السكتة الدماغية تُهدد المدخنين الشباب

الإقلاع عن التدخين قد يكون استراتيجية فعالة للحد من السكتات الدماغية (رويترز)
الإقلاع عن التدخين قد يكون استراتيجية فعالة للحد من السكتات الدماغية (رويترز)
TT
20

السكتة الدماغية تُهدد المدخنين الشباب

الإقلاع عن التدخين قد يكون استراتيجية فعالة للحد من السكتات الدماغية (رويترز)
الإقلاع عن التدخين قد يكون استراتيجية فعالة للحد من السكتات الدماغية (رويترز)

حذَّرت دراسة بريطانية من أن التدخين، خصوصاً التدخين الكثيف، يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالسكتات الدماغية غير المبررة بين البالغين الأصغر سنّاً، لا سيما الرجال.

وأوضح الباحثون من جامعة كيل، أن الإقلاع عن التدخين قد يكون استراتيجية فعّالة للحد من هذه الحالات بين الشباب، ونُشرت النتائج، الأربعاء، في دورية «Neurology» التابعة للأكاديمية الأميركية لطب الأعصاب.

والسكتة الدماغية غير المبررة هي نوع من السكتات الدماغية التي تحدث بسبب انسداد تدفق الدم إلى الدماغ دون سبب واضح. وتشمل أعراضها الضعف الجسدي، وصعوبة الكلام، ومشكلات الرؤية، وقد تكون مميتة. ورغم أن معظم السكتات الدماغية تحدث بعد سن 65 عاماً، فإن معدلات حدوثها بين الفئات العمرية الأصغر تشهد ارتفاعاً ملحوظاً، وفق الباحثين.

وخلال الدراسة، راجع الباحثون بيانات 546 شخصاً، تتراوح أعمارهم بين 18 و49 عاماً أصيبوا بسكتة دماغية غير مبررة، وقارنوها مع بيانات مجموعة أخرى مكونة من 546 شخصاً من العمر والجنس نفسهما لم يتعرضوا لسكتة دماغية.

كما راجعوا العوامل المحتملة التي قد تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، مثل التدخين، واستهلاك الكحول، والمستوى التعليمي، والخمول البدني، والمشكلات الصحية الأخرى.

وأظهرت النتائج أن 33 في المائة من المصابين بالسكتة الدماغية غير المبررة كانوا من المدخنين، مقارنة بـ15 في المائة فقط في المجموعة غير المصابة.

وبعد ضبط العوامل الأخرى، تبيَّن أن المدخنين يواجهون أكثر من ضعف خطر الإصابة بالسكتة الدماغية غير المبررة، مقارنة بغير المدخنين.

وكانت المخاطر أكثر وضوحاً بين الرجال؛ حيث زاد لديهم خطر الإصابة بأكثر من 3 أضعاف، في حين كان الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و49 عاماً أكثر عرضة للإصابة بما يقارب 4 أضعاف.

كما كشفت الدراسة أن كثافة التدخين تلعب دوراً رئيسياً؛ حيث إن الذين دخَّنوا أكثر من 20 علبة سنوياً كانوا أكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية بأكثر من 4 أضعاف مقارنة بغير المدخنين. وكانت المخاطر أكثر وضوحاً بين الرجال الذين واجهوا خطر الإصابة بما يقارب 7 أضعاف، والأشخاص بين 45 و49 عاماً الذين كانوا أكثر عرضة للإصابة بخمسة أضعاف.

وأشار الباحثون إلى أن السكتات الدماغية تُعدُّ عادةً مرضاً يُصيب كبار السن، إلا أن هذه الدراسة تكشف عن زيادة ملحوظة في حدوثها بين الفئات العمرية الأصغر، خصوصاً المدخنين، ما يستدعي تكثيف حملات التوعية الصحية الموجهة لهذه الفئة.

كما شددوا على أن نتائج الدراسة تُعزز الأدلة حول العلاقة الوثيقة بين التدخين وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية غير المبررة لدى الشباب؛ ما يستدعي تكثيف الجهود الرامية إلى تشجيع الإقلاع عن التدخين والتوعية بمخاطره بوصفه إجراءً وقائيّاً ضد السكتات الدماغية.


