تساؤلات وانتقادات بشأن غياب «نجوم بارزين» عن «الموسيقى العربية» بمصر

عاصي الحلاني وأنغام وأصالة وتامر عاشور من بينهم

دار الأوبرا المصرية (وزارة الثقافة)
دار الأوبرا المصرية (وزارة الثقافة)
TT

تساؤلات وانتقادات بشأن غياب «نجوم بارزين» عن «الموسيقى العربية» بمصر

دار الأوبرا المصرية (وزارة الثقافة)
دار الأوبرا المصرية (وزارة الثقافة)

بعد إعلان تفاصيل الدورة الجديدة رقم 33 من مهرجان الموسيقى العربية، المقرر عقده في القاهرة خلال الفترة من 16 إلى 25 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أثيرت تساؤلات حول غياب بعض نجوم الغناء الذين اعتادوا المشاركة بالمهرجان، من بينهم أنغام وأصالة وعاصي الحلاني وتامر عاشور، كما ظهرت انتقادات لأسعار التذاكر التي وصلت إلى 5 آلاف جنيه (الدولار يساوي نحو 48 جنيهاً مصرياً).

وأعلن رئيس دار الأوبرا المصرية، الدكتور علاء عبد السلام، تفاصيل الدورة الجديدة من المهرجان، الذي يتولى رئاسته ويديره المايسترو تامر غنيم، وأوضح بيان للأوبرا أن «الدورة 33 يشارك فيها 83 فناناً و41 باحثاً من 15 دولة، وسيتم خلالها تكريم 11 شخصية، وتحمل الدورة اسم (أم كلثوم) بمناسبة استعادة الذكرى الخمسين لرحيل (كوكب الشرق)».

وخلال المؤتمر الصحافي الخاص بالدورة، أجاب رئيس المهرجان عن سبب غياب نجمات مثل أنغام وأصالة عن فعاليات هذا العام، موضحاً أن إدارة المهرجان تواصلت معهما بالفعل، لكن تضارب المواعيد حال دون مشاركتهما، مؤكداً أن إدارة المهرجان كانت تتمنى مشاركة النجمتين، وفق ما نشرته وسائل إعلام محلية.

ويفتتح المهرجان فعالياته بحفل للفنانة آمال ماهر، ويشارك فيه مدحت صالح، ووائل جسار (لبنان)، وهاني شاكر، وعمر خيرت، ومحمد الحلو، وريهام عبد الحكيم، وعلي الحجار، ومروة ناجي، ومحمد ثروت، ومي فاروق، وسوما، وصابر الرباعي (تونس)، وسهيلة بهجت، وفؤاد زبادي (المغرب)، ونادية مصطفى، وحنين الشاطر، وحسام حسني، وكنزي، وفرح الموجي، وأسماء كمال، وعمرو سليم، وآيات فاروق، ومحمد حسن، ومؤمن خليل، ورحاب مطاوع، وغيرهم من الفنانين.

ويرى الناقد الموسيقى المصري أحمد السماحي أن المهرجان «يجب أن يعمل على تجديد دمائه وتغيير نمط المطربين الذين يستضيفهم»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «ليس مقرراً أن تحضر مجموعة من النجوم كل عام للمهرجان، فمطربون مثل أنغام وأصالة وعاصي الحلاني وتامر عاشور موجودون في حفلات كثيرة، وفي رأيي أنه تجب استضافة هؤلاء النجوم الكبار على فترات، وليس كل عام، حتى يشتاق لهم الجمهور».

مهرجان الموسيقى العربية في دورته 33 (دار الأوبرا المصرية)

ويضيف السماحي: «ما يحسب للمهرجان فعلاً أنه استعاد محمد الحلو بعد سنوات من الغياب، كما استعاد محمد ثروت بعد غياب أيضاً، والعذر الوحيد لتكرار نجمين كبيرين مثل علي الحجار ومحمد ثروت أنهما لا يشاركان كثيراً في مهرجانات عربية»، ولفت السماحي إلى تكرار الضيوف العرب على المهرجان أيضاً، موضحاً: «هناك أصوات في غاية الجمال والقوة والتفرد في الوطن العربي، ورغم احترامي لمطربين كبار أرى أصواتهم رائعة وفي غاية العذوبة والنقاء، مثل صابر الرباعي وفؤاد زبادي ولطفي بوشناق ووائل جسار، لكن من المؤكد أن هناك أسماء أخرى يمكن استضافتها من تونس والمغرب ولبنان وغيرها من الأقطار العربية».

