سادت حالة من التأثر الشديد في حفل افتتاح الدورة الـ18 من المهرجان القومي للمسرح الذي أُقيم على «المسرح الكبير» بدار الأوبرا المصرية، الأحد، فهي الدورة الأولى التي لا تشهد حضور الفنانة سميحة أيوب الملقبة بـ«سيدة المسرح العربي»، التي وافتها المنية في يونيو (حزيران) الماضي عن عمر ناهز 93 عاماً.

وبدا التأثر واضحاً في كلمة وزير الثقافة المصري أحمد فؤاد هنو، مشيراً إلى أنه «كان له شرف التزامل معها في الإعداد لتلك الدورة ما جعله يشعر بالفخر لأنها سيدة عظيمة حملت فوق كتفيها تاريخاً من الفن وقوة الحضور»، وفق كلمته بالحفل، مؤكداً أنه «يفتقدها اليوم بشدة كرمز لا يُنسى من رموز المسرح العربي».
وبلغت قائمة المكرمين في الافتتاح 10 من صناع فن المسرح، فيما أبدى كثيرون ارتياحهم لتضمن القائمة أسماء اعتُبرت «صاحبة موهبة قوية وتاريخ ناصع لكنها دخلت دائرة التهميش والنسيان»، كما في حالة الفنانين أحمد نبيل وجلال العشري.

ويعد نبيل رائد فن «البانتومايم» بمصر ويقصد به «استخدام الجسد في التعبير عن مشاعر ودراما دون اللجوء للكلمات»، كما ذاعت شهرته عبر عدد من المسلسلات في حقبتي الثمانينات والتسعينات مثل «سر الأرض» و«ألف ليلة وليلة» و«الزيني بركات» و«الوتد» و«رأفت الهجان».
بينما شارك جلال العشري في أكثر من 160 عرضاً مسرحياً متنوعاً على مدى تاريخه، كما عرفه الجمهور على نطاق واسع من خلال مشاركته في مسلسلات «سنبل بعد المليون» و«ابن النظام» و«العصيان».
وبحسب الناقد الدكتور عبد الكريم الحجراوي، فإن «التكريم رد الاعتبار إلى قطاعات أخرى شديدة الأهمية في صناعة المسرحيات، كما في أسماء المخرجين عبير علي وأحمد عبد الجليل والمؤلف سليم كتشنر ومصمم السينوغرافيا صبحي السيد»، معتبراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «تكريم هؤلاء يحقق نوعاً من (العدالة) حيث لا ينبغي أن يتركز الاهتمام فقط على مشاهير الممثلين».

وأضاف الحجراوي: «تعد تلك الدورة من أكثر الدورات التي شهدت توافقاً بين مختلف الأطراف حول أسماء المكرمين، حيث سلطت الضوء على تجارب امتدت لعقود طويلة».
ورغم اتفاق الناقد المسرحي أحمد عبد الرازق أبو العلا مع فكرة أن «قائمة المكرمين هذه الدورة تشمل أسماء مستحقة للغاية»، فإنه أبدى تحفظه على أسماء أخرى تم تكريمها، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط».
كما انتقد أبو العلا آلية التكريم، وقال إن «كل مَن تم تكريمهم خارج العاصمة مثل مهندس الديكور سمير زيدان والفنان ياسر علي ماهر لم يحصلوا على الاهتمام الكافي إعلامياً ولم تصدر عنهم كتيبات مثلما حدث مع مَن تم تكريمهم في حفل الافتتاح، وبالتالي لم تكن هناك عدالة».

وحملت الدورة الجديد من المهرجان شعار «المهرجان في كل مصر»، في إشارة إلى كسر مركزية العاصمة القاهرة، والانطلاق صوب مختلف المحافظات، وهو ما تحقق فعلياً من خلال إقامة العديد من العروض والورش الفنية بعدة محافظات على هامش هذا الحدث، منها الجيزة وأسيوط والغربية والإسكندرية وبورسعيد.
وتضم الدورة الجديدة للمهرجان 35 عملاً تشكل مختلف أطياف الحركة المسرحية على مدى عام كامل في مصر، من أبرزها «سجن النسا»، و«يمين – شمال»، و«كارمن»، و«حكايات الشتاء» وهى من إنتاج مسرح الدولة، و«ثرثرة»، و«رحلة حنظلة»، و«الإخوة كارامازوف» من إنتاج الفرق الحرة والمستقلة، أما فرق الهواة فكان لها حضورها عبر أعمال منها «العشاء الأخير» و«حفل تأبين»، في حين قدم المسرح الجامعي «أصحاب الأرض» و«محاكمة السيد أرثر ميللر».











