اقتنصت السينما اللبنانية أهم جائزتين في مهرجان «الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة» بمصر، وهما «أفضل فيلم تسجيلي طويل» لفيلم «خط التماس» للمخرجة سيلفي باليو، وجائزة أفضل فيلم تسجيلي قصير التي ذهبت إلى «منثور بيروت».
ويعد «خط التماس» أطول أفلام المهرجان، وتحكي أحداثه في 150 دقيقة قصة «فداء» التي نشأت في العاصمة اللبنانية بيروت، المدينة التي مزقتها الحرب، بينما تروي لها جدتها عن فظائع الحرب الأهلية التي عاشتها، وفي طياته تستعرض المخرجة ما شهده لبنان من حروب ومآسٍ، ومحاولتها البحث عن الحقيقة عن طريق شخصيات شاركت في الحرب، مستعينة بمشاهد أرشيفية عن تلك الأهوال، ومستعيدة الهيكل العمراني لمدينة بيروت في تلك الفترة.
أما الفيلم الثاني «منثور بيروت» الذي يعد أولى تجارب المخرجة فرح النابلسي، فيأخذ المشاهد من خلال إحدى ساكنات المدينة لرحلة على الساحل اللبناني، وفيه تتأمل المرأة تشابهها مع زهرة متوطنة، وتثير حالة الزهرة المهددة بالانقراض تساؤلاتها حول مشاعر الانتماء المشتتة، وصراع الوجود في مدينتها.
وأسدل «مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة» الستار على دورته الـ26 بإعلان الجوائز في حفل الختام مساء الثلاثاء، بقصر ثقافة الإسماعيلية بحضور خالد جلال رئيس قطاع الإنتاج الثقافي نائباً عن وزير الثقافة الذي حال سفره للخارج دون حضوره، وأكد جلال في كلمته أن مهرجان الإسماعيلية حقق مكانة دولية، وأصبح نافذة تطل منها أحدث التجارب العالمية، كما نقل لإدارة المهرجان تهنئة وزير الثقافة لنجاح هذه الدورة.
وعَدت المخرجة هالة جلال مدير المهرجان «نجاحها في تكوين فريق عمل للمهرجان يعتمد عليه إنجازاً»، مضيفة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن إقامة «ملتقى الإسماعيلية لدعم الأفلام لأول مرة هو أيضاً أحد إنجازات هذه الدورة بعدما حصلنا على دعم الشركاء لجوائز مشروعات الأفلام الفائزة في حدود الوقت والميزانية المتاحة». ونفت جلال أن يكون ضعف الميزانية قد أثر على مستوى الأفلام داخل المسابقات، قائلة إن كل الأعمال التي شاركت حظيت بتقدير في مهرجانات دولية، وفي بلدانها، كما حققت تنوعاً في طرح أفكار وأساليب سينمائية متباينة، لكن قد تختلف الذائقة الفنية من مشاهد لآخر.
وشهد حفل الختام تكريم المخرج الأميركي روس كوفمان الحائز على جائزة الأوسكار والذي تمتد مسيرته الإخراجية لأكثر من 3 عقود، كما تم تكريم المخرج المصري فاروق عبد الخالق.
وكانت إدارة المهرجان قد أعلنت قبل حفل الختام جوائز مسابقة «النجوم الجديدة» المختصة بأفلام طلاب معاهد وكليات السينما والتي ضمت 17 فيلماً من مختلف محافظات مصر، حيث حصل على جائزة أفضل فيلم «أربعة أيام» للمخرج إسماعيل جميعي، بينما ذهبت جائزة لجنة التحكيم لفيلم «ماما» من إخراج سمر الفقي، ومنحت اللجنة تنويهاً خاصاً لفيلم «داجن» للمخرج يوسف إمام.
وقالت الباحثة التونسية أنصاف وهيبة رئيسة لجنة تحكيم مسابقة «النجوم الجديدة» لـ«الشرق الأوسط» إن «المسابقة فتحت الباب للمرة الأولى لأفلام طلبة الورش الفنية الذين لم تتح لهم الدراسة بمعاهد ليشاركوا بأفلامهم الأولى لأن الموهبة مهمة، والدراسة كذلك»، ورأت أنصاف أن المسابقة كشفت عن مواهب واعدة، مؤكدة أن الأفلام التسجيلية القصيرة تعد تدريباً صعباً لتقديم أفلام تراعي التركيبة السينمائية. وأقيمت الدورة الـ26 بمشاركة 51 فيلماً بجانب أفلام «النجوم الجديدة»، وشهدت برامج جديدة وورشاً لصناعة الفيلم القصير، وأخرى للكتابة الإبداعية.
ورأت الناقدة صفاء الليثي أن استعانة المهرجان بفريق مبرمجين ومشرفين عن الورش والفعاليات أضاف توجهات جديدة في اختيارات الأفلام، وذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن «ذلك تم عبر شباب منفتح على المدارس السينمائية الحديثة»، مُضيفة أن مستوى الورش والندوات شهد تطوراً كبيراً، وأن إقامة ملتقى الإسماعيلية يعد إضافة.