«بريدجت جونز»... لماذا كل هذا الحزن؟

السلسلة السينمائية الشهيرة تخسر الكثير من فكاهتها في فصلها الأخير

انطلق عرض الجزء الرابع والأخير من سلسلة «بريدجت جونز» السينمائية (يونيفرسال بيكتشرز)
انطلق عرض الجزء الرابع والأخير من سلسلة «بريدجت جونز» السينمائية (يونيفرسال بيكتشرز)
TT
20

«بريدجت جونز»... لماذا كل هذا الحزن؟

انطلق عرض الجزء الرابع والأخير من سلسلة «بريدجت جونز» السينمائية (يونيفرسال بيكتشرز)
انطلق عرض الجزء الرابع والأخير من سلسلة «بريدجت جونز» السينمائية (يونيفرسال بيكتشرز)

أوفَرُ مُشاهدي الجزء الرابع من «بريدجت جونز» حظاً هم مَن سيتابعون الفيلم وإلى جانبهم في قاعة السينما الأصدقاء ذاتهم الذين رافقوهم إلى الجزء الأول عام 2001، وأكملوا المشوار معهم خلال الجزأين الثاني (2004) والثالث (2016).

انقضت 24 سنة على دخول إحدى أشهر الشخصيات السينمائية البريطانية قلوب الجمهور حول العالم، وهي ما زالت تُحدث ازدحاماً على شبّاك التذاكر. مُحبّو «بريدجت» كبروا معها ومع أصدقائها، ورافقوها عبر مواسمها المتبدّلة. مَن تعرّفوا عليها مراهقين في 2001 شارفوا اليوم على الـ40، وهم يرَون في تحوّلاتها انعكاساً لتحوّلاتهم.

الأجزاء الثلاثة الأولى من سلسلة «بريدجت جونز» السينمائية
الأجزاء الثلاثة الأولى من سلسلة «بريدجت جونز» السينمائية

من الطبيعي أن توقظ عودة «بريدجت جونز» السينمائية النوستالجيا لدى الجمهور، لا سيّما أن هذا الجزء هو الأخير ضمن السلسلة. لكن هل ما زالت البطلة المحبوبة لخفّة دمها وعفويّتها وفوضويّتها تشبه نفسها؟ أم أنّ عوامل الزمن أرخت بثقلها عليها، وعلى أحد أهمّ إنتاجات الكوميديا الرومانسية خلال العقود الثلاثة المنصرمة؟

بعد أن ودّع الجمهور «بريدجت جونز» قبل 9 سنوات عروساً وأماً لطفلها الأول من مارك دارسي، حبيبها منذ البدايات، ها هو يستقبلها في الجزء الرابع «Bridget Jones: Mad About the Boy» أماً لطفلَين. تجاوزت «بريدجت» خمسينها، وهي تبدو أكثر هدوءاً وحكمةً ممّا كانت عليه سابقاً. تتفرّغ لتربية ابنها بيللي وابنتها مايبل، لكنها ما زالت محاطة بالفوضى، وهي كالعادة تخفق في المطبخ فتحرق المعكرونة، وتقدّم طبقاً من البازلاء المجلّدة لولدَيها.

حتى في عالم «بريدجت جونز» الساحر، لا يوجد شيء مثالي. ربحت الأمومة لكنها خسرت حبّ حياتها «السيّد دارسي»، والذي قُتل بانفجار لغمٍ أرضيّ خلال مهمة إنسانية في السودان. على خلاف المألوف، يُفتتح هذا الفصل وسط أجواء حزينة لا يخفّف من وطأتها كثيراً الحضور المحبّب للممثلة الأميركية رينيه زيلويغر، والتي التصقت بشخصية «بريدجت جونز»، وبرعت من أجلها في اللكنة البريطانية.

24 عاماً من بريدجت جونز وعودة في جزء رابع وأخير بعد غياب 9 سنوات (رويترز)
24 عاماً من بريدجت جونز وعودة في جزء رابع وأخير بعد غياب 9 سنوات (رويترز)

وكأنّ السحر انكسر. على «بريدجت» أن تتخفّف من فُكاهتها كي ترفع أثقال مسؤولياتها الجديدة، وخيبتِها من حياةٍ سلبتها الرجل الذي عشقته. يسألها الطفلان عن والدهما المتوفّى فتجيبهما بحبٍ كبير. غالباً ما يحضر طيف مارك دارسي (الممثل كولين فيرث) شبحاً في خيالها يطمئنّ عليها وعلى ولدَيه. لقد استُبدلت المواقف المُضحكة التي اعتاد عليها جمهور الفيلم، بلحظاتٍ مؤثّرة كثيرة.

