خالد يوسف: أتمنّى تقديم سيرة جمال عبد الناصر فنّياً

قال لـ«الشرق الأوسط» إنه لن يُكرّر تجربة الإخراج التلفزيوني

المخرج المصري خالد يوسف تحدَّث عن أعماله الفنّية المتنوّعة (الشرق الأوسط)
المخرج المصري خالد يوسف تحدَّث عن أعماله الفنّية المتنوّعة (الشرق الأوسط)
TT

خالد يوسف: أتمنّى تقديم سيرة جمال عبد الناصر فنّياً

المخرج المصري خالد يوسف تحدَّث عن أعماله الفنّية المتنوّعة (الشرق الأوسط)
المخرج المصري خالد يوسف تحدَّث عن أعماله الفنّية المتنوّعة (الشرق الأوسط)

أعرب المخرج المصري خالد يوسف عن أمنيته في تقديم مشروع فنّي عن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وأكد أنه لن يخوض تجربة الإخراج التلفزيوني مجدّداً إلا إذا كان عملاً يستحق وفي إطار المسلسلات القصيرة، مشدداً، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، على أنه بذل مجهوداً في مسلسل «سره الباتع» يوازي إنتاج 6 أفلام.

وعن عضويته في لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة برئاسة الفنان السوري غسان مسعود، في الدورة الثانية لمهرجان «بغداد السينمائي» التي انقضت قبل أيام، قال إنّ «المهرجان شهد توليفة أفلام متنوّعة تحمل في طياتها سحر السينما».

وتطرّق يوسف إلى الأُسس التي يعتمد عليها في تقييم الأعمال الفنّية، فأوضح أنه يبحث عن «أهمية الرؤية الفنّية والإضاءة والزوايا، والالتزام بالمعايير العلمية»، مؤكداً أنّ تقييمه يعتمد على طبيعة الجائزة المطروحة، فمثلاً عند الحكم على أفضل مخرج يركز على رؤية المخرج، وهل نجح في تقديمها بشكل متكامل من خلال إدارة الممثلين، والكاميرا، والزوايا، والإضاءة، وكلّ عناصر العمل.

المخرج المصري خالد يوسف والفنان السوري غسان مسعود (الشرق الأوسط)

وأضاف المخرج المصري: «إذا كان التقييم على التمثيل، فأرى كيفية أداء الممثلين وتقمّصهم للأدوار، وذلك وفق بنية درامية منضبطة خالية من الملل أو الإطالة. ونطبّق الضوابط والمعايير للوصول إلى قرار اللجنة، الذي يعبّر في النهاية عن وجهة نظرها الشخصية، وقد تختلف إذا عُرضت الأعمال عينها على لجنة أخرى».

وعن تجربته في الدراما التلفزيونية من خلال مسلسل «سره الباتع»، قال إن «تجربة العمل على 30 حلقة كانت مرهقة جداً، رغم أنّ العمل نفسه كان يستحقّ العناء»، مؤكداً: «لن أخوض تجربة الإخراج التلفزيوني مجدّداً، إلا إذا كان مشروعاً يستحقّ وفي إطار المسلسلات القصيرة فقط»، لافتاً إلى أنه بذل مجهوداً في مسلسله الدرامي الأول ما يعادل إنتاج 6 أفلام.

وأبدى يوسف رأيه في نصيحة المخرج الراحل يوسف شاهين للفنانين بعدم العمل في التلفزيون، فقال: «هذه النصيحة كانت صحيحة في وقتها، نظراً إلى بدائية الدراما التلفزيونية حينها واعتمادها على الأداء النصّي من دون وجود رؤية»، موضحاً أنّ «المنصات الرقمية نقلت الدراما إلى مستوى أقرب إلى السينما، إذ يمكن مشاهدة حلقات قصيرة كأنها فيلم طويل، وأعتقد أنه إذا كان يوسف شاهين على قيد الحياة لتبدَّل رأيه».

