جين مفقود وراء جمال القطط البرتقالية

تمويل جماعي من مُحبّين ساعد علماء الوراثة على اكتشافه

لغزٌ خلف الجمال (غيتي)
لغزٌ خلف الجمال (غيتي)
TT

جين مفقود وراء جمال القطط البرتقالية

لغزٌ خلف الجمال (غيتي)
لغزٌ خلف الجمال (غيتي)

غارفيلد، هو القطّ ذو الحذاء، وأبرز القطط «الأرستقراطية»، بلونه البرتقالي بلا شكّ. والآن، كشف علماء من قارتين سرّ الحمض النووي الذي منح أصدقاءنا من ذوي الفراء، وخصوصاً الذكور منهم، لونهم المميّز.

فقد اكتشفوا، وفق «بي بي سي»، أنّ القطط البرتقالية تفتقد جزءاً من شيفرتها الوراثية، ما يعني أنّ الخلايا المسؤولة عن لون الجلد والعينين والفراء تنتج ألواناً أفتح.

أسعد هذا الاكتشاف العلماء، إلى جانب الآلاف من محبّي القطط الذين موّلوا البحث بشكل جماعي.

ويأمل العلماء أن يُسهم حلّ هذا اللغز أيضاً في توضيح ما إذا كانت القطط ذات اللون البرتقالي أكثر عرضة للإصابة ببعض الحالات الصحية.

من المعروف، منذ عقود، أنّ الجينات هي التي تمنح القطط البرتقالية لونها الفريد، لكن موقعها تحديداً في الشيفرة الوراثية للقطط ظلّ غامضاً حتى الآن.

وتمكّن فريقان من العلماء في جامعة كيوشو اليابانية وجامعة ستانفورد الأميركية من كشف هذا اللغز، عبر بحثين متزامنين.

ما وجده هو أنه في الخلايا المسؤولة عن منح القطة جلدها وبصيلات شَعرها وعينيها لونها -أي الخلايا الصباغية- كان هناك جين واحد أكثر نشاطاً؛ يُعرَف باسم «ARHGAP36».

تتكوّن الجينات من أجزاء من الحمض النووي تحمل التعليمات لخلايا القطط، كما هي الحال في الكائنات الحيّة الأخرى، حول كيفية أدائها لوظائفها.

ومن خلال مقارنة الحمض النووي لعشرات القطط البرتقالية وغيرها، وجدوا أنّ القطط ذات اللون البرتقالي تفتقد جزءاً من الحمض النووي داخل الجين «ARHGAP36». ومن دون هذا الجزء، لا يُكبح نشاط الجين، مما يجعله أكثر نشاطاً. ويعتقد العلماء أنّ هذا الجين يُوجّه الخلايا الصباغية لإنتاج صبغة أفتح.

وفي سياق متصل، لاحظ العلماء، منذ عقود، أنّ القطط البرتقالية بالكامل تكون على الأرجح ذكوراً. وهذا يتماشى مع كون الجين محمولاً على الكروموسوم «إكس».

الكروموسومات هي أقسام أكبر من الحمض النووي، والقطط الذكور، مثلها مثل باقي الثدييات، تمتلك كروموسوماً «إكس» وآخر «واي»؛ يحمل كل منهما عدداً مختلفاً من الجينات.

وبما أنّ الجين يقع فقط على كروموسوم «إكس»، ويتحكَّم في إنتاج الصبغة، فإنّ نقص جزء واحد من الحمض النووي يكفي لتحويل القطة إلى قطة برتقالية بالكامل.

أما إناث القطط، فلديهن اثنان من كروموسومات «إكس»، ما يعني أنّ نقص الحمض النووي يجب أن يكون في كِلا الكروموسومين لتظهر الصبغة الفاتحة بالدرجة عينها، مما يجعل اللون المختلط هو الأرجح.

يشرح عالم الوراثة في جامعة كيوشو، البروفسور هيرويوكي ساساكي: «تتشكَّل هذه البقع البرتقالية والسوداء لأنّ كروموسوم (إكس) في كلّ خلية يُعطَّل عشوائياً في مرحلة مبكرة من النمو».