وتم الإعلان عن أسعار تذاكر حفلات المهرجان التي تقام في مسارح دار الأوبرا المصرية بالقاهرة والإسكندرية ودمنهور، وتتراوح بين 500 إلى 5 آلاف جنيه في الحفل الواحد، وفقاً للمطرب الذي يحيي الحفل وأماكن الجلوس.

ووجهت انتقادات سوشيالية للمهرجان، من بينها ما كتبته الصحافية المصرية هبة محمد علي: «وعود إن المهرجان هيستقطب أسماء مهمة السنة دي للأسف لم تتحقق، والمشكلة الكبرى في أسعار التذاكر، خمسة آلاف جنيه»، موضحة أن «هذا مبلغ كبير جداً أن يدفع شخص ألفين أو 3 آلاف جنيه ليحضر حفلة بدار الأوبرا، أو يدفع 750 جنيها ويجلس في آخر كرسي بحيث لا يرى شيئاً»، على حد تعبيرها.

ويرى السماحي أن «أسعار التذاكر مبالغ فيها جداً، فهو في النهاية مهرجان تابع لوزارة الثقافة وتدعمه الوزارة، والمفروض أن تقدمه باعتباره نوعاً من الخدمة الثقافية، ولو كانت أجور المطربين كبيرة، فيمكن تدبير ذلك من خلال المعلنين أو غيرها من الموارد، حتى لا نؤثر على الجمهور، إلا إذا كانت تريد حصر جمهور المهرجان في فئة معينة».

فيما يرى الناقد الفني المصري، أحمد سعد الدين، أن مشاركات المطربين في مهرجان الموسيقى العربية لا تتوقف على إدارة المهرجان فقط، وإنما تعتمد أيضاً على وقت المطرب وارتباطاته المسبقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «لو تحدثنا عن أنغام، فقد أحيت قبل أيام حفلاً في ألبرت هول في لندن، وربما تحتاج بعض الوقت للتعافي تماماً من الأزمة الصحية التي تعرضت لها في الفترة الأخيرة. وبالنسبة لأصالة فقد أحيت حفلات كثيرة في الدورات السابقة بالمهرجان». ويوضح سعد الدين أن «المهرجان نستطيع أن نعتبر أن لديه ثوابت مثل علي الحجار ومدحت صالح وعمر خيرت وغيرهم ممن يعبرون عن الطرب والموسيقى العربية، ولكن نجوماً آخرين قد لا يناسبهم موعد المهرجان، مثل كاظم الساهر الذي لا يأتي منذ فترة طويلة، ربما لارتباطاته أو لغير ذلك، فالظروف أحياناً تحكم المشاركة».

وبخصوص أسعار التذاكر وما تعرضت له من انتقادات «سوشيالية» منذ العام الماضي، إذ وصلت أعلى فئة إلى 4 آلاف جنيه، وحتى العام الحالي وصلت إلى 5 آلاف جنيه، يقول سعد الدين: «غلاء التذاكر جعلها ليست في متناول المواطن البسيط، المفترض أن المهرجان يقدم خدمة ثقافية وفنية للجمهور، وغلاء التذاكر يؤثر على حضور الجمهور بشكل كبير».

 

 

 

 


مقالات ذات صلة

بث أغنية لأم كلثوم في إذاعة «القرآن الكريم» يثير ضجة بمصر

يوميات الشرق ملصق ترويجي يحمل اسم إذاعة «القرآن الكريم» (حساب الإذاعة على موقع فيسبوك)

بث أغنية لأم كلثوم في إذاعة «القرآن الكريم» يثير ضجة بمصر

أثار بث إحدى أغنيات «كوكب الشرق» أم كلثوم بشكل مفاجئ على أثير إذاعة «القرآن الكريم»، ضجة وجدلاً «سوشيالياً» واسعاً في مصر، الاثنين.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «وردة إشبيلية» تفتح بتلاتها على مسرح الأوبرا (سانا)

«وردة إشبيلية»... دمشق تستعيد أنفاسها على خشبة الأوبرا

العرض يُذكّر بالماضي الجميل المُتمثل بذروة الحضارة العربية والإسلامية في الأندلس.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
يوميات الشرق يعود البرنامج بلجنة تحكيم جديدة (إم بي سي)

عودة «ذا فويس»... موسم جديد ينبض بالحياة والعفوية

بعد 5 سنوات من التوقف، يعود برنامج اكتشاف المواهب «ذا فويس» في موسم جديد بأعضاء لجنة تحكيم جدد، لاكتشاف المواهب الغنائية التي اختيرت.

