خبراء يتوقعون تكرار «عاصفة الإسكندرية» بفعل التغيرات المناخية

بعض الأضرار التي لحقت بمنشآت ساحلية بالإسكندرية (أ.ف.ب)
بعض الأضرار التي لحقت بمنشآت ساحلية بالإسكندرية (أ.ف.ب)
TT

خبراء يتوقعون تكرار «عاصفة الإسكندرية» بفعل التغيرات المناخية

بعض الأضرار التي لحقت بمنشآت ساحلية بالإسكندرية (أ.ف.ب)
بعض الأضرار التي لحقت بمنشآت ساحلية بالإسكندرية (أ.ف.ب)

توقع خبراء مصريون تكرار «عاصفة الإسكندرية»، وغيرها من الظواهر الجوية والمناخية المتطرفة، مشددين على أن ما حدث فجر السبت هو أحد مظاهر التغيرات المناخية التي تجتاح كوكب الأرض منذ عدة عقود.

وطالب الخبراء الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بضرورة تطبيق منظومة متقدمة لأجهزة الرصد المبكر والاتصال الفوري بحيث تكون قادرة على نقل التنبيهات الفورية إلى المؤسسات الحكومية المختلفة وإلى المواطنين في الوقت المناسب.

من جانبه، وصف الدكتور صابر عثمان، الخبير الدولي في تغير المناخ ورئيس مجلس أمناء مؤسسة «مناخ أرضنا للتنمية المستدامة»، ما حدث بأنه «مظهر من مظاهر التغيرات المناخية، ويطلق عليه حدث جوي غير معتاد خارج عن البيانات التاريخية لآخر 30 عاماً، ما يعد حدثاً مناخياً متطرفاً طبقاً للتعريف الذى وضعته منظمة الأرصاد العالمية».

ثلوج سقطت بغزارة خلال العاصفة (أ.ف.ب)

وأرجع سبب حدوث مثل هذه الظواهر الجوية المتطرفة إلى التغيرات المناخية وارتفاع حرارة كوكب الأرض وزيادة نسب غازات الاحتباس الحراري عن النسب الطبيعية نتيجة الأنشطة البشرية الملوثة للجو وتبعات الثورة الصناعية والزراعة المكثفة وحرق الوقود الأحفوري وإلقاء المخلفات في الأماكن المكشوفة.

ظواهر متطرفة

وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن كل هذه التغيرات التي حدثت في الغلاف الجوي بدأت تؤدي إلى تغييرات في مظاهر الطقس والمناخ مثل السيول والأمطار الغزيرة والعواصف الرعدية في السواحل الشاطئية، وكذلك العواصف الترابية والرملية في المناطق الصحراوية وارتفاع درجات الحرارة وارتفاع منسوب سطح البحر، وغيرها من الأحداث الجوية والمناخية المتطرفة.

ووصف الدكتور هشام العسكري، أستاذ الاستشعار عن بُعد وعلوم أنظمة الأرض في جامعة تشابمان الأميركية، ما حدث فجر السبت في مدينة الإسكندرية من أمطار غزيرة ومتطرفة في وقت غير متوقع، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» بأنه «حدث مناخي متطرف»، قائلاً إن تغير المناخ حقيقة واقعة، وارتفاع درجات حرارة سطح البحر يؤدي إلى زيادة تكرار مثل هذه الظواهر الجوية المتطرفة وشدتها.

«عاصفة الإسكندرية» خلفت أضراراً مادية (أ.ف.ب)

وكانت عاصفة غير مسبوقة قد ضربت محافظة الإسكندرية، ثاني أهم المدن المصرية، في الساعات الأولى من صباح السبت، حيث شهدت هطول أمطار رعدية مصحوبة بعواصف شديدة، ما أثار حالة من القلق بين المواطنين.

من جهتها، أوضحت الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية أن محافظة الإسكندرية شهدت حالة من عدم الاستقرار في الطقس، ترافقت مع رياح قوية وصلت سرعتها إلى نحو 50 كيلومتراً في الساعة.

«الهبوب الكبير»

ويقول الدكتور محمد السيد شلتوت، أستاذ علوم البحار الفيزيائية والتغيرات المناخية في كلية العلوم بجامعة الإسكندرية في مصر، إن هذه الظاهرة تعرف بـ«الهبوب الكبير»، وتكونت أولاً في طبقات الجو العليا فجر اليوم (السبت)، في شكل هواء هابط في أجواء من الضغط المنخفض مع وجود بخار الماء، مما أدى لتكون سحب ركامية.