خالد يوسف وحسين فهمي في كواليس تصوير «الإسكندراني» (صفحة يوسف في «فيسبوك»)

وعن انتمائه الناصري المعروف عنه، ورغم ذلك لم يقدّم عملاً فنّياً عن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، أوضح خالد يوسف أنّ «تقديم شخصية ناصر أمنية ومشروع فنّي، ولكن لا يوجد مَن هو على قدره، فالمشروع ضخم يتطلّب حساب كلّ خطوة بعناية، حتى إنّ يوسف شاهين نفسه قال إنه لا يستطيع تقديمه»، مضيفاً أنّ «تقديم أسطورته التي تشبه أسطورة غاندي في عمل فنّي أمر صعب، ويحتاج إلى تحضيرات دقيقة، مع الإشارة إلى أنّ الأعمال التي تناولت شخصيته محل تقدير وإشادة، فهو ظاهرة يمكن تناولها بأكثر من وجهة نظر».

ووصف واقع السينما المصرية والعربية بأنه «يعكس واقع الأمة العربية»، مضيفاً أنّ «المجتمع يعيش حالة متكرّرة من الهزيمة واليأس والعربدة الإسرائيلية التي لا تحترم أي مواثيق دولية، ما ينعكس على المناخ الثقافي والفنّي والعلمي الذي يتطلَّب نهضة متكاملة تحوّل المشهد بشكل كلّي».

وعن مقارنة كيان «السينما المصرية» بدول مثل الهند أو أميركا رغم مشكلاتهم الاقتصادية، أوضح يوسف أن «هذه الكيانات تدعم الفنّ والسينما في هوليوود وبوليوود، ورغم الظروف الاقتصادية، فإنهما لم يتعرَّضا للهزيمة مثل ما نتعرَّض له من يأس وإحباط ونظرة سوداوية للمستقبل».

وتطرق خالد يوسف إلى فيلمه «حين ميسرة»، مؤكداً أنه «الأقرب إلى وجدانه لأنه يعبّر عن قضايا الفقراء، وهو من أكثر الأعمال التي عبَّرت عن هموم المستضعفين على الأرض».

وتوقّف عند مواقفه الشخصية في الفنّ والسياسة: «لن أغيّر قناعاتي ودفعت مقابل ذلك ضرائب باهظة بضمير مطمئن، لأنني دائم التشبُّث بمواقفي من دون موازنات»، مؤكداً أنه لم يدخل أروقة السياسة بمنطق السياسي، «بل بمنطق الفنان الحالم الذي يريد أن يرى العالم مدينة فاضلة، ومن الطبيعي أن أواجه صدامات ومشكلات».

وعن الانتقادات التي تلقاها في بعض أعماله، شدَّد خالد يوسف على أنه لم ولن يغيّر رأيه أو موقفه، حتى لو تعرَّض لانتقادات أو ضغوط، مؤكداً أن الصدق مع الذات أهم من كل حساب آخر.

وكشف عن رؤيته تجاه المَشاهد التي وُصفت بالجريئة في أفلامه السابقة، مؤكداً أنه إذا عاد به الزمن سيواصل تقديمها، مشدداً على أنه لا يراها «قليلة الأدب»، بل قُدّمت باحترام شديد، لافتاً إلى أنّ «المجتمع بات أكثر تحفظاً وحساسية، حتى إنّ القضايا المهمّة التي يطرحها الفيلم أحياناً تُغفل لمصلحة التركيز على المَشاهد الجسدية. وأنا غير مستعدّ للتجاوب مع هذه المبالغات في التحفُّظ، فلكلّ فنان قناعاته التي يلتزم بها مهما كان الوضع».

وتطرق يوسف إلى الجدل الذي شهده الوسط الفني بين الفنانَيْن بيومي فؤاد وأحمد العوضي، وتأكيد كل منهما على أنه بطل فيلم «الإسكندراني»، إذ أكد مخرج الفيلم أنّ «البطل هو (الإسكندراني) نفسه، فالسينما فنّ جماعي تتضافر فيه كلّ العناصر، وما قيل كان معركة مفتعلة وهامشية اقتاتت منها مواقع التواصل».

