لماذا نثق بالأشخاص الخطأ في العمل؟

الثقة من المكونات الأساسية التي تربط المجتمعات معا (رويترز)
الثقة من المكونات الأساسية التي تربط المجتمعات معا (رويترز)
TT

لماذا نثق بالأشخاص الخطأ في العمل؟

الثقة من المكونات الأساسية التي تربط المجتمعات معا (رويترز)
الثقة من المكونات الأساسية التي تربط المجتمعات معا (رويترز)

الثقة من المكونات الأساسية التي تربط المجتمعات معاً، ومع ذلك فإنها شعور محفوف بالمخاطر.

ولكن بمن نثق؟ ولماذا؟

وفق تقرير لموقع «سايكولوجي توداي»، من المنطقي أن نثق بالأشخاص الذين يُظهرون شخصية أخلاقية عالية، ويُظهرون سمات مثل الصدق والضمير الحي والكرم وأخلاقيات العمل الجديرة بالثقة.

ولكن عندما ندخل عالم العمل المحفوف بالمخاطر، فقد نجد أنفسنا نثق بالمتحدثين الكبار، والمبالغين في الوعد، وأولئك الذين نعدهم أقوياء، وفق التقرير.

وتُظهِر الأبحاث أننا غالباً لا نضع ثقتنا في الأشخاص الذين استحقوها بحق، بل في أولئك الذين نعدهم يمتلكون السلطة والنفوذ، ونعتقد أحياناً بسذاجة أنهم يهتمون بمصلحتنا.

وأشار التقرير إلى أنه يمكن أن يضل كل من «الأتباع السيئين» و«القادة المتمكنين» الطريق عندما يضعون ثقتهم بغير الجديرين بالثقة، وغالباً ما تكون العواقب وخيمة.

الأتباع السيئون ونظرية التعلم الاجتماعي

يظهر الرؤساء السيئون في نشرات الأخبار عندما تتصدر السلوكيات المشكوك فيها العناوين. ولكن مثل هذه الكارثة غير ممكنة دون مجموعة من «المتابعين السيئين»، أو الموظفين الذين يشاركون في الأخطاء، ويُغطون على الأفعال السيئة، ويتجاهلون عندما تحدث التجاوزات، وفق التقرير.

يمكن أن تُعزى هذه الظاهرة جزئياً إلى نظرية التعلم الاجتماعي، أو ميلنا إلى محاكاة السلوكيات من حولنا، خصوصاً عندما تجني مثل هذه السلوكيات نتائج إيجابية.

ومع ذلك، عندما تتم صياغة الثقافات التي تكافئ النميمة والطعن في الظهر والتخريب بوصفها استراتيجيات ناجحة لتسلق السلم الوظيفي، وتأمين الزيادات، وكسب الثناء، يتم تبني هذه السلوكيات على أنها معايير، مما يؤدي إلى الانفصال الأخلاقي على نطاق واسع.

تمكين القادة قد يؤدي دون علمهم إلى تمكين الأشخاص الخطأ

إن الكتب التي تتحدث عن تأثير القيادة المتمكنة تنتشر على جدران باعة الكتب المحليين وتضغط على المنافسة في قوائم الكتب الأكثر مبيعاً، ورغم أن الوعود حقيقية وموثقة جيداً، مما يؤدي إلى تعزيز الإبداع والابتكار، فإن هناك جانباً مظلماً من المعادلة غالباً ما يتم استبعاده من السرد.

فالتمكين يؤدي أحياناً إلى الفوضى بدلاً من الإبداع والنمو. ويحدث هذا الانقلاب في السيناريو عندما يمنح القائد حسن النية الثقة والحرية لأولئك غير المجهزين للقيادة، والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنهم يستخدمون استيلاءهم على السلطة لإسقاط من حولهم.

الثالوث المظلم

في بعض الأحيان، يحاول هؤلاء الأتباع السيئون ببساطة تهدئة انعدام الأمن لديهم من خلال تشويه سمعة الآخرين الذين يهددون هيمنتهم، ولكن في أوقات أخرى يكون هناك شيء أكثر إثارة للشكوك.