وأوضح شلتوت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه انفصل من هذه السحب الركامية خلية ركامية دخلت أجواء الإسكندرية مسببة هذه الظاهرة المناخية المتطرفة، واصفاً الأمر بصنبور انفجرت منه المياه بقوة شديدة وبشكل مفاجئ غير متوقع وفي كل الاتجاهات.

وشدد على أنه من الصعب التنبؤ بمثل هذه الظواهر المناخية المتطرفة، إلا في حالة وجود تقنيات إنذار مبكر متقدمة، مؤكداً أن التحذير سيكون لحظياً أو قبل وقوع الحدث بساعات قليلة.

ونصح شلتوت المواطنين بالامتناع عن الخروج إلى الشوارع في مثل هذه الحالات الطارئة وضرورة توخي الحذر.

من جانبه قال عثمان إن الأمر يحتاج إلى منظومة متكاملة تستخدم أجهزة رصد متقدمة، وتدير كيفية إيصال المعلومات للمؤسسات المختلفة وإلى الجمهور العام، مطالباً بضرورة زيادة عدد محطات الرصد وتوزيع الأدوار بين المحليات والوزارات والتنسيق فيما بينها مع التوظيف السليم لوسائل الاتصال والإعلام المختلفة.

جانب من عمليات رفع المياه من أحد أنفاق الإسكندرية (أ.ف.ب)

فيما تؤكد الدكتورة سارة فؤاد، أستاذة الهندسة المعمارية للمناظر الطبيعية المشاركة في الجامعة التقنية في ميونيخ بألمانيا، أن العديد من المدن الساحلية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، تواجه مخاطر التغييرات المناخية بما فيها من العواصف والسيول، مشددة على أن «الزحف العمراني المتزايد على طول هذه السواحل يفاقم من خطورة تلك الظواهر التي لوحظ تزايد وتيرتها على مدار العقد الماضي».

تهديدات متزايدة

وأضافت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن قلة الوعي العام بهذه التهديدات المتزايدة، إلى جانب التدهور الذي تشهده الموارد الطبيعية مثل القنوات المائية التي تنظم حركة المياه عند حدوث الفيضانات في هذه المدن يزيد من حدة وتأثير التغيرات المناخية، مشددة على أن لهذه القنوات دوراً محورياً في تبريد المناخ، وفي عملية تدفق المياه المحملة بالطمي إلى البحر، التي تعمل بدورها على نقل الرواسب إلى الساحل، وهذا من شأنه أن يخلق حصناً طبيعياً ضد التآكل المستمر لتلك السواحل.

وقالت سارة فؤاد إنه يجب الاستعداد لمثل هذه الأحداث وتقليل الأضرار المترتبة عليها، من خلال رفع وعي المواطنين عن مخاطر التغيرات المناخية.

وأضاف العسكري: «يجب أن نظل يقظين ومستعدين للتكيف مع هذه الأنماط الجوية المتغيرة. دعونا نكون دائماً على استعداد ونعمل معاً لحماية مجتمعاتنا من آثار تغير المناخ».


مقالات ذات صلة

مع تزايد التهديدات... المفوضية الأوروبية تدعو الدول الأعضاء لتخزين السلع الأساسية

أوروبا المفوضية الأوروبية أشارت إلى تزايد التوترات الجيوسياسية والهجمات الإلكترونية (رويترز)

مع تزايد التهديدات... المفوضية الأوروبية تدعو الدول الأعضاء لتخزين السلع الأساسية

دعت المفوضية الأوروبية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز استعدادها لمواجهة الأزمات الكبرى، مثل الحروب وانقطاعات الكهرباء والأوبئة والكوارث الطبيعية.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الخليج وزير الخارجية السعودي أعرب عن تطلع بلاده إلى بناء تعاون مثمر عبر المنصات متعددة الأطراف من أجل مستقبل يزخر بمزيد من الفرص والتنمية المشتركة (واس)

