القيّم الفني أمين جعفر: ما نحاول أن نُظهره في البينالي هو التعبير عن الإيمان بطرق مختلفة

ينصح المقتنين الجدد بصقل العين والذوق

أمين جعفر (مؤسسة بينالي الدرعية)
أمين جعفر (مؤسسة بينالي الدرعية)
TT

القيّم الفني أمين جعفر: ما نحاول أن نُظهره في البينالي هو التعبير عن الإيمان بطرق مختلفة

أمين جعفر (مؤسسة بينالي الدرعية)
أمين جعفر (مؤسسة بينالي الدرعية)

الحديث مع أمين جعفر، القيّم الفني لقسم «المقتني» في بينالي الفنون الإسلامية بجدة، يتناول كثيراً من الجوانب المهمة التي تتعلق بأبجديات تكوين مجموعة فنية، ويتحدث عن مجموعة آل ثاني باستفاضة، ويبرز لنا طريقة التفكير خلف تنسيق القطع في الجناح. أطلق حواري معه بالسؤال عن التفكير خلف اختيار القطع المعروضة في جناح «المقتني»: كشخص عاش مع هذه القطع، ورآها كثيراً، كيف كانت عملية الاختيار؟ يجيب: «بطريقةٍ ما، اختارت القطع نفسها. الفكرة هنا هي إقامة مَعْرِض، تقديم أعمال فنية تظهر ثراء وعمق المجموعة. ولكننا نحتاج أيضاً إلى التفكير في السرد. نحتاج إلى التفكير في الخصائص المادية للمساحة. اخْتِيرت كثير من القطع حتى نتمكن من سرد قصص عن سلالات مختلفة، وعن فترات مختلفة، وعن تِقْنِيَّات مختلفة، كما أقول، لإظهار النقاط البارزة في المجموعة، ولكن أيضاً لنقل عن قصص إنسانية، والتعبير عن لحظات معينة، أو تِقْنِيَّات معينة، أو عناصر معينة من الحضارات الإسلامية الممثلة في المجموعة».

جانب من قاعة «المقتني» في بينالي الفنون الإسلامية بجدة (ماركو كابيليتي - مؤسسة بينالي الدرعية)

ما أهم القطع برأيك في المجموعتين؟ يجيب: «أعتقد الأحجار الكريمة والمجوهرات التي تعود إلى عهد المغول في الهند، بالتأكيد، مثل ببغاء المجوهرات، ورشاش ماء الورد، وماسة البريوليت التي تعود إلى الهند. ولكن لدينا أيضاً بعض صفحات القرآن الكريم المبكرة الرائعة، وهذا الرداء السلجوقي الاستثنائي الذي يعود تاريخه إلى ما يقرب من 1000 عام، وشمعدان المماليك المصنوع من الزجاج».

بالنسبة إلى مجموعة فائقة الجمال والأهمية مثل مجموعة آل ثاني ومجموعة رفعت شيخ الأرض تعتمد على الجماليات العالية، كيف يتم تحديد الفلسفة التي تضفر تلك القطع معاً في سرد بصري واحد؟ يشير مبدئياً إلى أن استراتيجية العرض بالنسبة إلى المجموعتين لا تعتمد على الترتيب الزمني أو التاريخي: «ما نحاول القيام به هو إظهار ذوق ورؤية جامع التحف. وهذا يعني أننا نريد أن نعطي الناس فكرة عن خيارات الاقتناء وراء رؤية الشيخ حمد آل ثاني ورفعت شيخ الأرض. والفكرة الحقيقية هي فهم رؤيتهما وفهم ما يفتنهما. وكما ترين، فإن المجموعتين متكاملتان للغاية. تتكون إحداهما من أشياء صغيرة الحجم ثمينة للغاية، مثل الأحجار الكريمة. أما المجموعة الأخرى فتتكون من أشياء استعراضية، أشياء مصنوعة حقاً لإبهار الجانب الآخر».

