مطعمٌ طاهياتُه جدّات... فيلم Nonnas يحلّق على «نتفليكس»

حصد فيلم Nonnas 15 مليون مشاهدة خلال 3 أيام من انطلاق عرضه (نتفليكس)
حصد فيلم Nonnas 15 مليون مشاهدة خلال 3 أيام من انطلاق عرضه (نتفليكس)
TT

مطعمٌ طاهياتُه جدّات... فيلم Nonnas يحلّق على «نتفليكس»

حصد فيلم Nonnas 15 مليون مشاهدة خلال 3 أيام من انطلاق عرضه (نتفليكس)
حصد فيلم Nonnas 15 مليون مشاهدة خلال 3 أيام من انطلاق عرضه (نتفليكس)

بسرعة فائقة دخل Nonnas قائمة الأفلام الأكثر مشاهدةً على «نتفليكس». فهل هي نُدرة الإنتاجات السينمائية الجديدة التي دفعته إلى الأمام، أم أنّ السرّ يكمن في المزاج العام، حيث يطغى المطبخ الإيطالي؟

المؤكّد أنّ الفيلم الأميركي حصد 15 مليون مشاهَدة خلال 3 أيام فحسب، وقد تعدّدت الأسباب التي أدّت إلى هذه الصدارة. أوّلها: إنّ الجمهور في بحثٍ دائم عن فسحةٍ من الإيجابية، وNonnas يوفّر ذلك بحكايته البسيطة المقتبسة من قصة واقعية، وبشخصياته اللطيفة، وبأجوائه المريحة. لكنّ الأرقام العالية لا تعني بالضرورة أنّ الفيلم يستحقّ نجوماً كثيرة.

كوميديا الـFeel Good

منذ اللحظات الأولى، يَعِد Nonnas (جدّات) بمُشاهدةٍ سلِسة لا تستدعي توتّراً، ولا تفكيراً عميقاً. هي حكاية «جو»، الرجل ذي الجذور الإيطالية، والمقيم في بروكلين - نيويورك. بعد وفاة جدّته، ووالدته، يقرر أن يقلب حياته رأساً على عقب، وأن يسلك مساراً جديداً.

بالمال المتبقّي من تأمين والدته الصحي، يفتح مطعماً، ويترك وظيفته الأساسية في قطاع النقل المشترك. من خلال المشروع الجديد، يودّ جو أن يبقي ذكرى والدته وجدّته حيّة، إضافةً إلى إرثهما المطبخيّ من وصفاتٍ إيطالية. ما بين الحنين إلى طفولته معهما، والحاضر المدموغ بالأمل، والمحصّن بدعم الأصدقاء، يتأرجح بطل الفيلم الذي يؤدّي شخصيته الممثل فينس فون.

يؤدّي الممثل الأميركي شخصية جو بطل فيلم Nonnas (نتفليكس)

يبثّ الفيلم طاقة إيجابية، وهو يندرج بذلك في خانة أفلام ومسلسلات الـfeel good (الشعور الجيد) المرغوبة جداً من الجمهور. ولا تنحصر تلك الإيجابية بمشاهد الطهو، والخَبز، ومكوّنات الطعام الملوّنة، بل تذهب أبعد من ذلك؛ أوّلاً: يمنح قرار جو تغيير حياته، والقيام بما يحب الأمل، والإلهام للمتابعين. ثم إنّ ما يميّز مطعمه هو طهاته غير الاعتياديين. تقود دفّة المطبخ مجموعة من السيّدات المتقدّمات في السنّ أو الـnonnas، وهذا بحدّ ذاته زينةُ الفيلم، وقلبُه النابض.

منح البطل بمشروعه حياةً جديدة لسيّداتٍ تتراوح أعمارهنّ بين الـ60 والـ80 عاماً، منتزعاً بعضهنّ من دار رعاية المسنّين. لم يستعن بهنّ لأنه لا يجيد الطهو، فهو ورث تلك الموهبة عن عائلته، لكنه أراد لمطعمه قضية، وهويّة.

