في عرض عالمي أول، يفتتح «مهرجان أفلام السعودية» دورته الحادية عشرة بفيلم روائي طويل لأول مرة في تاريخه، هو الفيلم السعودي «سوار»، للمخرج أسامة الخريجي، الذي يتقاطع مع محور الدورة «سينما الهوية»، ويستلهم من قصة حقيقية شكّلت لحظة فارقة في الوعي الاجتماعي؛ مما يجعله مدخلاً معبّراً عن الروح التي تحتفي بها هذه الدورة من المهرجان، التي تنظمها «جمعية السينما»، بالشراكة مع «مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)»، وبدعم من «هيئة الأفلام» خلال المدة من 17 إلى 23 أبريل (نيسان) الحالي بمدينة الظهران.
وينقل فيلم «سوار» تجربة مأخوذة من حدث واقعي يتناولها الفيلم ببُعد إنساني ونفسي، حيث يفتح باب التساؤل بشأن الهوية والانتماء والأسرة، وما تعنيه الروابط التي تتجاوز البيولوجيا، في سردية تختبر قدرة السينما على معالجة قضايا حساسة بروح فنية متوازنة. وينسجم الفيلم مع محور الدورة الذي يلقي الضوء على الأفلام التي تستكشف مفاهيم الانتماء، والذات، والذاكرة الجمعية، من زوايا محلية ودولية متنوعة، في أفلام تتوزع بين فلسطين وفرنسا والمملكة المتحدة والمغرب ولبنان، وحتى بولندا، التي تشارك في هذا الخط تحت مظلة «سينما الهوية».

هويّات سينمائية عالمية
ويعرض المهرجان مجموعة أفلام من مختلف القارات، تتنوع في أساليبها وتتقاطع في أسئلتها بشأن الجذور والذات، فمن فلسطين يأتي فيلم «برتقالة من يافا» ليحكي للمشاهد قصة شاب يبحث بيأس عن سيارة أجرة للقاء والدته التي تنتظره على الجانب الإسرائيلي، بالإضافة إلى فيلم «في قاعة الانتظار» الذي يتناول حكاية شاب يرافق والدته التي ترملت حديثاً إلى مستشفى إسرائيلي. ومن المملكة المتحدة يصور فيلم «احتفظ» أحداثاً يتعرض لها حارس سابق لمنارة تحولت إلى متحف. ومن آيرلندا يلقي فيلم «نرجو الاختلاف» الضوء على مجموعة أشخاص تجمعهم قصة غريبة. ويأتي من لبنان فيلم «إذا الشمس غرقت في بحر الغمام» وهو عن حارس أمن يمنع المارة من الوصول إلى الشاطئ. ومن بولندا فيلم «الرقص في الزاوية» الذي يتطرق إلى مرحلة سقوط الشيوعية عام 1989. ومن الأردن فيلم «هجرة» عن أم تبلغ من العمر 14 عاماً تهرب من بغداد. ومن المغرب فيلم «شيخة» وهو قصة فتاة تبلغ من العمر 17 عاماً بمدينة أزمور المغربية. ومن فرنسا 3 أفلام تحمل قصصاً إنسانية؛ هي: «سلالة العنف» و«حبيبتي» و«على قبر أبي».

فيلم وثائقي
كما أعلن «المهرجان» عن أن حفل الافتتاح يتضمن عرض فيلم وثائقي عن الفنان السعودي إبراهيم الحساوي، وهو الشخصية المُكرَّمة هذا العام، مع إصدار كتاب يُؤرّخ لسيرته، إلى جانب تنظيم ندوة حوارية تستعرض محطاته الفنية، وجلسة توقيع للكتاب تُتيح للجمهور لقاء الحساوي عن قُرب وتبادل الحديث معه بشأن سيرته وتجربته الفنية، التي بدأت من مسرح «جمعية الثقافة والفنون» بالأحساء مطلع الثمانينات، واستمرت أكثر من 4 عقود، تنقل خلالها بين خشبة المسرح، وشاشتَي التلفزيون والسينما.
كما يُعدّ الحساوي أحد أبرز الأصوات الفنية التي أسهمت في تشكيل الوعي الجمالي داخل المشهدَين الفني والثقافي السعودي؛ إذ يضم رصيده نحو 100 عمل تلفزيوني، وأكثر من 40 عملاً مسرحياً، إلى جانب مشاركته في 14 فيلماً سينمائياً، من بينها: «عايش» (2010)، و«بسطة» (2015)، و«فضيلة أن تكون لا أحد» (2016)، و«المسافة صفر» (2019)، و«إلى ابني» (2022)، و«هوبال» (2024). ويُمثّل هذا التكريم فعلاً ثقافياً أصيلاً يتبنّاه «مهرجان أفلام السعودية» لتوثيق مساهمات روّاد السينما السعودية، وتقديم تجاربهم بوصفها مرجعاً فنياً ومعرفياً يُسهم في صياغة الذاكرة السينمائية وتعزيز حضورها في الوعي العام.

يذكر أن «المهرجان»، الذي ينطلق مساء الخميس المقبل، يلقي الضوء على السينما اليابانية، وذلك في سبيل بناء جسور لنقل المعرفة والتجارب إلى صنّاع الأفلام في السعودية. ويعرض المهرجان 8 أفلام يابانية طويلة وقصيرة، ويستضيف خبراء سينمائيين يابانيين. وتأتي عروض الأفلام القصيرة بالتعاون مع مهرجان «شورت شورت Short Short» الياباني العالمي، بالإضافة إلى إقامة ندوة ثقافية وطرح درس متقدم عن تجربة السينما اليابانية.