أحمد عدلي (عمّان)
يوميات الشرق آمال ماهر وحمزة نمرة في الحفل (حساب آمال ماهر على إنستغرام)

الظهور «المفاجئ» لحمزة نمرة في احتفالية «وطن السلام» يثير اهتماماً مصرياً

أثار الظهور «المفاجئ» للفنان حمزة نمرة خلال احتفالية «مصر... وطن السلام» اهتماماً واسعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي

محمود إبراهيم (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان التونسي صابر الرباعي في حفل ختام الموسيقى العربية (دار الأوبرا المصرية)

مصر: «الموسيقى العربية» يختتم دورته الـ33 بعد انتقادات

اختتمت فعاليات الدورة الـ33 من مهرجان ومؤتمر «الموسيقى العربية» مساء السبت بالقاهرة بعد انتقادات.

داليا ماهر (القاهرة)

نور بلوق لـ«الشرق الأوسط»: وثقنا النزوح من جنوب لبنان خلال الحرب الإسرائيلية

الفنانة اللبنانية نور بلوق (الشرق الأوسط)
الفنانة اللبنانية نور بلوق (الشرق الأوسط)
TT

نور بلوق لـ«الشرق الأوسط»: وثقنا النزوح من جنوب لبنان خلال الحرب الإسرائيلية

الفنانة اللبنانية نور بلوق (الشرق الأوسط)
الفنانة اللبنانية نور بلوق (الشرق الأوسط)

في الفيلم الوثائقي «حكايات الأرض الجريحة» تعود الفنانة التشكيلية اللبنانية نور بلوق للوقوف أمام الكاميرا بعدسة زوجها المخرج العراقي عباس فاضل الذي وثّق حياتهما خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، فعلى مدار أكثر من ساعتين نتابع تفاصيل كثيرة من حياة الفنانة اللبنانية وطفلتها وزوجها، من بينها لحظات صعبة في خلفيتها أصوات الانفجارات، وتفاصيل النزوح من الجنوب اللبناني والعودة بعد وقف إطلاق النار.

الفيلم الذي حصد عنه فاضل جائزة أفضل مخرج في النسخة الماضية من مهرجان «لوكارنو السينمائي» وشارك في مهرجان «الجونة السينمائي»، الشهر الماضي، يواصل جولته بعدد من المهرجانات السينمائية من بينها مهرجان «باري» في إيطاليا الشهر الجاري.

تقول نور بلوق لـ«الشرق الأوسط» إن «فكرة الفيلم لم يكن مخططاً لها منذ البداية، لكون المشروع وُلد من قلب الحرب الإسرائيلية على لبنان، حين اضطرت العائلة للنزوح المفاجئ تحت القصف الكثيف، ولم يكن في مقدورهم سوى أخذ بعض الثياب القليلة معهم، تاركين خلفهم الكاميرات وعدّة التصوير في المنزل»، مشيرة إلى أنها بعد نحو شهر من النزوح، قررت العودة بمفردها إلى البيت رغم المخاطر الكبيرة، لتجلب الكاميرات بنفسها.

رصد الفيلم تعرض العديد من المواقع للتدمير خلال الحرب (الشرق الأوسط)

شعرت الفنانة التشكيلية اللبنانية بأن عليهم توثيق ما يحدث لهم، فلم تكن تعلم ما الذي سيفعلونه، وفق قولها، واستدركت: «لكن كان ضرورياً أن نُسجّل الواقع الذي نعيشه لحظة بلحظة، وفور عودتي بالكاميرات بدأ زوجي المخرج عباس فاضل التصوير ليوثّق كل ما حولنا من تفاصيل الحرب والنزوح، لينطلق العمل الفعلي عقب إعلان وقف إطلاق النار الذي كان أشبه بالوهم مع استمرار القصف».

