«عايشين معانا»... كوميديا سعودية تستدعي أجواء «آدمز فاميلي»

الكاتب لـ«الشرق الأوسط»: ثيمة «القادم الغريب» شائعة عالمياً... والعمل يرى البشر من منظور الجن

عائلة الجن غريبة الأطوار خلال تصوير مشهد من العمل (إنستغرام)
عائلة الجن غريبة الأطوار خلال تصوير مشهد من العمل (إنستغرام)
TT

«عايشين معانا»... كوميديا سعودية تستدعي أجواء «آدمز فاميلي»

عائلة الجن غريبة الأطوار خلال تصوير مشهد من العمل (إنستغرام)
عائلة الجن غريبة الأطوار خلال تصوير مشهد من العمل (إنستغرام)

كيف يمكن لعائلة من الجن أن تُدهش من أبسط تفاصيل الحياة اليومية: النوم ليلاً، أو الوقوع في الحب، أو جلسات الشاي مع نساء الحارة؟ تلك الأمور الاعتيادية التي تمرّ مروراً سريعاً على البشر، تتحول في المسلسل السعودي «عايشين معانا» إلى مادة كوميدية، تُذكر الجمهور بأعمال عالمية شهيرة مثل «آدمز فاميلي»، لكنها تقدم هنا في قالب محلي يعكس دهشة مخلوقات غريبة من حياة البشر، وتعيد تسليط الضوء على خصوصية التجربة الإنسانية.

المسلسل الذي يُعرض على منصة «شاهد» في 10 حلقات؛ بمعدل حلقتين أسبوعياً، تمكّن سريعاً من اعتلاء قائمة الأعمال الأكثر مشاهدة في السعودية، وتدور قصته حول عائلة من الجن يتشكلون بهيئة بشرية وينتقلون إلى العيش في مجمع سكني وسط العاصمة الرياض، بحثاً عن خاتم مفقود منذ 2000 عام يمتلكه أحد سكان المجمع، ومن هنا تبدأ سلسلة الأحداث الغريبة ما بين عوالم الإنس والجن، حيث يتفاجأ بعض السكان من تصرفات العائلة غريبة الأطوار وقدراتهم الخارقة.

يقول كاتب العمل علاء حمزة، لـ«الشرق الأوسط»، إن الفكرة انطلقت من رغبته في تقديم معالجة مختلفة لعالم الجن، ويضيف: «سبق أن كتبت مسلسلاً سعودياً بعنوان (عندما يكتمل القمر) يتطرق أيضاً لعالم الجن، لكنه كان عملاً جاداً، ثم جاءت الفكرة: لماذا لا نقدم شيئاً كوميدياً خفيفاً؟»، كاشفاً أن الجديد في «عايشين معانا» هو أن العائلة الغريبة من الجن تتشبّه بالبشر وتحاول محاكاة حياتهم، مما يفتح الباب لمفارقات كوميدية تسخر من الاختلافات وتبرز دهشة هذه الكائنات من التفاصيل البشرية.

صغار الجن يلعبون بالمكانس الطائرة مما يثير الشكوك حولهم (شاهد)

محاكاة للدراما العالمية

يستدعي «عايشين معانا» أجواء المسلسل الأميركي الشهير «آدمز فاميلي» من حيث الثيمة العامة؛ أسرة غريبة الأطوار تعيش وسط مجتمع طبيعي، وتولّد تصرفاتها غير المألوفة كوميديا قائمة على المفارقة. وبسؤال الكاتب عن ذلك يشير إلى أن «آدمز فاميلي» لم يتناول الجن، مؤكداً أن الفكرة تنتمي إلى ثيمة معروفة عالمياً هي «القادم الغريب»، التي طُرحت في الأدب والسينما بصور مختلفة، من الأشباح إلى الغرباء القادمين من الفضاء. وأشار إلى أن المثال الأقرب قد يكون فيلم The Joneses، الذي تناول عائلة أميركية تعيش في حي راقٍ ثم يُكتشف أنها ليست عائلة حقيقية بل فريق تسويق. لكنه شدد على أن «عايشين معانا» لا يستند إلى هذا العمل أو غيره، بل يقدم معالجة سعودية لفكرة راسخة عالمياً.

