أكثر من مرة، ردَّدها رافاييل صفير، رئيس «مهرجانات بيبلوس الدولية»، قائلاً: «الصيف اللبناني لا يزال واعداً»، وذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي عُقد في منتجع «إده سانتس» للإعلان عن برنامج هذا المهرجان.
عبارة صفير، التي بدت متفائلة جداً، جاءت في اليوم نفسه الذي أُعلن فيه عن إلغاء «مهرجانات بيت الدين» لهذا الصيف؛ بسبب الحرب المشتعلة التي تُثير القلق في النفوس، وتمنع الطائرات من الالتزام بمواعيدها في مطارات المنطقة بأسرها.

لكن صفير متفائل، رغم أن برنامج «بيبلوس»، الذي أُعلن عنه بعد ظهر أمس، يتضمن 4 حفلات، 3 منها يحييها فنانون أجانب، يحتاجون إلى ركوب الطائرات وتخطي المعوقات. وأكد صفير أن الفنانين الذين اتُفق معهم ملتزمون الحضور، وأن الظروف الصعبة لن تثني اللجنة المسؤولة عن إحياء حفلاتها، واعداً بمستوى فني وتقني يليق بـ«مدينة الحرف».
وقد عُقد المؤتمر بمشاركة وزيرة السياحة، لورا الخازن لحود، التي تحدثت عن صمود جبيل بصفتها إحدى أقدم مدن العالم، وكيف أنها تبعث برسائل متجدِّدة بالموسيقى والانفتاح. وقالت لحود: «وزارة السياحة ترى في (مهرجانات جبيل) حجر أساس في البناء الثقافي والسياحي. نحن نؤمن بكل ما من شأنه أن يفتح آفاقاً اقتصادية ويُعيد ربط لبنان بالهوية والذاكرة، والقيم التي نريدها للمستقبل».
وهذه هي الدورة الـ23 لـ«مهرجانات بيبلوس»، التي ستنطلق في 5 أغسطس (آب) المقبل وتستمر حتى العاشر منه، في حفلات متوالية.

يبدأ الافتتاح مع الموسيقي اللبناني والملحن وعازف البيانو المحبوب غي مانوكيان، الذي يحيي حفله هذا بعد جولة عالمية ناجحة، حيث سيقف على «مسرح جبيل البحري» للمرة الثالثة، ليواصل إمتاع جمهوره بمزجه الحيوي بين الألحان الشرقية التقليدية وترجمتها الموسيقية العصرية، التي تشعل الفرح في قلوب محبيه.
أما الحفلة الثانية المنتظرة، فيحييها الـ«دي جي» البلجيكي لوست فريكونسيز يوم 8 أغسطس. وهو ملحن ومنتج ومؤلف للموسيقى الإلكترونية. لا يزال في الـ32 من عمره، لكنه رغم ذلك نال شهرة واسعة، بعد أن بدأ بمعدات بسيطة وبيتية على الإنترنت، ثم لاقى مزجه الإبداعي للموسيقى صدى واسعاً بين الشباب.
البرنامج بمجمله شبابي وأجنبي، يسعى من ناحية إلى استقطاب الفئة الشابة، وهي الأكثر إقبالاً على حضور الحفلات وشراء التذاكر، ومن ناحية أخرى، يقدم أفضل الخيارات الممكنة خلال وقت قياسي في التحضير. فالوقت كان أضيق من أن يسمح بالتعاقد مع فنانين محليين، أو باللجوء إلى إنتاج خاص، وهو ما يحتاج إلى رؤية وتمويل غير متوفرَين.
والحفلة الثالثة شبابية أيضاً، مع النجم الفرنسي الجزائري الأصل «سليمان»، وذلك في 9 أغسطس. وسليمان، المولود في فرنسا، صعد نجمه بعد مشاركته في برنامج «ذا فويس» عام 2016، فقد أنتج بعدها مباشرة 3 ألبومات، وحصد خلال مسيرته الفنية القصيرة والكثيفة كثيراً من الجوائز المهمة. لكنه برز مؤخراً وتعزَّزت مكانته بعد أن اختير للمشاركة في مسابقة «يوروفيجن»، فقد استطاع أن يحجز لفرنسا، التي مثّلها، مكانة متقدمة، ويُعدُّ اليوم من أبرز نجوم الأغنية الفرنكوفونية.

أما الحفل الأخير، فسيُقام في 10 أغسطس المقبل، وتغني خلاله الفنانة الفرنسية - الكاريبية نايكا، المعروفة بمزجها بين موسيقى البوب والتأثيرات الأفرو - كاريبية. وتُعرف نايكا بانفتاحها على الموسيقات المختلفة؛ مما جعلها تنتشر بسرعة وتأسِر قلوب الشباب، وهو ربما مما يفسر اختيارها من شركة «أبل» نجمةً لإحدى حملاتها الترويجية.
البرنامج الأجنبي الشبابي في «مهرجانات جبيل»، بعد الإعلان عنه، أثار تساؤلات الصحافيين عن استبعاد الفنانين اللبنانيين؛ مما فتح الباب أمام شرح توضيحي بشأن الأجور المرتفعة التي بات يطلبها النجوم اللبنانيون، وأن التعاقد مع فنانين أجانب كان الأسهل والأسرع في ظل ضيق الوقت المتاح للمنظمين؛ بسبب بلبلة الحرب التي تركتهم حائرين فترة طويلة قبل أن يحسموا أمرهم.
كان هناك إصرار من اللجنة المنظمة على أن المهرجانات، التي غابت العام الماضي، لا بدّ من أن تعود بأي طريقة، وأن جبيل لا بد من أن تنهض... «لقد حاولنا تنظيم المهرجان 3 مرات هذه السنة، وفي المرتين الأوليين لم نتمكن من تأمين التمويل، وهذا البرنامج الثالث الذي نعرضه اليوم كان له حظ القبول»... يتحدث صفير عن صعوبات وعوائق جمة تعاكس المنظمين، منها ارتفاع الضرائب حتى بلغت 40 في المائة من سعر كل بطاقة... «أنواع مختلفة من الضرائب تُفرض علينا من قبل الدولة اللبنانية، التي انخفضت مساعداتها للمهرجانات الصيفية لتبلغ الصفر. كذلك هناك الوضع غير المستقر بالمنطقة، في الوقت الذي نحتاج فيه إلى تطوير قدراتنا التقنية والفنية، والارتقاء بنوعية العروض التي نقدمها للمتفرج، كي نبقى مواكبين العصر... وهذا كله مكلف جداً».