لكن رغم هشاشتها، وإصرارها على عدم تسريح شعرها، وخروجها من المنزل بملابس النوم، ما زالت «بريدجت» مبتسمة ومتفائلة. صحيح أن الموسم الجديد من الفيلم مؤثّر، إلا أنه ليس مأساوياً.

بريدجت جونز وطفلاها بيللي ومايبل (يونيفرسال بيكتشرز)
بريدجت جونز وطفلاها بيللي ومايبل (يونيفرسال بيكتشرز)

من عناصر جاذبيّة سلسلة «بريدجت جونز» أنها بقيت وفيّة لشخصياتها، ومن بين هؤلاء أصدقاء البطلة الذين بقوا بدورهم أوفياء لصديقتهم. من المؤثّر أن يعود كلٌ من «شازر» و«توم» و«جود» ليطلّوا بما زاد من شعرٍ أبيض في رؤوسهم، وتجاعيد على وجوههم. بجهودٍ مشتركة يشجّعونها على الخروج من عزلتها والعودة إلى عملها المعهود منتجة تلفزيونية. كما تحثّها زميلتها على استخدام تطبيقات التعارف بهدف العثور على حبيب.

ها هي «بريدجت» تعود إلى الحياة من باب علاقةٍ مع شابٍ يصغرها بأكثر من 20 عاماً. يؤدّي شخصية «روكستر» الممثل ليو وودال من دون أي تميُّزٍ يُذكر. أما موضوع فارق السنّ، وهو رائجٌ مؤخراً في المسلسلات والأفلام، فيحول دون استمرار العلاقة.

بعد 4 سنوات على وفاة زوجها تخوض بريدجت جونز علاقة مع شاب يصغرها بـ20 سنة (يونيفرسال بيكتشرز)
بعد 4 سنوات على وفاة زوجها تخوض بريدجت جونز علاقة مع شاب يصغرها بـ20 سنة (يونيفرسال بيكتشرز)

ليس مارك دارسي وحده مَن يعود من العالم الآخر، بل تزيّن الفيلم إطلالة الممثل هيو غرانت بشخصية «دانييل كليفر». وكان غرانت قد غاب عن الجزء الثالث، فابتُكر سيناريو وفاته في حادث، ليعود الآن بحلّة صديق «بريدجت» المقرّب.

انتهى زمن المدّ والجزر العاطفي بينهما، وتحوّل «العمّ دانييل» إلى حاضنٍ لطفلَي «بريدجت» كلّما رغبت في الخروج مساءً. حتى هذا التحوّل الطارئ على علاقتهما يأخذ منحىً مؤثراً، ليضاعف من وجدانيّة الفيلم.

الممثلان هيو غرانت ورينيه زيلويغر في العرض الأول لفيلم بريدجت جونز (أ.ب)
الممثلان هيو غرانت ورينيه زيلويغر في العرض الأول لفيلم بريدجت جونز (أ.ب)

لا يغيب حبٌ إلا ليحضر آخر في حياة «بريدجت». فبعد فشل التجربة مع الشاب روكستر، لا مانع من محاولة أخرى مع «الأستاذ والاكر»، هو مدرّس العلوم في مدرسة ولدَيها، ومنذ اللقاء الأول بينهما ثمة شرارة واضحة.

لكن على كثرة القصص وتشعّبها، فإنّ فيلم «بريدجت جونز» في عودته هذه خسر الكثير من ملامح هويّته الأساسية. استُعيض عن فائض الضحك المعهود، بمشاهد قد تثير الدمع أحياناً. ليس هذا عيباً، لكن هل يطرق المُشاهد باب «بريدجت» بحثاً عن الحزن؟ حتماً لا. ففي ذاكرة الجمهور، هذه القصة هي مُرادفٌ للفُكاهة والمواقف الطريفة والعواطف المُفرحة. فيما يبدو الفرح هنا دخيلاً وفي غالب الأحيان مفتعلاً، إذ تغيب العفويّة عن أداء الممثلين في بعض المشاهد.