ترى نور بلوق أن تلك الفترة أتاحَت لهم العودة إلى منزلهم واستئناف التصوير بصورة مكثّفة، وفوجئت عندما أخبرها زوجها برغبته في تصويرها هي وابنتهما ضمن أحداث الفيلم، لكنها تقبّلت الأمر سريعاً لأنها اعتادت المشاركة معه في أعمال سابقة، لكن هذه المرة جرى التصوير بظروف شديدة القسوة والخطورة، «فالقصف لم يكن يتوقف، وكثيراً ما اضطررنا إلى التوقف فجأة والاحتماء داخل البيت خوفاً من سقوط القذائف»، على حد تعبيرها.

تستذكر الفنانة اللبنانية أجواء التصوير بالقول: «كنا نخرج للتصوير، وفجأة نسمع صوت الانفجارات قريبة جداً، فأطلب من عباس العودة إلى الداخل خشية أن يصيبنا شيء، لقد عشنا الخطر بكل تفاصيله»، مؤكدة أن التصوير بعد الحرب لم يكن أقل خطراً؛ إذ زاروا مناطق مدمّرة مليئة بالألغام والزجاج المكسور، وكانت ابنتها ترافقهما طوال الوقت، وتابعت: «كنت أراقبها وأحذرها في كل لحظة؛ لأن المكان كان لا يزال يحمل آثار الدمار والحرائق ورائحة الصواريخ».

وعن أصعب اللحظات التي عاشتها أثناء التصوير، قالت نور بلوق إنها كانت تخشى كثيراً على ابنتها، خصوصاً في المشاهد التي صُوّرت بين المقابر، موضحة أن «تلك اللقطات كانت شديدة الوقع عليها نفسياً، كانت ابنتي صغيرة ولا تدرك ما يجري حولها، ورؤيتها تسير بين القبور كانت لحظة قاسية عليّ كأم، لكنها في الوقت ذاته كانت لقطة فنية قوية تعكس التناقض بين الحياة والموت، وبين البراءة والدمار».

وثق مخرج الفيلم رحلة زوجته وطفلته الصغيرة مع الحرب (الشرق الأوسط)

وأكّدت أن «الفيلم لم يكن عملاً تلفزيونياً أو تقريراً إخبارياً، بل تجربة إنسانية حيّة»، مستطردة: «نحن لم نكن نغطي الحدث من الخارج، بل كنّا جزءاً منه، نعيشه بكل تفاصيله، المخرج أراد أن يُظهر الوجع الإنساني قبل أي شيء آخر، لا الإحصاءات ولا الأرقام، بل مشاعر الناس ومعاناتهم الحقيقية؛ لأن هذه اللغة وحدها قادرة على لمس المتفرّج».

وأشارت إلى سعي الفيلم لتقديم صورة داخلية عن الحرب، بعيدة عن النظرة الإعلامية الباردة، موضحة أن «فاضل ركّز في لقطاته على وجوه الناس وانفعالاتهم، وجعلهم يروون حكاياتهم بأنفسهم؛ لأن الكلمة الصادقة تنبع من التجربة لا من التحليل».

أما عن تركيز الفيلم على رصد تدمير البنية الثقافية والمدنية في لبنان، فأوضحت نور أن «هذا الجانب كان حاضراً بقوة في رؤية العمل؛ إذ حرصنا على إظهار أن أهداف الحرب لم تكن عسكرية فحسب، بل طالت الإنسان في جوهره، واستهدفت ذاكرته وثقافته وهويته، وأن القصف لم يميز بين بيت وآخر، فالفنانون والمكتبات والمنازل كانت جميعها في مرمى الدمار، فالحرب لم تكتفِ بتدمير الحجر، بل سعت إلى طمس الروح الثقافية التي تشكّل جوهر المجتمع اللبناني».

وعن اللحظة التي شعرت فيها أن الفيلم اكتمل، لفتت إلى أن عباس فاضل يميل عادة إلى الأفلام الطويلة؛ لذلك حاولوا جعل هذه التجربة أكثر اختصاراً، «لكن حجم المادة المصوّرة كان هائلاً، فاستقرّ الفيلم على نحو ساعتين»، وفق قولها.

وأوضحت: «كل شخصية كانت تحمل وجعها الخاص، فهناك الفنان الذي خسر أعماله، والمثقف الذي فقد مكتبته، وكل بيت في الجنوب كان يحكي قصة ألم إنساني مختلفة».

ورغم أنها ليست من الأشخاص الذين يفضّلون الظهور أمام الكاميرا، لكنها شعرت في هذا الفيلم بأن وجودها ضرورة إنسانية وفنية في آنٍ واحد، مستذكرة عرض الفيلم للمرة الأولى في مهرجان «لوكارنو» بدورته الماضية بعدما شاهدت الفيلم للمرة الأولى بالسينما في لحظة وصفتها بـ«الصعبة والعاطفية».

