«مفتاح ذكي» يُمكّن النبات من البحث عن الماء

يُمكن أن يُساعد هذا الاكتشاف في تطوير محاصيل مقاومة للجفاف (جامعة نوتنغهام)
يُمكن أن يُساعد هذا الاكتشاف في تطوير محاصيل مقاومة للجفاف (جامعة نوتنغهام)
TT

«مفتاح ذكي» يُمكّن النبات من البحث عن الماء

يُمكن أن يُساعد هذا الاكتشاف في تطوير محاصيل مقاومة للجفاف (جامعة نوتنغهام)
يُمكن أن يُساعد هذا الاكتشاف في تطوير محاصيل مقاومة للجفاف (جامعة نوتنغهام)

اكتشف فريق من الباحثين مفتاحاً جزيئياً في جذور النباتات يتميز بالاستجابة السريعة التى تُمكّنها من اكتشاف جفاف التربة وإعادة توجيه عملية نمو الجذور للبحث عن الماء.

يقول الباحثون إنه يُمكن لهذا الاكتشاف أن يُساعد في تطوير محاصيل مقاومة للجفاف ومواجهة تحديات الأمن الغذائي المستقبلية.

وتتفرع الجذور عادة استجابة لرطوبة التربة؛ بحثاً عن الماء والمغذيات. ومع ذلك، عندما يفقد الجذر النامي اتصاله بالتربة الرطبة، فإنه يُوقف مؤقتاً تكوين الفروع الجانبية. تُساعد هذه الاستجابة الذكية النباتات على إعادة توجيه نمو جذورها نحو المناطق التي تتميز في وفرتها بالمياه.

وأظهرت نتائج الدراسة، المنشورة في مجلة «ساينس» العلمية الشهيرة، الخميس، أن هذه الاستجابة التكيفية تُحفزها زيادة سريعة في أنواع الأكسجين التفاعلية (ROS) في أطراف الجذور، التي تعمل بوصفها إشارات إجهاد، تُشير إلى الجذور بأنها دخلت منطقة جافة.

أُجريت الدراسة الرائدة التي قادها علماء من جامعة نوتنغهام بالتعاون مع جامعة دورهام في إنجلترا، بالشراكة مع 7 مؤسسات إضافية في جميع أنحاء المملكة المتحدة وأوروبا، تجمع بين الخبرة في البيولوجيا الجزيئية، والبيولوجيا البنيوية، وتقنيات التصوير المتقدمة.

قالت الدكتورة بونام ميهرا، زميلة الاكتشاف في مجلس البحوث البيولوجية والبيئية (BBSRC) من كلية العلوم البيولوجية في جامعة نوتنغهام، التى قادت البحث: «هذه آلية سريعة وفعالة تُمكِّن النباتات من استشعار الإجهاد المائي والاستجابة له على الفور تقريباً؛ ما يُمكِّنها من الحفاظ على الموارد وتحسين نمو الجذور استجابة لبيئتها»، وفق بيان صدر الخميس.

وكان الفريق البحثي قد تمكَّن من تحديد آلية عمل إشارات سريعة تُمكِّن جذور النباتات من اكتشاف ظروف جفاف التربة والاستجابة لها، كما نجح في الكشف عن كيفية تفاعل أنواع الأكسجين التفاعلية (ROS) مع بروتين وهرمون محددين في النبات يُنظمان عمليات النمو والتطور، وكيف يُمكن تعطيل هذا التفاعل من خلال عمل البروتين كمفتاح جزيئي، يدمج إشارات الإجهاد البيئي مع التحكم الهرموني لتشكيل بنية الجذر.

وهو ما علق عليه البروفسور مالكولم بينيت من جامعة نوتنغهام: «يُظهر هذا العمل كيف يُمكن لبروتين واحد أن يعمل مستشعراً عالي الاستجابة، يربط إدراك النبات للإجهاد بقرارات النمو. إنه يفتح آفاقاً مثيرة لهندسة المحاصيل التي تتكيَّف بشكل أفضل مع البيئات محدودة المياه».


مقالات ذات صلة

تركيا تطلق المياه إلى نهري العراق «بعد موافقة إردوغان»

المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مصافحاً رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني في أنقرة (إعلام البرلمان)

تركيا تطلق المياه إلى نهري العراق «بعد موافقة إردوغان»

أطلقت تركيا، الأربعاء، دفعات أولى من المياه إلى نهري الفرات ودجلة في العراق، في ذروة فصل جاف ونقص حاد في مخزون المياه.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي تراجع «خطير» في خزين أنهر العراق وسدوده

تراجع «خطير» في خزين أنهر العراق وسدوده

ترسم بيانات ومعلومات متداولة عن واقع الخزين المائي في العراق صورة خطيرة لما يمكن أن تمر به البلاد خلال هذا العام والأعوام اللاحقة من جفاف شديد.