هناك الثالوث المظلم للشخصية الذي يشمل النرجسية (الغرور والتكبر)، والميكافيلية (التلاعب والبرود)، والاعتلال النفسي (الاندفاع، والقسوة، والبحث عن الإثارة إلى جانب انخفاض مستويات التعاطف والقلق).

ورغم أن كلاً من هذه السمات يشتمل على سمات مميزة، فإنها جميعاً تتسم بمستويات مختلفة من الازدواج، والبرود، والترويج للذات -الأمر الذي يستفز الآخرين لمنحهم الثقة على حساب أنفسهم.


مقالات ذات صلة

الخرف المبكر... لماذا نتجاهله؟ وما أبرز الأعراض؟

صحتك الخرف عادةً ما يرتبط بكبار السن إلا أن هذه الحالة لا تُميز بين الأعمار (رويترز)

الخرف المبكر... لماذا نتجاهله؟ وما أبرز الأعراض؟

يُعاني نحو 57 مليون شخص حول العالم من الخرف. وبينما تُشخَّص معظم حالات الخرف لدى كبار السن فإن نحو 7% من الحالات تحدث لدى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 65 عاماً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك التدخلات لتحسين نوم الأطفال قد تُفيد في التخفيف من مشاكل الصحة النفسية (رويترز)

دراسة: النوم الجيد بالصغر يحسن صحتنا النفسية في الكبر

يُعد فهم التغيرات التي تحدث خلال مرحلتي الطفولة والمراهقة هدفاً أساسياً لعلم النفس التنموي، وهو ذو أهمية بالغة للآباء ومقدمي الرعاية الصحية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق النظر إلى اللوحات الفنية يحسن الصحة النفسية (جامعة فاندربيلت الأميركية)

مشاهدة اللوحات الفنية تحسّن الصحة النفسية

كشفت دراسة دولية أن مجرد مشاهدة عمل فني بصري يمكن أن تحسن الصحة النفسية وتعزز الإحساس بمعنى الحياة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق وفق علم النفس فإنّ الشفاء من الانفصال العاطفي قد يستغرق سنتَين أحياناً (رويترز)

الانفصال العاطفيّ... حزنٌ لا مفرّ منه وشفاءٌ لا بدّ منه

يشبه الفراق بين حبيبَين في مراحله، الحِداد على شخصٍ عزيز تُوفّي. فما أبرز النصائح لعبور هذه التجربة الصعبة بسلاسة وبأقلّ أضرار نفسية ممكنة؟

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق ما عواقب قلة شرب الماء على الصحة النفسية (رويترز)

هل يمكن أن يخفف شرب الماء القلق والاكتئاب؟

تثبت الدراسات الفوائد الجسدية لشرب الماء أكثر من الفوائد النفسية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

أزمة تصوير جنازات الفنانين تعود إلى الواجهة في مصر

لقطة من جنازة الفنان الراحل سليمان عيد (حساب الفنانة بدرية طلبة على «فيسبوك»)
لقطة من جنازة الفنان الراحل سليمان عيد (حساب الفنانة بدرية طلبة على «فيسبوك»)
TT

أزمة تصوير جنازات الفنانين تعود إلى الواجهة في مصر

لقطة من جنازة الفنان الراحل سليمان عيد (حساب الفنانة بدرية طلبة على «فيسبوك»)
لقطة من جنازة الفنان الراحل سليمان عيد (حساب الفنانة بدرية طلبة على «فيسبوك»)

عادت أزمة تصوير جنازات الفنانين إلى الواجهة بمصر مجدداً، بعد تزاحم عدد كبير من المصورين بالهواتف المحمولة خلال تشييع جنازة الفنان المصري سليمان عيد، الجمعة، حيث لاحقت الكاميرات نجوم الفن، وأسرة الراحل، لتصوير لقطات خاصة أثناء دفن الجثمان.

وطالب عدد من الفنانين بمنع تصوير الجنازات، خصوصاً أن هوية المصور ليست معلومة؛ حيث كتب الفنان المصري طه دسوقي عبر حسابه بموقع «فيسبوك»، منتقداً ما يحدث، وتساءل: «ما السبق الصحافي في تصوير جثمان... ولماذا يتم التصوير داخل المقابر؟».