الطاهيات في المطعم الإيطالي جدّاتٌ حصراً (نتفليكس)

في سحر الطعام

إلى جانب الحكايات الملهمة التي يزخر بها الفيلم، يساهم موضوع الطعام في جاذبيّته. وتلقى الموادّ التلفزيونية التي تضع المطبخ في الواجهة رواجاً في الفترة الأخيرة. ثمة سحرٌ خاص في تحويل مكانٍ مهجور إلى مطبخ يعجّ بالحركة، والنكهات، والروائح الزكيّة.

لا يبخل Nonnas على المشاهدين بتلك الفواصل النابضة، حيث تحضّر الجدّات وصفاتهنّ كل واحدة منهن على طريقتها. من الصلصات، إلى اللحم بالأعشاب، وليس انتهاءً بالأطباق الإيطالية التقليدية، كالبيتزا، والباستا، وحلوى الكانولي.

من مطبخ «جو» ينبعث دفءٌ خاص تبثّه السيّدات الأربع اللواتي يعوّضنه حنان الجدّة والأم المفقود. لكل واحدة منهن شخصيتها، ومزاجها، ومهاراتها المطبخية الخاصة، وغالباً ما يتحوّل المشهد إلى سجالٍ، وتراشقٍ بالطماطم، لكن كل ذلك بهدف إضفاء جوٍ من المرح.

تلقى المسلسلات ذات المواضيع المرتبطة بالطعام رواجاً في الآونة الأخيرة (نتفليكس)

Nonnas... ما له وما عليه

لا إشكاليّات في الفيلم، باستثناء ما هو متوقّع، مثل العثرات التي تواجه «جو» في افتتاح مطعمه، وفشل محاولات التسويق له، وجذب الزبائن إليه. كما أن معالجة الشخصيات تبقى سطحية، ولا تغوص في عمق كل شخصية منها. من الواضح أنّ الهدف الأساسي من الفيلم هو الترفيه، وسردُ حكاية منبثقة من الواقع بشكلٍ خفيف، وغير معقّد.

كبطاقةٍ بريديّة آتية من جزيرة صقليّة، يتلوّن الفيلم بممثّلاتٍ قديرات يؤدّين شخصيات الجدّات، على رأسهنّ سوزان ساراندون بدور «جيا» التي تتولّى صناعة الحلويات. تنضمّ إليها كلٌّ من لورين براكو، وبرندا فاكارو، وتاليا شاير. أما فينس فون فيبقى أداؤه على هامش الشخصية، ولا يمنحها ما تحتمل من أبعادٍ نفسية.

بعد انقضاء الدقائق الـ50 الأولى، أي نصف مدة الفيلم تقريباً، ربما يشعر المُشاهد بالملل. وهذا مفهوم، نظراً لرتابة الأحداث، والحوارات الطويلة، والحبكة المتوقّعة.

مشاركة لافتة للممثلة سوزان ساراندون بشخصية جيا صانعة الحلويات (نتفليكس)

القصة الحقيقية

على بُعد خطوات من محطة العبّارات التي تربط نيويورك بجزيرة ستايتن، يفتح مطعم «إينوتيكا ماريا» أبوابه للزوّار. ماريا هي جدّة جو سكارافيللا، صاحب المطعم الذي يروي فيلم Nonnas قصته.

افتُتح المطعم عام 2007، ومنذ ذلك الحين جذب عشرات السيدات المسنّات من حول العالم، واللواتي يتوالين على العمل في مطبخه.

جو الحقيقي برفقة الطاهيات اللواتي يعملن في مطعمه والآتيات من كل أنحاء العالم (إنستغرام)

ووفق ما يروي سكارافيللا لمجلّة «تايم» الأميركية، فإنه ولد في بروكلين - نيويورك حيث أمضى 50 عاماً إلى جانب جدّته وأمّه وأبيه وأخته. فارق هؤلاء الحياة واحداً تلو الآخر بشكل متسارع، ما أغرق «جو» في الاكتئاب.

في أثناء بحثه عن منزل جديد على جزيرة ستايتن، عثر على متجر مهجور فقرر شراءه ليؤسس مطعماً مكانه في تحية إلى جدّته وأمه. شكّل المخطّط عزاءً بالنسبة إليه، وانشغالاً يلهيه عن حزنه.