ويوضح: «مع انقسام الخلايا، تتكوّن مناطق بجينات مختلفة نشطة للون الفراء، مما يؤدّي إلى ظهور بقع مميّزة».

ورغم أن هذه الدراسة كانت في الأصل مشروعاً علمياً، فقد بدأت بدافع شخصي للبروفسور ساساكي.

فبعد تقاعده من منصبه الجامعي، عبَّر، لكونه مُحبّاً للقطط، عن رغبته في مواصلة العمل لكشف لغز الجين البرتقالي، على أمل أن «يسهم ذلك في التغلُّب على أمراض القطط».

بدأ وفريقه بجمع 10.6 مليون ين (55,109 جنيه إسترليني) عبر التمويل الجماعي من آلاف محبّي القطط في اليابان وحول العالم.

كتب أحد المساهمين: «نحن أشقاء في الصفّين الأول والثالث الابتدائي. تبرّعنا من مصروف جيبنا. استخدموها في بحوث قطط الكاليكو».

ينشط الجين «ARHGAP36» أيضاً في عدد من أجزاء الجسم، بما فيها الدماغ والغدد الهرمونية، ويُعدّ ضرورياً للنمو.

ويعتقد الباحثون أنّ الطفرة في الحمض النووي لهذا الجين قد تُسبِّب تغيرّات في هذه الأعضاء أيضاً، ما قد يرتبط بحالات صحية أو مزاجية معيّنة.

وجين «ARHGAP36» موجود كذلك لدى البشر، وقد رُبط بسرطان الجلد وتساقُط الشعر.

يقول البروفسور ساساكي: «يؤمن كثير من مالكي القطط بفكرة أنّ ألوان الفراء وأنماطه ترتبط بشخصيات مختلفة».

وختم: «لا دليل علمياً على ذلك حتى الآن، لكنها فكرة مثيرة للاهتمام، وأودُّ استكشافها أكثر».


مقالات ذات صلة

هل يجب عليك السماح لحيواناتك الأليفة بالنوم إلى جانبك؟

يوميات الشرق كلبان يجلسان إلى جانب بعضهما بعضاً في لاغوس بنيجيريا (رويترز)

هل يجب عليك السماح لحيواناتك الأليفة بالنوم إلى جانبك؟

يسمح العديد من أصحاب الحيوانات الأليفة لحيواناتهم بالنوم معهم على السرير، مما يُسبب عادةً اضطراباً في النوم. لكن الكثيرين يقولون إن الأمر يستحق العناء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق جرح الطبيعة يتّسع (جمارك مومباي)

عناكب وسلاحف ودبّ العسل في حقيبة مُسافر هندي

نفَّذ موظّفو الجمارك الهنود عملية ضبط وصفوها بـ«المهمة» لحيوانات برّية مهدَّدة بالانقراض، تورَّط بها أحد الركاب القادمين من تايلاند.

«الشرق الأوسط» (مومباي)
يوميات الشرق الخرف لا يُميّز بين إنسان وحيوان (إ.ب.أ)

الخرف يضرب الكلاب والقطط مع التقدُّم في العمر

لا يقتصر الخرف على الإنسان فحسب، فهو شائع أيضاً بين الكلاب والقطط مع التقدُّم في العمر.

«الشرق الأوسط» (هانوفر (ألمانيا) )
بيئة أبقار من نوع «البقرة الشامية» المهدّد في مزرعة كلية الهندسة الزراعية بجامعة دمشق (الشرق الأوسط)

انقراض «فلورا الشامية» يهدد الثروة الحيوانية في سوريا

حذر خبراء زراعة في سوريا من انقراض وشيك لـ«البقرة الشامية» بشكلها النقي «فلورا»، كواحدة من السلالات النادرة في العالم.

سعاد جرَوس (دمشق)
يوميات الشرق ثعابين سوداء ذات البطن الأحمر في جمع 102 من هذه الزواحف داخل حديقة منزل بإحدى ضواحي سيدني... 31 يناير 2025 (أ.ب)

توقيف رجل في مطار هندي خلال محاولته تهريب أكثر من أربعين أفعى

أوقف راكب كان يحاول تهريب نحو أربعين ثعباناً ساماً وسلاحف بعد وصوله إلى مطار بومباي في الهند على ما أعلنت الجمارك الهندية مساء أمس (الأحد).

