«أنا وبناتي»... معرض عائلي يحتفي بالعواطف والفن

يضم 20 قطعة نحتية للفنان جمال عبد الناصر و14 لوحة لنجلتيه

عبد الناصر مع ابنتيه ريم وندى والفنان محمد عبلة وهاني ياسين مدير الغاليري (الشرق الأوسط)
عبد الناصر مع ابنتيه ريم وندى والفنان محمد عبلة وهاني ياسين مدير الغاليري (الشرق الأوسط)
TT

«أنا وبناتي»... معرض عائلي يحتفي بالعواطف والفن

عبد الناصر مع ابنتيه ريم وندى والفنان محمد عبلة وهاني ياسين مدير الغاليري (الشرق الأوسط)
عبد الناصر مع ابنتيه ريم وندى والفنان محمد عبلة وهاني ياسين مدير الغاليري (الشرق الأوسط)

عند دخول معرض «أنا وبناتي» للنحات المصري جمال عبد الناصر وابنتيه ريم وندى، يغمرك على الفور إحساس بالبهجة ودفء المشاعر، والحوار المثمر بين الأجيال الفنية.

يضم المعرض المقام بغاليري «ياسين» في الزمالك بعنوان «أنا وبناتي» 20 قطعة نحتية للأب و14 لوحة لابنتيه فيما يُعد مزيجاً رقيقاً ومختلفاً من الألوان والأشكال، وهو يفاجئ المتلقي بمجموعة متنوعة من المنحوتات والرسومات ذات التناقضات المدهشة، وتركيبات الألوان الزاهية والباهتة معاً، والانحناءات البارزة والكتل والفراغات المنسجمة، والخطوط الموحية.

الحركة من سمات أعمال الفنان (الشرق الأوسط)

وبمجرد النظر حولك في الغاليري، لا يمكن إنكار أن الفنانين الثلاثة يشكّلون فريقاً فنياً متناغماً، وعلى الرغم من ذلك، فهذه هي المرة الأولى التي يعرضون فيها أعمالهم معاً، حيث قدموا أعمالهم في صالات عرض مختلفة، وفي أوقات مغايرة؛ لذا لم تتح لهم هذه الفرصة للتلاقي الفني من قبل، لكن ربما حان الوقت لعرض أعمالهم معاً عبر هذا الحدث.

ويهدف عبد الناصر إلى تقديم فعالية تبرز الحب في مشاركة التجربة، وتحديداً العلاقة بين الأب وابنتيه؛ إذ يؤكد الحدث العاطفة والدعم المتبادلين، بالإضافة إلى أساليب عمل وإلهام وأفكار غنية، يقول عبد الناصر لـ«الشرق الأوسط»: «المعارض الجماعية بشكل عام، تجربة تشاركية مهمة في الفن؛ تتيح تبادل الآراء والخبرات، وتفتح باب المناقشات، لكنها لا تخلو من التنافس بشكل أو بآخر».

ويتابع: «أما المعرض الجماعي للعائلة، فيأتي محملاً بالعاطفة، والحميمية، ولكم شعرت بالسعادة بإشادة الجمهور بأعمال ندى وريم، والآراء الإيجابية من جانب النقاد».

يهتم عبد الناصر بتلوين منحوتاته (الشرق الأوسط)

ويشير: «لكل من ابنتَيَّ خصوصيتها، وشخصيتها الفنية المختلفة عن الأخرى، كما أن كلاً منهما تأثرت بأعمالي بطريقة غير مباشرة، ومختلفة».

ورصد عبد الناصر تجربة ابنته ندى قائلاً: «يظهر تأثر ابنتي الصغرى بحبي للحيوانات، وتجسيدي لها في منحوتاتي، مع تعدد الخامات في أعمالها، وهي تبتعد عن الكلاسيكية في أسلوبها الفني»، أما ابنته ريم فيرى أنها «تميل إلى التعبيرية ومناقشة قضايا مجتمعية مثل أهمية دور المرأة وعطائها اللامحدود».

