الحديقة الإسلامية المعاصرة في بينالي جدة... ما بين أزهار غزة وعين عذارى

مهند شونو: التفسيرات المعاصرة في «المظلة» تربط بين الماضي والحاضر وترنو للمستقبل

TT

الحديقة الإسلامية المعاصرة في بينالي جدة... ما بين أزهار غزة وعين عذارى

جانب من قسم "المظلة" في بينالي الفنون الإسلامية بجدة (تصوير ماركو كابيليتي-مؤسسة بينالي الدرعية)
جانب من قسم "المظلة" في بينالي الفنون الإسلامية بجدة (تصوير ماركو كابيليتي-مؤسسة بينالي الدرعية)

ربما لا تعكس المساحات الخارجية في صالة الحجاج الغربية، حيث يقام بينالي الفنون الإسلامية بجدة، سمة الحدائق بمفهومها العام، لكننا هنا أمام 20 تفسيراً لفنانين من حول العالم لما تعنيه الحديقة المعاصرة. مبدئياً تأخذ مِسَاحَة «المظلة»، حيث تقبع الحدائق الصغيرة، التصميم الرباعي المستوحى من حديقة شار باغ الإسلامية، حيث تعني كلمة «شار» أربعة، وتعني كلمة «باغ» حديقة، وتعني «أربع حدائق»، ويتميز هذا التصميم بتصميمه الرباعي، الذي تقسمه ممرات مائية لأجزاء أصغر.

حاول كل فنان من المعروضة أعمالهم في قسم «المظلة» استكشاف علاقة الإنسان بالأرض والسماء، وهو استجابة لعنوان البينالي في هذه الدورة «وما بينهما». وخلال الأيام الأولى للبينالي وجد الزوار في المساحات الخارجية فرصاً للحديث والاستكشاف والحديث مع الفنانين حول أعمالهم المختلفة التي تنوعت في موضوعاتها، واتفقت على استكشاف قضايا متشابكة، خيوطها البيئة والطبيعة والمفاهيم الاجتماعية والروحانية التي تكمن في أهم عناصرها.

مهند شونو (الشرق الأوسط)

الفنان السعودي مهند شونو، وهو القيّم على الفن المعاصر في البينالي، يشرح أن «المظلة» هي حديقة مفاهيمية، ويقول في حوار مع «الشرق الأوسط»: «ننظر إلى تلك المساحة متعددة الطبقات، والحدود، والواسعة، بوصفها حديقة إسلامية معاصرة، حيث يجلب الفنانون المفاهيم السماوية، ويربطونها بقضايا الأرض البيئية والاجتماعية». بحسب شونو تمنح مفاهيم الفنانين، وأعمالهم، وأفكارهم، شكلاً لحدائق من الأفكار تروى عبر تدفق الزوار الذي يشبه تدفق المياه.

البينالي هو التجربة الأولى لشونو كقيم فني، وهي تَجْرِبَة لم يخف منها، ولم يرفضها، بل قبلها فوراً حسب قوله، وأحس بأنها عملية طبيعية للغاية، «عندما طُرح عليّ الأمر، لم أتردد، وشعرت أن الأمر طبيعي، وفوراً انغمست في العمل».

لم يكتف بدوره قيّماً للأعمال المعاصرة، بل اندمج في جوانب البينالي الأخرى، واستفاد من المعروضات التاريخية، موضحاً: «علينا أن نفهم الماضي حتى نتمكن من الاستجابة للأفكار المعاصرة».

نعود لقسم «المظلة»، حيث اجتمع 20 عملاً معاصراً لفنانين أحياء، ليس فقط من المملكة العربية السعودية، لكن على المستويين الإقليمي والدولي، يشير إلى أن التدخلات المعاصرة هي الرابط بين الماضي والحاضر، وتحمل معها رؤية للمستقبل.

على نحو أعم يرى أن البينالي تجسيد للتغيير الذي تشهده السعودية حالياً «بالنسبة إلي كان البينالي بمثابة شهادة حقيقية على التغيير لأنه عندما تجلب قطعاً إسلامية من العصور القديمة محملة بالقصص والتاريخ، وإلى جانب ذلك تجلب الفكر المعاصر، فإنك بذلك تكتسب قيمة أكبر. إنه أمر يدل على مدى التغير أيضاً أن تكون قادراً على التحدث عن الماضي بطرق جديدة للتعبير».