تقول نور: «رغم أنني عشت تلك الأحداث لحظة بلحظة، فإن رؤيتها مجدداً كانت مؤلمة؛ لأن كل مشهد يعيد إليك الرعب والحنين معاً»، معتبرة أن فكرة الهجرة من لبنان لم تكن مطروحة بالنسبة لهما رغم امتلاك زوجها جنسية فرنسية، مضيفة: «النزوح الداخلي كان أهون من الهجرة؛ لأنك تبقى قريباً من أهلك وبيتك، أما البعد في الخارج فهو أشد قسوة، فقد جربت الغربة من قبل وعرفت كم هي مؤلمة؛ لذلك اخترنا أن نبقى في لبنان مهما كان الثمن».


رسالة من أعماق التاريخ والبحار... زجاجة تحمل حنين جندي لأمه تظهر على شاطئ أسترالي

على الرغم من أن الورقة كانت مبللة فإن الرسالتين كانتا لا تزالان مقروءتين (أ.ب)
على الرغم من أن الورقة كانت مبللة فإن الرسالتين كانتا لا تزالان مقروءتين (أ.ب)
TT

رسالة من أعماق التاريخ والبحار... زجاجة تحمل حنين جندي لأمه تظهر على شاطئ أسترالي

على الرغم من أن الورقة كانت مبللة فإن الرسالتين كانتا لا تزالان مقروءتين (أ.ب)
على الرغم من أن الورقة كانت مبللة فإن الرسالتين كانتا لا تزالان مقروءتين (أ.ب)

في 15 أغسطس (آب) عام 1916، كتب الجندي الأسترالي مالكولم ألكسندر نيفيل رسالة مكوّنة من صفحتين إلى والدته، فيما كان على متن سفينة متجهة إلى أوروبا للمشاركة في القتال خلال الحرب العالمية الأولى.

وقال في رسالته: «أقضي وقتاً جيداً حقاً، والطعام لذيذ حتى الآن، باستثناء وجبة واحدة رميناها في البحر». وبعد أن أنهى الكتابة، لفّ الرسالة بعناية، ووضعها في زجاجة ورماها في عرض البحر.

اكتشاف مذهل بعد أكثر من قرن

واليوم، بعد مرور أكثر من 100 عام، ظهرت رسالة نيفيل في زجاجة على أحد شواطئ أستراليا.

فقد عثرت ديبرا براون على الزجاجة من نوع «شويبس» في التاسع من أكتوبر (تشرين الأول) في أثناء جمعها القمامة على شاطئ وارتون الواقع على الساحل الجنوبي لولاية أستراليا الغربية، على بعد نحو 800 كيلومتر من مدينة بيرث. كانت ترافقها في تلك اللحظة ابنتها فيليسيتي وزوجها بيتر، وفقاً لما ذكرته وكالة «أسوشييتد برس».

زجاجة مدفونة كشفتها العواصف

تعيش براون في بلدة إسبيرانس القريبة، وتعتقد أن الزجاجة كانت مدفونة لسنوات طويلة في الكثبان الرملية قبل أن تكشفها العواصف الشتوية العنيفة مؤخراً.

وقالت، في حديث لوكالة الأنباء الأسترالية: «إنها محفوظة بشكل مذهل. لو كانت في البحر طوال 109 أعوام، لغرقت منذ زمن، ولتحلّلت السدادة تماماً».

الرسالة تعود إلى الحياة

أدركت براون أن داخل الزجاجة رسالة، لكنها لم تكن متفائلة بإمكانية قراءتها. ومع ذلك، أزالت السدادة ووضعت الزجاجة على حافة نافذة لتجفيف المياه التي تسربت إلى داخلها. وبعد فترة، استخدمت ملقاطاً جراحياً لإخراج الرسالة المكتوبة بقلم رصاص بلطف شديد.

وذيّل نيفيل رسالته بعبارة: «ابنك المحب مالكولم... في مكان ما في البحر»، وطلب من الشخص الذي سيجدها أن يرسلها إلى والدته روبرتينا نيفيل في بلدة ويلكاوات بجنوب أستراليا.