الجرأة في اختيار الألوان من سمات أعمال ندى عبد الناصر (الشرق الأوسط)

ليست العاطفة وحدها هي ما تسيطر على أجواء المعرض المستمر حتى 29 مايو (آذار) الجاري، فثمة «روح» فنية واحدة تسيطر على المكان، برغم أنه لا يقتصر على نوع واحد من الفنون.

وربما ساعد على ذلك أن أعمال جمال عبد الناصر تجمع ما بين معطيات النحت والتصوير، فتجده يقوم بتلوين منحوتاته بالألوان الزاهية المبهجة، وهو أمر غير نمطي ومعتاد في النحت المصري، كما أنه يتخلى عن «نخبوية» ورصانة فن النحت وقواعد الجماليات المرتبطة به ليقدم أعمالاً أقرب للتصويرية، ما يجعله أقرب إلى المتلقي العادي عبر تقديم أشكال مرحة، كما يحمل بعضها قدراً من السخرية الساكنة، ويتسم بعضها الآخر بالحركة المفرطة، وفي المنحوتة الواحدة قد تجد تشكيلاً فراغياً ومصمتاً معاً.

يكسر عبد الناصر الأشكال النمطية (الشرق الأوسط)

فيما يتعلق بالألوان، يرجع الفنان الاحتفاء بها إلى تأثره بالمصري القديم والفلكلور الشعبي: «ترك المصريون روائع فنية ملونة في كل مكان؛ فقد اهتموا كثيراً باللون وتأثيره على المتلقي، كما أن الفن الشعبي يقدر الألوان، وتجده حتى في الشارع من خلال رسوم عربات الفول والمراجيح وحوائط البنايات».

ويواصل: «أما تنوع وتضاد الخامات والأشكال والأساليب الفنية التي أقدمها أحياناً فهو يرتبط بولعي بالتجريب، وهو ما يتسق مع إيماني بأنه من الضروري للتشكيلي أن يخوض تجارب كثيرة وإلا فسيموت فنياً؛ إذ تصبح أعماله باهتة مكررة، ومن هنا فإنني حتى لو قدمت الفكرة نفسها مثل الحيوانات فإنني أحرص على أن تكون في كل مرة بأسلوب وشكل ورؤية مختلفة».

الحيوانات بالنسبة لندى عبد الناصر مصدر أمان واحتواء (الشرق الأوسط)

«من المؤكد أن عرض أعمالك الفنية مع والدك أمر مُخيف، خصوصاً عندما يكون ذو مكانة مرموقة وبارعاً في عمله»، تقول ريم جمال عبد الناصر لـ«الشرق الأوسط»، وتتابع: «كانت التجربة بالنسبة لي نوعاً من التحدي فكيف يمكن للجمهور أن يستقبل لوحاتي وهي متجاورة مع منحوتاته؟ لكن ركزت تعليقاتهم على إبراز أوجه التشابه بيننا، ورأى كثيرون أن البهجة والحركة من أهم الأشياء المشتركة بيننا».

تقدم ريم 7 أعمال، تدور حول ثيمة العلاقة بين الرجل والمرأة، والاحتفاء بالأسرة، ويشعر المتلقي بأنه أمام مشاهد درامية متتابعة، ففي إحدى لوحاتها نلتقي برجل وامرأة كل منهما داخل مركب مختلف، وكل منهما يبحر في اتجاه مختلف، ويبدو أن هناك صراعاً بينهما.

من أعمال معرض «أنا وبناتي» (الشرق الأوسط)

إلى أن نجدهما أخيراً على متن مركب واحد، وكل منهما يجدف في دلالة على التعاون، وعدم استئثار أحدهما بقيادة المركب، بينما تحيط بهما في البحر الأسماك في دلالة على أن تعاونهما سيؤدي إلى الخير.