بريدجت جونز والأستاذ والاكر مدرّس العلوم في مدرسة ولدَيها (يونيفرسال بيكتشرز)
بريدجت جونز والأستاذ والاكر مدرّس العلوم في مدرسة ولدَيها (يونيفرسال بيكتشرز)

ربما تَبدّل الفيلم بداعي مرور الزمن والنُضج الذي بلغته البطلة بعد وفاة زوجها. يُحكى كذلك أنّ التجارب التي مرّت بها الكاتبة هيلين فيلدينغ، قد انعكست هي الأخرى على المحتوى هذه المرة. إذ عادت فيلدينغ إلى كتابة فصلٍ جديد في حياة شخصيتها الشهيرة عقب وفاة شريكها وأب أولادها الكاتب التلفزيوني الكوميدي كيفن كوران.

كُتب الفصل الأخير بحِبر المنطق، فـ«بريدجت جونز» كما سائر البشر معرّضة للاصطدام بالواقع. نضجت وكبرت، مثلُها مثلُ جمهورها. لكنها لم ترضَ أن تودّعهم من دون أن ترسم الابتسامة على شفاههم.


مقالات ذات صلة

ريهام حجاج: انشغالي بالدراما أبعدني عن السينما

يوميات الشرق الفنانة المصرية ريهام حجاج (صفحتها على «فيسبوك»)

ريهام حجاج: انشغالي بالدراما أبعدني عن السينما

أعلنت الفنانة المصرية ريهام حجاج أنها ستخوض تجربة سينمائية جديدة قريباً؛ تعكف على قراءة السيناريو والتحضير لها، مؤكدة أن الدراما شغلتها وأبعدتها عن السينما.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق عرض أكثر من 18 فيلماً سعودياً خلال عام واحد (هيئة الأفلام)

شباك التذاكر السعودي: أكثر من 845 مليون ريال في عام واحد

نمو استثنائي كشفت عنه الأرقام الرسمية لأداء شباك التذاكر في السعودية لعام 2024.

يوميات الشرق فيلم «استنساخ» تناول تجربة حب بالذكاء الاصطناعي (الشركة المنتجة)

«استنساخ»… فيلم مصري يتناول قصة حب بالذكاء الاصطناعي

انطلاقاً من رؤية مستقبلية للذكاء الاصطناعي وتحكمه بأمور حياتية كثيرة، تدور أحداث الفيلم المصري «استنساخ» الذي يُعيد بطله سامح حسين إلى صالات العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق المخرجة اللبنانية الكويتية فرح الهاشم (الشرق الأوسط)

مخرجة لبنانية تعبّر عن حبها لمصر بـ«هرتلة في القاهرة»

في خامس أفلامها الطويلة «هرتلة في القاهرة» تخوض المخرجة اللبنانية - الكويتية فرح الهاشم تجربة مختلفة.

انتصار دردير (القاهرة )
سينما ليليان غيش في لقطة من «مولد أمّة»  (غريفيث بروكشنز).

«مولد أمة» يصوَّر التاريخ منحازاً ويدين «الأفارقة»

في عام 1916، أقدم رجل أبيض يُدعى هنري بروك على إطلاق النار على فتى أسود يبلغ من العمر 15 عاماً يُدعى إدوارد ماسون، وذلك بعد مشاهدته لفيلم «مولد أُمّة»

محمد رُضا (لندن)

«حكاية لون»... معرض يحتفي بالتراث في أكاديمية الفنون المصرية

الألوان تتداخل مع مفردات التراث في حكاية شعبية بلوحة للفنانة أمل أبو زيد (الشرق الأوسط)
الألوان تتداخل مع مفردات التراث في حكاية شعبية بلوحة للفنانة أمل أبو زيد (الشرق الأوسط)
TT
20

«حكاية لون»... معرض يحتفي بالتراث في أكاديمية الفنون المصرية

الألوان تتداخل مع مفردات التراث في حكاية شعبية بلوحة للفنانة أمل أبو زيد (الشرق الأوسط)
الألوان تتداخل مع مفردات التراث في حكاية شعبية بلوحة للفنانة أمل أبو زيد (الشرق الأوسط)

تحت عنوان «حكاية لون»، استضافت أكاديمية الفنون بالقاهرة معرضاً لأربعة فنانين من مصر وسلطنة عمان، عبَّروا بلوحاتهم وأعمالهم المتنوعة عن قدرة الألوان على تجسيد مجموعة من المشاعر، فضلاً عن الربط بين اللون والأيقونات التراثية.

وفي المعرض قدَّم الفنانون المشاركون حكايتهم مع الألوان، من خلال لوحات أو أعمال نسجية أو حلي تراثية، تُعبر عن الرابط بين اللون والتيمات الشعبية والتراثية القديمة، وإمكانية توظيفها في إطار عصري.