فاضل النشمي (بغداد)
تكنولوجيا أثبتت التجارب في «وادي الموت» أن الجهاز يمكنه إنتاج 160 مل من المياه يومياً حتى في رطوبة منخفضة تبلغ 21 في المائة (MIT)

جهاز يحصد الماء من الهواء دون كهرباء أو شبكة مياه!

ابتكر باحثو «MIT» جهازاً صغيراً يستخلص مياه شرب نقية من الهواء دون الحاجة للكهرباء ما يقدّم حلاً واعداً لأزمة المياه في البيئات الجافة.

نسيم رمضان (لندن)
العالم العربي وزير الري المصري يشارك في احتفالية نظمتها السفارة الألمانية بالقاهرة بمناسبة مرور 14 عاماً على «محادثات القاهرة للمناخ بين مصر وألمانيا» (الري المصرية)

«التغيرات المناخية» تفاقم أزمة المياه في مصر

شدد وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، الاثنين، على دور التغيرات المناخية في خلق «تحدٍّ كبير» للمنظومة المائية في مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي مدير مؤسسة مياه الشرب بدمشق وريفها (يسار) يتفقد سير العمل بمشروع الخزان ‏المركزي في بلدة صحنايا أبريل الماضي (سانا)

العاصمة السورية عطشى... ومدير مؤسسة مياه دمشق: «خطة طوارئ» لمعالجة الأزمة

كشف مدير المؤسسة العامة لمياه الشرب في دمشق وريفها، أحمد درويش، لـ«الشرق الأوسط»، أن المؤسسة اتخذت عدة إجراءات لمعالجة الأزمة.

موفق محمد (دمشق )

«انطباعات»... أحلام نساء تطفو على سطح المياه

«انطباعات» يدمج ما بين فني التصوير الفوتوغرافي وعصر النهضة (الشرق الأوسط)
«انطباعات» يدمج ما بين فني التصوير الفوتوغرافي وعصر النهضة (الشرق الأوسط)
TT

«انطباعات»... أحلام نساء تطفو على سطح المياه

«انطباعات» يدمج ما بين فني التصوير الفوتوغرافي وعصر النهضة (الشرق الأوسط)
«انطباعات» يدمج ما بين فني التصوير الفوتوغرافي وعصر النهضة (الشرق الأوسط)

يشعر زائر معرض «انطباعات» في غاليري «آرت ديستريكت» في الجميزة، بالحيرة من أمره، إذ يتساءل عمّا إذا كانت اللوحات المعروضة للفنانة لارا زنكول نُفِّذت بالريشة أو بعدسة كاميرا. يقترب منها أكثر فأكثر ليكتشف أنها صور فوتوغرافية مستوحاة من عصر النهضة، فشخصياتها من النساء تسبح في المياه، وفساتينها تلتفّ حول أجسادها لتؤلف لوحات كلاسيكية. في الوقت عينه، تشعر كأن ريشة «دافنشي» أو «مايكل أنغلو» أو «بوتيتشيلي» لامستها.

زنكول أرادت أن تعطي للفن الفوتوغرافي أبعاداً جديدة، فجمعت بين الصورة والريشة بعدسة ذكية. هي صاحبة خبرة طويلة في تصوير عارضات الأزياء، ونجحت في تقديم المرأة في قالب فوتوغرافي، ودمجته برؤية مستقبلية لعدسة متطورة، فولّدت بذلك أحلاماً نسائية تطفو على سطح المياه.

تقول زنكول لـ«الشرق الأوسط»: «اعتمدت تقنية التصوير في المياه من وراء واجهة حوض زجاجي (أكواريوم)، وطلبت من الفتيات أن يسبحن فيه على سجيتهن. فهن خبيرات في تصميم الرقص، ويدركن معنى لغة الجسد. ومع مجموعة أزياء انتقيتها لهن، تركت للأقمشة وألوانها أن تسهم في رسم موضوع كل صورة».

نَفّذت لارا زنكول لوحاتها الفوتوغرافية بطريقتين: في الأولى صوّرت النساء في المياه من خلف زجاج «الأكواريوم»، وفي الثانية اعتمدت المشهدية المصوّرة من فوق، ولعبت حركة المياه دوراً رئيساً في عملية التنفيذ. فغياب الجاذبية تحت المياه يسهم في إعطاء حركة الجسم أبعاداً أخرى، فكانت بمثابة عنصر فني أضافت إليه الإضاءة جمالية متوهجة.

وتحت عناوين مختلفة، تلتقط لارا زنكول صوراً لنساء متلبّسات بأحلامهن الضائعة.

