جرت الرياح على الإسكندرية (شمال مصر) بما لا تشتهي السفن ولا المصطافون، بعدما أعلنت السلطات المحلية بالمحافظة إغلاق الشواطئ، الثلاثاء، في ضوء التحذير الصادر عن الهيئة العامة للأرصاد الجوية من ارتفاع الأمواج.
وأعلنت محافظة الإسكندرية الغلق الكلي لشواطئها، بقطاعيها الشرقي والغربي، وذلك بناءً على تقارير هيئة الأرصاد الجوية التي حذَّرت من ارتفاع الأمواج إلى نحو 3.5 متر، وأكدت أن القرار يأتي حفاظاً على أرواح المواطنين، مشدِّدة على ضرورة الالتزام بالتعليمات وعدم التوجه إلى الشواطئ لحين تحسُّن الأحوال الجومائية.
ووفق إفادة لـ«الشرق الأوسط»، أكد مسؤولون بالمحافظة أن «الغلق الكلي للشواطئ إجراء احترازي، حيث تمثل سلامة الزوار والمصطافين أولوية قصوى، وهو ما يعد أهم من أي خسائر اقتصادية قد تنتج عن إغلاق الشواطئ ليوم واحد»، ولفتوا إلى أن الشواطئ لم تُغلَق كلياً من قبل إلا في أثناء جائحة «كورونا».
وحول استقبال المدينة لـ«رحلات اليوم الواحد»، أوضح المسؤولون أن «جميع زوار الإسكندرية بإمكانهم الاستمتاع بمعالم المدينة والجلوس على الكورنيش أو في المقاهي، ولكن مع الامتناع عن نزول البحر»، وأكدوا عودة الشواطئ لاستقبال الزوار بمجرد استقرار حالة الطقس.

بدورها، أكدت الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية أنها تتابع من كثب التزام مستأجري الشواطئ بتنفيذ القرار، والتأكد من غلق البوابات وعدم استقبال الرواد، كما أشارت إلى أن فرق الإنقاذ النهري والمنقذين والغطاسين منتشرون بكامل طاقاتهم على جميع شواطئ الإسكندرية لمتابعة الموقف لحظة بلحظة.
كان محافظ الإسكندرية، أحمد خالد، قد جدَّد قبل يومين تحذيراته من نزول شاطئ البحر في ظل رفع الرايات الحمراء، التي تشير إلى خطورة السباحة وارتفاع الأمواج، مؤكداً أن الالتزام بالتعليمات الصادرة من الأجهزة المعنية هو الضمان الأول للحفاظ على الأرواح.
وجاءت كلمات المحافظ خلال زيارته لمصابي حادث «غرق شاطئ أبو تلات» في منطقة العجمي (غرب الإسكندرية)، الذي وقع السبت الماضي، وشغل عدد كبير من المصريين منذ وقوعه، بعد أن أودى بحياة 7 أشخاص، وإصابة 28 آخرين؛ بسبب ارتفاع الأمواج.
وفور وقوع الحادث، قرَّرت السلطات المحلية تعميم قرار بمنع السباحة بجميع شواطئ القطاع الغربي والعجمي، قبل أن تصدر قرارها بالغلق الكلي لشواطئ المدينة، الثلاثاء.
ويبلغ عدد شواطئ الإسكندرية 59 شاطئاً، ممتدة من أبو قير شرقاً وحتى أبو تلات غرباً، «استقبلت نحو 3.2 مليون زائر، خلال الصيف الحالي، بنسبة إشغال بلغت 100 في المائة»، وفق بيان صدر، الاثنين، عن الإدارة المركزية للسياحة والمصايف.

في حين نشر حساب الإدارة على موقع «فيسبوك»، الثلاثاء، لقطات فوتوغرافية ومقاطع فيديو، تظهر فيها الشواطئ خاوية من المصطافين، وسط تشديدات بأهمية الالتزام بالقرار وعدم التوجه إلى الشواطئ.
وأثار قرار الغلق الكلي انقساماً بين سكان «عروس المتوسط» وزائريها، وهو ما عكسته منصات التواصل الاجتماعي، فبينما رحَّب كثيرون بالقرار كونه يحمي أرواح المواطنين، وصفه آخرون في المقابل بالمشهد «غير المألوف»، لا سيما أنه يأتي في شهر أغسطس (آب)، الذي يمثل ذروة الصيف بالبلاد، حيث يفرّ الملايين من حرارة المنازل إلى البحر.
وتداول جانب كبير من الرواد تحذيرات المحافظة وهيئة الأرصاد، مناشدين بعضهم بعضاً عدم الاقتراب من البحر.
اغلاق شواطئ اسكندرية كلها.. تقريبا عمرها ما حصلت ف الصيفhttps://t.co/hCoWrTEt0y
— Iman Badawi (@ImanBadawi) August 26, 2025
ومع تناقل مشاهد الشواطئ خاوية، أبدى البعض حزنه وتخوفه، بعدما كانت تلك الشواطئ ترفع لافتة «كامل العدد».
جميع شواطئ اسكندريه تم إغلاقها. تشوفهم تحس أننا ف شهر يناير بسبب أن البحر غضبان واى حد بيقرب منه بيبلعه وراح ضحايا كتير.. انا عارفه أنه جند من جنود الله.. بس المنظر يحزن ويخوف اوى pic.twitter.com/wyRCWZeWtn
— Sherine Mohamed (@sherine412) August 26, 2025
بينما أشار آخرون إلى أنه لم يسبق على مدار السنوات الماضية، حتى في أصعب أوقات الشتاء ونوات البحر، أن يتم غلق الشواطئ.
ويصف أستاذ الإدارة المحلية، الدكتور حمدي عرفة، قرار الغلق الكلي للشواطئ بأنه «خطوة متأخرة للغاية»، مشدداً على أن «اتخاذ مثل هذه الإجراءات كان يجب أن يتم منذ أشهر، وأن الاعتماد على هيئة الأرصاد الجوية وحدها لتحديد خطورة الشواطئ غير كافٍ، فهناك جهات أخرى أكثر تخصصاً».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك جهات معنية بتحديد مدى صلاحية الشواطئ للمصطافين، مثل الهيئة العامة لحماية الشواطئ التابعة لوزارة الموارد المائية والري، والإدارة العامة للمصايف والسياحة، وهي إحدى الإدارات التابعة لدواوين عموم المحافظات، ويكون من اختصاصاتها الإشراف على إدارة الشواطئ والمتنزهات، إلى جانب وزارة البيئة»، داعياً إلى ضرورة تنسيق الجهود بين كل الجهات المعنية، لضمان اتخاذ قرارات دقيقة ومبكرة تحمي أرواح المواطنين.





