انطلقت في الرياض، الأربعاء، أعمال المنتدى السعودي للإعلام 2025، في نسخته الرابعة، التي يشارك فيها أكثر من 2000 متحدث وإعلامي في مجالات السياسة والطاقة والإعلام والاقتصاد وتقنيات الذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال، يساهمون في 80 جلسة وحواراً معرفياً و11 مبادرة وتجربة تفاعلية.
وفي كلمة افتتاحية، قال سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، إن السعودية أعظم قصة نجاح في القرن الواحد والعشرين، يرويها إعلامها الذي يعمل بأدوات المستقبل، وبحراك لا يعرف التوقف، مضيفاً أن المملكة شهدت في عام 2024 وحتى الآن زيارة 24 زعيماً من مختلف دول العالم، كما شهدت تنظيم أكثر من 15 ألف فعالية من المؤتمرات والمناسبات بحضور يفوق 42 مليون زائر، مؤكداً أن كل تلك هي أحداث إعلامية لا تتوقف، ويصنع من خلالها الخبر والعنوان والمانشيت الرئيسي.

وقال الوزير الدوسري إن كل يوم يمرّ من دون «الذكاء الاصطناعي» يساوي أعواماً من التأخر، مؤكداً أن الحديث عن مستقبل الإعلام يعني الحديث عن عالم يولد من الخوارزميات التنبؤية، والروبوتات الصحافية والذكاء الاصطناعي، وأن السعودية تحولت إلى مختبر عالمي مفتوح للأفكار الكبرى، يندمج فيه الإعلام الذكي مع الذكاء الاصطناعي وتقنيات الواقع المختلط والواقع الافتراضي.
وفي كلمته التي ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية لفعاليات المنتدى السعودي للإعلام، أعلن عن أولويات عام التأثير الإعلامي في السعودية، التي تتضمن تطوير استراتيجية الإعلام غير الربحي، والإعلان عن تنظيم مؤتمر دولي لمستقبل الأخبار في الرياض، للإسهام العالمي في ابتكار تقنيات صناعة الأخبار، واستكمال رقمنة أرشيف وكالة الأنباء السعودية (واس) التاريخي، وافتتاح مقر الزمالات الصحافية الإخبارية، والعمل على وثيقة حوكمة قطاعات الإعلانات الرقمية، وإنشاء معمل الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة للإعلام.

حزمة مبادرات إعلامية
وأعلن وزير الإعلام السعودي عن إطلاق حزمة مبادرات إعلامية تشمل حزمة برامج لدعم حاضنات ومسرعات الأعمال الإعلامية بهدف تجويد البنية التحتية الإعلامية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وذلك عبر معسكر الإعلام الابتكاري «saudi mib» بالتعاون مع «سدايا»، كما شهد المنتدى توقيع اتفاقيات تمويل الشركات الناشئة في قطاع الإعلام بالتعاون مع برنامج كفالة.
وقال الوزير الدوسري: «كانت المصافحة الأولى في منتدى الإعلام السعودي السابق وعداً بتحول إعلامي يخطو نحو المستقبل، واليوم نحن هنا مجدداً، لنرسم عام التأثير، ونكتب معاً قصة إعلام سعودية تليق بحجم الرؤية الطموحة، وكذلك إعلام يليق بالحدث، ويؤثر في توجهات صناعة مستقبل جديد، تمتزج فيه البرمجة بالمحتوى، وتتحول فيه القصة إلى اقتصاد رقمي، وفق معادلات جديدة».

وأكد وزير الإعلام السعودي أن الواقع الجديد الذي تأسس في قطاع الإعلام السعودي ساهم في خلق فرص حالمة، حيث سيوفر قطاع الإعلام قرابة 150 ألف وظيفة بحلول عام 2030 ليكون حاضنة للمواهب ومسرعة للابتكار، مشيراً إلى أن هذا النمو الإعلامي اللافت يقف على ستة أعمدة، تشمل التحول في معدلات الطلب، والبنية التحتية، والتحول التمويلي، ودعم المواهب، وتبني التقنيات، والتحول التنظيمي، مؤكداً أنها أدوات وممكنات لصناعة التأثير محلياً وإقليمياً ودولياً.
واختتم الوزير الدوسري أن مسيرة الإعلام السعودي تشهد مرور أكثر من قرن على انطلاقتها، مؤكداً على أعتاب يوم التأسيس، الذي يصادف 22 فبراير (شباط) في كل عام، أن القيادة السعودية تؤمن بأن الإعلام ليس مجرد أداة تواصل وحسب، إنما هو قوة استراتيجية تصنع بها الحضارات وتبنى بها الرؤى ويرسم بها المستقبل، مضيفاً: «نعتز بجذورنا في التاريخ وننطلق منها إلى المستقبل، نستلهم من (رؤية السعودية 2030) روح الطموح والتجديد والإنجاز، وفي معادلة التأثير، فإن المرسل هي السعودية، والمستقبل أكثر من 8 مليارات إنسان على هذا الكوكب، وأما الرسالة من السعودية فهي (نبني الإنسان ونلهم العالم ونصنع المستقبل)».

