بين الأزقة القديمة التي تروي حكايات الماضي، والعوالم الخيالية التي تكسر حدود الواقع، تجدد الدراما السعودية عباءتها في رمضان هذا العام، حيث لم يعد المشهد الدرامي السعودية مقتصراً على الأعمال الكوميدية المعتادة أو الحكايات التقليدية، بل اتسعت دائرته ليشمل التاريخ والفنتازيا والقصص الاجتماعية العميقة.
ومع اقتراب شهر رمضان المبارك، بدأت هذه الأعمال تتنافس على جذب المشاهدين إليها من خلال الإعلانات الترويجية (البرومو) والبوسترات اللافتة والقصص الشيقة، حيث ينتظر الجمهور مجموعة وافرة من المسلسلات الدرامية التي تعكس التطور المستمر في صناعة الدراما المحلية، ما بين الكوميديا، والدراما الاجتماعية والأعمال التراثية.
نوستالجيا دراميّة
يعود مسلسل «الشميسي» بالمشاهدين إلى أواخر السبعينات وبداية الثمانينات، مسلطاً الضوء على التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها تلك الفترة، في عملٍ يُعرض على SBA من بطولة: ريم عبد الله، وعبد الإله السناني وتركي اليوسف. يضاف إلى ذلك، المسلسل المنتظر «شارع الأعشى»، الذي يُعرض على MBC، وهو مستوحى من رواية للكاتبة السعودية بدرية البشر، ويتناول هو أيضاً حياة سكان شارع الأعشى في الرياض خلال السبعينات والثمانينات، والمسلسل من بطولة: إلهام علي وتركي اليوسف وخالد صقر.

عالم فنتازيا
كلا العملين السابقين يتخذ من العاصمة الرياض وحكاياتها موقعاً له، في حين يأتي الجنوب السعودي بصفته البطل في مسلسل «الزافر»، وهو فنتازيا سعودية في قالب جديد من نوعه، يحملها المسلسل التاريخي الذي يأتي من إنتاج SBA، وتدور أحداثه في حقبة زمنية قديمة بطرح خيالي، ويشارك في بطولته راشد الشمراني، ومريم الغامدي وأحمد شعيب. تدور قصة «الزافر» حول يحيى، وهو حفيد شيخ سابق، ويعمل في أرض بن رافع مزارعاً بسيطاً يحاول الموازنة بين الديون وإطعام المحتاجين سراً، لكن عندما يخسر كل بضاعته، يجد نفسه في مواجهة مصير مجهول يقلب حياته رأساً على عقب.
وتحضر الدراما الاجتماعية في الساحة الرمضانية السعودية عبر مسلسل «عمتي نوير»، الذي سيُعرض على MBC، وتدور قصته حول شخصية نوير، المرأة التي تحمل أسرار الثروة وتحقيق الأحلام، حيث يتوفى والدها ويترك لها عبء تنفيذ وصيته، وهي أن تحفظ سر امتلاكه ثروة تبلغ نصف مليار ريال عن العائلة الطامعة بالمال، يشارك في بطولته: ريم الحبيب، وزارا البلوشي ومريم عبد الرحمن.
كوميديا الأجزاء
ورغم استمرار هيمنة الكوميديا على الأعمال السعودية المعروضة سنوياً في شهر رمضان، فإن هناك تحولاً ملحوظاً في أسلوب طرحها؛ إذ تُراهن مسلسلات مثل «شباب البومب 13» و«واي فاي 5» و«جاك العلم 2» على علاقتها الراسخة مع الجمهور، لكن بتجديدات تحاول مواكبة إيقاع العصر، وهي أعمال حققت نجاحات جماهيرية سابقة وتعود في رمضان بقصص جديدة.
إلى جانب ذلك، يظهر «يوميات رجل عانس» بصفته أحد الأعمال الكوميدية الجديدة، وهو مستوحى من رواية «مذكرات رجل سعودي عانس» للكاتب وليد خليل. ويتناول المسلسل التحديات التي تواجه الرجل الأعزب في المجتمع السعودي بأسلوب يجمع بين الدراما والكوميديا، ومن المنتظر عرضه على MBC، وهو من بطولة: إبراهيم الحجاج، وفيصل الدوخي، وسعيد صالح وفاطمة الشريف.

من الرواية إلى الشاشة
بدأت الدراما السعودية الاستثمار في القصص الأدبية، كما يظهر في «شارع الأعشى» و«يوميات رجل عانس»، وكلاهما من عملين أدبيين، في خطوة تُبرز رغبة الصناعة في الاستفادة من الأعمال الروائية وإعادة تقديمها لجمهور الشاشة الصغيرة. يضاف إلى ذلك، أن الأعمال السعودية الجديدة تبدو أكثر نضجاً على مستوى التصوير السينمائي، الديكورات، والسيناريو، مقارنة بالأعمال السابقة التي كانت تعتمد على مواقع تصوير محدودة وميزانيات متواضعة؛ ما ينبئ بأن الدراما السعودية في رمضان 2025 ستكون أكثر نضجاً، وجذباً، في المزج بين الأصالة والتجريب، وتبقى الكرة دائماً في ملعب الجمهور.