فنراهن أحياناً هائمات في مياه عكرة، كما في سلسلة لوحات تحيك لهن أجواءً ضبابية من خلال استخدامها مادة الحليب. وتبرز الألوان القاتمة مثل الأحمر بتدرجاته، وهن يتصارعن مع زمنهن الصعب، كما في «أوقات مظلمة».

وتعلّق لارا زنكول: «هذه الصور أتخيلها وأترجمها بعدسة كاميرتي، مستلهمة إياها من واقع معيّن. ومرات أخرى، نوعية أقمشة الفساتين التي ترتديها الفتيات تولّد عندي تشابك موضوعات رؤيوية. وأركّز على حركة الجسد، وعلى طبيعة المياه التي يسبحن فيها؛ فنراها معتمة تشبه فترات الحرب التي مررنا بها، وفي لوحات أخرى تبدو هادئة وشفافة، إشارة إلى أوقات الطمأنينة. فالمياه عنصر تكويني رئيس في حياتنا، وهي تولّد عندي ما يشبه قصيدة شعرية تبدأ بموعد ولقاء وتُختتم بثرثرات عدسة صامتة».

في لوحات أخرى، كما في «اللؤلؤة» و«صمت غريب»، تلجأ لارا زنكول إلى الضوء، فتدمجه مع أقمشة الفساتين التي ترتديها الفتيات العارضات، فتعطينا نبذة عن فن التصوير الفوتوغرافي التجريدي. وتلعب على حركة المياه المتناثرة هنا وهناك، وكذلك على الأمواج التي تخترقها الفتيات برقصات تعبيرية، فتولّد لحظات تأمل عند ناظرها كي يكتشف مكنونات اللوحة.

وتعلّق زنكول: «هذه الخلطة المؤلفة من الألوان والحركة ألتقط تموّجاتها في اللحظة نفسها. في المرحلة الأولى، تكون المياه راكدة وشفافة، ومن ثم وبفعل الحركة، تتولّد فيها رسومات تلقائية. وعندما تخسر شفافيتها وتصبح غير صافية، ألجأ إلى زوايا وكادرات مختلفة، فتؤلف أجواء فوتوغرافية مختلفة عن غيرها. وأضيف إليها مادة الحليب أو القماش الأزرق كي أزودها بخلفية وغباش أرغب بهما».

في ركن من المعرض، نلاحظ لوحة بعنوان «حديقة الحيوانات» من مجموعة قديمة للارا زنكول. هنا يتدخل صاحب غاليري «آرت ديستريكت» ماهر عطّار: «إنها من أشهر لوحات لارا التي طبعت هويتها الفنية منذ بداياتها. وحضورها اليوم في معرضها (انطباعات) هو بمثابة تكريم لها، ومعها نسترجع فناً فوتوغرافياً مختلفاً طبع بداياتها». الصورة تمثّل رجلاً وامرأة في جلسة يرتشفان فنجان قهوة وتغمرهما المياه، وحدهما رأساهما الخشبيان، أحدهما بوجه حصان والآخر بوجه حمار، يطفوان فوق المياه.

ما دام أنك تتجوّل في معرض «انطباعات»، فلا بد أن تستوقفك التقنية الفوتوغرافية المستخدمة، وتسرد من خلالها زنكول قصصاً رومانسية بطلتها الأنثى. وقد زودتها بخلفية فنية تاريخية تعود إلى عصر النهضة، وهو ما يأسر انتباه الزائر ويضعه على مفترق طريق ما بين الفن الفوتوغرافي والرسم.

تركّز لارا زنكول على إبراز جمال الأنثى بملامحها وأقسام جسدها. لذلك يلاحظ مشاهد المعرض أشكالاً هندسية دائرية وغيرها، فيتساءل عن معانيها. وتوضح زنكول: «استوحيت هذه الأشكال الهندسية من المرأة نفسها، وكوّنتها من عاطفتها مرات، ومن أقسام جسدها مرات أخرى. وهو ما زوّد الصور بنفحة أنثوية بامتياز، ونعومة لا نجدها في لوحات ذكورية».

تخطو لارا زنكول من خلال معرضها نحو الفن الفوتوغرافي الأصيل. وتقول: «يجهل بعضهم أهمية هذا الفن، فلا يعيرونه الاهتمام المطلوب. وفي (انطباعات)، رغبت في أن يأخذ منحى فنيّاً يبرز ثراء خطوطه. فهو فن بحد ذاته يمكننا أن نرسمه بعدسة حرّة. وربما لأني لا أجيد فن الرسم، أفرغت كل ما أفكر به بهذه الطريقة. ولعبة الظل والضوء التي نشاهدها في لوحات الرسم تُطبَّق أيضاً في الفن الفوتوغرافي. ومنذ اختراع العدسة الفوتوغرافية، كانت المحاولات كثيرة لتوليد أفكار فنية تصوّر اللحظة وتزيدها تألقاً».