تلوذ الصقور المقيمة في مرابط مهيأة في عدد من مناطق السعودية، وتفتح أبوابها مع ذروة فصل الصيف بوصفها ملاذات استجمام آمنة وهادئة، مع احترازات وشروط مخصصة تحمي الصقر من الرطوبة، ومن حرارة الصيف، ويستعيد فيها لياقته وقوته ليصبح جاهزاً لموسم الصيد الجديد.
يقول موسى العمري، مالك أحد المرابط في المنطقة الغربية، إن سوق المرابط تزدهر طوال 6 أشهر من كل عام، لا سيما خلال ذروة فصل الصيف، حيث يبدأ في استقبال الصقور المقيمة، لتقضي فترة درج البعض على تسميتها بـ«المقيض»، وهي فترة استجمام وراحة قبل موسم الصيد.
ويشير العمري إلى أن مرابط الصقور تتهيأ لهذه الفترة من خلال تجهيز الرعاية الصحية الضرورية، ووجبات الغذاء المتوازنة، والغنية بالبروتينات والفيتامينات، مع مراقبة منتظمة لحالة الصقر، وإجراء الفحوصات الدورية للكشف المبكر عن أي اعتلالات.
ويضيف العمري: «توفر المرابط البيئة الهادئة، والملاذ الملائم للصقر خلال فصل الصيف الذي يتزامن مع تبديل الصقر لريشه القديم، كي يكون جاهزاً لموسم الصيد، والذي يبدأ بانتهاء فصل الصيف».

وعن مكونات المربط، يقول العمري إن المرابط في العادة مكونة من بناء له سقف مرتفع، وأرضية ترابية، ويتم تبريده عن طريق مكيفات صحراوية، بالإضافة إلى مراوح تهوية بغرف معزولة، بحيث يحافظ المربط على درجات حرارة تتراوح ما بين 25 و28 درجة مئوية، وله منافذ تشميس خاصة، فيما تحظى بعض أنواع الصقور بعناية خاصة، ومنها صقور الشاهين التي تُعزل في مضافات خاصة بسبب تفاوت كميات الأكل المناسبة لها، إضافة إلى حساسيتها تجاه الفصائل الأخرى، مشيراً إلى أهمية تعقيم المرابط دورياً، تلافياً لإصابة الصقر بمشكلات صحية، مثل الالتهابات، كما يتم التأكد من تقليل نشاطات التدريب والصيد خلال هذه الفترة، لتجنّب إجهاد الصقر.
«المقيض» دورة سنوية لاستبدال الريش
وتشهد الصقور خلال فترة إيوائها في المرابط أو المقيض مرحلة تجديد الريش، وهي جزء من دورة حياة الصقر السنوية، حيث توفر المرابط البيئة المناسبة لضمان نجاحها، ومساعدة الصقر على استعادة حيويته، وقدرته على التحليق.
وخلال هذه الفترة، التي تبدأ غالباً في مارس (آذار)، وتستمر إلى الأول من أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، يتساقط الريش القديم تدريجياً، وينمو بدلاً عنه ريش جديد.

ويضم جناح الصقر الواحد نحو 22 ريشة، والريش الأساسي يبدأ من السابعة حتى الموس، وهي جوهر جناح الصقر، التي يعتمد عليها في الصيد، لذلك يوليها عناية خاصة، أما باقي الريش فيطلق عليه (الغواطي)، لأنها تغطي بقية الجناح، وتستغرق فترة طرح الريشة الواحدة وتجدد نموها ما بين (3-8) أسابيع، اعتماداً على طول الريشة.
نهاية موسم إيواء الصقور
يقول علي الغانمي، الذي قضى عقدين في هواية صيد الصقور، وأودع طيره لدى أحد المرابط، إنه لا ينقطع عن متابعة حالة الصقر من خلال هاتفه الموصول مباشرة بكاميرا في المربط، ويضيف أنه بمجرد انتهاء فصل الصيف، يشارك مع مجموعة من رفقائه في إعادة تأهيل صقورهم، وتجهيزها بعد أن ظلت طوال فصل الصيف في المقيض استعداداً لموسم الصيد الفعلي الذي يبدأ عادة بعد شهر أكتوبر من كل عام.
ويضيف الغانمي أنه يتخير المناطق البرية المفتوحة لأداء تمارين لاستعادة لياقة الصقر يومياً من بعد صلاة العصر وحتى مغيب الشمس، وذلك خلال مدة تتراوح ما بين أسبوعين إلى شهر تقريباً، وهي تختلف بحسب خبرة مالك الطير، واستجابة كل صقر، ومستوى الرعاية التي قدمها المربط خلال فترة الاستجمام.

ومع بداية ظهور نجم سهيل، تأخذ درجات الحرارة في الانخفاض تدريجياً، ما يؤذن ببواكير موسم الصيد، وخروج الصقور من مرابطها، ويرافق ذلك تغييرات طبيعية، مثل اخضرار النباتات الصحراوية، وانخفاض درجة حرارة المياه الجوفية، وتبدأ طلائع الطيور المهاجرة البرية والبحرية في الوصول إلى شواطئ الخليج العربي الدافئة.
وبحلول الموسم، يبدأ ملاك الصقور الاستعداد لطرح (صيد أو شبك) الصقور، وخاصة في مطلع شهر سبتمبر (أيلول)، حيث تسلك الصقور والشياهين مسار الهجرة السنوية، وتستمر في حركتها الدائبة حتى شهر ديسمبر (كانون الأول)، وتمر الصقور المهاجرة بالكثير من الدول العربية، ومنها السعودية، وعندها تبدأ الصقور المقيمة موسمها الحافل، وقد اكتسبت قوة، واستعادت لياقتها، وتهيأت لموسم جديد.