قبل التجول في المظلة، يتحدث شونو عن الأعمال المعاصرة الموجودة داخل القاعات المغلقة، وهي «البداية» و«المدار»، المقتني، المكرمة، والمنورة، مشيراً إلى أن بعض تلك الأعمال تم التكليف بتنفيذها كاستجابة معاصرة للقطع التاريخية ضارباً المثل بعمل الفنان عبد القادر بن شامة الذي قدم عملاً جدارياً ضخماً في قاعة «البداية» بعنوان «بين كل سماء» احتضن بعض الأعمدة التاريخية من مكة المكرمة في حوار بصري ملهم. يشير أيضاً إلى عمل الفنان العراقي مهدي مطشر الذي يُعرض في قاعة «المدار» الذي استمد الإلهام من قطع الأسطرلاب التاريخية المعروضة في القاعة ليقدم عملاً بعنوان «عضادة» يستعير مقوماته الشكلية والفلسفية من الأسطرلاب، ويتيح للزوار تَجْرِبَة حسية لتحديد الاتجاهات.

في الحديقة

يحدث شيء آخر في الهواء الطلق، حيث تجلس الأعمال على نحو فضفاض، ولكنها تتداخل أيضاً. هذا يساعد الجمهور على السفر عبر ممراتها. تبدأ الرحلة بأعمال تمثل بوابات ومسارات تدخلها على نحو فردي. يقول شونو: «إنها تقلب منظورك للأشياء، وتمنحك وجهة نظر جديدة. تختبر أعمالاً تتعلق بالمعرفة والفهم. تجعلنا نتساءل كيف نتعلم من الطبيعة؟ كيف نعمل مع الأرض؟ بعد ذلك تأتي الأعمال التي تتعلق أكثر بالتجديد والشفاء. تدخل الحديقة مجازياً كفرد، وتنتهي بالمعرفة. تقوم بالترميم والشفاء، ثم تندمج في مشاركة جماعية مع الناس».

هكذا اختصر لنا القيم الفني فلسفة قسم المظلة، وما يتبقى لنا هو أن ندخل التجربة الحسية بمعاينة الأعمال أمامنا.

عمل الفنان الياباني تاكاشي كوريباياشي (تصوير ماركو كابيليتي-مؤسسة بينالي الدرعية)

براميل تاكاشي

ننطلق من عمل الفنان الياباني تاكاشي كوريباياشي المكون من خمسمائة برميل أسود فارغ يجذب الأنظار أولاً بتنسيقه الجمالي اللافت، وثانياً بالتساؤلات التي يطرحها حول الطبيعة والإنسان. تقول إحدى القيمات على العرض إن الفنان «مهتم بالتعامل مع مفهوم الحدود والفروقات بين الإنساني والعالم الطبيعي». تحث الزوار على تسلق درجات خشبية تتوسط التركيب الأسود للحصول على نظرة من أعلى، هنا ومن أعلى نرى عبر المرايات المثبتة أعلى البراميل السماء والنباتات المختلفة المتناثرة حولنا في مشهد يبعث على التأمل في علاقة الإنسان بالبيئة، ويعيد النظر في مفهوم «الطبيعي». ترمز الصورة التي نراها عبر المرايات وانعكاسات الشجر والسماء إلى أن الغطاء النباتي الذي كان يغمر سطح الأرض بعد تحلله عبر الزمن أصبح نفطاً في أعماق الأرض، يستكشف الفنان هنا دور الطاقة والموارد الطبيعية.

زهور الفنانة آلاء يونس في "المظلة" ببينالي الفنون الإسلامية بجدة (تصوير ماركو كابيليتي-مؤسسة بينالي الدرعية)