يقدّم المطعم حالياً أطباقاً من حول العالم، بما أن الطاهيات فيه يحملن معهنّ وصفات مطابخ بلادهنّ. كما أنهنّ يعلّمن الطبخ لمَن يرغب في ذلك.


مقالات ذات صلة

«خيال بلون الدم»... من أين جاءت وحوش غييرمو ديل تورو؟  

يوميات الشرق كائنات لا اسم لها تخرج من ذاكرة ديل تورو (فيسبوك)

«خيال بلون الدم»... من أين جاءت وحوش غييرمو ديل تورو؟  

مُخرج حوَّل خوفه إلى خيال، ورأى في الوحوش رفقاء طريق، وفي الرعب وسيلة لقول الحقيقة بطريقة لا تقولها الأنوار الساطعة...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الشيب صار جزءاً من الحكاية (أ.ب)

جورج كلوني يتحايل على الشيب ويُحوّل العمر إلى بطولة جديدة

يؤدّي نجم هوليوود جورج كلوني في فيلمه الجديد «جاي كيلي» دور ممثل متقدّم في السنّ يلجأ في خريف مسيرته المهنية إلى بعض الحيل التجميلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق عملية السطو على اللوفر أعادت إلى الأذهان مجموعة من الأفلام والمسلسلات (نتفليكس/ رويترز) play-circle 00:33

هل استوحى لصوص اللوفر خطّتهم من «لوبين» وأبطال «كازا دي بابيل»؟

مَن يتمعّن في احترافية عملية اللوفر قد يتساءل ما إذا كان اللصوص استوحوا خطواتهم وجرأتهم من «البروفسور» في «لا كازا دي بابيل»، أو من «أسان ديوب» في «لوبين».

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق «تيتان» في رحلتها الأخيرة (رويترز)

لغز كارثة «تيتان»... خلل هندسي قاتل وراء انفجار غواصة «تايتانيك»

الانفجار الداخلي المأساوي الذي أودى بحياة 5 أشخاص في غواصة كانت في طريقها إلى موقع حطام السفينة «تايتانيك» عام 2023، كان نتيجة خللٍ هندسي فادح.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق إيلون ماسك (رويترز)

ماسك يطلق حملة لمقاطعة «نتفليكس» بسبب ترويجها لمحتوى جنسي موجّه للأطفال... وأسهمها تنخفض

شهدت أسهم شركة «نتفليكس» تراجعاً بنسبة 2 في المائة يوم الأربعاء، تلاه انخفاض إضافي بنسبة 2 في المائة يوم الخميس في بورصة وول ستريت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
TT

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)

هل تجد صعوبة في إبقاء عينيك مفتوحتين بعد الغداء؟ كثيراً ما يبدأ الناس يومهم بنشاط ثم تنهار طاقتهم بعد الغداء. هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأشخاص يشعرون بانخفاض نشاطهم في فترة ما بعد الظهر، وخاصةً بين الساعة الواحدة ظهراً والرابعة عصراً.

كشف الدكتور أنتوني ريفي، اختصاصي النوم السلوكي في مركز هنري فورد الصحي: «الإيقاع اليومي الطبيعي لجسمنا، وهو الساعة الداخلية التي تعمل على مدار 24 ساعة وتساعد على تنظيم عملياتنا البيولوجية، يرسل إشارات إلى الدماغ خلال النهار ليبقينا متيقظين ونشيطين. مع حلول وقت الغداء، تنخفض هذه الإشارات مما قد يجعلنا نشعر بالنعاس».

إليك طرق تساعدك في التغلب على نعاس ما بعد الظهر دون احتساء رشفة من القهوة:

استمع إلى الموسيقى

أثبتت الدراسات أن الاستماع إلى موسيقى مُبهجة يُحسّن المزاج ومستوى الطاقة. للحفاظ على نشاطك خلال النهار بعد الغداء، أنشئ قائمة تشغيل لأغانٍ مُبهجة لتسلية نفسك. ولأن الموسيقى نشاط ممتع في كثير من الأحيان، فإنها تُحفز إفراز هرمون السعادة الذي يُبقيك نشيطاً.