فيلم «الإسكندراني» من إخراج خالد يوسف (الشركة المُنتجة)

وأشار إلى أنّ المنشورات المثيرة، التي تتعلّق بالشتائم أو الاستهزاء، تلقى رواجاً وتهدُر الطاقة والوقت، وقال إنه تعرَّض شخصياً لبعض التجاوزات غير المُحتملة على وسائل التواصل، وأقام دعاوى قانونية وكسب بعضها، لكنه أكد أنه لا يمكنه متابعة كلّ شيء على الإنترنت وملاحقة كلّ مَن يخطئ.

وعن حلمه الفنّي، «الأندلس»، كشف خالد يوسف عن أنه «طال انتظاره، ولم أتمكن حتى الآن من تأمين الإنتاج الكافي لبدء العمل عليه، فأنا مصمّم على تقديمه بمستوى عالمي يجعله يصل إلى جمهور دولي، مع الحفاظ على اللغة العربية في السيناريو والحوار الذي كتبته بلهجة بيضاء أقرب إلى العامية منهما إلى الفصحى، فتكون مفهومة وواضحة للناس من دون تعقيد».

وعن الانتقادات التي تتعرَّض لها أعماله، ردَّ: «أعمل ما أشعر به، والكلمة التي أطرحها في السوق يجب أن تُحدث جدلاً، ليس الجدل العقيم، بل العلمي الذي يحفّز على التأمُّل والنقاش، وهذا هو هدف الفنّ».

وختاماً كشف خالد يوسف عن أنّ فيلمه المقبل سيكون بعنوان «خطوات الخوف»، موضحاً أنه يناقش الخوف على أنه محرّك أساسي في حياة البشر، وكيف يؤثر في تصرفاتهم اليومية، من خوف الأب على أولاده، وخوف الحكومة من الشعب، وخوف اللص من الشرطة، وصولاً إلى خوف كلّ إنسان من المرض أو الموت.


مقالات ذات صلة

ظافر العابدين: وافقت على «السلم والثعبان 2» من باب الفضول

خاص الفنان التونسي ظافر العابدين (حسابه على «فيسبوك»)

ظافر العابدين: وافقت على «السلم والثعبان 2» من باب الفضول

أكد الفنان التونسي ظافر العابدين أن مشاركته بالجزء الثاني من فيلم «السلم والثعبان» المعروض حالياً بالصالات السينمائية ارتبطت بعدة عوامل منها إعجابه بالجزء الأول

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق سينتيا زافين تُصغي إلى ذاكرتها قبل أن تتحدَّث (الشرق الأوسط)

موسيقى الأفلام بين استقلالها عن الصورة وذوبانها فيها

اللقاء كان واحداً من أبرز محطّات أسبوع «مهرجان بيروت لأفلام الفنّ»، من تنظيم أليس مغبغب...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق طارق العريان مخرج فيلم «السلم والثعبان» (صفحته على «فيسبوك»)

طارق العريان: «السلم والثعبان 2» يعالج الملل والاعتياد في الحياة الزوجية

قال المخرج المصري، طارق العريان، إن فكرة تقديم جزء ثانٍ من فيلم «السلم والثعبان» الذي عرض عام 2001 لم تكن مطروحة في البداية.

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا المحبوب عبد السلام خلال المقابلة (الشرق الأوسط)

البشير أيّد تصفية منفذي محاولة اغتيال مبارك «لطمس الأدلة»

يروي الدكتور المحبوب عبد السلام، أحد أبرز المقربين من منظر انقلاب 1989 الدكتور حسن الترابي، تفاصيل دقيقة عن مسار الحركة الإسلامية في السودان وتحولها من تنظيم

غسان شربل (القاهرة)
العالم السفير أنطونيو دي ألميدا ريبيرو الأمين العام المكلّف للمركز (كايسيد)

جنيف تستضيف «المنتدى الأوروبي للحوار بشأن سياسات اللاجئين والمهاجرين» الاثنين

ينظّم مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار (كايسيد) أعمال النسخة السادسة من «المنتدى الأوروبي للحوار بشأن سياسات اللاجئين والمهاجرين 2025» في جنيف.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
TT

إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)