إناء مملوكي من النحاس وخلفية من الدروع بقاعة «المقتني» في بينالي الفنون الإسلامية بجدة (الشرق الأوسط)

أسأله عن ردود الفعل وتعليقات الزوار، فيقول: «حتى الآن، أعجب الناس بالمعروضات، وأحبوا السينوغرافيا ككل. علينا أن نتذكر أن قاعة (المقتني) جزء من السرد العام للبينالي. فالسرد انطلق من قاعة (البداية)، ثم (المدار)، فـ(المقتني)، وفي المساحات الخارجية، أجنحة مكة والمدينة. لذا، فإن ما لدينا في المجمل هو عرض غني للغاية، وأعتقد أن الناس يقدرون الاختلاف بين كل تَجْرِبة من تَجارِب البينالي».

قاعة «المقتني» هي المساحة الوحيدة في البينالي التي لا تضم قطعاً معاصرة، فكيف يراها داخل السرد العام لموضوع البينالي؟ يجيب قائلاً: «إن ما نحاول أن نظهره ما بين هذا وذاك، هو كيف يتم التعبير عن الإيمان بطرق مختلفة. في الصالتين الأولى والثانية، إنه القلب... إلى حد كبير نتحدث عن عاطفة الإيمان. هنا لدينا أشياء أثرية من مكة والمدينة مع مشاريع معاصرة تدور حول الصلاة والتقوى والخلق والحالة الإنسانية. أما الصالتان الثالثة والرابعة في قاعة (المدار) فتعبران عن العقل، وكيف يفرض الإنسان النظام على الكون من خلال الأرقام، من خلال حساب أوقات اليوم، من خلال فهم حركة الكوكب، وبناءً على ذلك الرياضيات والحساب، والتجارة، والملاحة، والتناظر، والهندسة. والصالتان الخامسة والسادسة تركزان على اليد، والجمال والجماليات. ننتقل من القلب إلى الرأس إلى اليد. هنا ننظر إلى المواد والتقنيات البارعة. ثم نأتي إلى المساحات الخارجية، حيث نتعامل مع الحديقة. هذا شيء للروح. نحن ننظر إلى الطبيعة. ننظر إلى الكيفية التي تحولنا بها الطبيعة إلى مكان للعزلة، وكذلك مكان للترفيه والتجمع. ثم لدينا أجنحة مكة والمدينة التي تدور حول المدن المقدسة، والمصلى الذي نراه مسابقة لبناء مسجد معاصر».

بماذا ينصح أي شخص يريد أن يبدأ رحلة الاقتناء؟ يختصر الأمر كثيراً، ويركز على صقل العين والذوق: «أعتقد أن الأمر يتعلق كثيراً بالمعرفة، والتذوق وصقل العين، والنظر إلى الأشياء بقدر ما تستطيع، والتعامل مع الأشياء بقدر ما تستطيع، والتوصل إلى فهم ما هو ذوقك. هذا هو الشيء الأكثر أهمية. كما تعلمين، يتمتع كل الجامعين هنا برؤية فريدة للفن الإسلامي، وهذا ما يجعل المجموعات مثيرة للاهتمام. عندما بدأ رفعت شيخ الأرض في جمع الأسلحة والدروع والأشياء المرتبطة بركوب الخيل والفروسية، لم يكن أحد ينظر إلى تلك الأشياء. نعم، إنه أمر رؤيوي تماماً».


مقالات ذات صلة

موهبة فيكتور هوغو في الرسم التي لا يعرفها الكثيرون

يوميات الشرق تقف إحدى العاملات مع العمل الفني «الفطر (1850)» (إ.ب.أ)

موهبة فيكتور هوغو في الرسم التي لا يعرفها الكثيرون

اشتهر الكاتب الفرنسي فيكتور هوغو بتأليف روايتين هما «أحدب نوتردام» و«البؤساء»، لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أعماله رساماً، والتي أصبحت الآن محور معرض جديد في…

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق لوحة تُعبِّر عن الحضارة المصرية القديمة في معرض «البدايات» (الشرق الأوسط)