الممثلة السعودية عائشة كاي في دور الجنيّة أم أنس (إنستغرام)

القيم الإنسانية

وعن كيفية توظيف المفارقات بين حياة البشر وطبيعة الجن، أكد الكاتب أن الفكرة الأساسية للعمل هي إبراز مكانة الإنسان. مضيفاً: «العمل يقول إن البشر، بكل ما لديهم من عيوب ومحاسن، مخلوقات مكرمة. ولو وُجدت كائنات أخرى لتمنت أن تكون مثلنا». لافتاً إلى أن النص القرآني «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم» شكّل منطلقاً لرؤيته، ومشيراً إلى أن العمل يُظهر انبهار الجن بمشاعر الحب، وبقيم إنسانية أخرى يراها البشر عادية، لكنها في الحقيقة تمثل عظمة الخلق الإنساني.

ويلمح حمزة إلى أن كل المخلوقات لديها قوانينها الخاصة، لكن البشر تميّزوا بحق الاختيار، بعكس الملائكة أو الشيطان، قائلاً: «الإنسان هو الكائن الوحيد الذي مُنح حق الاختيار، إما شاكراً وإما كفوراً. هذه من أعظم ما ميّز الله به الإنسان». كما بين أن المسلسل حاول إبراز هذه القيمة الجوهرية عبر مواقف متفرقة، حيث يظهر أن الإنسان مهما أخطأ تظل داخله منظومة قيمية تمنعه من تجاوز حدود الدين والأعراف.

أحمد الكعبي يجسد دور الشاب «عبودي» الذي يحاول اكتشاف حقيقة عائلة الجن (شاهد)

مثير للجدل

وحول الجدل الذي أثارته بعض مشاهد المسلسل وأحدثت صدى كبيراً في منصات التواصل الاجتماعي، خاصة مشهد الفتاة «الجنيّة» التي أرادت النزول للسباحة مع الشباب، قال الكاتب: «كثير من الانتقادات جاءت من أشخاص لم يشاهدوا العمل كاملاً، بل تابعوا مقاطع مجتزأة في تطبيقات مثل (تيك توك)». وأوضح أن المشهد لم يكن الغرض منه إثارة الجدل، بل على العكس، كان يعكس قيماً إنسانية، حيث رفض البشر في العمل هذا السلوك وعدّوه عيباً ومحرماً، وأكد أن المسلسل «منتج ترفيهي» هدفه المتعة وإضحاك الجمهور، مع الالتزام بالخطوط القيمية.

من ناحية أخرى، أوضح حمزة أن ردود الفعل التي وصلت إليه أظهرت إعجاباً بالفكرة وطرافتها، لكنه اعترف بوجود انتقادات، مشيراً إلى أن بعضها لم يكن منصفاً بسبب اجتزاء السياق. وأضاف: «نتوقع دائماً الجدل في أي عمل فني، لكن ما يهم هو أن المشاهد حين يتابع الحلقات كاملة يكتشف الرسالة الحقيقية». كما يؤكد الكاتب أن «عايشين معانا» ليس مجرد مسلسل كوميدي، بل يحمل رسالة إنسانية واضحة، تتمثل في إبراز قيمة الإنسان ككائن مكرّم، والكوميديا جاءت كأداة لتمرير هذه الرسالة بطريقة خفيفة، عبر مفارقات سلوكية بين الجن والبشر، بحسب وصفه.