استمر بالحركة

إذا شعرت بالنعاس بعد تناول الطعام بعد الظهر، يمكنك الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك. يعتقد الخبراء أن ممارسة الرياضة تُنشط عقلك وجسمك. كما أنها تُعرّضك للهواء النقي والإضاءة الطبيعية، مما يُحقق لك نتائج جيدة.

اخرج إلى الشمس

اخرج إلى الشمس لضبط ساعتك البيولوجية وتوفير فيتامين «دي» الضروري. يمكن لأشعة الشمس الطبيعية أن تمنع إنتاج هرمون النوم (الميلاتونين) في جسمك. إذا كنت في المكتب، ولا يسمح لك ذلك بالتعرض لأشعة الشمس، يمكنك تشغيل أضواء السقف الساطعة وتجنب الظلام، خاصةً بعد استراحة الغداء.

حافظ على رطوبة جسمك

يُعد الحفاظ على رطوبة الجسم أمراً بالغ الأهمية لأداء وظائفك اليومية. ويؤكد الباحثون أن الجفاف، حتى لو كان خفيفاً، قد يؤدي إلى التعب، مما قد يؤثر على قدرتك على التركيز. يقول الدكتور ريفي: «للأسف، يُصاب الكثير من الناس بالجفاف المزمن لمجرد أنهم لا يشربون كمية كافية من الماء لأداء أنشطتهم اليومية».

تناول غداءً متوازناً

احرص على تناول نظام غذائي متوازن غني بالبروتين والألياف والدهون الصحية خلال النهار. اتباع هذه النصيحة الواعية سيساعدك على التغلب على مشكلة النوم بعد الظهر، التي تأتي فجأةً بعد الغداء، خاصةً بين الساعة الأولى ظهراً والرابعة عصراً.

اتبع نمط نوم جيداً

النوم الجيد ليلاً أمرٌ لا غنى عنه، خاصةً إذا كنت تحاول إدارة انخفاض الطاقة بعد الغداء. يوصي الخبراء بأن ينام الشخص البالغ من 7 إلى 9 ساعات على الأقل ليلاً ليشعر بالنشاط خلال النهار. يوضح الدكتور ريفي: «كمية النوم التي يحتاج إليها كل شخص تختلف من فرد لآخر، وتتغير على مدار حياته».


«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
TT

«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)

لم يتخيّل المخرج البلجيكي جان فرانسوا رافانيان أن مقطعاً مصوَّراً عابراً على مواقع التواصل الاجتماعي سيقوده، بعد سنوات من البحث، إلى قلب أفريقيا، وتحديداً إلى قرية نائية في غامبيا، ليغوص عميقاً في مأساة إنسان يُدعى «باتيه سابالي».

الشاب الذي هزّ غرقُه في القناة الكبرى بالبندقية عام 2017 الرأيَ العام العالمي، حين اكتفى العشرات من المتفرجين بالصراخ وإطلاق الإهانات العنصرية بدلاً من مدّ يد العون له، كان مقطعُ الفيديو المصوَّرُ له الشرارةَ الأولى لفيلمه الوثائقي «الشاطئ الأخير»، الذي يحاول أن يعيد لهذا الشاب اسمه وصوته وحكايته.

قال رافانيان لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتذكّر اللحظة الأولى جيداً؛ «كان الأمر صفعةً. رأيتُ الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، كما شاهده آلاف غيري في ذلك الوقت. صدمتني اللامبالاة، والكلمات العنصرية، والجمود الكامل أمام غرق شاب لا يحاول أحد مساعدته. في البداية لم أفكّر في فيلم؛ فكّرتُ بصفتي صحافياً: مَن هذا الشاب؟ ماذا حدث؟ ولماذا لم يتحرّك أحد؟».