كما تبرز لوحة تجمع أفراد الأسرة على مائدة طعام واحدة، والأيدي تتلامس في حب، تقول الفنانة: «الأسرة نواة المجتمع، وسبب استقراره وسعادته، والفن ملهم، ومن يشاهد اللوحات تصله رسالة ومشاعر خاصة أود أن يستلهمها ويشعر بها، تدور حول دفء العلاقات الأسرية».

الفكاهة والمرح والجرأة في التشكيل والتلوين من سمات أعمال ندى جمال عبد الناصر، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «تأثرت كثيراً بأعمال والدي وبأسلوبه في التعامل معي في طفولتي، فلم يكن يتدخل في رسمي، أو في إحساس التلوين لدي».

لمة الأسرة حول مائدة الطعام في عمل لريم عبد الناصر (الشرق الأوسط)

وتتابع: «لم يعتبرني يوماً أشخبط أو أفرط في اختيار الألوان القوية الصريحة، كان فقط يلفت نظري بهدوء إلى بعض القواعد ويترك لي الاختيار، ومن هنا اكتسبت الثقة بالنفس في خطوطي وألواني، أمارس عملي بلا خوف من أي آراء حولي».

ومن خلال لوحات ندى السبع التي تشارك بها في المعرض بخامات مختلفة مثل الألوان الأكريلك، والقماش، والخيط، والخرز، يظهر كذلك تأثرها بحب والدها بتجسيد الحيوانات بلغة تشكيلية.


مقالات ذات صلة

احتفاء مصري بـ«مبدع الغرافيك والفنون البصرية» أشرف الحادي

يوميات الشرق أعمال ومراحل فنية متنوعة تضمنها المعرض (مركز الجزيرة للفنون)

احتفاء مصري بـ«مبدع الغرافيك والفنون البصرية» أشرف الحادي

احتفت وزارة الثقافة المصرية بتجربة الفنان الراحل أشرف الحادي، ونظم قطاع الفنون التشكيلية معرضاً استعادياً بمركز الجزيرة للفنون في الزمالك.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق تعدَّدت الملامح والاسم واحد (صور المعرض)

كليوباترا في باريس... الملكة المتمرّدة أيقونة تتجاوز الزمن

بفضل انتحارها، أفلتت كليوباترا من أسر الرومان، وصنعت أسطورتها الخالدة: الموت البطولي لملكة بالغة الجاذبية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا منظر لمنطقة «ووتر بلازا» في موقع المعرض العالمي بأوساكا 4 يونيو 2025 (أ.ب)

معرض «إكسبو» في اليابان يعلّق العروض المائية بسبب تلوّث بكتيري

عُلِّقت العروض المائية اليومية ومنطقة حمام السباحة الضحلة في معرض «إكسبو 2025» في مدينة أوساكا باليابان مؤقتاً بسبب تلوث بكتيري يتطلب أعمال تطهير.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق امرأة تتأمل منحوتة «شخصية» لخوان ميرو من نافذة «المؤسسة» في برشلونة (أ.ف.ب)

برشلونة تحتفي بـ50 عاماً من عمر «مؤسسة خوان ميرو»

«مؤسسة خوان ميرو» في برشلونة تحتفل بمرور 50 عاماً على تأسيسها، عبر برنامج فني متنوع يُبرز إرث الفنان الكاتالوني العالمي.

«الشرق الأوسط» (برشلونة)
يوميات الشرق عمل للفنان عمر الفيومي ضمن المعرض (غاليري قرطبة)

«وُلد في قصيدة»... معرض جماعي يمزج الشِّعر وسحر الألوان

تحضُر قصائد الشاعر الفلسطيني محمود درويش بشكل لافت، إذ كانت مصدر إلهام لعدد من أعمال المعرض، من بينها منحوتة للفنانة سماء يحيى بخامة البرونز...