العمل يجمع عدداً كبيراً من النجوم السعوديين (شاهد)

نجوم العمل

قدّم خالد صقر شخصية ثامر (أبو أنس)، رب أسرة الجن، بملامح ثابتة ومظهر رسمي لا يتغيّر، مرتدياً الثوب والشماغ طيلة الوقت، مما زاد من الطابع الكوميدي لتصرفاته، أما الممثلة عائشة كاي فأدت دور زوجته (أم أنس)، المرأة القادمة من عالم الجن والتي تنجذب تدريجياً لحياة نساء الحارة، وتحاول تقليدهن في إطار كوميدي، ورغم أن مظهر عائشة يحاكي مظهر «موريتشيا آدمز» في المسلسل الشهير «آدمز فاميلي»، فإنها قدمت أداء مختلفاً في هذا الدور.

وبرز الممثل الشاب أحمد الكعبي في شخصية «عبودي»، أول من شكّك في حقيقة العائلة، حيث جسد ملامح الذهول والارتباك والخوف بشكل متقن، وهو يحاول إقناع باقي البشر في المجمع السكني بتصرفات العائلة الغريبة، ليصبح بمثابة عين المشاهد داخل الأحداث. كما شارك في البطولة كل من فاطمة الشريف، ومهند الصالح، وجبران الجبران، وسماح زيدان، وفهد المطيري، وأغادير السعيد، ومصعب المالكي، ليشكّلوا فريق عمل جماعياً أعطى المسلسل تنوعاً في الأداء، وجذباً للمشاهد الذي ما زال ينتظر أن يكتشف البشر حقيقة عائلة الجن، في الحلقات القادمة.


مقالات ذات صلة

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

يوميات الشرق ‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

مثل عادة المهرجانات، اتّجهت الأنظار نحو السجادة الحمراء، فامتلأت «الريد كاربت» الواقعة في منطقة البلد التاريخية بطيف نادر من نجوم السينما العالمية...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق جانب من حفل جائزة التميز الحكومي العربي 2025 (الشرق الأوسط)

السعودية تحصد 6 جوائز في «التميز الحكومي العربي 2025»

حقّقت السعودية إنجازاً جديداً في مسيرة التطوير والابتكار الحكومي، بحصدها 6 جوائز ضمن جائزة التميز الحكومي العربي 2025.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الخليج المهندس أحمد البيز مساعد المشرف العام على المركز للعمليات والبرامج لدى توقيعه البرنامج في الرياض الخميس (واس)

برنامج سعودي لتحسين وضع التغذية في سوريا

أبرم «مركز الملك سلمان للإغاثة» برنامجاً تنفيذياً لتحسين وضع التغذية لأكثر الفئات هشاشة في المناطق ذات الاحتياج ومجتمعات النازحين داخلياً بمحافظات سورية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان) play-circle 01:19

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة.

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق أيقونة الهيب هوب كوين لطيفة ترتدي البشت السعودي (تصوير: إيمان الخطاف)

كوين لطيفة ترتدي البشت السعودي وتستعيد رحلتها الفنّية في «البحر الأحمر»

منذ اللحظة الأولى، تعاملت كوين لطيفة مع المسرح والجمهور بحميمية أثارت إعجاب الحاضرين...

إيمان الخطاف (جدة)

أصغر تمثال في التاريخ... فنان بريطاني يصنع عملاً بحجم خلية دم

الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
TT

أصغر تمثال في التاريخ... فنان بريطاني يصنع عملاً بحجم خلية دم

الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)

قال فنان متخصّص في الأعمال الميكروسكوبية إنه حطَّم رقمه القياسي العالمي السابق بعد ابتكار أصغر تمثال مصنوع يدوياً في التاريخ.

ووفق «بي سي سي»، أوضح ديفيد أ. ليندون، من مدينة بورنموث في مقاطعة دورست البريطانية، أنّ عمله الأخير الذي أطلق عليه «الوجه الأصفر المبتسم» هو «غير مرئي للعين البشرية»، إذ لا تتجاوز أبعاده 11.037 ميكرون طولاً و12.330 ميكرون عرضاً.

وأشار ليندون إلى أنّ عمله الفنّي «يعيش» فوق طابع بريد من الدرجة الأولى، على نقطة دقيقة جداً موضوعة فوق صورة عين الملكة الراحلة.

