مصر: «المعرض العام» يتحرر من الكلاسيكية

دورته الـ45 تشهد مشاركة 326 فناناً في مجالات تشكيلية عدة

جانب من الأعمال المعروضة في بهو قصر الفنون (الشرق الأوسط)
جانب من الأعمال المعروضة في بهو قصر الفنون (الشرق الأوسط)
TT

مصر: «المعرض العام» يتحرر من الكلاسيكية

جانب من الأعمال المعروضة في بهو قصر الفنون (الشرق الأوسط)
جانب من الأعمال المعروضة في بهو قصر الفنون (الشرق الأوسط)

تتقاطع الفنون التشكيلية بمختلف مفاهيمها وخاماتها وأساليبها الفنية هذه الأيام في «قصر الفنون» بمصر، الذي يحتضن أعمال «المعرض العام» في دورته الـ45، ويستضيف جمهوره بشعار «من الدهشة إلى الفن»، وتستمر فعالياته حتى 15 يوليو (تموز) المقبل.

«لا فن دون دهشة، فالعمل الفني الذي يخلو من القدرة على إثارة الدهشة يفتقد حتماً إلى شيء ما»؛ هكذا تقول الفنانة إيمان أسامة، قوميسيور المعرض العام في تعليقها على شعار المعرض هذا العام.

قصر الفنون يستقبل زواره داخل دار الأوبرا المصرية (الشرق الأوسط)

وتضيف إيمان في حديثها مع «الشرق الأوسط»: «أحد ملامح هذه الدورة كان الخروج من كلاسيكية العرض، وتنويع التجربة الفنية، سواء من حيث المدارس أو الأجيال، ومنح تمثيل أكبر للفنون التفاعلية والتجريبية والفيديو آرت، والفوتوغرافيا، والعروض المفاهيمية، وعرضها بتناغم بجوار اللوحة والخزف والنحت، علاوة على مشاركة عدد كبير من الفنانين المصريين المقيمين خارج مصر بأعمال لافتة هذا العام».

تصوير على كرة مجسمة ضمن أعمال مختلفة (الشرق الأوسط)

وفي بهو «قصر الفنون» الذي يقع داخل دار «الأوبرا» المصرية، يستقبل الزائر أكثر من عمل يحمل مُفارقة فنية واضحة، بداية من عمل الفنان محمد أبو النجا الذي عرض «موزة» تجاور حذاءً بالياً مطلياً بالبرونز، حيث سرعان ما تستدعي تلك الموزة المُثبتة بشريط لاصق العمل الفني المفاهيمي الأشهر في تاريخ الفن للفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان الذي أثار جدلاً عالمياً عندما عُرض في معرض «آرت بازل» وبيعت «الموزة» بـ120 ألف دولار، وفي «المعرض العام» يقوم الفنان المصري باستدعاء تلك «الموزة» بالجدل العالمي المصاحب لها ليضعها في مفارقة نقدية بوصفها عنصراً يُجاور حذاء متهالكاً عُثر عليه تحت أنقاض مدرسة في غزة نجا من ركام الحرب، ليطرح بعمله التركيبي هذا سؤالاً عن الفن بوصفه مراقباً للأحداث، ومثيراً للجدل، والدهشة والصمت.

توظيف جمالي لخامة الحديد في عمل للفنانة نيفين فرغلي (الشرق الأوسط)

وفي عمل آخر يستحضر الفقد العميق، تطرح الفنانة المصرية سماء إبراهيم عرضاً يحمل اسم والدتها «رشيدة»، حيث تستثمر الفراغ لتشيّد عالماً مرئياً يُقارب رحلة والدتها الشرسة مع مرض السرطان، مستندة في عملها إلى عناصر تُضاعف من حضور السردية الشخصية وأثرها، التي تُحاكي البيت بتفاصيله الحميمة، من مفاتيح وكُتب ولوحات مُطرزة بالورود وشرائط فيديو قديمة، وأدخلت لتصميمها الورود المجففة التي حملت معها غبار الموت، بصفته جزءاً من تكوين العمل ومفهومه.

