فتاة تُشفى بعد وضع جزء من جمجمتها داخل معدتها

استعادت شغفها بالمسرح ورفضت أن تدع المِحنة تهزمها

أقوى من المِحنة (وكالة أنباء «بي إيه»)
أقوى من المِحنة (وكالة أنباء «بي إيه»)
TT
20

فتاة تُشفى بعد وضع جزء من جمجمتها داخل معدتها

أقوى من المِحنة (وكالة أنباء «بي إيه»)
أقوى من المِحنة (وكالة أنباء «بي إيه»)

ظنَّت إيلي موريس ديفيس أنها تعاني من التهاب فيروسي في المعدة، لكن بحلول نهاية الأسبوع كانت تتقيّأ نحو 16 مرّة يومياً. إنها فتاة مراهقة أُجريت لها جراحة نادرة وضع خلالها الأطباء جزءاً من جمجمتها مؤقتاً داخل بطنها، وتعلّمت كيف تمشي وتتحدّث وتبلع من جديد. كانت تعاني نزيفاً في المخ بسبب ورم وعائي كهفي، وهو تجمُّع عنقودي لأوعية دموية غير طبيعية يُشبه حبّة من التوت الأحمر.

تروي «الإندبندنت» قصتها. فقد أُخضعت الفتاة (16 عاماً) لـ9 جراحات طوال 13 أسبوعاً العام الماضي، وخشيت «ألا تعود إلى المنزل» من المستشفى أبداً. قالت والدتها، جوان موريس ديفيس (48 عاماً)، إنّ ابنتها تعمل حالياً «بدأب» لاستعادة شغفها بالرقص والأداء على المسرح.

خلال إجازة النصف الأول من العام الدراسي بشهر مايو (أيار) الماضي، بدأت إيلي، التي كانت حينها في الـ15 من عمرها، تعاني صداعاً مستمراً وغثياناً وأصبحت حسّاسة للضوء. وبعد إجراء فحوص دم وتصوير بالرنين المغناطيسي، اكتشف الأطباء وجود نزيف داخل مخّها نتيجة ورم وعائي كهفي.

لا تظهر دائماً عوارض عند الإصابة بهذه الحالة، لكن عندما يحدُث ذلك، قد تشمل نوبات صرع، وآلاماً في الرأس، ومشكلات عصبية مثل الدوار وتداخل الكلام. ووفق هيئة الخدمات الصحّية الوطنية، يعاني 1 من 600 شخص داخل المملكة المتحدة الورم الوعائي الكهفي من دون أيّ عوارض.

ويُشخّص الأطباء حالة واحدة من بين كل 400 ألف مريض سنوياً بالإصابة بالورم الوعائي الكهفي المُصاحب بالعوارض، وعادة ما تظهر بين عمر الـ20 والـ40 عاماً. من غير الواضح ما الذي يُسبِّب هذه الحالة، لكن أحياناً قد تكون وراثية. وصرَّحت والدة إيلي، لوكالة أنباء «بي إيه»: «لم أسمع يوماً بالورم الوعائي الكهفي. عندما ذهبنا إلى قسم الطوارئ، كنت آمل أن تكون الحالة صداعاً نصفياً فقط. لم نكن نعلم متى ظهر تحديداً، إذ اعتقدوا بوجوده منذ مدة».

نُقلت إيلي إلى مستشفى أطفال «ألدر هاي» في ليفربول وأُخضعت لجراحة. كان احتمال حدوث مزيد من النزيف لا يزال كبيراً، لذا أجرى الجرّاحون عملية حج القحف (استئصال جزء من الجمجمة). يتضمّن هذا الإجراء استئصال جزء من الجمجمة لتخفيف الضغط، ثم وضعه داخل معدة المريض حتى يظلّ مُعقَّماً قبل إعادته إلى وضعه السابق.