ونجح العمل في تحطيم الرقم القياسي السابق للفنان نفسه لأصغر تمثال مصنوع يدوياً، وهو «قطعة الليغو».

ويُعرَف ليندون، الحاصل على 12 رقماً في «موسوعة غينيس»، بأعماله الفنّية شديدة الصغر، من بينها 3 نسخ ميكروسكوبية من لوحات فان غوخ الشهيرة، نفَّذها داخل آلية ساعة، وبيعت مقابل 90 ألف جنيه إسترليني. أما «قطعة الليغو الحمراء» فبلغت أبعادها 0.02517 ملم طولاً و0.02184 ملم عرضاً.

في مساحة بحجم ذرّة يصنع الفنان عالماً كاملاً (ديفيد أ. ليندون)

وقال الفنان: «قطعة الوجه الأصفر المبتسم تُعادل نصف حجم (قطعة الليغو الحمراء)، التي كانت بدورها أصغر بـ4 مرات من الرقم القياسي السابق». وأوضح أنّ حجم العمل الجديد يُعادل حجم خلية دم بشرية، أو جراثيم العفن، أو البكتيريا، أو بودرة التلك، أو قطرة ضباب.

ومن أعماله الأخرى مجسَّمات مجهرية لحيوانات دقيقة يصنعها داخل ثقب الإبرة، بدءاً من الحوت الأزرق وصولاً إلى فراشة الطاووس الرقيقة. وأضاف مازحاً: «ربما أكون قد فقدتُ عقلي تماماً».

ويجري تثبيت الطابع الذي يحمل «الوجه الأصفر المبتسم» على برج زجاجي داخل صندوق زجاجي مُحكَم الإغلاق. وأعرب ليندون عن امتنانه للدكتورة سارة إليوت وجاك روز من جامعة بورنموث على قياس العمل الجديد، واعتماده على هيئة رقم قياسي عالمي.


ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)
النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)
TT

ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)
النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)

أصدر النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو تحذيراً للممثلين الشباب، موضحاً سبب رفضه عروضاً ضخمة في بداية مسيرته الفنية الحافلة.

وأكد دي كابريو، البالغ من العمر 51 عاماً، أن الإفراط في الظهور قد يضر بالممثل الطموح الذي يتطلع إلى النجاح في هوليوود، وفقاً لشبكة «فوكس نيوز».

وقال نجم فيلم «تايتانيك»: «أكثر ما يمكنني قوله هو إنه إذا كنت تحب هذه المهنة، إذا كنت تحب التمثيل، فعليك أن تدرك أنها أشبه بماراثون، وليست سباقاً قصيراً».

وأضاف: «هذا لا يعني أن هذه كلها خيارات مصيرية. لا تجرّبوا شيئاً تجارياً. لا تفعلوا هذا مبكراً جداً.. يتعلق الأمر بفكرة النظر إلى مسيرتكم المهنية بعد 20، 30، 40، 50 عاماً من الآن، ووضع هذه العناصر معاً لضمان استمراريتها».

وتابع: «ربما يكون الإفراط في التعرض مضراً... أعتقد، إن لم يكن هناك أي شيء، أنني كنتُ أملك حدساً مبكراً بشأن الإفراط في التعرض. صحيحٌ أن ذلك كان زمناً مختلفاً. كان زمناً شاهدتُ فيه ممثلين اختفوا عن الأنظار، ولم نكن نعرف الكثير عنهم. أما الآن، فقد اختلف الأمر كثيراً مع وسائل التواصل الاجتماعي. لكنني لم أتمكن من معرفة الكثير عنهم إلا ما رأيته على الشاشة».

أشار دي كابريو إلى أن الزمن تغير بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، لكن مشاهدة ممثلين آخرين يبنون ببطء أعمالاً قوية أثّرت على قراراته المهنية.