صناعة التأثير تحتاج إلى صنّاع التغيير
وافتتح «المنتدى السعودي للإعلام» باكورة أعماله، بجلسة حوارية للأمير عبد العزيز بن سلمان آل سعود، وزير الطاقة السعودي، بعنوان «دهاليز الطاقة وصناعة القرار» حاوره خلالها سلمان الدوسري، وزير الإعلام السعودي.
وأكد وزير الطاقة السعودي أن صناعة التأثير تحتاج إلى صنّاع التغيير، عادّاً أنه «لولا وجود الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، صانع تغيير، لما كان لصنّاع التأثير أثر».
وشدّد وزير الطاقة السعودي على أن بلاده أصبحت ترحِّب بالعالم، مؤكِّداً أنها تتمتع بـ«الثقة الذاتية» بما تفعله لنفسها وللعالم، وأشار إلى أن السعودية لم ترغب بأن تكون منطوية على تجربتها الجريئة «بل أردنا أن يكون لدينا دور عالمي نشاركه مع العالم»، وأضاف: «لن نكون بحالة سكون في الدفاع عن قناعاتنا».
وأوضح أن هناك الكثير لتشاركه السعودية مع العالم على غرار «إكسبو 2030»، وكأس العالم 2034، والمناسبات الرياضية، وفتح المجال للتعامل مع البلاد سياحياً واستثماريّاً وتجاريّاً وغيرها، مشدّداً على أن ذلك يوفّر مادة كبيرة للمسؤول رغم وجود التحدّيات.
وعَدّ الوزير السعودي أن مفهوم «صنّاع التغيير» بات مفهوماً شمولياً، وأن مَن يصنع التغيير هو المستفيد منه، وعند سؤاله حول «ما تبقّى من عبد العزيز بن سلمان المحاضر في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن»، كشف عن أنه ما زال يُحاضر من حين لآخر، وأنه لو ترك وظيفته وزيراً فسيعود إلى شغفه الأساسي معلِّماً.
ودار حوار لفت الحضور بين وزير الطاقة السعودي ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون، حول استمرار الأخير في إلقاء المحاضرات بجامعة أكسفورد في المملكة المتحدة، واتفقا على أن عملية التعلم مستمرة.

11 مبادرة وتجربة تفاعلية
ومن جانبه، قال محمد فهد الحارثي، رئيس المنتدى ورئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون، إن أكثر من 11 مبادرة وتجربة تفاعلية، صُممت في أروقة المنتدى السعودي للإعلام ومعرض مستقبل الإعلام، لتكون محركات للإبداع، وجسوراً تعبر بالإعلام وصناعه نحو آفاق جديدة من التمكين والتطوير.
وأشار الحارثي في منشور عبر حسابه على منصة «إكس» بالتزامن مع انطلاق أعمال المنتدى، إلى أن تلك التجارب والمبادرات تهدف إلى دعم الشباب وصقل مهاراتهم الإعلامية، باعتبارهم نبض التغيير وأساس المستقبل، وإلى تطوير المنصات الإعلامية، لتحقق المنافسة والتأثير عالمياً إضافة إلى مواكبة تحولات الصناعة، إيماناً بأن التجديد سر بقاء الوسيلة الإعلامية، من خلال دعم المشاريع التنموية الكبرى، باعتبار الإعلام شريكاً وممكناً، والاحتفاء بإنجازات الشباب، وتعزيز روح التنافس، وتعزيز الصورة الوطنية عالمياً.
وانطلق بالتزامن مع المنتدى معرض مستقبل الإعلام «فومكس»، الذي يشارك فيه أكثر من 250 منظمة وشركة من أكبر الشركات الإعلامية والتقنية من كل مكان في العالم، للمساهمة في صناعة فارق على خريطة الإعلام والاتصال العالمية.
وتستمر فعاليات المنتدى السعودي للإعلام في نسخته الرابعة ليومي الخميس والجمعة، من خلال عدد من الجلسات النقاشية وورش العمل، من خلال 4 منصات رئيسية تضم «مسرح أرامكو»، و«حديث المنتدى»، و«منصة الاستثمار»، و«منصة الإلهام»، بمشاركة عددٍ من المسؤولين والخبراء والمختصين، وصنّاع القرار في مجال الإعلام على الصُعد المحلية والإقليمية والدولية، وتناقش عدداً من المواضيع ذات العلاقة بالمجال.