اكتشف فريق دولي من العلماء أطول جزيئات عضوية جرى تحديدها حتى الآن على سطح المريخ، مما يعزز فرضية وجود شكل من أشكال الحياة القديمة على الكوكب الأحمر.
وأوضح الباحثون، بقيادة المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، وبالتعاون مع باحثين من الولايات المتحدة والمكسيك وإسبانيا، أن هذا الاكتشاف يضيف دليلاً جديداً على أن المريخ كان يتمتع في الماضي ببيئة صالحة للحياة؛ مما يزيد احتمالات وجود كائنات مجهرية قديمة، وفق النتائج المنشورة، الاثنين، بدورية وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم.
وتستند فرضية وجود شكل من أشكال الحياة القديمة على المريخ إلى أدلة متراكمة من دراسات جيولوجية وكيميائية تشير إلى أن الكوكب كان، في الماضي، بيئة أكثر رطوبة ودفئاً، وربما احتوى على محيطات وبحيرات صالحة للحياة. كما يدعم اكتشافُ المركبات العضوية والمعادن المرتبطة بالمياه، ووجود الميثان في الغلاف الجوي، احتمالَ أن المريخ قد استضاف ميكروبات قديمة، خصوصاً خلال الفترات التي كان فيها مناخه أكثر استقراراً.
وفي دراستهم الجديدة، توصّل العلماء إلى اكتشاف جزيئات عضوية طويلة غير مسبوقة على سطح المريخ، حيث تحتوي هذه السلاسل الكربونية على ما يصل إلى 12 ذرة كربون متتالية؛ مما يجعلها مُشابهة للأحماض الدهنية التي تنتجها الكائنات الحية على الأرض. ويُعد هذا الاكتشاف الأول من نوعه، إذ لم تُرصد سابقاً مثل هذه الجزيئات العضوية المعقدة على المريخ، وفق الباحثين.
وجرى العثور على هذه المركبات داخل عينات غنية بالطين يعود تاريخها إلى 3.7 مليار سنة، وهي الفترة التي تزامنت مع ظهور الحياة على كوكب الأرض. وقد ساعد المناخ البارد والجاف للمريخ، إلى جانب غياب النشاط الجيولوجي، في الحفاظ على هذه الجزيئات العضوية لمليارات السنين.
وأُنجز هذا الاكتشاف بواسطة أداة (SAM) المُثبّتة على متن المسبار كيريوسيتي، التابع لوكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، والذي يستكشف، منذ عام 2012، «فوهة غيل»، وهي قاع بحيرة قديمة شاسعة وجافة تتضمن جبلاً في المنتصف. وتعمل هذه الأداة على تحليل الغازات والعناصر الكيميائية الموجودة في تربة وصخور المريخ؛ لمساعدة العلماء على دراسة البيئة الكيميائية للكوكب الأحمر، والبحث عن آثار الحياة المحتملة.
وأضاف الباحثون أن هذا الاكتشاف يعزز الآمال في فهم أعمق لأصول المواد العضوية في الفضاء، ويفتح آفاقاً جديدة للبحث عن دلائل محتملة على الحياة خارج كوكب الأرض.
ووفقاً للباحثين، تُمثل هذه النتائج خطوة كبيرة نحو تعزيز البحث عن أدلة على وجود كيمياء معقدة شبيهة بالحياة في الفضاء. ومن المتوقع أن تكون هذه المهمة إحدى الأهداف الرئيسية لبعثة إكسومارس، التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، والمقرر إطلاقها عام 2028، وكذلك لمهمة إعادة عينات المريخ المشتركة بين «ناسا» ووكالة الفضاء الأوروبية، خلال ثلاثينات القرن الحالي.