«الشرق الأوسط» (بومباي)

مطاعم مصرية تثير تفاعلاً لدعمها إيران بـ«الحمام المشوي» و«صاروخ الكشري»

صورة دعائية نشرها مطعم «أبو طارق» لطبق الكشري على هيئة صاروخ إيراني (صفحة مطعم أبو طارق على فيسبوك قبل حذف المنشور)
صورة دعائية نشرها مطعم «أبو طارق» لطبق الكشري على هيئة صاروخ إيراني (صفحة مطعم أبو طارق على فيسبوك قبل حذف المنشور)
TT

مطاعم مصرية تثير تفاعلاً لدعمها إيران بـ«الحمام المشوي» و«صاروخ الكشري»

صورة دعائية نشرها مطعم «أبو طارق» لطبق الكشري على هيئة صاروخ إيراني (صفحة مطعم أبو طارق على فيسبوك قبل حذف المنشور)
صورة دعائية نشرها مطعم «أبو طارق» لطبق الكشري على هيئة صاروخ إيراني (صفحة مطعم أبو طارق على فيسبوك قبل حذف المنشور)

أثارت مطاعم مصرية موجة من التفاعل عبر منصات التواصل الاجتماعي، بعد تقديمها دعاية رمزية تحمل دلالات سياسية، فُسّرت على نطاق واسع على أنها رسالة تضامن مع إيران في ظل حربها مع إسرائيل، وهو ما استدعى تعرض هذه المطاعم لانتقادات لاذعة من صفحات إسرائيلية على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الماضية، منشورات تسويقية، كان أبرزها لمطعم «أبو طارق»، الذي يُعد أشهر المطاعم التي تتخصص في الوجبة المصرية الشعبية الأولى «الكشري»، والذي روّج لمكونات الطبق التقليدي على هيئة صاروخ يستعد للانطلاق، بصورة عبر صفحته على «فيسبوك»، معلّقاً عليها: «قريباً في الأسواق».

وبينما حذفت صفحة المطعم المنشور بعد ساعات قليلة من نشره، إلا أن مستخدمي «السوشيال ميديا» التقطوه لينتشر على آلاف من الحسابات سريعاً، بين تثمين للفكرة وتهكم عليها.

في الوقت نفسه، أثارت الصورة أيضاً غضباً في إسرائيل، حيث أعاد الصحافي الإسرائيلي، روعي كايس، الذي يعمل في الهيئة العامة للبث الإسرائيلي، الموجهة للإسرائيليين والجمهور العربي، نشر الصورة على منصة «إكس»، معلّقاً عليها: «يبدو أن مطعم أبو طارق... الكشري المحبوب في القاهرة قد دخل الحرب بين إسرائيل وإيران».

وهو أيضاً ما تفاعل معه مغردّون في مصر وإسرائيل، مع إبراز زيارة وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، لمطعم «أبو طارق» قبل أشهر قليلة، وإثنائه على الطبق بعد تناوله، قائلاً إنه «وجبة لذيذة وشهية».

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يتناول الكشري في مطعم «أبو طارق» (مطعم أبو طارق)

وكان ثاني المطاعم التي استلهمت الدعاية المستمدة من روح الحرب الدائرة، هو مطعم «قصر الكبابجي»، وهو أحد أشهر المطاعم المصرية المتخصصة في المشويات والأطعمة الشرقية، فقد نشر على صفحته على «فيسبوك» صورة متداولة بين وكالات الأنباء لاشتعال النيران في بنايات تل أبيب نتيجة استهدافها بصاروخ إيراني، بينما تتصاعد الأدخنة في خلفيتها، معلقاً على الصورة: «تراجع قصر الكبابجي للمركز الثاني في مسابقة أجمل دخان يخرج من شواية في العالم».

وهو المنشور الذي انتشر أيضاً بشكل سريع، وحاز آلاف التفاعلات، وتداوله مئات الآلاف من مستخدمي «فيسبوك»، و«إكس».