موزة وحذاء طفل في عمل تركيبي يطرح رؤية نقدية (الشرق الأوسط)

«الحرب والموت من الموضوعات التي يجد الفنان نفسه محاطاً بها ويصبح جزءاً منها، لذلك فهي حاضرة في أعمال هذه الدورة التي حملت طابعاً صادماً يتساءل عن دور الفن في كل هذا، وهو ما ستقوم بتوثيقه إحدى الدراسات النقدية حول تأثير الألم على العملية الفنية، وهي دراسة ضمن عدد من الدراسات النقدية التي تُنشر لأول مرة بالتزامن مع دورة المعرض العام حول تاريخه وإشكاليات الفن» كما تقول إيمان أسامة.

نحت يوظف حجر البازلت والزجاج (الشرق الأوسط)

ويشارك في هذه الدورة 326 فناناً يقدمون نحو 420 عملاً فنياً في مختلف المجالات، ويبرز استخدام الخامات المختلفة التي تحمل طابع الاستدامة في مجال النحت من حديد خُردة للمعدن إلى البرونز، وحتى «النحت الناعم» الذي يستخدم الخيوط والأقمشة في بناء مجسمات فنية، وآخر يوظف الحجر البازلت والزجاج كما في منحوتة «ماكينة خياطة» قديمة للفنان باهر جميل، وكذلك عمل للفنان هشام عبد الله يستخدم الورق المجسم و«الكرتون» في بناء مجسم يحاكي «آدم وحواء» بشكل تركيبي فانتازي ضخم.

عمل فانتازي يصور آدم وحواء باستخدام أوراق الكرتون (الشرق الأوسط)

وتطرح أعمال «تجهيز في الفراغ» وأخرى تستخدم «الفيديو آرت» في طرح موضوعات راهنة بعين فنية نقدية، منها عمل «شمس في سُبات» للفنان المصري المقيم في ألمانيا سامح الطويل في عمل يثير سؤال عودة رأس الملكة «نيفرتيتي» إلى مصر، وعمل آخر بعنوان «بماذا يحلم الناجون؟» للفنانة سماح حمدي، التي قدمت ما يشبه مسرحاً مُصغراً لعالم الموت والدماء، ومشاعر الناجين منه.

جانب من أعمال المعرض العام (الشرق الأوسط)

وتنقلنا أعمال أخرى إلى «دهشة» أخرى، تُحاكي عوالم الطفولة، كتمثال طفلة من خامة الحديد المُلوّن للفنانة والنحاتة المصرية نيفين فرغلي، وفتيات يُماثلن الدُمى في أعمال الفنانة مي الديب، مروراً بأعمال تحمل سمة سنتمالية كما في مُجسم يستخدم التصوير على خامة الخشب ليُصوّر مركباً بسيطاً يحمل على متنه رجلاً وامرأة بملامح شعبية رومانسية تستدعي عالم البحر.

تصوير على خشب يحاكي عالم البحر والمراكب (الشرق الأوسط)

وحسب الدكتورة إيمان أسامة، فإن «المعرض العام» يشهد بالتزامن مع فعالياته برنامجاً ثقافياً يضم ندوات تطرح إشكالية الفنون، منها علاقة السينما بالفن التشكيلي التي يتحدث بها وزير الثقافة المصري أحمد هنو، والفنان حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، علاوة على موضوعات راهنة أخرى على رأسها تكنولوجيا الوسائط الفنية الحديثة، والتوثيق الرقمي للمتاحف.


مقالات ذات صلة

معرض وثائقي يُعيد إحياء ذاكرة السيدة زينب في قلب القاهرة

يوميات الشرق التاريخ حين يُروى (إدارة المعرض)

معرض وثائقي يُعيد إحياء ذاكرة السيدة زينب في قلب القاهرة

يحكي المعرض سيرة التطوّر العمراني وسياساته في منطقة السيدة زينب عبر أكثر من ألف و200 عام، ويضمّ مجموعة كبيرة من الرسوم الاستشراقية والصور الفوتوغرافية والخرائط.

