طوّر باحثون من جامعة سنغافورة الوطنية علاجاً مبتكراً قد يُحدث تحولاً جذرياً في علاج مرض التهاب الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي (MASH)، المعروف سابقاً باسم مرض الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD).
وأوضح الباحثون في النتائج التي نُشرت، الجمعة، بدورية «Science Advances» أن العلاج الجديد أظهر نتائج واعدة في تقليل الدهون والتليّف في الكبد.
ويصيب مرض التهاب الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي نحو رُبع سكان العالم، وينتج عن تراكم الدهون في خلايا الكبد بسبب اضطراب في عملية التمثيل الغذائي، وليس نتيجة تناول الكحول. ومع مرور الوقت، يؤدي هذا التراكم إلى التهاب وتليُّف الكبد، ما قد يتطور إلى فشل كبدي أو سرطان الكبد في الحالات الشديدة.
ويرتبط المرض غالباً بعوامل، مثل السمنة، وارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري من النوع الثاني، وارتفاع الكوليسترول، ويُعتبر من أبرز مظاهر المتلازمة الأيضية التي تنتشر على نطاق واسع عالمياً.
وحتى اليوم، لم تعتمد «إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)» سوى عقارين لعلاج المرض، يستفيد منهما نحو 30 في المائة فقط من المرضى، مما يعكس الحاجة الملحَّة إلى تطوير علاجات أكثر فعالية وأماناً. وطور الباحثون العلاج المبتكر الذي يعتمد على جزيئات نانوية ذكية صُممت خصيصاً لتقليد بنية الدهون الطبيعية في الجسم، مما يسمح لها باختراق خلايا الكبد واستهدافها بدقة عالية دون التأثير في الأنسجة السليمة.
ويعمل العلاج على نقل تعليمات جينية مصغّرة عبر تقنية الحمض النووي الريبي (RNA) لإيقاف نشاط الجينات المسؤولة عن تخزين الدهون الزائدة في الكبد، وهو ما يحد من تراكمها تدريجياً. وبمجرد دخول الجزيئات النانوية إلى الخلايا، تقوم بإسكات جين يُعرف باسم «SPTLC2»، المسؤول عن إنتاج مركبات «السيراميد»، وهي نوع من الدهون التي تؤدي زيادتها إلى تراكم الدهون في الكبد وحدوث الالتهاب والتليف.
وتُظهر الدراسات الأولية أن هذه الجزيئات لا تكتفي بتقليل تراكم الدهون فحسب، بل تساهم أيضاً في خفض الالتهاب وتثبيط التليف الكبدي من خلال إعادة توازن وظائف الخلايا الكبدية وتحسين عملية التمثيل الغذائي للدهون.
كما أثبت العلاج فعاليته في النماذج الحيوانية قصيرة الأمد وطويلة الأمد على حد سواء، دون أن يُحدث أي تأثيرات ضارة على الأعضاء الأخرى، بفضل تصميمه الحيوي المستوحى من الدهون الطبيعية؛ حيث يتحلل داخل الجسم بشكل آمن دون ترك آثار جانبية طويلة الأمد، في خطوة واعدة نحو علاج مستدام وآمن لمرض التهاب الكبد الدهني.
ووفقاً للباحثين، تمثل هذه النتائج بداية لعصر جديد من العلاجات النانوية التي يمكن أن توفر حلولاً أكثر دقة وأماناً لملايين المرضى حول العالم. كما تفتح المجال أمام استخدام هذا النهج لعلاج أمراض التمثيل الغذائي الأخرى مثل أمراض القلب والسمنة والسكري، نظراً لدور مركبات «السيراميد» في هذه الاضطرابات أيضاً.