مقالات ذات صلة

صحتك الباحثون أكدوا أن هناك زيادة في خطر الإصابة بالمشكلات الصحية والاكتئاب مع تزايد انخراط الفرد في التدخين (رويترز)

بين التدخين وشرب الكحول... علماء يكشفون العمر الذي تبدأ فيه عاداتك السيئة بتدمير جسمك

أظهرت دراسة جديدة أجرتها جامعة لوريا للعلوم التطبيقية في فنلندا أن الأشخاص الذين كانت لديهم عادات غير صحية انتهى بهم الأمر إلى مسار سريع لمشكلات الصحة العقلية.

«الشرق الأوسط» (هلسكني)
صحتك تعدّ السكتة الدماغية ثالث سبب رئيسي للوفاة في جميع أنحاء العالم (رويترز)

ثالث مسبب للوفاة... طرق تقلل خطر الإصابة بالسكتة الدماغية

بعض التغييرات البسيطة في نمط الحياة تساهم بتقليل خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، وتحسن صحة القلب والدماغ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أبناء النساء المدخنات أثناء الحمل يعانون من آثار جانبية طويلة الأمد (أ.ب)

دراسة: الذكور أكثر تضرراً من الإناث في حال تدخين أمهاتهم أثناء الحمل

أظهرت دراسة جديدة أن أبناء النساء المدخنات أثناء الحمل يعانون من آثار جانبية طويلة الأمد أكثر من بناتهن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم التدخين التقليدي والإلكتروني... أيهما أكثر ضرراً على صحة الفم؟

التدخين التقليدي والإلكتروني... أيهما أكثر ضرراً على صحة الفم؟

مستخدمو السجائر الإلكترونية لديهم تغييرات ميكروبية مميزة في الفم.

د. عميد خالد عبد الحميد (لندن)

أنجي عبيد تُصالح المسافات.... من «يلّا بابا» إلى الذات

سمحت الرحلة لهما بالتعرّف إلى بعضهما البعض عن قرب (أنجي عبيد)
سمحت الرحلة لهما بالتعرّف إلى بعضهما البعض عن قرب (أنجي عبيد)
TT
20

أنجي عبيد تُصالح المسافات.... من «يلّا بابا» إلى الذات

سمحت الرحلة لهما بالتعرّف إلى بعضهما البعض عن قرب (أنجي عبيد)
سمحت الرحلة لهما بالتعرّف إلى بعضهما البعض عن قرب (أنجي عبيد)

يترك فيلم «يلّا بابا» للمخرجة اللبنانية أنجي عبيد أثراً إنسانياً عميقاً منذ لحظاته الأولى، ويُشارك حالياً في مهرجان «بيروت الدولي لسينما المرأة». يمتد الفيلم لنحو 100 دقيقة، وتدور أحداثه حول علاقة بين أبٍ وابنته التي هاجرت إلى بروكسل قبل سنوات، إذ تعود إلى جذورها، مدفوعة بالحنين، لتقدِّم لوالدها هديةً غير تقليدية: رحلة برّية من بروكسل إلى بيروت، تسترجع من خلالها ذكريات مضى عليها نحو 40 عاماً.

فالأب، منصور، كان قد خاض هذه الرحلة في شبابه، حين كان في الثلاثين من عمره، برفقة أصدقائه. واليوم، يعيد التجربة وهو في عقده السابع، ولكن هذه المرة مع ابنته أنجي.

«يلّا بابا» يحمل رسائل إنسانية ولمحة جيو سياسية (أنجي عبيد)
«يلّا بابا» يحمل رسائل إنسانية ولمحة جيو سياسية (أنجي عبيد)

يحمل الفيلم رسائل إنسانية متعددة، تسلّط الضوء على أهمية العلاقات العائلية. وتوضح أنجي، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن رسالتها من الفيلم تتمثل في ضرورة اغتنام الفرص للتعبير عن مشاعرنا تجاه من نحب، سواء كانوا آباء أو أمهات أو أصدقاء أو إخوة. وتضيف: «يحمل الفيلم رسائل أخرى، من بينها البعد الجيوسياسي للبلدان التي مررنا بها. وعلى المستوى الشخصي، أردت منحه فرصة، فهو شخص رائع، على الرغم من اختلاف أفكارنا سابقاً. اكتشفت أنه لطيف كنسمة، لكن وتيرة الحياة في لبنان حالت دون تقرُّبنا أحدنا من الآخر».