«البدايات»... معرض «بانورامي» لإبداعات 5 أجيال مصرية

مراحل مختلفة مرَّ بها فنانون من 5 أجيال مصرية، بعضهم احترف الرسم والتصوير وآخرون تخصَّصوا في النحت أو الحفر.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق مدارس فنّية واتجاهات مختلفة تُعبِّر عن  المرأة (الشرق الأوسط)

«سرّ الحياة» يحتفي بصلابة المرأة العربية وحضورها الطاغي

تضمَّن المعرض عشرات الأعمال التي تحتفي بصلابة المرأة العربية ومسيرتها وإنجازاتها، وحضورها الطاغي عبر التاريخ والواقع المعاصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
لمسات الموضة شهد الأسبوع ثلاث بدايات: «دريز فان نوتن» و«جيڤنشي» و«توم فورد»

أسابيع الموضة العالمية لخريف وشتاء 2026 تنتهي في باريس ببدايات جديدة

بدايات جديدة في «جيڤنشي» و«دريز فان نوتن» و«توم فورد» تُوقظ الأمل بولادة عهد جديد

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق مازن معضّم خلال افتتاح المعرض بمدينته صيدا (فيسبوك)

مازن معضّم لـ«الشرق الأوسط»: مدينتي صيدا لا تُشبه غيرها في الشهر الفضيل

في برنامج «ليالي رمضان» نشاطاتٌ متعدّدة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالشهر الفضيل؛ فتُقام العروض المسرحية الخاصة بالأطفال، تحضُر فيها شخصيات علاء الدين والفوانيس.

فيفيان حداد (بيروت)

بعد سجنه لنحو نصف قرن... 1.44 مليون دولار تعويض لياباني أدين خطأ بجريمة قتل

إيواو هاكامادا (أ.ف.ب)
إيواو هاكامادا (أ.ف.ب)
TT

بعد سجنه لنحو نصف قرن... 1.44 مليون دولار تعويض لياباني أدين خطأ بجريمة قتل

إيواو هاكامادا (أ.ف.ب)
إيواو هاكامادا (أ.ف.ب)

حصل المواطن الياباني إيواو هاكامادا (89 عاماً) على 217 مليون ين (1.44 مليون دولار)، تعويضاً عن احتجازه، خطأ، لنحو نصف قرن، حسبما ذكرت وكالة «كيودو» اليابانية للأنباء اليوم (الثلاثاء).

 

وأصدرت محكمة شيزوكا الجزئية أمراً أمس، للحكومة اليابانية بدفع المبلغ لصالح هاكامادا، بعد تبرئته في سبتمبر (أيلول) الماضي، خلال إعادة محاكمته في قضية قتل أسرة من 4 أشخاص في شيزوكا بوسط اليابان عام 1966.

ووفقاً للفريق القانوني لهاكامادا، يعد هذا المبلغ أكبر تعويض جنائي يتم دفعه في البلاد، حسبما ذكرت «كيودو».

ويشار إلى أن القانون الياباني ينص على أن الشخص الذي تتم تبرئته يحق له الحصول على ما يصل إلى 12500 ين عن كل يوم احتجاز.

وتم إلقاء القبض لأول مرة على الملاكم المحترف السابق هاكامادا، في عام 1966، واتهم بقتل صاحب العمل الذي كان يعمل لديه وزوجة الرجل وابنيهما في شيزوكا.

واعترف هاكامادا بارتكاب الجريمة، في البداية، بعد استجواب استمر 20 يوماً، قال إنه تعرض خلالها للضرب والتهديد. ثم تراجع عن اعترافه خلال المحاكمة.

وبعدما أمضى أكثر من 4 عقود في انتظار عقوبة الإعدام، تمت إعادة محاكمته في عام 2014، إثر ظهور دليل حمض نووي قوض إدانته.

وتم وضع هاكامادا في الحبس الانفرادي معظم فترة احتجازه، وقد تدهورت حالته العقلية خلال العقود التي قضاها معزولاً.