وأضاف المخرج، الذي عُرض فيلمه للمرة الأولى عربياً في مهرجان «الدوحة السينمائي»، أن الأمر تحوّل إلى هاجس، بيد أنه اصطدم منذ اللحظة الأولى بحقيقة أن التحقيقات في إيطاليا كانت مغلقة بالكامل، مما جعل الوصول إلى أي معلومة أمراً معقّداً وصعباً.

المخرج البلجيكي (الشركة المنتجة)

ولأن الطريق إلى الحقيقة كان مسدوداً، اختار المخرج البلجيكي طريقاً آخر، وهو البحث عن عائلة باتيه. يقول: «استغرق الأمر عامين كاملين لأجد أثرهم في غامبيا، وعندما وصلت أخيراً إلى القرية، أدركت أن الغضب الذي اجتاحني أمام شاشة الكمبيوتر في أوروبا كان صورة مختلفة. فالعائلة دعتني إلى رؤية الأمور من زاوية أخرى: زاوية الفقد، والغياب، والبحث عن المعنى. عند تلك اللحظة تغيّر الفيلم تماماً».

يشير رافانيان إلى أن «أصعب ما واجهته في البداية لم يكن الطبيعة أو الظروف، بل بناء الثقة مع العائلة»، مضيفاً: «عندما تصل إلى قرية بعيدة، وتكون غريباً، عليك أن تدرك أن لكل عائلة سرديّتها الخاصة. كان عليّ أن أجد الطريقة المناسبة للوقوف بالكاميرا، وأن أتجنّب أي منظور قد يُشعِرهم بأننا نمسك بموقع قوة أو وصاية. الثقة كانت المفتاح، لا الأدوات ولا الموقع ولا التقنية».

وعن ظروف التصوير في القرية، يشرح رافانيان أن «الفريق كان صغيراً للغاية؛ كنت أنا، ومدير التصوير، ومساعدة تنتمي إلى مجتمع الفولا، تتحدث لغتهم وتفهم ثقافتهم. ولم تكن المسألة لغةً فقط، بل سلوكاً ومعتقدات ونظرة إلى الحياة. كنا نقيم في القرية أياماً طويلة بلا كهرباء، نصحو مع الفجر وننام مع المغيب؛ لا فنادق ولا راحة، فقط الحياة اليومية كما هي. وكل 8 أيام نعود إلى المدينة لشحن البطاريات وإحضار حاجات العائلة، ثم نعود من جديد. كان الوجود الدائم ضرورياً، لأن أقرب مدينة تبعد أربعين دقيقة بالسيارة، ولأن الحياة في القرية تبدأ وتنتهي مبكراً».

المخرج حاول تسليط الضوء على هوية العائلة في فيلمه (الشركة المنتجة)

اختار المخرج ألّا يُظهر باتيه، رغم امتلاكه صوراً عدّة له سواء من العائلة أو من الإنترنت، لكنه لم يرغب في استخدامها، وهو ما يفسّره قائلاً: «أردتُ أن يراه الجمهور من خلال غيابه، كما تعيشه عائلته. أردتُه غائباً، حاضراً بالصوت وبالأثر. فالصوَر قد تعيد تجسيده، لكنها قد تُسطّح ما تعرّض له، بينما الصوت، صوت العائلة وذاكرتها، يعيد إنسانيته كاملة».

وعن كيفية حماية العائلة في هذا النوع من الأفلام الحسّاسة، يقول رافانيان إن ما فعله يشبه عمل الصحافة أكثر منه عملاً سينمائياً؛ فالعائلة لم تكن تعرف تفاصيل ما حدث في القناة، ولم يرغب في أن يضع الفيديو أمامهم أو أن يعرّضهم لصدمة جديدة. وحين سألته الأم عمّا وقع لابنها، قال لها الحقيقة بالكلمات. ويضيف: «لم تشأ أن ترى الفيديو، واكتفت بأن تعرف. كان هناك أيضاً تقريرٌ من 200 صفحة صادر عن السلطات الإيطالية، لم يكن من حقّهم الحصول عليه، فساعدناهم على الوصول إليه. كان الفيلم أيضاً وسيلة لكشف الحقيقة لهم، ولإنصافهم أسرياً».