عند سؤال جرّاحة الأعصاب، الاستشارية المتخصّصة في طبّ الأطفال بمستشفى «ألدر هاي»، بينيديتا بيتوريني، عما إذا كان شائعاً إجراء مثل تلك الجراحة لمرضى في سنّ إيلي، أجابت: «لحُسن الحظ لا، لكنها في حالات محدّدة الطريقة الوحيدة لإنقاذ حياة المريض».

أجرى الأطباء المتخصّصون في المستشفى أقلّ من 20 جراحة عصبية خاصة بالورم الوعائي الكهفي خلال الأعوام الـ4 الماضية. وأضافت بيتوريني: «الجراحة، وهي استئصال جزء من الجمجمة، ليست خطيرة في ذاتها، لكن الخطير هو سبب القيام بذلك. لذا عادة ما نضطرّ إلى إجرائها في حالات طبّية حرجة جداً مثل حالة إيلي».

رغم هذا الإجراء الذي يستهدف إنقاذ الحياة، تدهورت حالة إيلي بدرجة أكبر، ونُقلت إلى وحدة العناية المركزة. وأُخضعت إجمالاً لـ9 جراحات في 13 أسبوعاً، كذلك أُصيبت بحالات عدوى نادرة وخطيرة.

وصرّحت بيتوريني بأنّ عدد الجراحات نتج عن الورم الوعائي الكهفي الذي كان يُسبّب مزيداً من التورّم داخل المخ. بعد ذلك قالت الوالدة إنّ الفتاة لم تكن قادرة على تحريك الجانب الأيسر من جسمها، ولا الكلام، وكانت تتواصل من خلال توجيه إصبع الإبهام نحو الأعلى أو الأسفل. وأضافت: «في ذلك الوقت كانت تخضع لجلسات علاج طبيعي يومياً، لكن بعد مرور 7 أسابيع من عدم المشي، بدأت تُحرّك رِجلها قليلاً. وكانت أصابع القدمين واليدين آخر أجزاء تتحرّك، لكنها تعلّمت كيف تمشي وتتحدّث وتبلع مجدداً. إنها قوية العزيمة، ونعمل حالياً على جلسات العلاج الطبيعي بشكل مستمر».

ضحكة للحياة والشفاء (وكالة أنباء «بي إيه»)
ضحكة للحياة والشفاء (وكالة أنباء «بي إيه»)

كذلك يتضمَّن العلاج جلسات مع مدرّب الرقص الخاص بإيلي. كانت تلك المُراهِقة تمارس فنون الأداء والرقص منذ بلوغها 3 سنوات، وتظهر في تمثيليات صامتة وبرامج عبر محطة «ويست إند». وقالت والدتها: «هدفها العودة. حتى بعد إجراء أول جراحة لها عندما عجزت عن الحديث، كانت تايلور سويفت تعزف في ليفربول، والممرضات يُشغّلن أغنياتها على جهاز الـ(آيباد) الخاص بها. حاولت القيام ببعض الهزات وهي في السرير».

في «ليلة مشحونة بالعواطف»، بتعبير والدتها، عادت إيلي مؤخراً إلى خشبة المسرح للغناء خلال عرض مع صفّ الرقص المُشتركة به. بدورها، علّقت الفتاة: «في مرحلة ما، اعتقدتُ أنني لن أعود إلى المنزل، لكن طاقم العمل في جناح (إيه 4) اعتنى بي جيّداً، وكان يحاول رفع روحي المعنوية. لا تزال هناك أمور لا أستطيع القيام بها، وهذا مُحبِط، لكنني موقنة من تحقيقي لذلك. أتوق إلى عودتي للمسرح والغناء والرقص».

وقالت والدة إيلي إنه في حين أنّ ابنتها فقدت قدراً كبيراً من ثقتها بنفسها، فإنها لن تدع هذه التجربة تهزمها: «إنها من أقوى الشخصيات إرادةً وعزيمةً. ممتنة كثيراً لفريق جراحة الأعصاب الذي أنقذ حياتها».