آلاء يونس وأزهار غزة

في صوبة زجاجية تأخذنا الفنانة الفلسطينية لعالم من الزهور الرقيقة الهشة التي تحتمي بالصوبة الزجاجية لتنمو، وتزهر، تطلق على عملها اسم «زهور قطف»، وتروي من خلاله تاريخ زراعة الأقحوان والورود والقرنفل في غزة، حيث اعتمد المزارعون على تصديرها. تشير بطاقة التعريف بالعمل إلى أن صناعة الزهور في غزة كانت قوية جداً بين عامي 1991 و2008، حيث كانت غزة تنتج أكثر من 75 مليون زهرة سنوياً كانت تُصدَّر إلى سوق الزهور الهولندية. وبسبب الحصار والقيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على غزة توقفت التجارة، وبحلول عام 2008 لم يعد من المربح للمزارعين الاستمرار في زراعة هذه الزهور. تشير القيمة إلى أن عمل آلاء يونس وتقديمه في صوبة زجاجية هو «فعل من أفعال المرونة وتذكر صناعة الزهور التي كانت قوية جداً في وقت ما في غزة».

الفنانة بشاير هوساوي وعملها "هديتي لكم: حديقة" (تصوير ماركو كابيليتي-مؤسسة بينالي الدرعية)

حديقة بشائر هوساوي

يجذب عمل الفنانة السعودية بشائر هوساوي الذي يحمل عنوان «هديتي إليكم: حديقة» الزوار بألوانه القوية، لا سيما الأحمر ثم بتكوينه البسيط، فهو قطعة مربعة نسقت عليها الفنانة مجموعة من المكانس التقليدية الحمراء على نحو جمالي لافت. تتحدث مع «الشرق الأوسط» عن عملها المستوحى من طفولتها: «في بيتنا القديم كانت لدينا حديقة صغيرة كانت والدتي تطلب منا دائماً أن نكنسها، اكتشفت أن لدي بالبيت كمية كبيرة من المكانس الملونة». العنصر الأساسي في عملها هو المكانس، وقد استخدمته من قبل «بدأت السلسة من 2019 كنت أريد أن أتعرف إلى نفسي أكثر، وأن أتعرف بشكل أكبر على الأشياء التي أحبها. كنت أريد أن (أنظف بشائر من الداخل)، ومع الوقت أخذت ورش عمل ساعدتني على بلورة المفهوم ليصبح التطهير من الخارج، ومن الداخل والأخص من الداخل، الأمر أيضاً له صلة بعائلتي التي تعمل في الطوافة، حيث نستقبل الحجاج من كل أنحاء العالم في البيت بما له من حميمة ودفء، وكانوا الأهل ينظفون البيت قبلها».

عمران قريشي ودرب زبيدة

من الأعمال التي تفاعل معها زوار البينالي إلى حد بعيد عمل الفنان عمران قريشي الذي يحاكي باستخدام شرائط النسيج مِسَاحَة تجمع تاريخية حول واحة، يحتفي بطريق الحج الكوفي «درب زبيدة» الذي يرجع تاريخه إلى أكثر من ألف عام، وأمرت بحفره زبيدة زوجة هارون الرشيد لخدمة لحجاج. عمل قريشي يستلهم المساحة الملونة المنسوجة من تخطيط «شارباغ» الذي ميز الحدائق الهندية الفارسية رباعية الأضلاع المقسمة بوساطة الممرات المائية التي يرمز لها بالألوان، ويحتفي العمل بالمحافظة على الحرف اليدوية المنسوجات التقليدية من الاندثار في ظل التقنيات الحديثة.

ناصر الزياني "تسقي البعيد وتدع القريب" (تصوير ماركو كابيليتي-مؤسسة بينالي الدرعية)

ناصر الزياني وعين عذارى

يناقش عمل الفنان البحريني ناصر الزياني قضية التغيير المستمر للمناظر الطبيعية والذكريات الشخصية المرتبطة بها، يطلق عنوان «تسقي البعيد وتدع القريب» على عمله الذي استوحاه من عين «عذارى» في البحرين، وهي من العيون التاريخية، وارتبطت ذكريات الفنان بها. يتعامل الزياني مع جفاف العين في العقود الأخيرة عبر كتابة أبيات من قصيدة للشاعر البحريني علي عبد الله خليفة يخاطب فيها الشاعر العين، ويشكو جفافها، على ألواح رملية مرتفعة تشبه نقوش الألواح المسمارية القديمة.