صوّرت أنجي الفيلم عام 2022، واستغرق نحو 3 أشهر، قطعت خلالها نحو 4 آلاف كيلومتر بالسيارة. ويتحدث العمل عن تغيّرات تسببت بها الحروب منذ 40 عاماً، وينقل واقعاً يترك علامات استفهام كثيرة حول المستقبل القريب.

وعن كيفية ولادة فكرة الفيلم، تقول: «لم تكن علاقتي مع والدي وطيدة، حتى إنّ فكرة هجرتي من بلدي كانت بهدف الابتعاد عن عائلتي. كنت لا أزال شابة، وأبحث عن الحرية والاستقلالية. في بلجيكا أكملت دراستي وحصلت على جنسية البالد. ولكن هذا البعد أثار عندي الفضول للتعرُّف إلى والدي عن قرب. اتصلت به وعرضت عليه الفكرة. وافق، وانطلقت في رحلة حوَّلتها إلى وثائقي طويل. وعندما أنجزت الفيلم، كان ردُّ فعل أبي مفاجئاً لي، فقد بكى تأثّراً، وقال لي: (لست قادراً على التكلّم، لأني متأثر جداً)».

يتنافس فيلم «يلّا بابا» مع 9 أفلام أخرى في مهرجان «بيروت لسينما المرأة». وقد عُرض للمرة الأولى في لبنان، على أن يُعرض لاحقاً في طرابلس يوم 1 مايو (أيار) في مركز «مرسح» للفنون والثقافة، بعد أن شارك في مهرجانات في بروكسل وأمستردام.

وعمّا إذا كانت تتوقع فوزه بجائزة المهرجان اللبناني، تقول المخرجة لـ«الشرق الأوسط»: «كل الأفلام المشاركة ذات جودة عالية، ولا أريد التسرّع في التوقعات، لكن إن فاز، فالجائزة ستكون لوالدي».

تحدثت أنجي عن التحديات التي واجهتها أثناء التصوير، وكان أبرزها القيادة لساعات طويلة، إلى جانب كونها مخرجة الفيلم وبطلته وابنة البطل والمسؤولة عن الفريق الفني، ما تطلّب منها جهداً كبيراً.

يبُرز الفيلم تفاصيل حميمة في العلاقة بين الأب وابنته، من مساعدته لها في تتبّع خريطة الطريق، إلى غنائه لها كما لو كانت طفلته الصغيرة، وحديثه معها عن تاريخ الأماكن التي يمرّان بها.

الأب وابنته خلال رحلة سفر برية من بروكسل إلى بيروت (أنجي عبيد)
الأب وابنته خلال رحلة سفر برية من بروكسل إلى بيروت (أنجي عبيد)

يحضر لبنان في الفيلم عبر نشرات الأخبار الإلكترونية، في حين بدت شاشات التلفاز في بعض الفنادق مجرد ديكور. أما والد أنجي، فكان يعلّق على المشاهد في البلدان المختلفة، مستعيداً ذكرياته. وفي لحظة مؤثرة، يقول لها: «لم أتخيّل أن أقوم بهذه الرحلة معك»، ويسألها عن طموحاتها، فترد: «أول قرار اتخذته في حياتي هو الزواج».

تعلق أنجي على الفجوة بين الأجيال بقولها: «بعد هذه الرحلة، فهمت تصرّفات والدي التي كنت أرفضها سابقاً. فهي نابعة من تربية وعادات لم يكن من السَّهل تغييرها».

أصعب مهمة واجهتها كانت المونتاج، إذ كان عليها الموازنة بين مدة الفيلم واختيار الحوارات والمواقف المناسبة، وهو ما تطلّب دقّة وجهداً كبيرين.

كان حلم أنجي أن تعيش لحظة من ماضي والدها، فتقول: «كنت أرغب في أن أرى بعيني ما رآه والدي في شبابه، وأختبر تجربته نفسها في السفر البرّي. لكن التغيّرات الجيوسياسية غيّرت معالم البلدان، فأفقدتنا جزءاً من تلك الذكريات». وتختم: «أعتقد أن والدي رأى في الفيلم مرآة تعكس شخصيته، وربما وافق على المشاركة فيه ليترك أثراً حياً منه يبقى مدى الحياة».