اختفت من وسط بيروت منحوتة «جدار الأمل» للفنان هادي سي، أحد أبرز أعمال الفضاء العام التي وُلدت من انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول). العمل الذي استقرّ منذ عام 2019 أمام فندق «لوغراي»، وتحوَّل إلى علامة بصرية على التحوّلات السياسية والاجتماعية، أُزيل من دون إعلان رسمي أو توضيح. هذا الغياب الفجائي لعمل يزن أكثر من 11 طناً يفتح الباب أمام أسئلة تتجاوز الشقّ اللوجستي لتطول معنى اختفاء رمز من رموز المدينة وواقع حماية الأعمال الفنّية في فضاء بيروت العام. وبين محاولات تتبُّع مصيره، التي يقودها مؤسِّس مجموعة «دلول للفنون» باسل دلول، يبقى الحدث، بما يحيطه من غموض، مُشرَّعاً على استفهام جوهري: بأيّ معنى يمكن لعمل بهذا الوزن المادي والرمزي أن يُزال من عمق العاصمة من دون تفسير، ولمصلحة أيّ سردية يُترك هذا الفراغ في المكان؟

من هنا عَبَر الأمل (صور هادي سي)

ليست «جدار الأمل» منحوتة جيء بها لتزيين وسط بيروت. فمنذ ولادتها خلال انتفاضة 17 أكتوبر، تحوَّلت إلى نقطة التقاء بين الذاكرة الجماعية والفضاء العام، وعلامة على رغبة اللبنانيين في استعادة مدينتهم ومخيّلتهم السياسية. بدت كأنها تجسيد لما كان يتشكّل في الساحات. للحركة، وللاهتزاز، وللممرّ البصري نحو مستقبل أراده اللبنانيون أقل التباساً. ومع السنوات، باتت المنحوتة شاهدة على الانفجار الكبير في المرفأ وما تبعه من تغيّرات في المزاج العام، وعلى التحوّلات التي أصابت الوسط التجاري نفسه. لذلك، فإنّ إزالتها اليوم تطرح مسألة حماية الأعمال الفنّية، وتُحيي النقاش حول القدرة على الاحتفاظ بالرموز التي صنعتها لحظة شعبية نادرة، وما إذا كانت المدينة تواصل فقدان معالمها التي حملت معنى، واحداً تلو الآخر.

في هذا الركن... مرَّ العابرون من ضيقهم إلى فسحة الضوء (صور هادي سي)

ويأتي اختفاء «جدار الأمل» ليعيد الضوء على مسار التشكيلي الفرنسي - اللبناني - السنغالي هادي سي، الذي حملت أعماله دائماً حواراً بين الذاكرة الفردية والفضاء المشترك. هاجس العبور والحركة وإعادة تركيب المدينة من شظاياها، شكّلت أساسات عالمه. لذلك، حين وضع عمله في قلب بيروت عام 2019، لم يكن يضيف قطعة إلى المشهد بقدر ما كان يُعيد صياغة علاقة الناس بالمدينة. سي ينتمي إلى جيل يرى أنّ الفنّ في الفضاء العام مساحة نقاش واحتكاك، ولهذا يصعب عليه أن يقرأ ما جرى على أنه حادثة تقنية، وإنما حدث يُصيب صميم الفكرة التي يقوم عليها مشروعه.

يروي باسل دلول ما جرى: «حين أُعيد افتتاح (لوغراي) في وسط بيروت، فضّل القائمون عليه إزالة المنحوتة». يُقدّم تفسيراً أولياً للخطوة، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «قبل 2019، كانت المنحوتة تستمدّ الكهرباء اللازمة لإضاءتها من الفندق وبموافقته. ثم تعاقبت الأحداث الصعبة فأرغمته على الإغلاق. ومع إعادة افتتاحه مؤخراً، طلب من محافظ بيروت نقل المنحوتة إلى مكان آخر». يصف دلول اللحظة قائلاً إنّ العملية تمّت «بشكل غامض بعد نزول الليل، إذ جِيء برافعة لإزالة العمل بلا إذن من أحد». أما اليوم، فـ«المنحوتة موجودة في ثكنة مُغلقة بمنطقة الكارنتينا».