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق فنٌّ يُكرّم الذاكرة (دار رعاية برمنغهام)

120 ثوراً تكسوها الألوان... برمنغهام تتحوّل إلى معرض في الهواء الطلق

انطلق في شوارع برمنغهام قطيع يضمّ أكثر من 120 ثوراً ضمن قافلة فنّية مجانية، مُزيَّنة بأنامل فنانين محلّيين، وموضوعة في أماكن مختلفة من المدينة البريطانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تحدّي «التحيُّز البصري» (معرض ليدز سيتي للفنون)

للمكفوفين حصّة في الجمال... حدث يُبدّد «التحيُّز البصري»

يستضيف معهد هنري مور في ليدز بإنجلترا معرضاً بعنوان «ما وراء المرئي»، بهدف تحدّي «التحيُّز البصري» في صالات العرض.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الفنان محمد عبلة ضيف شرف المعرض (قوميسير المعرض)

رواية «لا أحد ينام في الإسكندرية» تُلهم تشكيليين مصريين

عبر لوحات تفوح برائحة اليود، تجلت مدينة الإسكندرية (شمال مصر) ببحرها وناسها وتاريخها وتفاصيلها المختلفة في معرض فني نظمته مؤسسة «محو الأمية البصرية».

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق من معرض «السفارة الافتراضية» من تقييم سارة المطلق (واس)

فن الحكاية البصرية: ثلاث قيمات سعوديات يروين تجربتهن

في زخم الحركة الفنية السعودية، تبرز أسماء لفنانين وأعمال ومعارض، كما يتردد اسم «القيم الفني» الذي يتولى إخراج المعرض للجمهور عبر رؤية فنية خاصة.

عبير بامفلح (الرياض)

حفظ بلاغ يتهم الإعلامية بوسي شلبي بالتزوير في مستندات رسمية

الفنان محمود عبد العزيز والمذيعة بوسي شلبي (حسابها بـ«فيسبوك»)
الفنان محمود عبد العزيز والمذيعة بوسي شلبي (حسابها بـ«فيسبوك»)
TT

حفظ بلاغ يتهم الإعلامية بوسي شلبي بالتزوير في مستندات رسمية

الفنان محمود عبد العزيز والمذيعة بوسي شلبي (حسابها بـ«فيسبوك»)
الفنان محمود عبد العزيز والمذيعة بوسي شلبي (حسابها بـ«فيسبوك»)

عادت خلافات الإعلامية المصرية بوسي شلبي، وورثة الفنان الراحل محمود عبد العزيز، لتصدّر الواجهة، بعد أن أصدر وكيلها القانوني، بياناً يوضح قرار النيابة بمصر، حفظ البلاغ المقدم ضد بوسي شلبي، من الفنان كريم محمود عبد العزيز وشقيقه محمد، بشأن اتهامهما لها بتزوير واستعمال مستندات رسمية، وادعائها على خلاف الحقيقة أنها كانت زوجة والدهما.

وحسب البيان، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه فإن نيابة أكتوبر الكلية قد باشرت التحقيقات في البلاغ، وسألت الأطراف المعنية، وهم موظف السجل المدني المختص، وضابط الأحوال المدنية الذي أقر أن الزوج كان على علم بإثبات واقعة الزواج ببطاقة الرقم القومي، بجانب إثبات استعلام مصلحة الجوازات شهادة تحركاتهم، وشهادة ابنة شقيقته التي أقرت بزواجهما حتى وفاته، وكذلك شهادة الجار الملاصق بمحل سكنهما بأحد الأحياء، الذي أقر بإقامتهما بالعقار بعدّهما زوجين، وانتهت لحفظ واستبعاد شبهة «جريمة التزوير واستعمال محررات رسمية».

