أظهرت دراسة تجريبية - برازيلية أن برنامجاً يعتمد على أنشطة حسية - حركية ممتعة يمكن أن يُحدث تحسناً ملحوظاً في سرعة القراءة، والانتباه، والثقة بالنفس لدى الأطفال المصابين بعُسر القراءة.
وأوضح الباحثون من جامعة ولاية ساو باولو أن التدخلات التي تدمج بين الحركة، والتفاعل الاجتماعي، والأنشطة المعرفية قد تعزّز قدرات القراءة بشكل فعّال، حتى خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً، ونُشرت النتائج، الأربعاء، بدورية «Applied Neuropsychology: Child».
ويُعد عُسر القراءة اضطراباً شائعاً في التعلم يؤثر على قدرة الفرد على القراءة بطلاقة ودقة، رغم تمتعه بمستوى طبيعي من الذكاء والدافعية. وغالباً ما يظهر في مرحلة الطفولة، ويتجلى في صعوبة تمييز الحروف، وتهجئة الكلمات، وربط الحروف بالأصوات. ويعاني المصابون عادة صعوبةً في تثبيت النظر على الكلمات أثناء القراءة؛ ما يؤدي إلى بطء في الفهم.
وشملت الدراسة 11 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 10 و12 عاماً، جميعهم يعانون عُسر القراءة. خضع الأطفال لتدريبات منتظمة مرتين أسبوعياً لمدة شهرين، بواقع 60 دقيقة لكل جلسة. وتضمنت التدريبات أنشطة ترفيهية تدمج بين المهارات الحركية والاجتماعية والمعرفية؛ بهدف تنشيط مناطق الدماغ المسؤولة عن حركة العين والانتباه والفهم.
تحسن ملحوظ
وبعد انتهاء البرنامج، سجل الأطفال تحسناً ملحوظاً في سرعة القراءة، حيث انخفض الوقت اللازم لقراءة النصوص؛ ما يدل على تطور في كفاءة حركة العين وفهم الكلمات. كما لاحظ المعلمون وأولياء الأمور تحسناً كبيراً في مستوى الانتباه داخل الصفوف الدراسية، حيث أصبح الأطفال أكثر تفاعلاً واهتماماً بالمحتوى التعليمي.
وإلى جانب التحسن الأكاديمي، أظهرت التقييمات ارتفاعاً ملحوظاً في الثقة بالنفس والشعور بالرفاه النفسي لدى الأطفال، وهو ما يُعزى إلى إدراكهم الذاتي للتقدم الذي أحرزوه في مهارات القراءة.
وعلى الرغم من أن البرنامج لم يُظهر تأثيراً كبيراً على المهارات الحركية الدقيقة (مثل تنسيق اليد)، فإن الباحثين يرجعون ذلك إلى أن التدريبات لم تركز بشكل خاص على هذا الجانب.
ويعتقد الفريق البحثي أن تنشيط القشرة الدماغية، المسؤولة عن الوظائف المعرفية العليا، مثل التفكير واللغة والذاكرة، كان عاملاً مهماً في تحسين الانتباه؛ ما ساعد بدوره في تسريع القراءة، حتى خلال فترة قصيرة نسبياً من التدريب.
وقال الباحثون إنه «رغم العدد المحدود للمشاركين، تُشير النتائج إلى أن التحديات الحركية والمعرفية يمكن أن تساهم في تحسين أداء القراءة، خصوصاً من خلال تحسين حركة العين».
وأضافوا: «لاحظ المعلمون أن الأطفال أصبحوا أكثر انتباهاً وتفاعلاً في الصف، إلى درجة دفعت بعض أولياء الأمور إلى التساؤل عمّا تغيّر في روتين أبنائهم».
وأشاروا إلى أن عُسر القراءة غالباً ما يُشخّص بعد سن العاشرة، وهي مرحلة يكون فيها الأطفال قد تجاوزوا الفترة الحرجة لتطور الطلاقة في القراءة والمهارات الحركية؛ ما يجعل التدخل المبكر بالغ الأهمية.

