«وُلد في قصيدة»... معرض جماعي يمزج الشِّعر وسحر الألوان

يضمّ أعمالاً لـ18 مصوّراً ونحاتاً من مصر والعالم العربي

عمل للفنان عمر الفيومي ضمن المعرض (غاليري قرطبة)
عمل للفنان عمر الفيومي ضمن المعرض (غاليري قرطبة)
TT

«وُلد في قصيدة»... معرض جماعي يمزج الشِّعر وسحر الألوان

عمل للفنان عمر الفيومي ضمن المعرض (غاليري قرطبة)
عمل للفنان عمر الفيومي ضمن المعرض (غاليري قرطبة)

تمتزج القصائد الشعرية واللوحات التشكيلية في نغمة لحنيّة ولونية متّصلة، فالقصيدة تحكي قصة لوحة، واللوحة أو العمل النحتي يترجم قصيدة. يتبادل الشِّعر والرسم والنحت الأدوار في معرض «وُلد في قصيدة»، الذي يضمّ أعمال 18 مصوّراً ونحاتاً من مصر والعالم العربي؛ استضافه غاليري «قرطبة» في القاهرة.

اعتمد تصميمه على إتاحة جولة بصرية تتجاور فيها الأعمال الفنّية والقصائد التي كانت مصدر إلهامها، بما يمنح الزائر فرصة معايشة أكبر مع الكلمات وتفاعل الريشة واللون معها، أو بتعبير كلمة المعرض: «تطفو القصيدة فيه فوق طبقات اللون، وتبدو مثل مهدٍ لولادة جديدة».

منحوتة للفنانة سماء يحيى تتحاور مع قصيدة لمحمود درويش (غاليري قرطبة)

تحضر قصائد الشاعر الفلسطيني محمود درويش بشكل لافت، إذ كانت مصدر إلهام لعدد من الأعمال، من بينها منحوتة للفنانة سماء يحيى بخامة البرونز، استلهمت قصيدته التي يقول فيها: «سأكتفي بحظّ الطيور وحرّية الريح، قلبي الجريح هو الكون، والكون قلبي الفسيح». في حين تبدو لوحة أخرى للفنانة غادة مبارك كأنها في حالة تَحاور مع قصيدته التي يتساءل فيها: «ما معنى كلمة وطن؟ سيقولون: هو البيت، وشجرة التوت، وقنّ الدجاج، وقفير النحل، ورائحة الخبز، والسماء الأولى».

الفنانة رانيا خلاف مع عدد من المشاركين في المعرض (غاليري قرطبة)

ووفق منسّقة المعرض، الفنانة التشكيلية المصرية رانيا خلاف، فإنّ «أعمال الفنانين المشاركين تنتمي إلى أساليب فنّية متنوّعة، لتطرح علاقتنا بذاتنا وبالآخر، في خضمّ ظروف تاريخية وسياسية معقَّدة ولاإنسانية». وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «في بعض اللوحات، يستمد فنّ البورتريه فرادته من قدرته على الكشف عن تلك الخيوط التي تربط ذات الفنان بالعالم، بخرائطه المُلغزة، بوجوه متخيّلة، وربما لم تولد بعد».

وفي إحدى اللوحات، يبرز قناع كبير مترع بالتفاصيل، يبدو كأنه يُخفي وراءه سردية شعرية لوجه بعيد، وهي لوحة للفنان المصري محمد عبلة، استلهمها من قصيدة الشاعر المصري جمال القصاص، «أيها الوجه بماذا تُذكرني»، لتصنع اللوحة مع القصيدة تناصاً بصرياً مشهدياً يبدو كأنه امتداد لقصيدة القصاص بتأملاتها ودهشتها وظلالها وأشباحها.

الفنان محمد عبلة مع عمله المُستوحى من قصيدة للشاعر جمال القصاص (غاليري قرطبة)

ويستلهم الفنان السكندري ماهر جرجس لوحة من قصيدة للشاعر المصري الراحل أمل دنقل «على جناح طائر»، يتفاعل فيها مع الصدى الرومانسي للقصيدة بحسّ سوريالي نوستالجي.

وتبرز في الأعمال حالة الانفعال بالحرب والمقاومة، كما يظهر في عمل الفنانة الفلسطينية المقيمة في إيطاليا ريما المزين؛ وقد استلهمت فكرة البورتريه الخاص بها من فنّ التطريز، الذي يُعدُّ رمزاً من رموز الهوية الوطنية الفلسطينية المرتبط بالأرض والتاريخ والطبيعة. كما يقدّم الفنانان السودانيان كمال هاشم وطارق كمال، المُقيمان بين القاهرة والخرطوم، لوحات تعكس عمق الألم الناجم عن الانقسام والحرب في السودان، وفق منسّقة المعرض.