البحث عن عائلة الجندي الراحل

بدأت براون البحث عبر الإنترنت عن معلومات حول نيفيل، لتكتشف أنه قُتل في المعارك بفرنسا خلال أبريل (نيسان) 1917 عن عمر 28 عاماً في أثناء خدمته بالكتيبة الثامنة والأربعين من الجيش الأسترالي.

وبعد مزيد من البحث، تمكنت من الوصول إلى أحد أقاربه، هيربي نيفيل، وهو ابن شقيقه، ويعيش في أليس سبرينغز بالإقليم الشمالي لأستراليا.

اتصلت براون بمكان عمله بعد أن وجدته على صفحته في «فيسبوك»، وتواصل معها بعد أيام قليلة، حسب تقرير لشبكة «إي بي سي» الأسترالية.

وقالت براون للوكالة الأسترالية: «منذ ذلك الحين، تواصل معي جميع أفراد عائلته، من أبناء عمومته وشقيقاته، وهم متحمسون جداً لهذا الاكتشاف».

رسالة ثانية تكشف مفاجأة جديدة

لكن الزجاجة لم تكشف كل أسرارها بعد. فداخلها وجدت براون رسالة أخرى كتبها جندي مختلف يُدعى ويليام كيرك هارلي، وكان يبلغ من العمر 37 عاماً آنذاك. كانت والدته قد تُوفيت قبل ذهابه إلى الحرب، لذلك كتب في رسالته أنه لا يريد إرسالها إلى أحد، بل طلب ممن يجدها أن يحتفظ بها.

أُصيب هارلي مرتين في المعارك، لكنه نجا وعاد إلى أستراليا، قبل أن يُتوفى لاحقاً بسبب السرطان عام 1934.

وتمكنت براون من الوصول إلى حفيدته آن تيرنر، وأرسلت إليها الرسالة. وقالت تيرنر، وهي واحدة من خمسة أحفاد لهارلي الأحياء، لشبكة «أي بي سي»: «نشعر كأن جدنا تواصل معنا من العالم الآخر».

ذكريات من سفينة «بالارات»

كلا الجنديين كان على متن سفينة القوات «HMAT A70 Ballarat» عندما كتبا رسائلهما. وقد غادرت السفينة مدينة أديلايد في 12 أغسطس (آب) 1916، في رحلة استمرت ستة أسابيع لنقل تعزيزات إلى الجبهة الغربية في أوروبا.


«النقد السينمائي» يطلق نسخته الثالثة في الرياض بحضور عالمي

مؤتمر النقد السينمائي ينطلق في الرياض (الشرق الأوسط)
مؤتمر النقد السينمائي ينطلق في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

«النقد السينمائي» يطلق نسخته الثالثة في الرياض بحضور عالمي

مؤتمر النقد السينمائي ينطلق في الرياض (الشرق الأوسط)
مؤتمر النقد السينمائي ينطلق في الرياض (الشرق الأوسط)

تركز النسخة الثالثة من «مؤتمر النقد السينمائي الدولي»، الذي يقام بالعاصمة السعودية، الرياض، على التفكير في المكان والذاكرة والهوية بوصفها محاور جوهرية في الخطاب السينمائي المعاصر عبر جلسات وورش متعددة تستمر حتى مساء الأحد بمشاركة عدد من النقاد والسينمائيين من دول مختلفة حول العالم لإعادة قراءة العلاقة بين النقد السينمائي والواقع الإبداعي الجديد.

وانطلقت، الجمعة، فعاليات المؤتمر بجلسة حوارية مع المخرج السينمائي الإيطالي ماركو بيلوكيو، فيما تتضمن أجندة الفعاليات جلسات عدة تناقش أبعاد الفضاء السينمائي بوصفه مرآة للتحولات الاجتماعية والوجدانية والثقافية، فمن السينما الإيطالية والكازاخية إلى التجارب العربية والمكسيكية، تُطرح قراءات جديدة للمكان كعنصر سردي وشخصية قائمة بذاتها، تعكس تعقيد المدينة الحديثة وتحوّلها من موقع للتصوير إلى كيان يحمل ذاكرة وهوية.

يضم المؤتمر العديد من المحاور وورش العمل (الشرق الأوسط)

ويشارك في هذا المحور عدد من أبرز الباحثين والمخرجين، من بينهم ماركو بيلوكيو الذي افتتح الجلسات بحوار عن تحولات السينما الإيطالية وعلاقتها بالذاكرة الفردية، والناقدة أدرينا فرنانديز التي تتناول تطور صورة مكسيكو سيتي على الشاشة، إلى جانب عروض تتناول الصحراء في السينما العربية، وميلانو كظاهرة سينمائية، و«الأنيميشن» كمساحة خيالية للمكان.