كأنّ المدينة فقدت أحد أنفاسها (صور هادي سي)

دلول الذي يتابع مسارات فنانين، من بينهم هادي سي، لا يتردَّد في الإجابة بـ«نعم» حين نسأله إن كان يرى الحادثة «محاولة محو للذاكرة». يخشى أن تصبح الأعمال الفنّية في بيروت مهدَّدة كلّما حملت رمزية جماعية أو امتداداً لذاكرة سياسية لا ترغب المدينة في مواجهتها. يرفض أن يتحوَّل الفضاء العام إلى مساحة بلا سردية، ويُحزنه، كما يقول، صدور هذا الارتكاب عن فندق «يُطلق على نفسه أوتيل الفنّ»، حيث تتوزَّع اللوحات في أروقته ويتميَّز تصميمه الداخلي بحسّ فنّي واضح. ومع ذلك، يُبدي شيئاً من التفاؤل الحَذِر حيال مصير المنحوتة: «نُحاول التوصّل إلى اتفاق لإيجاد مكان لائق بها، ونأمل إعادتها إلى موقعها».

أما هادي سي، فلا يُخفي صدمته لحظة تلقّي الخبر: «شعرتُ كأنّ ولداً من أولادي خُطف منّي». نسأله: هل يبقى العمل الفنّي امتداداً لجسد الفنان، أم يبدأ حياته الحقيقية حين يخرج إلى العلن؟ فيُجيب: «بعرضه، يصبح للجميع. أردته رسالة ضدّ الانغلاق وكلّ ما يُفرّق. في المنحوتة صرخة تقول إنّ الجدار لا يحمينا، وإن شَقَّه هو قدرُنا نحو العبور».

كان الجدار مفتوحاً على الناس قبل أن تُغلق عليه ليلة بيروت (صور هادي سي)

ما آلَمَه أكثر هو غياب أيّ إشعار مُسبَق. فـ«منحوتة ضخمة تُزال بهذه الطريقة» جعلته يشعر بأنّ «الفنان في لبنان غير مُحتَرم ومُهدَّد». يؤكد أنّ «الفعل مقصود»، لكنه يمتنع عن تحديد أيّ جهة «لغياب الأدلّة».

يؤمن سي بأنّ الفنّ أقرب الطرق إلى الإنسان، والذاكرة، وإنْ مُحيَت من المكان، لا تُنتزع من أصحابها. كثيرون تواصلوا معه تعاطفاً، وقالوا إنهم لم يتعاملوا مع المنحوتة على أنها عمل للمُشاهدة فقط، وإنما مرّوا في داخلها كأنهم يخرجون من «رحم أُم نحو ولادة أخرى». لذلك يأمل أن تجد مكاناً يسمح بقراءتها من جديد على مستوى المعنى والأمل: «إنها تشبه بيروت. شاهدة على المآسي والنهوض، ولم تَسْلم من المصير المشترك».

من جهتها، تُشدّد مديرة المبيعات والتسويق في «لوغراي»، دارين مدوّر، على أنّ الفندق «مساحة لاحتضان الفنّ واستضافة المعارض ومواكبة الحركة الثقافية البيروتية». وتنفي لـ«الشرق الأوسط» أيّ علاقة للفندق بقرار إزالة المنحوتة: «الرصيف الذي وُضعت عليه لا يعود عقارياً لنا، ولا نملك سُلطة بتّ مصيرها. بُلِّغنا، كما الجميع، بتغيير موقعها، لا أكثر ولا أقل».


بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
TT

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة، وسط حضور كبير لنجوم وصنّاع السينما، يتقدمهم الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة، وجمانا الراشد، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي، إلى جانب أسماء سعودية بارزة في مجالات الإخراج والتمثيل والإنتاج.

ويواصل المهرجان، الذي يمتد من 4 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، ترسيخ موقعه مركزاً لالتقاء المواهب وصناعة الشراكات في المنطقة. وشهدت سجادة المهرجان الحمراء حضوراً مكثفاً لشخصيات سينمائية من مختلف دول العالم. وجذبت الجلسات الحوارية الأولى جمهوراً واسعاً من المهتمين، بينها الجلسة التي استضافت النجمة الأميركية كوين لطيفة، وجلسة للممثلة الأميركية كريستن دانست، وجلسة لنجمة بوليوود إيشواريا راي. وافتُتح المهرجان بفيلم «العملاق»، للمخرج البريطاني - الهندي روان أثالي، في عرضه الأول بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو فيلم يستعرض سيرة الملاكم البريطاني اليمني الأصل نسيم حميد بلقبه «ناز».

