قالت المخرجة الباكستانية سيماب جول إن توقف مشروع سينمائي كانت تعمل عليه هو الذي دفعها لتقديم فيلمها الجديد «مدرسة الأشباح»، وهو العمل الذي يعرض ضمن الدورة الجديدة من مهرجان «تورونتو السينمائي الدولي» في عرضه العالمي الأول، وهو أحد المشاريع السينمائية التي حصلت على دعم من مؤسسة «البحر الأحمر السينمائي».
وأوضحت سيماب جول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن فكرة «مدرسة الأشباح» بدأت باعتبارها عملاً قصيراً في 2020، ثم طورتها عام 2022 لتصبح معالجة لفيلم طويل، وخلال رحلاتها إلى مناطق باكستانية ضربتها الفيضانات رأت بأم عينيها «مدارس الأشباح» والمرافق المهجورة.

وأضافت أن هذه المدارس تبنيها الحكومة ويدفع للمعلمين رواتب، لكنها تبقى فارغة، وتُستخدم أحياناً على أنها مخازن أو إسطبلات للحيوانات، وهو ما ألهمها لاستعارة فكرتي «الشبح» و«المدرسة»، وطرح تساؤل حول ما يسكن هذه المباني فعلياً.
وأشارت إلى رغبتها في إظهار رؤية الطفل والجمهور لهذه الظاهرة، فالجميع يعرفها لكن قلّة يجرؤون على تحديد أصل المشكلة.
تدور أحداث فيلم «مدرسة الأشباح» حول الطفلة «رابية» ذات السنوات العشر، التي تتحدى الخرافات الريفية وإهمال البيروقراطية لتكتشف سبب الإغلاق المفاجئ لمدرستها. تنطلق وحدها في رحلة جريئة لكشف الحقيقة، وسط أجواء مشوبة بالشائعات الغامضة، ونفوذ محلي فاسد، وصمت يحيط بكل ما يحدث، ومن خلال هذه المغامرة، ينسج الفيلم مزيجاً من الغموض والواقعية الاجتماعية، ليقدم صورة مكثفة عن صراع البراءة في مواجهة قوى الخوف والفساد.
بطلة الفيلم
وأوضحت المخرجة الباكستانية أنها كانت محظوظة في العثور على بطلة الفيلم، فهي ممثلة محترفة منذ سن السابعة، وتعمل في التلفزيون والإعلانات، واختارتها بعد تجارب أداء مع عدد من الفتيات، لما تمتلكه من ذكاء وانضباط وحفظ للنصوص، فضلاً عن التزام والديها، وهو أمر جوهري عند التعامل مع الأطفال الممثلين.
وتحدثت عن أصعب المشاهد التي صورتها، مبينة أن التعامل مع أكثر من 25 طفلاً، ووجود العديد من الحيوانات يعدان أمرين لم يكونا بالسهولة المتوقعة، خصوصاً مع وقوع حوادث خطيرة مثل سقوط رافعة إضاءة ضخمة في غياب التأمين، ما جعل المسؤولية المالية والنفسية تقع على عاتقها باعتبارها مخرجة وكاتبة ومنتجة في الوقت نفسه.

وأوضحت أن اختيار مواقع التصوير جاء من حياتها في كراتشي، بعدما منحها قرب القرى الساحلية والصحراوية أجواء إقليم السند المعروف بكثرة المدارس الشبح، موضحة أنها صورت في قريتين ودمجت ملامحهما لصنع قرية خيالية، حتى إنها رسمت خريطة لها أثناء كتابة السيناريو.
الأفلام الوثائقية
وقالت إن خلفيتها في صناعة الأفلام الوثائقية ساعدتها على الارتجال اليومي وطرح الأسئلة والتأقلم مع الظروف المتغيرة، وهو ما أفادها في العمل الروائي، بعدما احتفظت بأسلوب اختيار غير الممثلين من الواقع، لافتة إلى أنها في البداية كانت تفكر في تنفيذ القصة على شكل فيلم وثائقي عن مدرسة مغلقة في قرية، قبل أن تتحول الفكرة إلى عمل روائي.

وأضافت أن تصوير قضايا حساسة مثل إهمال التعليم في القرى لم يعرضها لمشكلات مع الحكومة؛ لأن باكستان لا تفرض رقابة مسبقة على النصوص، بل تكتفي بقرار لاحق من مجلس الرقابة بشأن عرض الفيلم في السينما، مشيرة إلى أن التمويل الحكومي شبه غائب، وأن تقديم الفساد من منظور طفل يمنح القصة براءة ويجنبها الاستهداف المباشر.
وأشارت إلى أن صندوق «البحر الأحمر السينمائي» دعم الفيلم بعد الإنتاج، موضحة أنها صورت العمل في أقل من ثلاثة أشهر وسط صعوبات في إيجاد منتجين، إلى أن حصلت على منحة من المهرجان ثم من صندوق ألماني، ما أتاح شراكة مع شركة ألمانية، ليصبح المهرجان منتجاً مشاركاً في مرحلة ما بعد الإنتاج.
وأكدت أهمية إنهاء الفيلم بمعايير عالية في الصورة والصوت، مستفيدة من دراستها في مدرسة لندن للأفلام، حيث أتمت المونتاج وتصحيح الألوان في هامبورغ بالتعاون مع محررين ومصممي صوت محترفين عملوا على أفلام هوليوودية، مما جعل العمل مؤهلاً للمنافسة في مهرجانات كبرى.
العرض الأول
وقالت إنها لم تتوقع اختيار الفيلم للعرض العالمي الأول في مهرجان «تورونتو»، لكنها كانت مستعدة للمخاطرة حتى بالدَين من أجل إتمام الفيلم وخروجه للنور، معتبرة أن عرضه في المهرجان الكندي فرصة مثالية للاحتفال، في ظل وجود جمهور متنوع وجالية جنوب آسيوية وعائلتها في المدينة.
وأرجعت محدودية الحضور الدولي للأفلام الباكستانية لتركيز أغلب الإنتاجات على السوق المحلية بأسلوب قريب من بوليوود الهندية، في حين أن الوصول للسوق العالمية يتطلب لغة سينمائية مختلفة أقرب للتقاليد الأوروبية والأميركية، مشيرة إلى أن دراستها في لندن ساعدتها على ذلك.

