مهرجان قاهري للألوان المائية يحتفي بالطبيعة في مواجهة الحرب

يضم 50 فناناً من مصر ولبنان والهند

لوحات المعرض رصدت معالم سياحية وطبيعية (الشرق الأوسط)
لوحات المعرض رصدت معالم سياحية وطبيعية (الشرق الأوسط)
TT

مهرجان قاهري للألوان المائية يحتفي بالطبيعة في مواجهة الحرب

لوحات المعرض رصدت معالم سياحية وطبيعية (الشرق الأوسط)
لوحات المعرض رصدت معالم سياحية وطبيعية (الشرق الأوسط)

في مهرجان «الألوان المائية الدولي»، المقام حالياً بقاعة نقابة الفنانين التشكيليين بساحة دار الأوبرا المصرية، يتجلَّى الاهتمام بالطبيعة وعناصرها في مواجهة العنف والحرب، والاحتفاء بالوجوه بوصفها مرآة تنطق بما في أعماق الإنسان، فضلاً عن السعي لرسم الجسور القديمة والأنهار والآثار المهمة التي تشتهر بها الدول التي ينتمي إليها الفنانون المشاركون.

جانب من الأعمال المشاركة (الشرق الأوسط)

وتمزج التشكيليات اللبنانيات: ماري شمعون، ونادين طبري، ورجاء نيكلاس، وربيعة معتوق، بين الوجوه والطبيعة والمنازل في لوحاتهن المرسومة بالألوان المائية، ويعبرن من خلالها عن رفض الحروب والدمار ومقاومة القبح. وشاركهن الفنان الهندي ميلند بهانجي، من خلال تمسكه بكل ما هو قديم، وتقديمه أعمالاً تجاوزت حدود ثقافته الخاصة، استحضر فيها لوحات تُجسّد أبو الهول وحضارة مصر القديمة.

لوحة بالألوان المائية تستحضر الحضارة المصرية القديمة (الشرق الأوسط)

أمَّا عن إسهامات الرسامين المصريين في المعرض الذي يستمر حتى 20 أبريل (نيسان) الحالي، فركَّزت على مظاهر الحياة الشعبية، وبرزت منها لوحة الفنانة لبنى زكريا، مستفيدة من عناصر تراثية مثل الأقراط الفضية التي تخطف الأبصار، بوصفها تميمة تحمي النساء من العيون الشريرة المتلصصة، وقدمت لبنى زكريا بورتريهاً جانبياً لامرأة حجبت جانباً من رأسها بغطاء حريري، وزينت عنقها -الذي بدا كأنه لملكة مصرية قديمة- بقلائد مطعمة بالخرز الملون.

لوحات المعرض احتفت بالطبيعة (الشرق الأوسط)

الفنانة اللبنانية رجاء نيكلاس، منسقة جمعية «الألوان المائية الدولية» بلبنان، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الأعمال تبرز السمات المميزة للمجتمعات التي تنتسب لها، وتابعت: «لوحات زملائي تعكس نظرتهم للحياة، وخصوصية البيئة والثقافة اللبنانية، وتعبر بالألوان المائية عن محيطهم ومجتمعهم ومعاناتهم. وهناك حرص على إبراز روح الطبيعة وجمالياتها، والتحذير من أي أعمال تؤدي إلى خسارتها بسبب الحروب، ويمكن ملاحظة أن عدداً من اللوحات يحتفي بالبيوت القديمة والتراثية، كأنها رسالة تنادي بضرورة الحفاظ عليها».

إحدى اللوحات التي تحتفي بالطبيعة (الشرق الأوسط)

وسعت الفنانة مروى إسماعيل، في أعمالها إلى استعادة وجوه بورتريهات اثنين من أشهر فناني الإسكندرية (سيف وأدهم وانلي)، وقامت بما يُشبه الحوار الوجداني بينها، وأضفت بألوانها على الوجوه مشاعر وتعبيرات جديدة؛ حيث ظهرت في إحدى لوحاتها صورة لطفل شارد بملامح خائفة وحزينة، وعلى مقربة منه تقف امرأة إلى جواره متعاطفة معه، تسعى لطمأنته، وتهدئة مخاوفه.

ويشمل المهرجان عدداً من الفعاليات والمسابقات الفنية، ويهدف لإثراء ثقافة فن الرسم بالألوان المائية، وتشرف عليه جمعية «الألوان المائية الدولية» التي تضم في عضويتها 110 دول.