ويسعى المهرجان هذا العام إلى تقديم برنامج سينمائي متنوع يضم عروضاً عالمية مختارة، وأعمالاً من المنطقة تُعرض للمرة الأولى، إضافة إلى مسابقة رسمية تستقطب أفلاماً من القارات الخمس. كما يُقدّم سلسلة من الجلسات، والحوارات المفتوحة، وبرامج المواهب، التي تهدف إلى دعم الأصوات الجديدة وتعزيز الحضور العربي في المشهد السينمائي الدولي.


السعودية تحصد 6 جوائز في «التميز الحكومي العربي 2025»

جانب من حفل جائزة التميز الحكومي العربي 2025 (الشرق الأوسط)
جانب من حفل جائزة التميز الحكومي العربي 2025 (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تحصد 6 جوائز في «التميز الحكومي العربي 2025»

جانب من حفل جائزة التميز الحكومي العربي 2025 (الشرق الأوسط)
جانب من حفل جائزة التميز الحكومي العربي 2025 (الشرق الأوسط)

حقّقت السعودية إنجازاً جديداً في مسيرة التطوير والابتكار الحكومي، بحصدها 6 جوائز، ضمن جائزة التميز الحكومي العربي 2025، في حفل أقيم بمقر جامعة الدول العربية في القاهرة، بما يعكس التقدم المتسارع في كفاءة العمل الحكومي السعودي وتبنيه أعلى المعايير العالمية في الإدارة والخدمات.

وفازت السعودية في الدورة الحالية عن فئات «أفضل هيئة أو مؤسسة حكومية عربية»، و«أفضل مبادرة عربية لتطوير التعليم»، و«أفضل مبادرة عربية لتطوير القطاع الصحي»، و«أفضل تطبيق حكومي عربي ذكي»، إلى جانب فئتي «أفضل مدير عام لهيئة أو مؤسسة عربية».

كما تضمنت الجوائز، التي حققتها السعودية، جائزة «أفضل موظفة حكومية عربية»، حيث فازت بدور خوجة، مدير وحدة الإثبات والتطبيق في إدارة الذكاء الاصطناعي بوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، تقديراً لدورها في توظيف التقنيات الحديثة في تحسين كفاءة الخدمات الحكومية.

نماذج حكومية

وشمل الحفل تكريم 26 فائزاً من النماذج الحكومية المتميزة، قدّموا مشاريع ومبادرات وُصفت بالملهمة في تطوير الخدمات وتحسين جودة حياة المواطن العربي. واستحدثت الجائزة في هذه الدورة فئة جديدة بعنوان «أفضل مبادرة عربية لتصفير البيروقراطية» ضمن الفئات المؤسسية، في ترجمة للتوجه المتزايد نحو تبسيط الإجراءات الحكومية واعتماد حلول رقمية مرنة وسريعة.

أكّد محمد القرقاوي، رئيس مجلس أمناء الجائزة، أن «جائزة التميز الحكومي العربي» تهدف إلى تطوير الخدمات، وتكريم الشخصيات، وإلهام الحكومات، وإبراز التجارب الناجحة في العالم العربي، مشدداً على أن «الغاية الأولى والأخيرة هي خدمة الناس وتحسين حياتهم».

وأوضح أن الحكومات القادرة على قيادة العقد المقبل هي تلك التي تتبنى عقلية القطاع الخاص في المرونة وسرعة الاستجابة للمتغيرات والتركيز على المتعاملين، والنظر إلى التحديات بوصفها فرصاً للنمو والتطور، معتبراً أن المرونة والاستباقية «مسيرة دائمة في التميز الحكومي، وليستا إصلاحات جزئية».