"جعلك بالجنة" لفاطمة عبد الهادي (تصوير ماركو كابيليتي-مؤسسة بينالي الدرعية)

جعلك بالجنة وعبق الريحان

عمل الفنانة السعودية فاطمة عبد الهادي بسيط جداً وعميق جداً، يجذب الزائر برائحة الرياحين عبر نباتات منتظمة على مسافة ممتدة أمامنا تحفنا في كل خطوة فيه غلالات بيضاء رقيقة مطبوع عليها نباتات الريحان. يثير العمل العواطف الكامنة والحنين للراحلين فهو يشير لرمزية الريحان في الإسلام كونه من نعيم الجنة الذي تبشر به أرواح المؤمنين، تستحضر الفنانة هنا مقولة لوالدتها «الريحان من ريحة الجنة» وتستعيد عادتها في تزيين الأماكن بالريحان.


مقالات ذات صلة

معرض «آي كلاود» لجولي بو فرح ريشة مغمسة بالحدس والعفوية

يوميات الشرق تدور موضوعات لوحات بو فرح بين الخيال والواقع (الشرق الأوسط)

معرض «آي كلاود» لجولي بو فرح ريشة مغمسة بالحدس والعفوية

تستعير الفنانة التشكيلية جولي بو فرح في معرضها «آي كلاود» من الغيوم صورة شاعرية لأعمالها، فترسمها بريشة تتأرجح بين الواقع والخيال.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق إحدى لوحات المعرض (المتحف المصري بالتحرير)

المتحف المصري يحتضن لوحات «من البردي الأخضر إلى الفن الخالد»

تحت عنوان «من البردي الأخضر إلى الفن الخالد»، استضاف المتحف المصري بالتحرير (وسط القاهرة) معرضاً فنياً يضم لوحات وأعمالاً تستلهم الحضارة المصرية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
لمسات الموضة انطلقت الدورة الثانية من أسبوع الموضة المصري بورشات عمل وتدريب وعروض تبرز قدرات مواهب شابة (خاصة)

أسبوع الموضة المصري... آمال كبيرة في ترسيخ مكانته بالخريطة العالمية

يأتي أسبوع الموضة المصري ليكون خطوة مهمة في رحلة القاهرة لاستعادة دورها بوصفها عاصمة ثقافية وفنية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق وجه مرسوم على ورق هندي مصنوع من القطن (الشرق الأوسط)

«تاريخ الورق»... معرض مصري لسبر أغوار الذاكرة الإنسانية

لا يتعامل الفنان التشكيلي المصري محمد أبو النجا مع الورق باعتباره وسيطاً فنياً فحسب، بل يقدّمه على أنه مركز تاريخي يمكن عبره إعادة النظر إلى رحلة الإنسان نفسه.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق أعمال الفنانين تناولت مظاهر الحياة في الأقصر (قومسير الملتقى)

«الأقصر للتصوير» يستلهم تراث «طيبة» وعمقها الحضاري

بأعمال فنية تستلهم التراث القديم والحضارة الموغلة في القدم لمدينة «طيبة» التاريخية، اختتم ملتقى الأقصر أعماله الخميس.

محمد الكفراوي (القاهرة )

في حفل استعراضي صُمم خصيصاً له... ترمب يحضر قرعة كأس العالم

عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)
عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)
TT

في حفل استعراضي صُمم خصيصاً له... ترمب يحضر قرعة كأس العالم

عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)
عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)

سيحضر الرئيس الأميركي دونالد ترمب قرعة كأس العالم لكرة القدم اليوم (الجمعة)، في حفل مليء بالاحتفالات والاستعراضات والعروض الباذخة التي تليق بـ«فنان الاستعراض».

ويقام هذا الحدث في «مركز كيندي» بواشنطن، الذي تولى ترمب رئاسته في وقت سابق من هذا العام، في حين قام بتنصيب رئيس ومجلس إدارة جديدين.

وحضور ترمب قرعة كأس العالم يضعه في صدارة المشهد خلال واحد من أبرز الأحداث الرياضية على الإطلاق؛ إذ يبدو أن منظمي الحفل أخذوه في الاعتبار منذ مرحلة التخطيط لهذا الحدث.

وستؤدي فرقة «فيلدج بيبول» أغنيتها الشهيرة «واي إم سي إيه» التي أصبحت عنصراً أساسياً في تجمعات حملة ترمب الانتخابية، وحفلات جمع التبرعات في مارالاغو، حيث شوهد الرئيس السابق يرقص على أنغامها، في حين يخطط الاتحاد الدولي (الفيفا) للكشف عن «جائزة السلام» الخاصة به.

