مصر: اهتمام رئاسي بالخطة الترويجية للمتحف الكبير

السيسي دعا لاستغلال حفل الافتتاح في إبراز دور بلاده التاريخي

بهو المتحف الكبير (الشرق الأوسط)
بهو المتحف الكبير (الشرق الأوسط)
TT

مصر: اهتمام رئاسي بالخطة الترويجية للمتحف الكبير

بهو المتحف الكبير (الشرق الأوسط)
بهو المتحف الكبير (الشرق الأوسط)

في إطار اهتمام رئاسي مصري بخطة الترويج للمتحف الكبير، المقرر افتتاحه في يوليو (تموز) المقبل، عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، اجتماعاً لمناقشة التحضيرات المتعلقة بحفل الافتتاح، مطالباً باستغلال الحدث لإبراز دور بلاده المحوري والحضاري تاريخياً.

حضر الاجتماع كل من الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وشريف فتحي، وزير السياحة والآثار، وطارق مخلوف، العضو المنتدب بالشركة «المتحدة» للخدمات الإعلامية، ومحمد السعدي، عضو مجلس إدارة الشركة «المتحدة».

وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير محمد الشناوي، في إفادة رسمية الأربعاء، إن «الاجتماع تناول الترتيبات والنواحي التنظيمية المتعلقة بالاحتفالية المقررة لافتتاح المتحف المصري الكبير في يوليو المقبل»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري «اطَّلع على التصورات المقترحة لكيفية تحقيق مستهدفات الاحتفالية».

جانب من اجتماع الرئيس المصري لمتابعة الاستعدادات لافتتاح المتحف الكبير (الرئاسة المصرية)

واستعرض الرئيس المصري الفعاليات التي ستقام أيام الاحتفالية، مشيراً إلى ضرورة «استغلالها بالشكل الأمثل في إطار جهود تطوير منظومة السياحة المصرية ككل، وإبراز إسهامات الحضارة المصرية ودورها المحوري على مر التاريخ في بناء الإرث الحضاري العالمي، ومضاعفة أعداد السائحين الزائرين لمصر بما يتناسب مع المقومات الطبيعية والحضارية التي تمتلكها الدولة»، وفق متحدث الرئاسة المصرية.

وأوضح الشناوي أن «الاجتماع تناول كذلك الخطة الترويجية لاحتفالية الافتتاح، والتنسيق القائم مع القطاع الخاص لوضع حملات ترويجية وتسويقية في الفنادق والمنتجعات السياحية، واستعراض ما يمثله المتحف من فرصة مثالية للاستمتاع بتجربة متكاملة تجمع بين عبق التاريخ المصري القديم وأحدث تقنيات العرض المتحفي».

وأكد السيسي «ضرورة بذل كل الجهد وتكثيف الاستعدادات لخروج هذه الفعالية على مستوى يليق بوضعية وتاريخ مصر، ودون تحميل موازنة الدولة أي أعباء، لا سيما أن المتحف المصري الكبير يُعد من أكبر الصروح الثقافية والحضارية في العالم».

وشدد السيسي على «أهمية استثمار الزخم المصاحب لاحتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير في الترويج للمقاصد السياحية في مصر بوجه عام».

المتحف من الخارج (الشرق الأوسط)

وتسعى مصر لاستقبال 17 مليون سائح العام الحالي، وذلك بعد استقبالها 15 مليون العام الماضي، معولةً على افتتاح المتحف الكبير بشكل رسمي.

بدوره، قال مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، الدكتور حسين عبد البصير: «إن المتحف الكبير هدية مصر للعالم»، وعدَّ في حديثه لـ«الشرق الأوسط» افتتاح المتحف «حدثاً ثقافياً كبيراً ينتظره الناس في مختلف أنحاء العالم».

وأضاف: «إن المتحف الكبير يُطبق المفاهيم الحديثة للمتاحف في العالم، فهو ليس متحفاً تقليدياً لعرض الآثار، بل موقع ترفيهي ثقافي متكامل»، مشيراً إلى أن «وقوع المتحف بالقرب من أهرامات الجيزة يكسبه زخماً ثقافياً وسياحياً إضافياً، ناهيك عن تطوير المنطقة المحيطة به لتتناسب مع الزخم السياحي المنتظر بعد الافتتاح».

