الطبيبة «وفاء»، هو الدور الذي تُجسّده الممثلة فرح بيطار في مسلسل «سلمى». ويُعدّ هذا العمل أولى تجاربها في الدراما المُعرّبة. تقول إنه اختصر مسيرتها الفنّية نسبةً إلى الانتشار الذي حقّقته من خلاله. كما فتح لها آفاقاً واسعة وأسَّس لشعبية فاجأتها بين لبنان والعالم العربي. اليوم، تُصوّر مسلسلاً آخر من هذا النوع بعنوان «بنت السفير». وهو، مثل سابقه، النسخة العربية عن دراما تركية لاقت النجاح عربياً.
فرح بيطار التي قدَّمت أعمالاً حُفرت في ذاكرة اللبنانيين، من بينها «غربة» و«التحدّي»، كانت تتابع الدراما المُعرّبة. فهل تمنَّت أن تُشارك فيها؟ تردّ لـ«الشرق الأوسط»: «طبعاً كنت أطمح لذلك، وأحدّثُ نفسي: لماذا لم يقع الاختيار عليَّ بعد؟ وعندما سنحت لي الفرصة من خلال (سلمى) فرحتُ كثيراً».
وتشير إلى أنه ما مِن ممثل لا يبدي إعجابه بدور لزميل. وهو أمر بديهي؛ لأنّ الفنان يبحث دائماً عن التطوّر: «أعتقد أنّ هذا الأمر يشكّل جزءاً من مهنتنا، ويُعبّر عن مدى حبّنا لها، خصوصاً إذا كنا نملك القدرات للقيام بذلك».

تصف تجربتها في «سلمى» بـ«الرائعة» رغم صعوبتها. فالبُعد عن لبنان وعائلتها الصغيرة آلمها. ولكنها في الوقت عينه خرجت بنتائج ممتازة على الصعيدَيْن المهني والشخصي. وتوضح: «بالنسبة إلى الشقّ المهني، ما حقّقته من انتشار لا يمكن مقارنته بأي عمل قدّمته. أما من الناحية الشخصية، فقد حظيتُ بصداقات لم تتوفّر لي من قبل مع زملاء المهنة. واليوم لديّ صديقتان رائعتان، وهما نانسي خوري (هيفا)، ورنا كرم (ديما). تجمعنا نقاط تشابُه كثيرة، ونفكر على موجة واحدة. يكفي أن أتذكّر أنّ هذه التجربة خرجتُ منها بصديقات العمر».
ولا تنسى بيطار التحدُّث عن الممثلة تقلا شمعون: «هي كتلة حنان، توزّع محبتها على الجميع. فما عشته معها خلال التصوير لم يسبق أن خضته بتجربة مماثلة في لبنان. كنا عائلة واحدة متحدة وجميلة. فالتجربة برمّتها تحمل إيجابيات عدّة. ورغم صعوبتها، عندما تصبحين خارجها تتمنين لو تدخلينها مرة ثانية».
وعن المشاركة في «ابنة السفير»، تقول: «شعرت بالسعادة من جديد، ولا سيما أنني بدأت أتذوّق طعم نجاح مشاركتي في (سلمى). أما دوري فيه، فيختلف تماماً عمّا سبق أن قدمته في مسيرتي، وحتى في (سلمى). أجسّد دور (رولا) التي نتعرّف إليها بشخصية معيّنة، ومن ثم تتبدّل تماماً. أعتقد أنه سيضيف أيضاً إلى مسيرتي».
يُلاحظ المشاهد العربي أنّ الأعمال الدرامية المُعرّبة باتت تُشبه في خيارات أبطالها تلك المُتّبعة في شركات إنتاج لبنانية. نُلاحظ الأسماء تتكرر، فهل برأيها أصابتها العدوى وصارت «الشللية» من قواعدها؟ تدافع فرح بيطار: «لا أعتقد ذلك أبداً. كل ما في الأمر أنّ المسؤولين عن عملية الإنتاج والكاستينغ باتوا يملكون فكرة واضحة عن شخصيات نجومهم. صاروا يدركون متى، وفي أي عمل يمكنهم الاستعانة بهم. وهو ما يُسهّل عليهم عملية تنفيذ العمل من دون إهدار الوقت للبحث عن ممثلين جُدد. لذلك نرى أحياناً وجوهاً تتكرّر في أكثر من عمل مُعرَّب. واللافت أنّ هذه الوجوه لا تؤدي أدواراً مُشابهة، مما يجعل كلّ إطلالة لها تتمتّع بخصوصيتها».

وعن شخصية الدكتورة «وفاء» التي تُجسّدها في «سلمى»، تقول: «عندما قرأتُ النصّ، شعرتُ للوهلة الأولى بأنّ الدور عادي. ولكن ما لبثت أن اكتشفت جوانب عدّة تلوّنه. فهي شابة عانت منذ صغرها من المجتمع الذكوري، وقد ترك أثره عليها. لذلك نراها ثائرة على معتقدات أو مبادئ راسخة في مجتمعنا. ويمكن القول إنّ الدور زوّدني بأبعاد مختلفة تتعلّق بحياتي اليومية، وحفّزني على الصعيدَيْن المهني والشخصي».
وعن سبب نجاح «سلمى» الذي يُعرض عبر منصة «شاهد» وقناة «إم بي سي»، رغم انتقادات كثيرة تتناوله؛ كون أحداثه درامية بامتياز، تتابع: «أدرك تماماً أنّ مجتمعنا العربي بات يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى فسحة كوميدية من خلال الإنتاجات الدرامية. لكن (سلمى) يُمثّل نماذج لنساء عديدات. يُقدّم المرأة المريضة والصلبة في آن، كذلك المرأة التقليدية التي يهمّها الزواج، وتلك الثائرة على المجتمع الذكوري، وأخرى ظلمتها الحياة بسبب تربية تلقّتها في منزل والديها. الأمثلة كثيرة، وكلّ واحدة تأخذنا إلى نمط نسائي معيّن. وبرأيي أنّ النجاح الذي حقّقه هو لأنه يخاطب نساء كثيرات يُشاهدنه».
تستمر فرح بيطار في تصوير «ابنة السفير» حتى مايو (أيار) المقبل، وهي مدّة أخرى ستمضيها بعيدة عن عائلتها. فهل تستعدّ لدفع ثمن باهظ مرة أخرى من أجل شغفها التمثيلي؟ تردّ: «في الحياة ثمة دائماً ثمن علينا أن ندفعه. حتى العائلة المثالية تدفع ثمن الاستمرارية من خلال تقديم التضحيات. وأرى أنّ المجال الفنّي تكثُر فيه المقايضات، فيضطرّ الممثل لأن يدفع الثمن مقابل استمراريته وتقديم الأفضل في مشواره».