وبدأت الأزمة بين بوسي شلبي، وورثة الفنان الراحل تدخل دوائر التداول الإعلامي في شهر فبراير(شباط) الماضي، حيث نفت شلبي الأخبار المتداولة حينها، بطلاقها من محمود عبد العزيز منذ سنوات، ونشرت وسائل إعلامية محلية الخبر، الذي يؤكد أن شلبي اكتشفت وجود وثيقة طلاقها في أثناء وجودها بإحدى المصالح الحكومية بمصر لتغيير بيانات هويتها الشخصية.

ونشر الفنان كريم محمود عبد العزيز، نجل الفنان الراحل بياناً قانونياً، عبر حسابه بموقع «فيسبوك»، قبل شهرين أكد خلاله صدور أحكام بحفظ ورفض دعاوى قضائية، وبلاغات جنائية، قامت بها إحدى السيدات، تأكيداً على صحة أوراق طلاقها من والده.

وردت شلبي حينها، عبر بيان قانوني أكدت أن علاقتها بالفنان الراحل كانت علاقة زوجية شرعية قانونية يعلمها الجميع سواء الورثة أو الأقارب أو الأصدقاء، موضحة أن الإجراءات القضائية لم تنته وما زالت متداولة.

محمود عبد العزيز وبوسي شلبي (صورة أرشيفية)

وفي بيان آخر، تحدث كريم عن تفاصيل النزاع القضائي بينهم وبين بوسي شلبي والذي بدأ قبل عامين، حيث أكد أن تركة والده انحصرت بينه وبين شقيقه فقط، ووفق ما ورد في البيان، فإن شلبي قامت قبل عامين برفع دعوى «إثبات رجعة»، ضدهم عن واقعه الطلاق بصفتهم الورثة، لكن تم رفضها، وعدم ثبوتها وفقاً للمستندات.

فيما أكدت بوسي شلبي في بيان «أن هناك مسارات قضائية لا يمكن الإفصاح عنها حفاظاً على مجريات التحقيق وإجراءات التقاضي، وأن النزاع القضائي لا ينحصر في دعوى واحدة فقط، وذلك فيما يخص علاقتها بزوجها محمود عبد العزيز».

في السياق، أكد البيان، أن المكتب القانوني لبوسي شلبي بصدد استكمال الإجراء القانونية لإثبات حقها، من خلال خطوات وإجراءات قانونية سيتم الإفصاح عنها، بعد أن أظهر قرار النيابة العامة الكثير من الوقائع.

وحول ما إذا كانت هناك قضايا أخرى متداولة بين بوسي وورثة محمود عبد العزيز قال هاني حمودة محامي بوسي شلبي لـ«الشرق الأوسط»: «نعم ما زالت هناك قضايا التعويض التي أقامها ابنا الفنان الراحل وهي مؤجلة لجسلة 4 سبتمبر (أيلول) المقبل».

وتعليقاً على الأزمات الشخصية التي يتعرض لها بعض المشاهير بين الحين والآخر قال الناقد الفني المصري محمد عبد الخالق: «تابعنا الكثير من القضايا التي تتعلق ببعض المشاهير بسبب مشكلات في عملهم، أو حياتهم الخاصة كالزواج والطلاق ورؤية الأطفال أو النفقة والميراث، حيث يظهر الجانب الإنساني للبعض منهم خلال هذه القضايا، بعيداً عن أضواء الفن والشهرة، بعكس السابق، إذ كانت تحل الخلافات في الغالب بهدوء للحفاظ على الشكل والسمعة والنجومية، لكن مؤخراً حدث تغير في هذه الرؤية».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «لجوء النجوم للقضاء ليس عيباً، طالما لم تفلح الحلول الودية، رغم أن جميع الأطراف تخرج خاسرة إعلامياً، وينقسم الجمهور حولهم، وتصبح متابعة تفاصيل وأسرار حياتهم الخاصة لها الأولوية قبل أعمالهم الفنية».