ووجَّه دسوقي سؤاله للعاملين في المجال الإعلامي، قائلاً: «كيف يمكنني التعامل مع مَن يُصورني في حياتي اليومية، وأثناء حضوري مناسبات ليست لها علاقة بمجال عملي، وهل أتعامل معه على أنه صحافي أم متحرش؟».

كما عبَّرت الفنانة المصرية بدرية طلبة عن استيائها، وكتبت عبر حسابها بموقع «فيسبوك»: «مهزلة الجنازات وصلت إلى تصوير النعش وما بداخله، من أجل أسبقية النشر والحصول على مشاهدات، من دون اعتبار لحرمة الميت».

وتساءلت بدرية: «مَن هؤلاء؟ ولماذا يوجدون ويزاحمون أهل وأصدقاء المتوفى؟ وطالبت طلبة بالاطلاع على الأوراق التي تُثبت أن مَن يقوم بالتصوير صحافي أم أشخاص يتتبعون الجنازات للتصوير من أجل الربح».

الفنان الراحل سليمان عيد (حسابه بموقع «فيسبوك»)

ويؤكد الناقد الفني المصري رامي المتولي أن «ما يحدث هو ظاهرة سلبية»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مَن يقوم بهذا الأمر ليست لهم علاقة بمهنة الصحافة، وليسوا صحافيين بالأساس»، وإن كان المتولي يرى أن «جنازات وعزاءات المشاهير عموماً لا بد من توثيقها، من خلال التصوير الفوتوغرافي والفيديو، ولكن دون إزعاج أو محاولة انتهاك الخصوصية، أو البحث عن سبق على حساب مشاعر الحزن التي تُخيّم على المكان».

وقبل عام، نشرت مواقع صحافية محلية لقطات من جنازة الفنان الراحل صلاح السعدني، ولنجله الفنان أحمد السعدني الذي انفعل بدوره على المصورين الذين تزاحموا خلال الجنازة وطالبهم بالابتعاد.

في حين طالبت نقابة الممثلين، في بيان لها بالتزامن مع أزمة تصوير جنازة السعدني، بعدم وجود الصحافيين والمراسلين في عزاء الفنان الراحل بناءً على رغبة أسرته.

وأكد بيان النقابة أن الفنان أشرف زكي سيضع شروطاً لحضور مراسم الدفن أو الجنازات سيتم الاتفاق عليها بين نقابتي الممثلين والصحافيين.

كما أصدرت وزارة الأوقاف أيضاً بياناً بمنع التصوير في أي جنازة، سواء حال دخولها أو خروجها وأثناء الصلاة على المتوفى، مراعاة لحرمة المسجد وحرمة الميت ومشاعر أهله.

لكن نقابة الصحافيين رفضت قرار «الأوقاف»، موضحة أنه ليس لأي جهة أو شخص الحق في حظر التصوير، وأن ذلك مخالف لنصوص الدستور والقانون، الذي يتيح لهم ممارسة العمل دون رقابة، وأن وضع القواعد من اختصاصها؛ حيث اجتمعت حينها مع نقابة الممثلين لتحديد ضوابط التصوير.

لقطة من جنازة الفنان الراحل سليمان عيد (صورة متداولة على «فيسبوك»)

في السياق؛ كتبت الشاعرة منة القيعي عبر حسابها بموقع «فيسبوك»، تعليقاً على الأزمة المثارة: «أتمنى من الدولة إصدار قرار بمنع الصحافة من الحضور والتصوير والنشر في العزاء والجنازات».

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أشار المتولي إلى أنه يجب تحديد مكان للمصورين، وعدم الاختلاط مع الحاضرين، والحفاظ على خصوصيتهم، وتقدير قيمة الحدث، وما يجري خارج هذا الإطار فليست له علاقة بالصحافة.

ويلفت الناقد الفني إلى أن «تغطية كثير من الصحافيين للجنازات تتم بشكل مهني، لكن وجود أفراد غيرهم لا يملكون ثقافة التعامل يعوق عملهم؛ ما يؤدي لاختلاط الأمور».