عمل للفنان ماهر جرجس مُستوحى من قصيدة لأمل دنقل (غاليري قرطبة)

بدوره، يتفاعل الفنان المصري عمر الفيومي في لوحته مع قصيدة للشاعر المصري أمين حداد، «لا يوجد أحد بالمنزل»، فيجعل بطلها في المقهى كأنه في حالة مناجاة شاردة مع غراب يُشاركه الطاولة، في لحظة يومية يتسلَّل إليها الشِّعر.


مقالات ذات صلة

رواية «لا أحد ينام في الإسكندرية» تُلهم تشكيليين مصريين

يوميات الشرق الفنان محمد عبلة ضيف شرف المعرض (قوميسير المعرض)

رواية «لا أحد ينام في الإسكندرية» تُلهم تشكيليين مصريين

عبر لوحات تفوح برائحة اليود، تجلت مدينة الإسكندرية (شمال مصر) ببحرها وناسها وتاريخها وتفاصيلها المختلفة في معرض فني نظمته مؤسسة «محو الأمية البصرية».

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق من معرض «السفارة الافتراضية» من تقييم سارة المطلق (واس)

فن الحكاية البصرية: ثلاث قيمات سعوديات يروين تجربتهن

في زخم الحركة الفنية السعودية، تبرز أسماء لفنانين وأعمال ومعارض، كما يتردد اسم «القيم الفني» الذي يتولى إخراج المعرض للجمهور عبر رؤية فنية خاصة.

عبير بامفلح (الرياض)
يوميات الشرق صناعة العطور تعتمد على خامات طبيعية (متحف الفن الإسلامي)

«مسك وزعفران»... المتحف الإسلامي بالقاهرة يستعيد تاريخ العطور

المسك والزعفران والعود والعنبر والكافور هي العناصر الخمسة الشرقية الرئيسية في تركيب العطور في العصر الإسلامي.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق البشر... حبَّات أُرز (فيسبوك)

أكوام من الأرز تُجسّد البشر... والناس يضحكون ويبكون

يواصل معرض يتخيَّل إحصاءات السكان البشريين في أكوام من الأرز بأحجام مختلفة، رحلته العالمية بتوقّفه في مقاطعة سوري بجنوب شرقي إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق بقايا الشجرة التي هزّت بريطانيا... الآن يمكن احتضانها (غيتي ومتنزه نورثمبرلاند الوطني)

نُصب فنّي يُحيي ذاكرة الشجرة التي أبكت بريطانيا

تقرَّر عرض جزء من شجرة «سيكامور غاب» ذات الشهرة العالمية، التي قُطعت بطريقة غير قانونية قبل نحو عامين، في مقاطعة نورثمبرلاند البريطانية، وذلك بشكل دائم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

9 أفلام عربية للمشاركة في «لوكارنو السينمائي»

لقطة من فيلم المخرج التونسي عبد اللطيف كشيش المشارك في «لوكارنو» (مهرجان كان)
لقطة من فيلم المخرج التونسي عبد اللطيف كشيش المشارك في «لوكارنو» (مهرجان كان)
TT

9 أفلام عربية للمشاركة في «لوكارنو السينمائي»

لقطة من فيلم المخرج التونسي عبد اللطيف كشيش المشارك في «لوكارنو» (مهرجان كان)
لقطة من فيلم المخرج التونسي عبد اللطيف كشيش المشارك في «لوكارنو» (مهرجان كان)

تشهد الدورة الـ78 لـ«مهرجان لوكارنو السينمائي» بسويسرا، حضوراً عربياً لافتاً؛ حيث تشارك أفلام عربية في عدد من أقسام المهرجان الذي يضم 11 قسماً، ومن المقرر أن يشارك في الدورة الجديدة التي تنطلق بين 6 و16 أغسطس (آب) المقبل، كل من: العراق، وفلسطين، وتونس، ولبنان، بـ9 أفلام، من بينها 7 أفلام في عرضها العالمي الأول.

وأعلن مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» عن دعمه 3 أفلام تشارك في «مهرجان لوكارنو السينمائي» بنسخته لعام 2025 عبر «مؤسسة البحر الأحمر»، وهي: «أركالا- حلم كلكامش» من إخراج العراقي محمد الدراجي، وفيلم «اغتراب» للمخرج التونسي مهدي هميلي، إلى جانب الفيلم الكازاخستاني «الصيرورة» من إخراج جنات الشانوفا.

وتبرز مشاركات السينما العراقية بشكل خاص في الدورة الـ78؛ إذ يقدم محمد الدراجي في فيلمه «أركالا– حلم كلكامش» رؤية لملحمة «جلجامش» عبر أجواء معاصرة، من خلال طفل مشرد مصاب بداء «السكري»، يحاول إقناع صديقه المقرب جلجامش الأسطوري بأخذه إلى عالم أركالا السفلي، ويعرض الفيلم بقسم «الساحة الكبرى»، بينما تدور أحداث الفيلم التونسي «اغتراب» داخل أكبر مصنع للصلب بتونس؛ حيث يعاني 4 عمال اضطرابات نفسية وجسدية ويطاردهم فقدان زميلهم.