كشف الفنان مصطفى السكري، رئيس ملتقى عيون الدولي للفنون التشكيلية، المنظم للمعرض، عن أن هذا المعرض هو الرابع لمجموعة «عيون للفنون»، وأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «إن المجموعة تنظم معارض جماعية، وبعدها نقوم بتسليط الضوء على الموهوبين منهم، وإقامة معرض خاص بهم؛ ولذا جاء معرض حكاية لون ليُقدم 4 من هؤلاء المبدعين. ويتناول المعرض أفكاراً ومهارات لونية، توحي بحكايات بين اللون والفنان تجسَّدت على مسطح اللوحة أو العمل الفني، وربما تمتد هذه الحكاية لتنسج صلة مع المتلقي خلال تفاعله مع الأعمال».

لوحة للفنان نصر الدين رحيم (الشرق الأوسط)
لوحة للفنان نصر الدين رحيم (الشرق الأوسط)

وعن تجربته في معرض «حكاية لون» يقول الفنان نصر الدين رحيم، لـ«الشرق الأوسط»: إن «لوحاتي عبارة عن رسائل أو حوار بيني وبين المشاهد؛ ولذلك أحاول دائماً أن تكون الرسالة مبهجة، وأن يكون الحوار ممتعاً للطرفين».

وأضاف: «الألوان بالنسبة لي بحر زاخر، كلما تعمقت فيه اكتشفت أسراراً ومعاني مختلفة. بعض لوحاتي استخدمت فيها ألواناً جريئة ومباشرة لجذب عين المشاهد، وبعدها يبدأ التجول بعينيه داخل اللوحة واكتشاف المعنى المراد توصيله».

وتتنقل اللوحات بين مدارس فنية مختلفة، مثل التعبيرية والتأثيرية والانطباعية وحتى التجريدية والسريالية، وإن كانت الأفكار تنعكس بشكل مباشر عبر سطوة اللون وقدرته على تجسيد الحكاية.

لوحة للفنانة سحر نعمان (الشرق الأوسط)
لوحة للفنانة سحر نعمان (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «مشاعر بدون كلام»، شاركت الفنانة سحر النعمان بعدة أعمال في المعرض، تقول عنها «أردت التعبير عن مشاعر وعلاقات مختلفة، منها مشاعر الأمومة، والتواصل الإنساني، فالمشاعر الصادقة لا تحتاج إلى كلام، ولقد عبَّرت عن هذا في لوحاتي من خلال البطل الرئيسي في معظم أعمالي، وهي المرأة، لأنها سر ونبض الحياة والروح الفياضة بالمشاعر الدافئة والمختلفة، وأميل كثيراً إلى التعبير عن هذه المشاعر من خلالها في معظم لوحاتي»، وفق تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط».

بعض أعمال الفنانة أمل أبو زيد (الشرق الأوسط)
بعض أعمال الفنانة أمل أبو زيد (الشرق الأوسط)

في حين قدَّمت الفنانة أمل أبو زيد مجموعة من الحلي النسجية، وقالت إن «الجزء الأول من المعرض أعمال منفذة بتوظيف خامة البلاستيك، ومن ثم معالجتها بتقنيات نسجية مختلفة، وتلبيس شعيرات الصوف مع تطعيمها بالأشكال المعدنية، والقسم الثاني من لوحاتي يتضمن معلقات لفن الخداع البصري باستخدام الخط العربي. ولعب اللون هنا الدور الرئيسي في عملية التكرار لتحقيق الإيقاع والاتزان وتحقيق الخداع البصري، واستخدمت الكثير من المكونات التراثية في صناعة الحلي النسجية والمعلقات».

إحدى لوحات المعرض للفنانة العمانية سلمى البوشي (الشرق الأوسط)
إحدى لوحات المعرض للفنانة العمانية سلمى البوشي (الشرق الأوسط)

وشاركت الفنانة العُمانية سلمى البلوشي بلوحتين خلال المعرض، إحداهما تعكس روح الشجاعة والكرامة، وتجسد العلاقة العميقة والارتباط الوثيق بين المجتمعات العربية والخيل.

وجرى تنفيذ اللوحة بالألوان الزيتية، ما أضفى على العمل طابعاً تراثياً. وقد أبرز تباين الألوان تفاصيل حركة الحصان، واتساع الأفق من حوله هو والفارس، ما منح المشهد قدراً من الحرية والانطلاق.