وشرح: «رأيتهم يبنون أعمالاً رائعة مع مرور الوقت. لم أُغمر بفيضٍ هائل من أفلامهم في عام أو عامين. هذا لا يعني أنه لا يجب عليك قبول العمل عندما يُعرض عليك، ولكن الفكرة هي توزيعه، أو ربما مجرد اختيار الأفلام التي تضم شخصيات ثانوية رائعة ومثيرة للاهتمام وتترك بصمتك في هذا المجال».

اشتهر دي كابريو برفضه دوراً في فيلم «هوكس بوكس»، وهو أعلى أجر كان سيحصل عليه آنذاك. وبدلاً من ذلك، قبل دور «ما الذي يزعج جيلبرت جريب»، الذي نال عنه أول ترشيح لجائزة الأوسكار. وصرح الممثل أن نقطة التحول في مسيرته كانت فيلم «تايتانيك»، الذي مكّنه من اختيار أفلامه بنفسه.

وأوضح: «كنت محظوظاً جداً في البداية. وكما ذكرتُ مع فيلم (تايتانيك)، كانت تلك نقطة التحول الحقيقية، عندما أتيحت لي فرصة اختيار أفلامي بنفسي. ولكن حتى ذلك الحين، كنتُ أشارك في العديد من الأفلام المستقلة. كنتُ أختار الشخصية التي أجدها الأكثر إثارة للاهتمام، والتي أستمتع بها».


«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)
‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)
TT

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)
‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

في لحظة يصعب نسيانها، ظهر النجم الأميركي فين ديزل، وهو يدفع الأسطورة البريطانية مايكل كين على كرسيه المتحرّك فوق خشبة مسرح حفل افتتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، مساء الخميس، في مشهد بدا كأنه يُلخّص روح دورة خامسة تجمع بين شغف السينما وامتنانها لرموزها، وبين حضور دولي يُرسّخ جدة منصةً تلتقي فيها قصص نجوم «هوليوود» و«بوليوود» والعالم العربي.

وقف ديزل على المسرح لتقديم الجائزة التكريمية، قائلاً: «هذه الليلة مميّزة بالنسبة إليّ، لأنني أقدّم جائزة لشخص تعرفونه جميعاً بأنه من أفضل الممثلين الذين عاشوا على الإطلاق... مايكل كين يملك من الكاريزما ما يفوق ما لدى معظم نجوم هوليوود». أمّا كين، الذي بلغ التسعين من عمره، فصعد إلى المسرح بدعم 3 من أحفاده، وقال مازحاً: «أتيتُ لأتسلم جائزة، ولا يفاجئني ذلك... فقد فزت بأوسكارين».

مايكل كين متأثّراً خلال كلمته على المسرح (إدارة المهرجان)

كان ذلك المشهد الشرارة التي أعطت مساء الافتتاح طابعاً مختلفاً؛ إذ لم تكن الدورة الخامسة مجرّد احتفاء بفنّ السينما، وإنما إعلان عن نقلة نوعية في موقع السعودية داخل الخريطة العالمية، حيث تتقاطع الأضواء مع الطموح السينمائي، ويتحوَّل الافتتاح من استقطاب للنجوم وعروض الأفلام، إلى قراءة لصناعة تتشكَّل أمام العالم.

وانضم إلى مايكل كين في قائمة النجوم المكرّمين لهذا العام: سيغورني ويفر، وجولييت بينوش، ورشيد بوشارب، وستانلي تونغ، فيما استمرَّت أسماء عالمية في التوافد إلى جدة في اليومين الماضيين، من بينهم جيسيكا ألبا، وأدريان برودي، والمخرجة كوثر بن هنية.

وينسجم ذلك مع كلمة وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، خلال الحفل، بأنّ المهرجان أصبح منصةً تعكس التحوّل الكبير الذي يشهده القطاع الثقافي في المملكة، ويُظهر دور الشباب في تشكيل مشهد سينمائي ينسجم مع طموحات «رؤية 2030»، مشيراً إلى أنّ الثقافة تُعد إحدى أقوى أدوات التأثير عالمياً.