ملصق الفيلم التونسي «اغتراب» (مهرجان البحر الأحمر)

ويعود المخرج العراقي عباس فاضل بفيلمه الوثائقي «حكايات الأرض الجريحة» بمشاركة زوجته المنتجة اللبنانية نور بالوك، ويرصد من خلاله وقائع الحرب اللبنانية ومعاناة اللبنانيين في مواجهتها. ويشارك الفيلم في المسابقة الرئيسية.

ويلفت الناقد العراقي مهدي عباس إلى أن فيلم «أركالا- حلم كلكامش» أُنتج بمشاركة كل من: السعودية، وقطر، والإمارات، وبريطانيا، وفرنسا، إلى جانب العراق. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «فيلم المخرج عباس الفاضل (حكايات الأرض الجريحة) يُعد إنتاجاً لبنانياً، وهو الجزء الثاني من فيلمه الوثائقي (حكايات المنزل البنفسجي) الذي رصد وقائع الحرب في لبنان»، مؤكداً أن المخرج يهتم كثيراً بالأفلام الوثائقية الطويلة، وسبق أن قدم فيلم «العراق... صفر واحد» في 5 ساعات.

ويشير عباس إلى أن ثالث مشاركة عراقية في «لوكارنو» هذا العام للفيلم الوثائقي الطويل «خالدون» وهو من إنتاج العراقي محمد الغضبان، وبمشاركة سويسرية وإخراج ماياتسومي، وقد حاز جائزة أفضل وثائقي بمهرجان «صندانس» ويعرض خارج المسابقة.

الفيلم الكازاخستاني الذي حاز دعم «مؤسسة البحر الأحمر» (مهرجان البحر الأحمر)

ويؤكد مهدي عباس أن «الحضور الذي تحققه السينما العراقية في المهرجانات الدولية على غرار مهرجان (كان) الذي تُوِّج فيه العراق بجائزتين مهمتين، يأتي في ظل منحة دعم السينما التي أقرها مجلس الوزراء العراقي، والتي أوجدت حركة سينمائية نشطة للشباب والرواد»، متوقعاً أن يتجاوز الإنتاج العراقي الطويل 20 فيلماً هذا العام، وأن تشارك أفلام أخرى في مهرجانات كبرى وتحصد جوائز.

كما تشارك تونس بفيلمين: الأول للمخرج والممثل عبد اللطيف كشيش، وهو بعنوان «Mektoub,My love: Canto Due» الذي يشارك في المسابقة الرسمية، ويعرض الفيلم رحلة أمين الذي يعود إلى بلدته ليقابل عائلته وأصدقائه. ويعدّ هذا العمل الجزء الثالث لفيلميه: «Intermezzo» و«Canto Uno»، بينما يشارك المخرج مهدي هميلي بفيلمه «Exile» (المنفى)، الذي يُعرض بالقسم الرسمي (خارج المسابقة).

وينضم لقائمة أفلام المسابقة الرسمية التي تضم 17 فيلماً، المخرج الفلسطيني كمال الجعفري بفيلمه الوثائقي «مع حسن في غزة» الذي يُوثق من خلاله الحياة في غزة، من خلال شرائط فيديو عثر عليها قبل الحرب.

وفي إطار دعمه للمواهب الشابة يخصص مهرجان «لوكارنو» قسماً للأصوات الصاعدة بالسينما المستقلة، وينضم الفيلم السوداني القصير «جهنمية» للمخرج السوداني ياسر فايز للمشاركة في هذا القسم.

ملصق الفيلم العراقي المشارك في «مهرجان لوكارنو» (مهرجان البحر الأحمر)

وعَدّ الناقد الفني المصري أندرو محسن «مهرجان لوكارنو»: «من المهرجانات الكبيرة ذات التاريخ الطويل في أوروبا»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه «منذ تولى مديره الفني جيونا نازارو منصبه وهناك فارق في نوعية اختيارات أفلامه، ما بين الحفاظ على ما يميز المهرجان، وإيجاد مساحة للأفلام التجريبية، وكذلك الاهتمام بالسينما العربية. وقد شهد المهرجان تكريم المخرج يسري نصر الله قبل عامين، وعرض نسخة مرممة لفيلمه (باب الشمس)، وكذلك عرض أفلام مهمة، مثل فيلم المخرجة الفلسطينية مها الحاج (ما بعد)».

وختم محسن قائلاً: «الحضور العربي موجود وواضح هذا العام، وبشكل خاص للمخرجين العراقيين، مثل عباس فاضل ومحمد الدراجي، والأفلام التونسية والفلسطينية التي تشارك فيه».