وقام ترمب بحملة علنية للحصول على جائزة «نوبل للسلام»، مستشهداً بمشاركته في إنهاء صراعات متعددة في الخارج، وأسفرت هذه الجهود عن نتائج متباينة.

ومن المقرر أيضاً أن يقدم مغني الأوبرا الشهير أندريا بوتشيلي عرضاً اليوم، وكذلك نجم البوب البريطاني روبي وليامز، وسفيرة الموسيقى في «الفيفا» المغنية الأميركية نيكول شيرزينغر.

واستغل ترمب مراراً امتيازات الرئاسة ليشارك في فعاليات رياضية وثقافية كبرى هذا العام. وحضر نهائي السوبر بول في فبراير (شباط)، وسط هتافات وصيحات استهجان من الجمهور، ويعتزم يوم الأحد حضور حفل تكريم «مركز كيندي»، الذي تجنبه خلال ولايته الأولى.

وستبرز الجغرافيا السياسية في نهائيات كأس العالم؛ إذ يشارك وفد إيراني في مراسم القرعة بعد أن كان أعلن سابقاً مقاطعة الحفل بسبب مشاكل في التأشيرات، وفقاً لتقارير إعلامية. ويأتي ذلك في ظل توتر العلاقات بعد أن قصفت الولايات المتحدة مواقع نووية إيرانية في يونيو (حزيران) الماضي.


مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
TT

مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)

شهدت مدينة منيابوليس، كبرى مدن ولاية مينيسوتا الأميركية، انخفاضاً لافتاً في درجات الحرارة الشهر الماضي، حتى باتت، لبرهة، أبرد من كوكب المريخ نفسه.

وأوضح خبير الأرصاد الجوية في «أكيو ويذر»، برايان لادا، أن موجة صقيع ضربت المدينة في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، دفعت درجات الحرارة للانخفاض بمقدار 10 درجات تحت المعدل التاريخي. وسجَّلت المدينة درجات حرارة عظمى تراوحت بين 20 و30 درجة فهرنهايت، في أبرد فترة تمرُّ بها منذ فبراير (شباط) الماضي، لسكانها البالغ عددهم نحو 430 ألف نسمة.

وفي المقابل، وعلى بُعد نحو 225 مليون ميل، رصدت مركبة «كيوريوسيتي» التابعة لـ«ناسا» درجات حرارة نهارية بلغت نحو 30 درجة فهرنهايت على سطح الكوكب الأحمر، وفق «الإندبندنت». وفي حين هبطت درجات الحرارة ليلاً في منيابوليس إلى ما بين العشرينات والمراهقات (فهرنهايت)، فإنها سجَّلت على المريخ درجات حرارة قاربت 100 درجة تحت الصفر. وقال لادا إنّ ذلك «تذكير بأنه رغم تقارب درجات الحرارة النهارية أحياناً، فإنّ الكوكب الأحمر يظلّ عالماً مختلفاً تماماً».

ولكن، لماذا يكون المريخ بارداً إلى هذا الحد؟ الإجابة البديهية هي أنه في الفضاء، وهو كذلك أبعد عن الشمس من الأرض، فضلاً عن أنّ غلافه الجوّي الرقيق لا يحتفظ بالحرارة بكفاءة، وفق «ناسا».

فالأرض تدور على بُعد 93 مليون ميل من الشمس، في حين يقع المريخ على بُعد نحو 142 مليون ميل. كما أنّ غلافه الجوّي لا يُشكّل سوى نحو 1 في المائة من كثافة الغلاف الجوّي للأرض عند السطح، وفق «مرصد الأرض» التابع للوكالة. وهذا يعني أنّ درجة الحرارة على المريخ يمكن أن تنخفض إلى 225 درجة فهرنهايت تحت الصفر، وهي درجة قاتلة. فالبشر قد يتجمّدون حتى في درجات حرارة أعلى من 32 فهرنهايت، وهي درجة تجمُّد الماء. وأشار لادا إلى أنّ غياب بخار الماء في الغلاف الجوّي للمريخ يُسرّع فقدان الحرارة فور غروب الشمس.