وأشار القرقاوي إلى أن استحداث فئة «أفضل مبادرة عربية لتصفير البيروقراطية»، ما ينسجم مع هدف خلق خدمات حكومية بسيطة ومرنة وخالية من التعقيدات، كاشفاً عن قفزة كبيرة في حجم المشاركة بهذه الدورة، حيث ارتفع عدد المشاركات إلى نحو 14.9 ألف مشاركة عربية، مقابل نحو 5 آلاف في الدورة الأولى، وقفزت طلبات الترشح من 1500 طلب إلى أكثر من 6.6 ألف طلب في الدورة الحالية، في مؤشر على تنامي الوعي العربي بأهمية التميز الحكومي، وتعزيز الإصرار على مواصلة «رحلة التميز» على مستوى المنطقة.

الفائزون في صورة تذكارية جماعية (الشرق الأوسط)

منبر للاحتفاء

من جانبه، أكّد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن الجائزة أصبحت «منبراً للاحتفاء بالعطاء والإبداع والابتكار في العمل الحكومي»، موضحاً أنها لا تقتصر على لحظة تكريم، بل تمثل «رسالة ونداءً» لكل المستويات الحكومية بأن المبادرة إلى تغيير الواقع وتطويره أمر ممكن وواجب في آن واحد. وشدّد على أن روح المبادرة وجرأة تغيير الواقع إلى الأفضل «هي الروح المطلوبة في العمل الحكومي»، وأن الالتزام الأول لأي مسؤول عربي هو البحث عن سبل تحسين أداء المؤسسة التي يقودها، بما ينعكس على رفاه المواطن وجودة حياته.

26 فائزاً

وعلى مستوى النتائج الإجمالية، توزعت قائمة الفائزين بين عدد من الدول العربية؛ إذ بلغ عدد المكرمين 26 فائزاً، بينهم 6 من السعودية، فيما حصدت الأردن 4 جوائز، من بينها وزارة الصناعة والتجارة والتموين، ودائرة الجمارك الأردنية، ومشروع «شباب قادر على التكيف مع التغيرات ومُمكَّن اجتماعياً واقتصادياً»، إلى جانب تتويج الدكتور يوسف الشواربة، أمين عمّان، بجائزة «أفضل مدير بلدية في المدن العربية».

ونالت البحرين 3 جوائز عبر مشروع «الخدمات الإسكانية الإلكترونية التكاملية» بوزارة الإسكان والتخطيط العمراني، والبرنامج الوطني لتدريب وتأهيل المعلمين الجدد، إضافة إلى مبادرة «التدريب الزراعي» ضمن فئة التكريم الخاص.

وحصدت عُمان 3 جوائز، تمثلت في فوز سلطان الحبسي، وزير المالية، بجائزة «أفضل وزير عربي»، وتكريم عبد الرحمن البوسعيدي، مدير مشروع الإدارة الذكية في وزارة العمل، بجائزة «أفضل موظف حكومي عربي»، إلى جانب مبادرة «قدرات» بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية في شناص كإحدى أبرز مبادرات تمكين الشباب.

فيما ذهبت جائزتان لدولة الكويت عبر الهيئة العامة لمكافحة الفساد «نزاهة» عن مبادرتها لتطوير العمل الحكومي، وتطبيق «سهل» الحكومي.

وسجّلت مصر حضوراً لافتاً بـ5 جوائز ومبادرات، من أبرزها منظومة البنية المعلوماتية للتطعيمات بوزارة الصحة والسكان، ومشروع تنمية جنوب الوادي بتوشكى، ومبادرة تطوير «حي الأسمرات»، إلى جانب تكريم لمياء مصطفى من شركة مياه الشرب بالإسكندرية عن فئة «أفضل موظفة حكومية عربية».

كما شملت قائمة الفائزين منظومة «الحياة المدرسية» في تونس، ومبادرة «الخدمات الصحية الحكومية» من وزارة الصحة في فلسطين، ومبادرة «العودة إلى التعليم» من وزارة التربية في العراق، بما يعكس طيفاً واسعاً من المشاريع التنموية في التعليم والصحة والبنية التحتية وتمكين الشباب على امتداد العالم العربي.