مصر تراهن على المتحف الكبير لتنشيط السياحة (الشرق الأوسط)

ولفت عبد البصير إلى أن «نجاح الافتتاح التجريبي للمتحف الكبير يعد مؤشراً على مدى الإقبال الذي سيحظى به عقب الافتتاح الرسمي»، متوقعاً أن «يجذب المتحف نحو 8 ملايين زائر سنوياً».

وفي منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بدأت مصر تشغيلاً تجريبياً جزئياً للمتحف الكبير لا يتضمن الجناح الرئيسي المخصص لعرض مقتنيات «الفرعون الذهبي توت عنخ آمون».

وتعود فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير إلى تسعينات القرن الماضي، إثر تكدس المتحف المصري بالتحرير بالآثار حتى بات يوصف بـ«المخزن»، وفي عام 2002 تم وضع حجر الأساس للمشروع في موقع متميز يطل على أهرامات الجيزة، على مساحة 117 فداناً.

ويعرض المتحف للمرة الأولى المقتنيات الكاملة للفرعون الذهبي «توت عنخ آمون»، منذ اكتشاف مقبرته في نوفمبر (تشرين الثاني) 1922، إضافة إلى مجموعة الملكة حتب حرس أم الملك خوفو، مُشيد الهرم الأكبر في الجيزة، وكذلك متحف مراكب الملك خوفو، فضلاً عن المقتنيات الأثرية المختلفة منذ عصر ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليوناني والروماني، وفق موقع وزارة السياحة والآثار المصرية.

المتحف المصري الكبير من الداخل (الشرق الأوسط)

وشبَّه عبد البصير مشروع المتحف الكبير بمشروعات كبرى مصرية مثل السد العالي في أسوان (جنوب البلاد)، وقناة السويس. وقال: «افتتاح المتحف حدث ثقافي وعمراني يُسهم في تغيير وجه منطقة الأهرامات ككل، ويُعيد الحركة السياحية الوافدة للبلاد لمجدها»، مشيراً إلى «أن هناك اهتماماً عالمياً بالمتحف الذي سيشهد عرض المجموعة الكاملة لآثار توت عنخ آمون للمرة الأولى، وعددها 5398 قطعة أثرية».

والشهر الماضي أعلن رئيس الوزراء المصري عن تحديد موعد 3 يوليو 2025، لافتتاح المتحف المصري الكبير، مشيراً إلى أنه من المقرر امتداد فعاليات هذا الحدث الكبير الذي ينتظره العالم بأسره على مدار أيام.

وتعكف لجنة مُشكَّلة من مجلس الوزراء المصري على إعداد سيناريو الاحتفال، وتتولى «الشركة (المتحدة) للخدمات الإعلامية مسؤولية إعداد حفل الافتتاح بالكامل»، وسبق أن نظمت الشركة حفل موكب المومياوات الملكية، وحفل افتتاح طريق الكباش في الأقصر.

وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال الرئيس المصري إن «كبرى الدول طلبت حضور حفل افتتاح المتحف الكبير». وأضاف خلال زيارة تفقدية إلى مقر أكاديمية الشرطة أن «المتحف الكبير سيكون علامة فارقة في تاريخ المتاحف، ليس فقط على مستوى مصر»، مشيراً إلى أنه «أكبر متحف مخصص لحضارة واحدة، وهي الحضارة الفرعونية».


مقالات ذات صلة

منطقة إيطالية تعرض 100 ألف يورو لكل من ينتقل إليها... بشرط

يوميات الشرق المبادرة طرحتها منطقة ترينتينو الجبلية على أمل تحسين القوة الاقتصادية (سي إن إن)

منطقة إيطالية تعرض 100 ألف يورو لكل من ينتقل إليها... بشرط

ستدفع منطقة ترينتينو للإيطاليين منحة لتجديد أحد المنازل المهجورة العديدة في المنطقة التي تلتقي فيها جبال الدولوميت بجبال الألب.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد متنزهون يلتقطون صوراً تذكارية على ضفة النهر مقابل الحي المالي بمدينة شنغهاي الصينية (رويترز)

80 مليار دولار عائدات السياحة في شنغهاي خلال 2024

ذكرت السلطات المحلية في الصين، أن بلدية شنغهاي بشرقي البلاد، حققت عائدات سياحية قياسية بلغت 576.1 مليار يوان (نحو 80.3 مليار دولار) في عام 2024.