حشد سينمائي عالمي كبير في الحفل (إدارة المهرجان)

السعودية... بدايات هوليوود

ومثل عادة المهرجانات، اتّجهت الأنظار نحو السجادة الحمراء، فامتلأت «الريد كاربت» الواقعة في منطقة البلد التاريخية بطيف نادر من نجوم السينما العالمية؛ من داكوتا جونسون، وآنا دي أرماس، ورئيس لجنة التحكيم شون بيكر وأعضاء اللجنة رض أحمد، وناعومي هاريس، ونادين لبكي، وأولغا كوريلنكو، إضافة إلى كوين لطيفة، ونينا دوبريف؛ اللتين شاركتا في جلسات حوارية مُعمَّقة قبل الافتتاح.

وخلال الحفل، أكد رئيس لجنة التحكيم شون بيكر، أنه متحمّس جداً للحضور في السعودية، التي شبَّهها بـ«هوليوود في أيامها الأولى»، مضيفاً: «بينما نُقاتل للحفاظ على دور العرض في الولايات المتحدة، افتُتِحت هنا مئات الصالات خلال 5 سنوات، لتصبح السعودية أسرع أسواق شباك التذاكر نمواً في العالم. ما يحدث هنا مُلهم ودافئ للقلب».

رئيسة مجلس أمناء مؤسّسة «البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد (إدارة المهرجان)

من جهتها، تحدَّثت رئيسة مجلس أمناء مؤسّسة «البحر الأحمر السينمائي»، جمانا الراشد، عن أثر المؤسّسة خلال السنوات الخمس الماضية، قائلة: «لقد بنينا بهدوء ما كان كثيرون يرونه مستحيلاً: منظومة تمنح صنّاع الأفلام من آسيا وأفريقيا والعالم العربي القدرة على القيادة». وأشارت إلى أنّ 7 أفلام دعمها «صندوق البحر الأحمر» اختارتها بلدانها لتمثيلها في «الأوسكار»، وهو دليل على أثر الصندوق الذي دعم أكثر من 130 مشروعاً خلال 5 سنوات فقط. وأوضحت أنّ الدورة الخامسة تضم هذا العام 111 فيلماً من أكثر من 70 دولة، وتسلّط الضوء على 38 مُخرجة، مؤكدة أنّ حضور المرأة في هذه الدورة يُسهم في إعادة تعريف حدود السرد السينمائي، ويشكّل جزءاً أساسياً من روح المهرجان.

 

«العملاق»... فيلم الافتتاح

وفي نهاية الحفل، بدأ عرض فيلم الافتتاح «العملاق» للمخرج البريطاني - الهندي روان أثالي، وهو عمل يستعيد سيرة الملاكم البريطاني - اليمني الأصل نسيم حمد «برنس ناز»، والفيلم من إنتاج سيلفستر ستالون، ويقدّم فيه الممثل المصري - البريطاني أمير المصري أهم أدواره حتى الآن، بينما يلعب بيرس بروسنان دور المدرّب الذي شكّل مسيرة ناز.

ورغم أنّ السِّير الرياضية مألوفة في السينما العالمية، فإنّ اختيار هذا الفيلم تحديداً يحمل دلالة ضمنية؛ فهو عن شاب صنع مساراً لم يكن موجوداً، وعَبَر حدود التصوّرات الطبقية والثقافية ليصنع له مكاناً يُشبهه. بما يُشبه إلى حد كبير قصة الصناعة السينمائية المحلّية التي تُحاول إعادة تعريف صورتها أمام العالم، وتبني حضورها من نقطة البدايات، بمزيج من الحلم والهوية والإصرار، لتصل اليوم إلى مرحلة النضج في دورة تحتفي بشعار «في حبّ السينما»، وتحمل معها 10 أيام من عروض وتجارب تُعيد إلى الفنّ السابع قدرته الأولى على الدهشة.