كشفت دراسة دولية أن قردة الشمبانزي قادرة على تعديل معتقداتها بشكل عقلاني، عند حصولها على معلومات جديدة، في سلوك يعكس نمطاً من التفكير المنطقي كان يُعتقد سابقاً أنه يقتصر على الإنسان.
وأوضح الباحثون، بقيادة فريق من جامعة كاليفورنيا الأميركية وجامعة أوتريخت الهولندية، أن أهمية هذه النتائج تكمن في كونها تتحدى الفرضية التقليدية التي تفترض أن العقلانية سمة حصرية للبشر. ونُشرت النتائج، الخميس، بدورية «Science».
ويمتلك الشمبانزي قدرات معرفية مدهشة تُمكّنه من حل المشكلات والتعلّم بالملاحظة والتجربة؛ إذ يستطيع استخدام الأدوات لاستخراج الطعام، والتعرّف على نفسه في المرآة، وفهم الإشارات الاجتماعية ضمن مجموعته.
كما يُظهِر مهارات في التواصل واتخاذ القرار، ويستطيع التكيّف مع المواقف الجديدة بطريقة تُظهر فهماً للعلاقات السببية بين الأحداث.
واعتمد الباحثون منهجاً تجريبياً دقيقاً لاختبار قدرة الشمبانزي على مراجعة معتقداته عند مواجهة معلومات جديدة.
أُجريت التجارب في محمية نغامبا للشمبانزي في أوغندا، حيث خضع عدد من الحيوانات لاختبارات متكررة صُممت بعناية لضمان دقة النتائج واستبعاد أي تأثير للعوامل الخارجية.
وفي كل تجربة، وُضع أمام الشمبانزي صندوقان، أحدهما يحتوي على طعام.
تلقى الحيوان في البداية تلميحاً يُرجّح أحد الصندوقين كمصدر للمكافأة، وبعد فترة وجيزة، قُدمت له إشارة جديدة أقوى تشير إلى الصندوق الآخر. ومن خلال مراقبة استجابات الحيوانات، سجّل الباحثون ما إذا كان الشمبانزي سيغيّر اختياره استناداً إلى الأدلة الجديدة أم سيبقى متمسكاً بخياره الأول. المثير أن معظمهم غيّر اختياره وفقاً للمعلومات الجديدة.
وأظهرت الدراسة بالتفصيل أن الشمبانزي لا يتخذ قراراته عشوائياً أو بناءً على الغريزة وحدها، بل يعتمد على تقييم منطقي للأدلة المتاحة أمامه. وللتأكد من أن سلوك الشمبانزي ناتج عن تفكير عقلاني، وليس استجابة غريزية أو تفضيلاً للإشارة الأخيرة. استخدم الفريق نماذج حاسوبية لتحليل أنماط القرارات ومقارنتها باستراتيجيات مختلفة للتفكير. وقد ساعد هذا التحليل في تحديد ما إذا كان الحيوان يعتمد على عملية منطقية لمراجعة المعتقدات أم مجرد استجابة تلقائية للمؤثرات الحديثة.
وقالت الدكتورة إميلي سانفورد، الباحثة المشاركة في الدراسة من جامعة كاليفورنيا، إن «الشمبانزي أظهر قدرة على مراجعة معتقداته عندما توفرت أدلة أفضل، وهو نوع من التفكير المرن نربطه عادة بالأطفال في سن الرابعة. وكان من المثير أن نرى أن الشمبانزي قادر على ذلك أيضاً».
وأضافت عبر موقع الجامعة: «يمكن لهذا البحث أن يغيّر الطريقة التي نفكر بها في التعليم المبكر أو في تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي، فلا يجب أن نفترض أن الأطفال صفحة بيضاء عندما يدخلون الصف».
ويعتزم الفريق في المرحلة المقبلة مقارنة أداء الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عامين وأربعة أعوام في مهام مشابهة، بهدف رسم خريطة مقارنة لقدرات التفكير المنطقي عبر فروع التطور المختلفة.