يجمع أصدقاء إيلي حالياً المال لتتمكّن من الاشتراك في برنامج علاجي مكثَّف في لندن خلال الصيف. وأضافت الوالدة: «أن تكون لدى المرء عائلة تفهم التحدّيات التي تُواجهه، وصعوبة الوضع، فذلك يجعل الأمور أفضل للجميع. إنها مفعمة بالحياة، والاعتناء بها نعمة كبيرة».


مقالات ذات صلة

كم يبقى المغنسيوم في جسمك؟... اكتشف السر

صحتك يبدأ الجسم بامتصاص المغنسيوم بعد نحو ساعة من تناوله ويصل الامتصاص إلى نحو 80 في المائة من الجرعة بعد ست ساعات في الظروف الطبيعية (متداولة)

كم يبقى المغنسيوم في جسمك؟... اكتشف السر

المغنسيوم معدن أساسي يلعب دوراً محورياً في وظائف متعددة بالجسم، أبرزها تعزيز صحة العظام وتنظيم ضغط الدم ودعم عمل العضلات.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك يقوم الكبد بكثير من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

7 علامات تدل على تلف الكبد

الكبد هو أحد أهم أعضاء الجسم، فهو المسؤول عن الحفاظ على خلوِّ سائر الأعضاء من السموم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك مركبات «الفثالات» تدخل في صناعة عبوات الطعام (جامعة كاليفورنيا)

مادة بلاستيكية مسؤولة عن وفاة 365 ألف شخص في العالم

كشفت دراسة أميركية عن أن التعرّض اليومي لمادة كيميائية تُستخدم على نطاق واسع في صناعة البلاستيك قد يكون مرتبطاً بأكثر من 365 ألف حالة وفاة ناجمة عن أمراض القلب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك فتاة تستخدم أحد منتجات التدخين الإلكتروني في لندن (إ.ب.أ)

«رئة الفشار»... مرض غير قابل للعلاج قد تسببه السجائر الإلكترونية

حذر تقرير جديد من تسبب السجائر الإلكترونية في مرض غير قابل للعلاج يسمى «رئة الفشار».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الكافيين الموجود في الشاي الأخضر يزيد من أكسدة الدهون (رويترز)

هل شُرب الشاي الأخضر يساعد في حرق الدهون؟

يعتقد البعض أن هناك مشروبات محددة يمكنها مساعدتنا على خسارة الدهون ومحاربة السِّمنة، ومن أشهرها الشاي الأخضر.

«الشرق الأوسط» (لندن)

حملة موسعة من «الموسيقيين» المصرية ضد «تجاوزات» أغاني المهرجانات

عصام صاصا (حسابه بموقع فيسبوك)
عصام صاصا (حسابه بموقع فيسبوك)
TT
20

حملة موسعة من «الموسيقيين» المصرية ضد «تجاوزات» أغاني المهرجانات

عصام صاصا (حسابه بموقع فيسبوك)
عصام صاصا (حسابه بموقع فيسبوك)

قامت «نقابة الموسيقيين» المصرية خلال الأيام القليلة الماضية بحملة موسعة ضد «تجاوزات» أغنيات المهرجانات بالحفلات والإصدارات الخاصة، خصوصاً بعد رصد ومتابعة عدد منها، وبدأت الحملة بمؤدي المهرجانات حمو بيكا، بعد تداول فيديو منسوب له عبر مواقع «سوشيالية»، وهو يغني كلمات اعتبرها البعض غير لائقة، بل وتسيء لإحدى مؤسسات الدولة.

ووفق بيان لـ«نقابة الموسيقيين»، فإن بيكا الذي يمارس نشاطه الفني كأحد حاملي تصريح شعبة «الأداء الصوتي»، تم إيقاف تصريحه وتحويله للشؤون القانونية للتحقيق العاجل، وذلك على خلفية ظهوره بإحدى الحفلات وغنائه كلمات لا تليق، كما شددت النقابة في بيانها على أنها لن تتهاون تجاه أي تجاوز أو إساءة، لا سيما فيما يتعلق بالثوابت المجتمعية أو مؤسسات الدولة.