ويتضمن المؤتمر جلسة نقاشية حول «السينما خارج الحدود» يديرها الناقد حسين الضو وتشهد مشاركة المخرج العراقي محمد الدراجي ومؤسس مهرجان «مالمو للسينما العربية» محمد قبلاوي، بالإضافة إلى المخرجة التونسية لمياء قيقة التي تتطرق لأثر مغادرة الفنان لموطنه وانعكاسات هذا الأمر على اختياراته الإبداعية، سواء في الموضوعات المختارة أو الأسلوب السردي والبصري، مع التطرق لمفهوم السينما في المنفى.

وعلى مدار أيام انعقاده الثلاثة يطرح المؤتمر موضوعات تجمع بين النقد النظري والممارسة الإبداعية، عبر ورش عملية يشارك فيها نقاد وصناع أفلام، من بينهم فهد الأسطا وسارة بالغنيم، حيث تركز على تحليل اللغة المرئية وفهم العناصر البصرية للأفلام، إلى جانب جلسات تفاعلية حول مبادئ النقد وأدوات القراءة السينمائية، ومناقشات حول السينما كوسيلة لاستعادة المدن والذاكرة من خلال التجارب الكلاسيكية والمعاصرة.

وعد رئيس «جمعية نقاد السينما» السعودية أحمد العياد النسخة الثالثة من المؤتمر «استكمالاً لنجاح النسختين السابقتين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يميز هذه النسخة هو تركيزها على المكان والذاكرة كمدخل لفهم السينما المعاصرة، إذ لم تعد الصورة مجرد وسيلة للسرد، بل وسيلة للتأمل في الهوية والتحوّلات الاجتماعية».

بداية فعاليات مؤتمر النقد السينمائي بالرياض (الشرق الأوسط)

وأكد أن «تنوع المشاركات من أوروبا إلى العالم العربي منح المؤتمر بعداً دولياً يثري النقاش النقدي ويكسر عزلة التجارب المحلية»، لافتاً إلى أن «الجلسات تسعى لتقديم مقاربات فكرية متنوعة حول العلاقة بين النقد والفكر والفن، وتناول قضايا نادراً ما تُطرح في المؤتمرات والفعاليات السينمائية».

وقال العياد إن «جزءاً من أهمية المؤتمر تكمن في الحضور السعودي القوي والورش التفاعلية التي يقودها نقاد سعوديون وشركاؤهم من الخارج نظراً لكونها تسهم في تأهيل جيل جديد من الكتّاب والنقاد الشباب، وتفتح الباب أمام حوار حقيقي بين صناع الأفلام والنقاد حول طبيعة الكتابة الجديدة عن السينما في العصر الرقمي».

وأكد الناقد المصري أندرو محسن أن المؤتمر يمثل خطوة مهمة في مسار دعم الثقافة السينمائية عربياً، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مجرد وجود مؤتمر مخصص بالكامل للنقد السينمائي يُعد أمراً إيجابياً في حد ذاته، نظراً لتراجع المساحات المخصصة للكتابة النقدية في كثير من الصحف والمنصات العالمية خلال السنوات الأخيرة»، واعتبر الاهتمام بالنقد مساحة فكرية مستقلة داخل منظومة صناعة الفيلم «يعكس وعياً متزايداً بأهمية التفكير في السينما، وليس فقط في إنتاجها».

وأشار محسن إلى أن الطابع الدولي للمؤتمر يمثل إحدى نقاط قوته، إذ يجمع بين نقاد وصناع أفلام من دول متعددة، الأمر الذي يتيح حواراً حقيقياً بين المدارس النقدية المختلفة ويُثري التجربة الفكرية.

ووصف اختيار المخرج الإيطالي الكبير ماركو بيلوكيو لافتتاح المؤتمر بأنه «اختيار ذكي ومعبر عن روح الحدث، نظراً لما يمثله بيلوكيو من مكانة استثنائية في تاريخ السينما الأوروبية المعاصرة، لكونه أحد أهم مخرجي إيطاليا منذ ستينات القرن الماضي، ولا يزال فاعلاً ومؤثراً في المهرجانات السينمائية الكبرى حتى اليوم».