«الشرق الأوسط» (شنغهاي)
يوميات الشرق تم إطلاق خدمة التاكسي الجوي الجديدة بالشراكة مع «فيرجن أتلانتيك» (جوبي للطيران)

خدمة سيارات أجرة جوية «ثورية» في المملكة المتحدة... قريباً

تعمل شركة (جوبي) ومقرها في كاليفورنيا على تطوير سيارات أجرة جوية كهربائية للنقل الجوي التجاري، وقد تم تصميم طائراتها ذات الانبعاثات الصفرية للرحلات السريعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي تتركز السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر في مدن طابا ودهب وشرم الشيخ (محافظة جنوب سيناء)

هل ينعش الإسرائيليون حركة السياحة في سيناء المصرية؟

أثارت تقارير عبرية تحدثت عن تدفق الآلاف من السياح الإسرائيليين على مصر رغم تحذيرات تل أبيب من خطورة السفر، تساؤلات بشأن إسهامها في إنعاش حركة السياحة بمصر.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا محمد علي حفيد الملك فاروق يقرر العودة إلى مصر (أ.ف.ب)

تفاعل «سوشيالي» مع عودة حفيد الملك فاروق للإقامة بمصر

حظيت تصريحات الأمير محمد علي، حفيد الملك فاروق عن عودته إلى مصر بعد أن قضى معظم حياته في فرنسا، موطن والدته، بتفاعل «سوشيالي».

محمد الكفراوي (القاهرة )

سوزان فالادون... أول فنانة ترسم الرجل «مجرَّداً»

من لوحاتها في المعرض (موقع المعرض)
من لوحاتها في المعرض (موقع المعرض)
TT

سوزان فالادون... أول فنانة ترسم الرجل «مجرَّداً»

من لوحاتها في المعرض (موقع المعرض)
من لوحاتها في المعرض (موقع المعرض)

كانت رسامة متفردة وامرأة مختلفة عن نساء عصرها. قد تسبقهن أو تتأخر عنهن. لكن سوزان فالادون (1865 - 1938)، وضعت ريشتها رهن إشارة كل امرأة وجدت في ملامحها شيئاً منها.

وفي المعرض الذي يُخصِّصه لها «مركز بومبيدو» في باريس، حالياً، تُطالع الزائر وجوه عشرات النماذج النسائية التي يبدو بعضها متمرداً؛ بل ومتهتكاً، وبعضها الآخر مترفعاً في قمة الأناقة والاحتشام. مَن هي تلك الرسامة التي لا نعرف عنها كثيراً على الرغم من أنها كانت غزيرة الإنتاج، بارعة الموهبة، عاشت في القرن الـ19 وتجاوزته حتى مشارف أربعينات القرن العشرين؟

سوزان فالادون رسامة النساء (موقع المعرض)

في سن الحادية عشرة، عملت سوزان، واسمها الأصلي ماري كليمانتين فالادون، خيَّاطةً ونادلةً وبهلوانةً تلعب على الحبال في السيرك، قبل أن تعرفها أوساط حي مونمارتر الباريسي بوصفها «الموديل» المفضلة للرسامين. كانت قد تعرضت لسقطة من فوق منصة عالية في السيرك سبَّبت لها أوجاعاً حرمتها من تلك المهنة. وجدت التعويض في الاستلقاء أمام رسامي عصرها الذين كانوا يومذاك نكرات قبل أن يصبحوا نجوماً. رسمها أوغست رينوار، ودو شافان، وهنري دو تولوز لوتريك... وغيرهم. وكان تولوز لوتريك هو من منحها اسم «سوزان».

سوزان فالادون (موقع المعرض)

وكما يقول المثل، فإن «مَن عاشر القوم 40 يوماً صار منهم أو صاروا منه»، وهي «صارت منهم»، فالشابة التي عاشت عمرها في أزقة مونمارتر وكانت تستلقي على منصة الرسم، راقبت أولئك الذين كانوا يرسمونها، ونهضت ذات يوم من أريكتها ووقفت أمام قماش اللوحة... تناولت الفرشاة وراحت ترسم وتقلِّد ما كانت تراهم يفعلون. صارت «الموديل» رسامة مثلهم، بيد أن الأمر استغرق وقتاً حتى الاعتراف بها من جانب النقاد بصفتها فنانة تستحق حمل هذا اللقب. وكان من بين مشجعيها الرسام البارز ديغا، على الرغم من أنه لم يرسمها مثل غيره.