ولم يتوقف الأمر عند بيكا، الذي دافع عن نفسه عبر حسابه الرسمي بموقع «فيسبوك»، عقب قرار إيقافه، متذرعاً بأن الأغنية موال قديم، وأنه لم يقصد الإساءة، وأوضح خلال منشوره أن «الكثير من المطربين يقومون بغناء هذه الأغنية في حفلاتهم»، واستشهد بفيديوهات لبعض منهم، من بينهم المطرب الشعبي رضا البحراوي.

بدورها أعلنت النقابة، في بيان رسمي، التحقيق مع المطرب الشعبي رضا البحراوي بعد الاطلاع على الفيديو المنسوب إليه أثناء غنائه الكلمات نفسها التي قدمها بيكا في إحدى حفلاته، حيث أكد الدكتور محمد عبد الله، المتحدث الإعلامي لـ«نقابة الموسيقيين»، بأن النقابة لن تتهاون مع أي تجاوز.

حمو بيكا (حسابه بموقع فيسبوك)
حمو بيكا (حسابه بموقع فيسبوك)

وأوضح عبد الله، في بيان، أن عدم إيقاف البحراوي عن العمل أسوة بإيقاف حمو بيكا، يعود لكون الإيقاف عقوبة في حد ذاته، ولا يجوز توقيع عقوبة من دون تحقيق، طبقاً لنص المادة 12 من اللائحة التنفيذية لقانون النقابات الفنية الثلاث، الذي ينص على أنه يحق لمجلس النقابة إيقاف عضوية المنتسب في أي وقت، بينما لم تنص على إحالته للتحقيق، لكن في حالة العضو العامل فالقانون يشترط إحالته للتحقيق أولاً.

وبجانب بيكا والبحراوي، أعلنت «نقابة الموسيقيين»، مؤخراً التحقيق مع مؤدي المهرجانات عصام صاصا، بعد انتقادات واسعة طالت بعض أعماله الأخيرة، ورصد تجاوزات في كلمات أغنياته، ومن بينها أغنية «محكمة ودخلنا على المفرمة»، التي طرحها صاصا عبر قناته الرسمية بموقع «يوتيوب»، وحققت أكثر من 12 مليون مشاهدة خلال أسبوعين.

من جانبه، قال الناقد الفني المصري طارق الشناوي، تعليقاً على تجاوزات بعض مؤدي المهرجانات: «لا يمكن لأحد الدفاع عن الخطأ بأي شكل من الأشكال، ومن أخطأ فعليه تحمل نتيجة ذلك»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «التعميم بارتكاب إساءات أو تجاوزات على كل مطربي المهرجانات لا يجوز، خصوصاً أن ثقافة البعض منهم محدودة، ولا يعلمون جيداً خطورة ما يقدمون، وبرغم ذلك فإن الجهل بالشيء لا يمنع من العقوبة».

رضا البحراوي (حسابه بموقع فيسبوك)
رضا البحراوي (حسابه بموقع فيسبوك)

وتطرق الشناوي إلى وقائع قديمة، قائلاً: «إن محمد عبد الوهاب وأم كلثوم تعرضا لاتهامات من إحدى المؤسسات الدينية بسبب كلمات أغنياتهم؛ لذلك فإن الخطأ لا يقتصر على مؤدي المهرجانات أو المطربين الشعبيين فقط، لكن ربما يكون هناك غيرهم؛ لذلك فمن يتجاوز في أعماله يجب محاسبته ومعاقبته، من دون وصم فئة بعينها».

وبعيداً عن الغناء، تحفظت الأجهزة الأمنية بمصر على حمو بيكا قبل أشهر عدة؛ بتهمة «حيازة سلاح أبيض»، و«الهروب من تنفيذ أحكام قضائية»، إلا أنه خرج بعد قضاء العقوبة في فبراير (شباط) الماضي، بينما قضى عصام صاصا فترة حبسه 6 أشهر مع الشغل في واقعة قيادة سيارة تحت تأثير المخدرات.