قال المخرج عمر عبد العزيز، رئيس اتحاد النقابات الفنية في مصر، إن السينما المصرية بدأت تتعافى من خلال أفلام تحقق إيرادات جيدة في الفترة الأخيرة، إلا أن عدد هذه الأفلام يظلُّ قليلاً مقارنة بإنتاج الثمانينات، داعياً إلى زيادة الإنتاج وتنوعه. كما أشار إلى أزمة الدراما المصرية، لافتاً إلى أنها لا تعتمد على الخبرات، وإنما على المخرجين الجدد «الذين يسمعون الكلام»، حسب تعبيره.
وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «أخيراً التفتوا إلى دور النقابات في إبداء رأيها في قضايا الدراما وصناعتها. في السابق، كانت تُتجاهل ولا يُستمع إلى رأيها، رغم أنها الأدرى بمشاكل المهنة».
وتابع: «مسعد فودة مثلاً يعرف مشكلات السينمائيين، ومن يعمل ومن لا يعمل، وكذلك أشرف زكي في نقابة الممثلين، ومصطفى كامل في نقابة الموسيقيين».
وأوضح أن «دور النقابات اجتماعي أكثر منه فني، فهي ليست مسؤولة عن الإنتاج، لكنها تؤدي دوراً مهماً في مجالات مثل الرعاية الصحية والاجتماعية». وقال إن ظروف التعامل مع الفنانين في تحسن، مضيفاً: «كان هناك اتجاه لاختيار مخرجين وكتاب بعينهم للعمل في شركات الإنتاج. وهناك توجه حالياً للاستعانة بكوادر من الشباب الجدد لأنهم (يسمعون الكلام) ويقبلون بأي شيء، ويصل الأمر أحياناً إلى أن بعض المخرجين لا يحضرون المونتاج، بل يحضره النجوم، وهذه جريمة».

وتابع: «لا أتخيّل أن كاتباً كبيراً مثل محمد جلال عبد القوي ليس له عملٌ درامي منذ نحو 20 سنة، وكيف لم يُخرج علي بدرخان فيلماً منذ 30 عاماً؟ على الأقل يمكن الاستعانة بهم في قراءة النصوص أو الاستفادة بخبراتهم». مستدركاً: «إن فكرة التعامل مع صنّاع الدراما الكبار على طريقة (خيل الحكومة)، بمعنى تجاهل مَن كبروا أو التخلّص منهم، فهذا أمرٌ مرفوض».
وبدأ عمر عبد العزيز مسيرته الفنية في السبعينات، وانطلق مخرجاً منذ بداية ثمانينات القرن الماضي، وقدم أعمالاً سينمائية عدّة، من بينها: «يا رب ولد»، و«الشقة من حق الزوجة»، و«ليه يا هرم»، و«أشتاتاً أشتوتاً»، و«فرحان ملازم آدم».
ومن أعماله الدرامية: «حروف النصب»، و«أحزان مريم»، و«الشارد»، و«امرأة في ورطة». وكان أحدث أعماله مسلسل «أهل الهوى» في عام 2013. وعن سرّ توقّفه لنحو 12 سنة، قال: «السبب أن هناك رفضاً لأبناء جيلنا، فشركات الإنتاج المسيطرة لا تنظر إلينا، رغم ذلك أُجهّز لأعمال جديدة، ولدي مشروعات كثيرة في الدراما والسينما، وأُعدّ نفسي مخرجاً سينمائياً بالدرجة الأولى».

وأضاف: «في هذه الفترة الأخيرة تولّيتُ مسؤولية شركة الاستوديوهات ودور العرض التابعة لوزارة الثقافة، ونحاول من خلالها تجديد وتطوير السينمات الحكومية».
وعن مستقبل دور العرض السينمائي في ظل تزايد المنصات الإلكترونية، قال: «ستظل مُتعة السينما مرتبطة بالتوجّه إلى دور العرض، والفيلم الجيد سيحصد إيرادات كبيرة. هناك فيلم عُرض في الفترة الأخيرة اسمه (سيكو سيكو)، من بطولة شباب، تجاوزت إيراداته 120 مليون جنيه، مما يعني أن السينما ستظل موجودة، فهذه الشاشة السحرية لها جاذبيتها الخاصة، بخلاف المنصات والمواقع الإلكترونية».
وقال إن «السينما صناعة وتجارة وفن، ويجب الاهتمام بمفردات الصناعة، ومعرفة كيفية تسويقها، ثم تقديم أعمال تعيش للزمن. السينما المصرية الآن وضعُها جيد، وتجب العودة إلى الإنتاج الغزير؛ ففي الثمانينات كنا ننتج 120 فيلماً، بينما متوسط الإنتاج السنوي حالياً نحو 23 فيلماً».

يُعِدّ عبد العزيز قلّة جهات الإنتاج اليوم واحدة من أبرز المشكلات التي تعاني منها صناعة السينما، ففي الماضي، «حين بدأ أبناء جيلي مثل عاطف الطيب، ومحمد خان وغيرهما، كانت الساحة تزخر بشركات إنتاج متنوعة، تختلف في مستوياتها وتُوجد بينها منافسة حقيقية. أما اليوم، فالوضع مختلف تماماً، إذ نشهد نوعاً من الاحتكار في الإنتاج السينمائي، وهو ما يؤثر سلباً على تنوّع الأعمال وتقدّم الصناعة».
وعن دور المهرجانات في نشر الثقافة السينمائية، قال، بصفته عضواً في لجنة المهرجانات بوزارة الثقافة: «نتحمّس كثيراً لإقامة فعاليات خارج القاهرة، وأرى أن مهرجانات مثل (أسوان الدولي لأفلام المرأة)، و(الأقصر للسينما الأفريقية)، و(الإسكندرية للفيلم القصير)، تنجح في جذب جمهور واسع، وتمنحهم فرصة للتفاعل مع السينما والتعرّف على تفاصيل صناعتها، وهو ما يعدّ أمراً بالغ الأهمية».