لكن ذلك لا يعني غياب الطقس على الكوكب الأحمر. ففي بعض الجوانب، يتشابه طقس المريخ مع طقس الأرض، إذ يشهد كلاهما فصولاً ورياحاً قوية وسحباً وعواصف كهربائية. وتتكوَّن سحب المريخ على الأرجح من بلورات جليد الماء، لكنها لا تدرّ مطراً بسبب البرودة القاسية. وقال علماء «ناسا»: «إنّ الهطول على الأرجح يتّخذ شكل الصقيع. فسطح المريخ يكون عادة أبرد من الهواء، خصوصاً في الليالي الباردة الصافية، مما يجعل الهواء الملامس للسطح يبرد وتتجمَّد الرطوبة عليه». وقد رصدت مركبة «فايكينغ 2» هذا الصقيع على السطح في بعض الصباحات خلال سبعينات القرن الماضي.

وتُواصل مركبة «كيوريوسيتي» تتبُّع الطقس المريخي منذ وصولها إلى فوهة غيل عام 2012، وهي تقع في نصف الكرة الجنوبي قرب خطّ الاستواء. وفي الأول من ديسمبر (كانون الأول)، سجَّلت المركبة درجة حرارة عظمى بلغت 25 درجة فهرنهايت، بينما هبطت الصغرى إلى 96 درجة تحت الصفر.


أصغر تمثال في التاريخ... فنان بريطاني يصنع عملاً بحجم خلية دم

الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
TT

أصغر تمثال في التاريخ... فنان بريطاني يصنع عملاً بحجم خلية دم

الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)

قال فنان متخصّص في الأعمال الميكروسكوبية إنه حطَّم رقمه القياسي العالمي السابق بعد ابتكار أصغر تمثال مصنوع يدوياً في التاريخ.

ووفق «بي سي سي»، أوضح ديفيد أ. ليندون، من مدينة بورنموث في مقاطعة دورست البريطانية، أنّ عمله الأخير الذي أطلق عليه «الوجه الأصفر المبتسم» هو «غير مرئي للعين البشرية»، إذ لا تتجاوز أبعاده 11.037 ميكرون طولاً و12.330 ميكرون عرضاً.

وأشار ليندون إلى أنّ عمله الفنّي «يعيش» فوق طابع بريد من الدرجة الأولى، على نقطة دقيقة جداً موضوعة فوق صورة عين الملكة الراحلة.

ونجح العمل في تحطيم الرقم القياسي السابق للفنان نفسه لأصغر تمثال مصنوع يدوياً، وهو «قطعة الليغو».

ويُعرَف ليندون، الحاصل على 12 رقماً في «موسوعة غينيس»، بأعماله الفنّية شديدة الصغر، من بينها 3 نسخ ميكروسكوبية من لوحات فان غوخ الشهيرة، نفَّذها داخل آلية ساعة، وبيعت مقابل 90 ألف جنيه إسترليني. أما «قطعة الليغو الحمراء» فبلغت أبعادها 0.02517 ملم طولاً و0.02184 ملم عرضاً.

في مساحة بحجم ذرّة يصنع الفنان عالماً كاملاً (ديفيد أ. ليندون)

وقال الفنان: «قطعة الوجه الأصفر المبتسم تُعادل نصف حجم (قطعة الليغو الحمراء)، التي كانت بدورها أصغر بـ4 مرات من الرقم القياسي السابق». وأوضح أنّ حجم العمل الجديد يُعادل حجم خلية دم بشرية، أو جراثيم العفن، أو البكتيريا، أو بودرة التلك، أو قطرة ضباب.

ومن أعماله الأخرى مجسَّمات مجهرية لحيوانات دقيقة يصنعها داخل ثقب الإبرة، بدءاً من الحوت الأزرق وصولاً إلى فراشة الطاووس الرقيقة. وأضاف مازحاً: «ربما أكون قد فقدتُ عقلي تماماً».

ويجري تثبيت الطابع الذي يحمل «الوجه الأصفر المبتسم» على برج زجاجي داخل صندوق زجاجي مُحكَم الإغلاق. وأعرب ليندون عن امتنانه للدكتورة سارة إليوت وجاك روز من جامعة بورنموث على قياس العمل الجديد، واعتماده على هيئة رقم قياسي عالمي.