السعودية تشدد في قمة «بريكس» على ضرورة إنهاء معاناة غزة

وزير الخارجية السعودي يُشير إلى أهمية تعزيز التعاون في مجالَي المناخ والصحة، داعياً إلى اتباع نهج عملي ومتوازن، يأخذ في الحسبان الظروف المتباينة للدول المختلفة.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو (البرازيل))
الولايات المتحدة​ مشهد من أعلى لمدينة جورج تاون في ولاية تكساس وسط فيضانات شديدة (رويترز) play-circle

فيضانات تكساس... الحصيلة ترتفع إلى 50 قتيلاً بينهم 15 طفلاً

ارتفعت حصيلة قتلى الفيضانات المدمِّرة في وسط تكساس إلى 50 شخصاً، بينهم 15 طفلاً.

«الشرق الأوسط» (تكساس)
يوميات الشرق أشخاص يسبحون في موقع على نهر السين بالعاصمة الفرنسية باريس (أ.ف.ب)

بعد قرن... عودة السباحة إلى نهر السين في باريس

رفعت السلطات المحلية في العاصمة الفرنسية، باريس، حظراً استمر لأكثر من قرن على السباحة في نهر السين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الولايات المتحدة​ أعمدة الدخان تتصاعد من «حريق مادري» في مقاطعة سان لويس أوبيسبو (أ.ب)

كاليفورنيا تواجه أكبر حرائق العام وتخشى صيفا خطرا

أعلنت السلطات الأميركية الخميس أنّ أكثر من 300 عنصر إطفاء يُكافحون أكبر حريق غابات تشهده كاليفورنيا هذا العام، مبدية خشيتها من صيف خطر للغاية يتهدّد الولاية.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

نائب أمير مكة المكرمة يتشرف بغسل الكعبة المشرفة

نائب أمير مكة المكرمة عقب تشرُّفه بغسل الكعبة المشرفة (واس)
نائب أمير مكة المكرمة عقب تشرُّفه بغسل الكعبة المشرفة (واس)
TT

نائب أمير مكة المكرمة يتشرف بغسل الكعبة المشرفة

نائب أمير مكة المكرمة عقب تشرُّفه بغسل الكعبة المشرفة (واس)
نائب أمير مكة المكرمة عقب تشرُّفه بغسل الكعبة المشرفة (واس)

نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، تشرَّف الأمير سعود بن مشعل، نائب أمير منطقة مكة المكرمة، الخميس، بغسل الكعبة المشرفة.

وقام الأمير سعود بن مشعل بغسل الكعبة من الداخل بماء زمزم المخلوط بماء الورد، وذلك بتدليك جدارها من الداخل بقطع القماش المبللة بالمخلوط، الذي يُحضَّر منذ وقت مبكر من قبل «هيئة العناية بشؤون الحرمين الشريفين»، وسط مشاركة عدد من المسؤولين وأعضاء السلك الدبلوماسي الإسلامي المعتمَدين لدى السعودية وسَدنة بيت الله الحرام.

الأمير سعود بن مشعل لدى قيامه بغسل الكعبة من الداخل بماء زمزم والورد (واس)

وتتضمّن مراحل غسل الكعبة 3 خطوات رئيسية تتميز تفاصيلها بالعناية المتقنة والدقة الفائقة التي تُجسد شرف الزمان والمكان، وتبدأ بالتحضير باستخدام 20 لتراً من ماء زمزم، و80 مل من دهن العود الخاص، إضافة إلى 540 مل من ماء الورد الطائفي.

وتشمل مرحلة الغسل استخدام 11 لتراً من طِيب غسل الكعبة المشرفة، و3 مل من المسك، وأخيراً مرحلة التطييب والتبخير بـ500 مل من دهن الورد الطائفي، و500 جم من بخور العود الفاخر.

الأمير سعود بن مشعل يقبّل الحجر الأسود قبل بدء مراسم غسل الكعبة المشرفة (واس)

وأكّدت الهيئة أن مراحل الغسل تُنفَّذ بعناية ودقة عالية تعكس مكانة الكعبة وبما يليق بقدسيتها ومكانتها الراسخة في قلوب المسلمين، مبيّنة أن جميع المواد المستخدمة تُحضَّر بعناية مسبقة؛ لضمان أعلى درجات الطهارة والخصوصية، ووفق أحدث وأرقى المنظومات المعيارية والخدمية لهذا الحدث العالمي.