في سنّ مبكرة هاجرت يارا واكيم مع عائلتها إلى لندن بعد اندلاع الحرب الأهلية في لبنان عام 1975، لكنها بقيت على تواصل دائم مع وطنها الأم، تزوره كلما سنحت لها الفرصة. وها هي اليوم تعود إلى بيروت لتُحيي أول حفل غنائي لها في 20 سبتمبر (أيلول) المقبل على خشبة «مترو المدينة» في منطقة كليمنصو.

درست يارا تصميم الأزياء في معهد «إس مود» الفرنسي، وعملت في دار «بالمان» إلى جانب أوسكار دي لارينتا، قبل أن تنضم إلى دار أزياء تيد لابيدوس الفرنسية حيث التقت ابنه أوليفييه الذي أصبح لاحقاً زوجها. وفي عام 2010 تعرّضت لحادث أفقدها القدرة على تحريك إحدى يديها؛ مما دفع بها إلى تحويل شغفها بالموسيقى، الذي ورثته عن والدتها، إلى مسار احترافي، فبدأت العزف والغناء، وأحيت أولى حفلاتها على مسرح «أولمبيا» في باريس.
ترى لابيدوس حفلتها المرتقبة في بيروت محطة أساسية في مسيرتها الفنية؛ إذ لا يزال الحنين إلى المدينة التي نشأت فيها يسكنها، في حين تظل ذكريات الحرب محفورة في وجدانها: «كنّا ندرس على ضوء الشموع، ونترك منازلنا على عجل لنختبئ في الملاجئ خوفاً من القصف». ومن المشاهد التي لا تغيب عن ذاكرتها، تدمير منزل عائلتها في مدينة صور الجنوبية خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006.
وتقول: «والداي يعيشان اليوم في بيروت، وأحرص على زيارتهما باستمرار. آمل أن أرى بلدي يوماً ما معافى كما يتذكّره والداي».

ستقدّم يارا خلال حفلها باقة من أغنياتها المختارة من بين 5 ألبومات، بينها أعمال كُتبت خصيصاً للبنان وغنّتها بالعربية، مثل: «شجر الأرز»، و«قومي يا بيروت»، و«يا ماما»، و«اللي» التي جاءت بصيغة جديدة لأغنية البريطاني ديفيد بوي «الرجل الذي باع العالم»، وحمّلتها رسالة سلام تتمنى أن تسود لبنان والمنطقة. وقد ضمّها ألبومها الأخير «أوريانتيه» (2024)، الذي مزج بين الموسيقى الشرقية والإلكترونية بمشاركة الجزائري حكيم حمدوش، أحد أبرز العازفين الذين رافقوا مسيرة رشيد طه لأكثر من 30 عاماً.
وسيرافق الحفل أيضاً موسيقيون من فرنسا ولبنان، إضافة إلى تجهيز فني رقمي من توقيع الكورية كريستا كيم، إحدى أبرز فناني «الديجيتال» في العالم والحائزة جوائز دولية مرموقة.
ومن أبرز محطات لابيدوس الغنائية تعاونها مع المؤلف اللبناني العالمي غبريال يارد في ألبوم حمل اسمها «يارا»، سُجِّل باستوديوهات «آبي رود» في لندن، وتضمّن 11 أغنية؛ بينها ديو «أنكر أنكر» مع إيجي بوب، وأغنية «من خلالك» بمصاحبة عزف عدنان جبران على العود.

تحرص لابيدوس على تضمين معظم أعمالها لمسة لبنانية تُعبِّر عن ارتباطها العاطفي بالوطن. وتعدّ أغنية «كيف» مثالاً على ذلك، وهي مقتبسة من أغنيات الراحل جون لينون، لتصبح أول فنانة في العالم تحصل رسمياً على حقوق أداء عمل من إرثه الموسيقي.
وعن تسمية ألبومها الأخير «أوريانتيه» تقول: «الشرق يسكن قلبي، ومنذ بداياتي كان لبنان يلهمني. وكلمة (orientée - أوريانتيه) بالفرنسية تعني الشخص الذي يعرف وجهته بدقة. أما تقاطعها مع كتاب أمين معلوف (المشوَّش - desoriented)، فربما يعكس استقراراً وجدته بعد سنوات من الاغتراب والضياع بعيداً عن بلدي».