منازل لبنان القديمة تُحذر من آثار الحرب (الشرق الأوسط)

وتنظم معارضها في مواقع مختلفة حول العالم بشكل دوري على مدار شهور السنة، ويجتمع في المعرض الحالي بالقاهرة أكثر من 50 فناناً، ويعد منصة مهمة لتعزيز فن الألوان المائية، ويشهد عدداً من ورش العمل التي يشارك فيها كبار الفنانين.

الفنانة المصرية مروى إسماعيل تتحدث عن إحدى لوحاتها (الشرق الأوسط)

في لوحات بعض الفنانين ومن بينهم فنانو الهند، اعتمدوا في رسم أعمالهم على مناظر قاموا بالتقاطها فوتوغرافياً، حسب ما قال بهانجي لـ«الشرق الأوسط»، وقد اتفق معه ريمون سربانة، مسؤول «الألوان المائية الدولية» في القاهرة، موضحاً أن «اعتماد الفنان على الصورة لا يقلل من عمله، لكنه يفرض عليه في الوقت نفسه أن يتفاعل بروحه مع عناصر الصورة، ويضفي عليها مزيداً من طابعه، وانفعالاته».

الطبيعة اللبنانية تتجلَّى في اللوحات (الشرق الأوسط)

وخلص بهانجي إلى إن كثيراً من الأعمال يمكن ربطها بالمدرسة التعبيرية، وتضمنت ملامح فلسفية عميقة تعلي من قيمة السلام وتدعو لتحقيقه في كل أنحاء العالم، وتوجه رسائل فنية ترفض الحرب.


مقالات ذات صلة

بين الواقع والتجريد... بيروت كما تراها ليلى داغر

يوميات الشرق التشكيلية ليلى داغر أمام مجموعتها «لاند سكايب» (الشرق الأوسط)

بين الواقع والتجريد... بيروت كما تراها ليلى داغر

في «حوار غير متوقّع»، تُعيد ليلى داغر تشكيل بيروت بخيال تجريدي وتقنيات مُتعدِّدة، ناسجة حواراً بصرياً بين الواقع واللاوعي.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق جانب من جناح سلطنة عمان (الجناح)

أبراج الرياح البحرينية والسبلة العُمانية تجيب عن تساؤلات حول البيئة والعمارة

نجح جناح البحرين الذي يحمل عنوان «موجة حر» في تقديم معطيات مقنعة للتعامل مع التغيرات المناخية القاسية وارتفاع درجات الحرارة المتزايد.

عبير مشخص (فينيسيا)
يوميات الشرق بورتريه للمُصوّر السويسري فريد بواسونا (الشرق الأوسط)

مجموعة «فريد بواسونا» توثق ملامح الحياة المصرية قبل مائة عام

ترصد عدسة الكاميرا التفاصيل الثرية لمصر قبل مائة عام. بعد أن دعا الملك فؤاد الأول أشهر مصور سويسري لزيارة مصر.

منى أبو النصر (القاهرة )
عالم الاعمال الرياض تحتضن معرض «جواهر العالم»

الرياض تحتضن معرض «جواهر العالم»

افتُتح رسمياً معرض «جواهر العالم» في فندق ماندارين أورينتال الفيصلية بالعاصمة السعودية.

يوميات الشرق «قمصان فارغة... طفولة ضائعة» (جامعة بريستول)

القميص المدرسي يتحوَّل صرخة فنّية في بريستول

يُقام معرض فنّي يضم قمصاناً مدرسية تحمل رسائل مناهضة لجرائم السكاكين، وذلك ضمن فعاليات أسبوع التوعية بجرائم السكاكين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

رحيل المخرج الجزائري محمد لخضر حمينة... صاحب السعفة الذهبية بمهرجان «كان»

المخرج والمنتج الجزائري محمد لخضر حمينة (أ.ف.ب)
المخرج والمنتج الجزائري محمد لخضر حمينة (أ.ف.ب)
TT

رحيل المخرج الجزائري محمد لخضر حمينة... صاحب السعفة الذهبية بمهرجان «كان»

المخرج والمنتج الجزائري محمد لخضر حمينة (أ.ف.ب)
المخرج والمنتج الجزائري محمد لخضر حمينة (أ.ف.ب)

توفي (الجمعة) المخرج والمنتج الجزائري محمد لخضر حمينة، العربي والأفريقي الوحيد الذي فاز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي: «عن عمر ناهز 95 عاماً»، على ما أعلنت عائلته.