وجاء مطعم «حاتي أحمد ندا»، المتخصص في المشاوي، كثالث المطاعم التي دخلت على خط تلك الدعاية، إذ نشر مقطع فيديو قصيراً «ريلز» على صفحته بموقع «فيسبوك»، يمزج فيه بين مشاهد سقوط الصواريخ الإيرانية على إسرائيل وصور الأطباق التي يقدمها، بينما تختلط أدخنة الصواريخ مع أدخنة شواء «الحمام» المشوي و«الكفتة» والدجاج.

المقطع المصور لم يمر مرور الكرام، ففيما نال مئات التفاعلات والتعليقات، تداولته أيضاً صفحات إسرائيلية، وسط حالة من الغضب. وهو ما أشار إليه المطعم في منشور قائلاً إن الفيديو الخاص به «وصل إلى داخل الكيان نفسه وأغضبهم جداً لدرجة أنهم نظموا حملة لتشويهنا على غوغل».

وهي الكلمات التي بدورها وجدت تفاعلاً وتضامناً مع المطعم، بل دفعت منافسه «قصر الكبابجي» إلى أن يدعمه بمنشور يحث فيه متابعيه على دعم الصفحة المتعرضة للهجوم.

ووجّه مطعم أحمد ندا الشكر للمصريين على دعمه، معلناً أن إدارة «غوغل» أغلقت موقعه الجغرافي على خرائطها (اللوكيشن)، وأن صفحاته تتعرض للهجوم ويتم تعطيلها.

يعلق الصحافي والباحث المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، محمد فتحي، قائلاً إن تزايد لجوء المؤسسات والحسابات الرسمية وغير الرسمية في مصر إلى «ركوب الترند» بات سمة لافتة في المشهد الرقمي، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الأحداث الأخيرة في المنطقة دفعت حتى مطاعم شعبية معروفة إلى دخول خط المواجهة عبر منشورات دعائية ضد إسرائيل، بهدف جذب الانتباه وزيادة المتابعين»، موضحاً أن «التفاعل مع هذه الحملات تراوح بين التأييد الكامل، والسخرية، والفضول، وهو ما يكشف عن اهتمام شعبي متصاعد بما يجري في المنطقة».

ويضيف «فتحي»: «منشورات عدد من هذه المطاعم انتشرت بشكل واسع عبر المنصات، حتى أثارت ردود فعل غاضبة من صفحات إسرائيلية، وخلقت ما يشبه مواجهة إلكترونية بين حملات مؤيدة ومعارضة». وتابع: «وصل الأمر إلى شن هجمات إلكترونية جماعية خُفضت خلالها تقييمات مطعم مصري شهير على محركات البحث، قبل أن تنطلق حملة دعم مضادة لإعادة رفع التقييم، في مشهد يُظهر إلى أي مدى يمكن أن تتحول الحملات التجارية إلى ساحات صراع رقمي».

بدوره، يبيّن محمد يسري، مدير تسويق إلكتروني لعدد من المطاعم في القاهرة، أن ما قامت به المطاعم المصرية هو نوع من «التسويق التريندي» أو ما يُعرف أيضاً بـ«التسويق القائم على الاتجاهات»، ويوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه استراتيجية تسويقية تعتمد على مواكبة واغتنام أحدث الاتجاهات والأحداث، أو المواضيع الشائعة (الترندات) لدمجها في الحملات التسويقية للمنتجات أو الخدمات، والهدف الأساسي للجوء هذه المطاعم المصرية إلى هذا النوع من التسويق هو جذب الانتباه السريع والوصول إلى شريحة واسعة من الجمهور الذي يتفاعل مع أحداث الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل».

ويلفت يسري إلى أن «التسويق السياسي بطبيعته معقّد، فبينما يسعى بعض المعلنين لمواكبة المزاج العام عبر رسائل ذات طابع سياسي، فإن هذه الخطوة قد تنقلب ضدهم سريعاً؛ إذ لا يمكن التنبؤ بردة الفعل، وهو ما لمسناه في حالة مطعم أحمد ندا، فالحملة التي أطلقها المطعم أثارت جدلاً كبيراً لدى الجانب الآخر، ما أدى إلى تراجع ترتيب ظهوره في نتائج محرك البحث، وهو ما يُظهر أن الاعتماد على (الترند) وحده، دون حساب الأثر طويل المدى، قد يؤدي إلى نتائج عكسية».