رسمت صديقاتها (موقع المعرض)

تآلفت الفنانة مع تلك الحمَّى التي كانت تلفُّ المجتمع الباريسي عشية انتهاء قرنٍ وبزوغ قرن جديد. ارتادت الحفلات الراقصة وسهرات الكباريهات، ليلاً، وكانت زبونة مقيمة في المقاهي نهاراً. إنها الأماكن التي احتضنت ثورة فنية وثقافية واجتماعية ومنحت أسماءً مغمورة ألقاً سيدوم ولا ينطفئ. ووسط كل تلك الأسماء المبهرة، برزت سوزان رسامةً ذات خطوط حديثة وجريئة. فإلى جانب شغفها برسم النساء، كانت أول امرأة ترسم لوحة لرجل عارٍ.

لوحة تعاطف (موقع المعرض)

عانت الرسامة من التجاهل وقلة التقدير. لم تدرس الفن في «معهد بوزار (Institut Bozar)» بل صنعت نفسها بنفسها، وكانت على هامش الحركات المجدِّدة منها التكعيبية والتجريدية. بيد أن هذا المعرض يُعيد لها الاعتبار بوصفها من الأسماء التي ساهمت في ولادة الحداثة الفنية. لم تجد حَرجاً في تصوير الجسد البشري مجرَّداً؛ سواء الرجل منه والمرأة، بل وضعته في قلب أعمالها، عارضة الجسد من دون نيِّة في التلصُّص أو الاستعراض. كما برعت سوزان فالادون في رسم الوجوه «البورتريه» لكثير من النساء اللاتي كانت تصادفهنَّ في الحياة الباريسية. وحين لا تجد وجهاً يستثير حماستها، كانت ترسم نفسها. وكانت في العشرين؛ خارجة من ولادة طفل مجهول الأب، حين صوَّرت نفسها أول مرة. وبهذا، فإن في رصيدها عدداً من اللوحات التي تصوِّر ملامحها على امتداد السنين؛ من الصبا حتى ما بعد الكهولة. وفيما بعد، اعترف المهندس والرسام والناقد الإسباني ميكيل أوتريلو بأنه والد الطفل موريس ومنحه اسمه.

من لوحاتها (موقع المعرض)

اقترنت سوزان بسمسار البورصة بول موسيس، الأمر الذي منحها استقراراً مادياً سمح لها بالتفرغ لفنها ولتربية ولدها. بيد أن تلك الزيجة انتهت بعد مشاركتها في «صالون الخريف» بباريس ودخولها شريكة في تنظيمه. وفي العقود الأخيرة من حياتها اقترنت برسامٍ شابٍ كان صديقاً لولدها، وعاشت معه حياة صاخبة استمرت 30 عاماً.

ورسمت نفسها مع زوجها في لوحة «آدم وحواء» التي تُعدُّ من أشهر أعمالها. واللوحة اليوم من مقتنيات «متحف الفن الحديث» في باريس. وخلال تلك المدة صار ابنها موريس أوتريلو رساماً أيضاً، بيد أنه بات مدمناً على الكحول. ولمساعدته على الخروج من هذه الدوامة، اشترت مع زوجها قصراً في مدينة ليون عاشوا فيه وكان تحت رقابتها. وقد ترك الابن لوحات ذات قيمة للقصر وللطبيعة المحيطة به.

في كل امرأة شيء منها (موقع المعرض)

فرضت سوزان فالادون نفسها رغم كل شيء، وها هي لوحاتها تتجاوز المتاحف في باريس، وليون، وغرينوبل، وتصل إلى مركز «متروبوليتان» للفن في نيويورك، وعشرات المتاحف الصغيرة في المدن الأوروبية، بالإضافة إلى متحف مخصِّص لها في مسقط رأسها.

وهذا هو ما تكشفه لنا 200 لوحة، ورسم، وغرافيك، من الأعمال المعروضة في «مركز بومبيدو»، يتسابق الزائرون والسائحون لرؤيتها قبل الإغلاق المقرر للصرح الفني من أجل تصليحات تستغرق 5 سنوات.