لم يُنكر المخرج البلجيكي وجود صعوبات عدّة أثناء التصوير في غامبيا، من الإجراءات الأمنية والبيروقراطية المعقّدة، إلى عدم اعتياد السكان على الكاميرا، فضلاً عن عزلة القرية نفسها وافتقارها إلى الكهرباء والمياه العامة، واعتماد حياتها اليومية على الزراعة وتربية النحل. لكنه، رغم ذلك، لا يُخفي سعادته بهذه التجربة التي وثّقت اسم «باتيه سابالي».


رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
TT

رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)

ساعات من الطرب والحماسة شهدتها أولى حفلات برنامج «صدى الوادي» في وادي صفار، مع صقر الأغنية الخليجية رابح صقر، والفنان ناصر نايف، ضمن فعاليات موسم الدرعية.

وانطلقت، الخميس، أولى حفلات برنامج «صدى الوادي»، في مشهد جمع بين القيمة التاريخية للمكان والإيقاع الفنّي الذي يُقدّمه موسم الدرعية 25-26، ضمن برامجه التي تمزج بين التاريخ والتراث والسياحة والترفيه.

وبدأت الأمسية على المسرح المفتوح بتصميمه الذي ينسجم مع الطبيعة الآسرة لوادي صفار شمال غربي مدينة الرياض، مع الفنان السعودي الشاب ناصر نايف الذي تفاعل معه الجمهور وهو يؤدّي أغنياته المُحبَّبة.

وتصاعدت حماسة الحضور مع ظهور صقر الأغنية الخليجية رابح صقر الذي لفت الأنظار بأدائه في عدد من أغنياته، أبرزها: «يوم ما أنا ضحّيت ما أقصد جحود»، و«حبيبي اللي همّه رضاي»، إلى جانب أداء ناصر الاستثنائي في «نسايم نجد»، و«خلي الليالي سعادة»، ومجموعة أخرى من الأغنيات التي أشعلت شتاء وادي صفار في أولى حفلات موسم الدرعية هذا العام.

الفنان ناصر نايف خلال الحفل (موسم الدرعية)

الفنان رابح صقر خلال الحفل (موسم الدرعية)

ويأتي اختيار وادي صفار لتنظيم الأمسية لما يمثّله من قيمة تاريخية وموقع حيوي كان على مدى العصور مَعْبراً للمسافرين وقوافل التجارة، وملتقى اجتماعياً لأهالي الدرعية، قبل أن يتحوَّل اليوم إلى مسرح مفتوح يحتضن فعاليات ثقافية وفنية تعكس حضور الموسم وتنوّع عروضه. ويندرج هذا الحفل ضمن برنامج موسيقي واسع يشارك فيه فنانون من أبرز الأسماء العربية؛ من بينهم: فنان العرب محمد عبده، وقيثارة العرب نوال، وراشد الفارس، وأميمة طالب، وفنانو حفل اليوم، الجمعة، عايض يوسف، وزينة عماد، بالإضافة إلى مجموعة من المواهب السعودية الممّيزة.

أجواء تراثية وطربية في ليالي «صدى الوادي» (موسم الدرعية)

ويُقدّم برنامج «صدى الوادي» سلسلة من الحفلات التي تستضيف أبرز الفنانين في العالم العربي، عبر إثراء التجربة الفنية لزوار موسم الدرعية من خلال عروض موسيقية متنوّعة تشمل السامري وفنون الأداء الجماعي، وتُبرز جماليات المكان بتكوينه الطبيعي وشواهده التاريخية.

وتشمل تفاصيل «صدى الوادي» تجربة متكاملة تبدأ باستقبال الزوار بطابع الضيافة السعودية، مروراً بعروض شعرية وغنائية، وصولاً إلى مرافق فنّية ومعارض تفاعلية، من بينها معرض السامري الذي يُقدّم سرداً بصرياً وثقافياً لتراث فنون الأداء النجدية عبر تقنيات رقمية وآلات موسيقية معروضة، بما يعزّز دور البرنامج في الحفاظ على الفنون التقليدية وإبرازها بأسلوب معاصر.