المشاهد المحايد، مع الاحتفاظ بعين الفنان الذي يقدّر الجهد المبذول في كل تفصيلة. واختتمت حديثها مؤكدة أنها تحب هذا النوع من التحديات الذي يجعلها ترى العالم من زوايا جديدة.

وتسجّل الفنانة ليلى علوي رؤيتها حول الأفلام المشاركة، والتي تراها بمثابة «نافذة على العالم»، قائلة: «لقد أصبحت الأفلام أكثر جرأة وصدقاً وإنسانية، ولم تعد تخشى تناول القضايا الحساسة أو المهمّشة، سواء كانت اجتماعية أو فردية أو تتعلق بالبحث عن الهوية، لتكون مرآة صادقة للواقع المعقّد الذي نعيشه».
وتلفت علوي إلى أن هناك توافقاً واضحاً بين أعضاء لجنة التحكيم رغم اختلاف خلفياتهم الفنية، مشيرة إلى أن هذا التوافق لم يتحقق إلا بعد مناقشات طويلة وعميقة سادها الاحترام المتبادل للرأي، ومضيفة: «كان هدفنا الأساسي أن نكافئ الفيلم الذي يستحق الجائزة بصدق وحيادية، وعندما وصلنا إلى القرار النهائي كنّا جميعاً على اقتناع تام به».
وتؤكد علوي أن أكثر ما لفت انتباهها هو الاستخدام الذكي والعميق للغة البصرية في أفلام اعتمدت على ميزانيات محدودة، لكن المخرجين استطاعوا بخيالهم وتوظيفهم الدقيق للصورة والصوت أن يقدموا أعمالاً فنية باهرة. وتقول: «هذا يؤكد أن الفكرة هي البطل الحقيقي، وأن الإبداع لا يرتبط بحجم الميزانية بقدر ما يرتبط بالشغف والصدق في الحكي». كما أشادت بمستوى الأداء التمثيلي العالي في كثير من الأفلام.
وبحكم كونها ممثلة، تقول ليلى علوي إنها تضع نفسها مكان كل ممثل على الشاشة بشكل تلقائي، فهي تتخيل الكواليس والتحديات التي واجهها الفنان ليصل إلى هذه الحالة؛ ما يجعلها تقدّر الأداء باعتباره رحلة ومغامرة عاشها الممثل مع الشخصية.
وتختم علوي حديثها بالإشارة إلى 3 عناصر أساسية تعتمدها في تقييم أي فيلم، وهي: أن يكون الفيلم صادقاً ومؤثراً، وأن تكون القصة متماسكة ومبتكرة، وأن يمتلك المخرج رؤية خاصة توظّف جميع العناصر (الصوت، الصورة، الإضاءة) في خدمة الحكاية. وتضيف: «إذا اجتمعت هذه العناصر الثلاثة في فيلم واحد، فحتماً سيترك أثراً قوياً لا يُنسى».

وحرصت الفنانة ليلى علوي على حضور الاحتفاء بصديقتها الفنانة يسرا، وبمئوية ميلاد المخرج الراحل يوسف شاهين. وعنهما تقول: «يسرا هي عِشرة العمر والأخت القريبة جداً من قلبي، وتذكرني بطعم البدايات والأيام الجميلة في السينما المصرية. تكريمها هو تكريم لفنانة حقيقية أثرت الفن العربي وأغنته بأعمالها. أما يوسف شاهين، فهو العبقري والأستاذ... رحمه الله، كان قيمة وقامة لا تُعوّضان. هو المتمرد والأب الروحي لجيل كامل من الفنانين، وأنا محظوظة لأنني عملت معه؛ فهو صاحب رؤية مصرية بامتداد عالمي».
وترى أن الاحتفاء بهما في «مهرجان الجونة» عبر تنظيم معرض عن مسيرة كلٍّ منهما، كان أكثر من رائع ومُستحقاً، «وهي طريقة حضارية جداً لنُعلّم الأجيال الجديدة قيمة الفن وتأثيره».

وشاركت الفنانة ليلى علوي في جلسة بعنوان «السينما ومذاق الحياة»، تحدّثت خلالها عن فيلم «خرج ولم يعد» (1984) للمخرج محمد خان، واصفة إياه بقولها: «هذا الفيلم قطعة من روحي، وهو مثال على بساطة الحكاية وعمق المعنى. يدور حول فكرة الهروب من تعقيدات المدينة إلى بساطة الحياة في الريف، والبحث عن الذات الحقيقية بعيداً عن التنافس اليومي».
وعن سبب غيابها عن دراما رمضان، أوضحت علوي أنها لم تستقر بعدُ على أي عمل درامي للموسم المقبل، قائلة: «لا أزال أقرأ أكثر من سيناريو، ولم أتخذ قراري الأخير بعد. أبحث عن سيناريو قوي يحقق طموحي الفني، ويقدّم شخصية مختلفة لم أقدّمها من قبل، تلمس الناس وتشبه قصصهم الحقيقية».