منى أبو النصر (القاهرة)

أغانٍ شعبية من مصر والصين تتحاور في «متحف الحضارة» بالقاهرة

الأغاني الشعبية المصرية ضمن الاحتفالية (المتحف القومي للحضارة المصرية)
الأغاني الشعبية المصرية ضمن الاحتفالية (المتحف القومي للحضارة المصرية)
TT

أغانٍ شعبية من مصر والصين تتحاور في «متحف الحضارة» بالقاهرة

الأغاني الشعبية المصرية ضمن الاحتفالية (المتحف القومي للحضارة المصرية)
الأغاني الشعبية المصرية ضمن الاحتفالية (المتحف القومي للحضارة المصرية)

في حوار فني بين التراث المصري والصيني، احتضن المتحف القومي للحضارة المصرية حفلاً موسيقياً تضمن أغاني شعبية، ومقطوعات موسيقية من تراث البلدين، خلال احتفالية تحت عنوان «الحوار والتواصل: الموسيقى تربط العالم»، تزامناً مع اليوم الدولي الأول للحوار بين الحضارات، بالتعاون مع السفارة الصينية في القاهرة.

وعدّ الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية، الدكتور الطيب عباس، الفعاليات المتواصلة التي ينظمها المتحف، تسهم بشكل كبير في دعم التبادل الثقافي وتعزيز الحوار بين الشعوب، ولفت خلال بيان، الخميس، إلى «أهمية الفنون والموسيقى كجسور للتواصل والتفاهم بين الشعوب».

«وتكمّل حضارات العالم بعضها، وتُلهم بعضها، وأصبح التفاعل بين هذه الحضارات ذا أهميةٍ حيوية، والحوار بين الحضارات هو رباط سلام، ومحرك للتنمية، وجسر للصداقة»، وفق كلمة مصورة تضمنتها الاحتفالية لوزير الخارجية الصيني وانغ يي.

وتضمن برنامج الاحتفالية مجموعة من العروض الفنية والموسيقية المستوحاة من التراثين المصري والصيني، حيث قدم عدد من كبار العازفين الصينيين عروضاً تقليدية على الآلات الوترية الصينية، بالإضافة إلى عرض راقص صيني لفرقة الأحافير الحية يجمع بين الطابع التراثي والروح المعاصرة.

فرقة صينية تقدم أعمالاً تراثية (المتحف القومي للحضارة المصرية)

وأكد سفير الصين في القاهرة، لياو ليتشيان، أهمية هذه الفعاليات في تعريف الشعب المصري بالفن والثقافة الصينيين، وتعزيز التقارب الثقافي بين البلدين.

فيما شاركت فرقة النيل للموسيقى والغناء الشعبي التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية، بباقة متنوعة من الأغاني الفلكلورية المصرية المصاحبة للآلات الشعبية مثل المزمار والطبلة والصاجات والأرغول.

ويوافق الاحتفال باليوم الدولي الأول للحوار بين الحضارات 10 يونيو (حزيران) من كل عام، وتم تحديده خلال الاجتماع رقم 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في يونيو 2024، بهدف تعزيز الاحترام المتبادل والحوار بين الثقافات والتضامن العالمي.

وينظم المتحف القومي للحضارة العديد من الفعاليات في مناسبات متنوعة، من بينها الاحتفال باليوم العالمي للمتاحف الذي أقام المتحف ضمن فعالياته معرضاً أثرياً مؤقتاً بعنوان «أيادٍ تصنع الخلود»، تضمن قطعاً أثرية مرممة من عصور مختلفة، تحكي جزءاً من تاريخ مصر الممتد عبر آلاف السنين.

ويعدّ المتحف القومي للحضارة المصرية من أكبر المتاحف بمصر، وتم إنشاؤه بناء على حملة دولية أطلقتها منظمة «اليونيسكو»، ويضم أكثر من 1600 قطعة في قاعته المركزية، اختيرت لإلقاء الضوء على التراث المادي واللامادي لمصر، وتم افتتاحه رسمياً في أبريل (نيسان) عام 2021، مع نقل المومياوات الملكية إليه في موكب مهيب، وتعد قاعة المومياوات الملكية هي جوهرة المتحف، وفق وزارة السياحة والآثار.