وكتب أولاده في بيان إنّ لخضر حمينة «توفي في منزله بالجزائر العاصمة عن عمر ناهز الخامسة والتسعين، تاركاً وراءه إرثاً سينمائياً لا يقدر بثمن»، مشيدين «برؤيته الفريدة التي طبعت تاريخ السينما».

وأشارت العائلة إلى أن محمد لخضر حمينة تمكن من إقامة «جسر ثقافي فعلي بين الجنوب والغرب، فأصبح بذلك صوت العالم الثالث وبلده، على مدى أربعين عاماً تقريباً».

ومحمد لخضر حمينة هو أحد المخرجين الأفارقة والعرب القلائل الذين نافسوا 4 مرات في مسابقة مهرجان كان السينمائي، وفاز بجائزتين رئيسيتين، هما جائزة أفضل فيلم أول عن «ريح الأوراس» (Le Vent des Aures)، وجائزة السعفة الذهبية العريقة عن فيلم «وقائع سنوات الجمر» (Chronique des annees de braise) عام 1975.

المخرج والمنتج الجزائري محمد لخضر حمينة والممثل اليوناني يورغو فوياجيس والممثلة المغربية ليلى شنا في صورة جماعية خلال مهرجان كان السينمائي بفرنسا في 23 مايو 1975 (أ.ف.ب)

وفي رسالة تعزية، أبدى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون «بالغ الحزن والأسى» لوفاة مَن وصفه بـ«عملاق السينما العالمية» الذي ترك «بصمة خالدة في تاريخ السينما».

وشهد مهرجان كان هذه السنة لفتة تكريمية لحمينة من خلال عرض نسخة «4 كاي» من فيلم «وقائع سنوات الجمر» ضمن برنامج فئة «كان كلاسيكس».

وبفضل فيلم «وقائع سنوات الجمر»، حقق المخرج الجزائري شهرة على المستوى العالمي، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشار تبون إلى أن «رائعة» لخضر حمينة هذه «فتحت عيون العالم على قطعة من معاناة الشعب الجزائري خلال فترة الاستعمار».

وأكدت عائلة المخرج في بيانها أن المخرج كان «أحد آخر عظماء السينما الملحمية والشاعرية، وترك بصمة لا تُمحى على مهرجان كان السينمائي الدولي، وعلى السينما عموماً».

بطولات

شكَّل النضال من أجل استقلال الجزائر محور فيلم «وقائع سنوات الجمر» الذي يتناول من عام 1939 إلى عام 1954، ولادة أمّة، ورحلة الشعب الجزائري، وصولاً إلى اندلاع الحرب ضد الاستعمار الفرنسي وحرب الاستقلال (1954- 1962).

وقال تبون: «قبل أن يكون مخرجاً عالمياً مبدعاً ترك بصمة خالدة في تاريخ السينما العالمية، كان مجاهداً أبياً، ساهم في تحرير بلاده بما نقل من صور ومشاهد عرَّفت البشرية ببطولات الثورة التحريرية المظفَّرة».

المخرج والمنتج الجزائري محمد لخضر حمينة خلال مؤتمر صحافي لمناقشة فيلمه «وقائع سنوات الجمر» في مهرجان كان عام 1975 (أ.ف.ب)

وُلد محمد لخضر حمينة في 26 فبراير (شباط) 1934 في المسيلة في الأوراس (شمال شرق)، في عائلة فلاحين متواضعة الحال. وقد تلقى دراسته في كلية زراعية، ثم درس في فرنسا وتحديداً في أنتيب؛ حيث التقى بزوجته، أم أولاده الأربعة.

خلال حرب الجزائر، خطف الجيش الفرنسي والده وعذَّبه قبل قتله. وانضم حمينة شخصياً عام 1958 إلى صفوف المقاومة الجزائرية في تونس.

تعلَّم حمينة السينما بالممارسة، عن طريق تدريب في إحدى القنوات التونسية قبل الشروع في أفلامه القصيرة الأولى.

بدأ مسيرته مخرجاً عام 1964 مع فيلم «لكن في أحد أيام نوفمبر» (Mais un jour de novembre) الوثائقي. خلال مسيرته الفنية الممتدة على 50 عاماً (1964- 2014)، أخرج فيلماً وثائقياً و7 أفلام أخرى، هي: «رياح الأوراس» (1966)، و«حسان طيرو» (Hassan Terro) (1968)، و«ديسمبر» (Decembre) (1973)، و«وقائع سنوات الجمر» (1975)، و«رياح رملية» (Vent de sable) (1982)، و«الصورة الأخيرة» (La derniere image) (1986)، و«شفق الظلال»(Crepuscule des ombres).