«Mo» باع الفلافل في المكسيك وقطفَ الزيتون في فلسطين

مسلسل محمد عامر يعود إلى نتفليكس في موسمٍ مثيرٍ لدموع الضحك والحزن

محمد عامر أو Mo في الموسم الثاني من مسلسله على نتفليكس (موقع عامر الإلكتروني)
محمد عامر أو Mo في الموسم الثاني من مسلسله على نتفليكس (موقع عامر الإلكتروني)
TT

«Mo» باع الفلافل في المكسيك وقطفَ الزيتون في فلسطين

محمد عامر أو Mo في الموسم الثاني من مسلسله على نتفليكس (موقع عامر الإلكتروني)
محمد عامر أو Mo في الموسم الثاني من مسلسله على نتفليكس (موقع عامر الإلكتروني)

على رأسه قبّعة الـ«كاوبوي» الخاصة بسكّان تكساس الأصليين، وعلى كتفه الكوفيّة الفلسطينية. لا بدّ أنه «مو» أو محمد عامر، أشهر فلسطيني بين الأميركيين وأشهر أميركي بين الفلسطينيين.

يعود الممثل الكوميدي الفلسطيني الأميركي إلى شاشة نتفليكس في موسمٍ ثانٍ من سلسلة «Mo»، حيث من المفترض أن يكون الأخير وفق المنصة العالمية. إلا أنّ عامر لم يؤكّد المعلومة، على اعتبار أنّه ما زال لديه الكثير ليقوله، وفق تصريحٍ لمجلة «Variety». وهذا ما أوحى به الجزء الجديد من السلسلة، الذي تفوّق على سابقِه عمقاً إنسانياً وبُعداً اجتماعياً ووطنياً.

هذا لا يعني أنّ الضحكة التي ميّزت الموسم الأول من Mo غابت عن الثاني، إلّا أنّ الدموع التي يثيرها فائض الفكاهة تمتزج هنا بدموع التأثّر، ليستحقّ المسلسل عن جدارة الدخول ضمن خانة الدراما الكوميديّة.

بعد أن اختُتم الموسم الأول قبل سنتَين ونصف السنة، باختطاف محمد عن طريق الخطأ إلى المكسيك، يُفتتح الموسم الثاني والرجل ما زال عالقاً في مكانه. يتجوّل نهاراً في عربة خشبية صغيرة يبيع عليها وصفته المبتكرة من «التاكو» بالفلافل، ويتنقّل مساءً بين حلبات المصارعة الحرة وجولات «المارياتشي» الموسيقية، جامعاً بعض النقود وحالماً بالعبور مجدّداً إلى الأراضي الأميركية.

بين سيرة محمد عامر الحقيقية، وقصة Mo التي ترويها السلسلة، نقاطٌ مشتركة كثيرة. فهو يسرد تجربته الخاصة في الولايات المتحدة، مضيفاً إليها بعض العناصر المتخيّلة التي تُثري العمل. يقف هذه المرة وراء عدسة المخرج، ويتعاون كتابة مع رامي يوسف كما في الموسم السابق، ويتولّى البطولة إلى جانب عددٍ من الممثلين ومعظمهم فلسطينيون وعرب.

Mo بائع التاكو بالفلافل في المكسيك (نتفليكس)

أمضى محمد أكثر من 20 عاماً في هيوستن تكساس، حيث لجأت عائلته هرباً من حرب الخليج، بعد أن كانت قد استقرّت في الكويت عقب الخروج من فلسطين بعد النكبة. عقدان من الزمن لم تحصل خلالها العائلة على اللجوء الشرعي، ما اضطرّه إلى تدبّر أمره بممارسة أعمالٍ عشوائية وغير قانونية، مثل بَيع السلع المقلّدة التي يكدّسها في صندوق سيارته.

يكافح محمد من أجل أن يصبح مواطناً شرعياً وصالحاً، لكنّ سوء الحظّ يقف دائماً في المرصاد. وعندما غامر بالعودة خلسة من المكسيك إلى الولايات المتحدة، انتهى به الأمر خلف القضبان في مركزٍ لاحتجاز المهاجرين غير الشرعيين. هذه أوّل معاناة يسلّط عليها المسلسل الضوء، فيصوّر باقتضابٍ هادِف الكابوس الذي يعيشه العابرون من المكسيك إلى الأراضي الأميركية.

تتزامن تلك السرديّة مع قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب المتشدّدة حيال المهاجرين، لكنها لا تنقلب إلى بُكائيّة، فحتى السجن يتحوّل على يد محمد إلى ملعبٍ لكرة السلّة!

عبور Mo والمهاجرين غير الشرعيين من المكسيك إلى الولايات المتحدة (نتفليكس)

لعلّه من أكثر المسلسلات الجديدة سلاسة على مستوى المشاهَدة، فكلٌ من الحلقات الـ8 لا تتعدّى النصف ساعة. وهي مدعّمة بأحداثٍ متسارعة وبخطٍ درامي تصاعديّ، يثريه أداءٌ مميّز للممثلين كافة على رأسهم محمد عامر الذي يؤدّي شخصيته الحقيقية، والممثل المصري الأميركي ذات الموهبة المذهلة عمر إلبا بدَور «سمير» شقيق محمد والمصاب باضطراب طيف التوحّد، إضافة إلى الوالدة «يُسرى» التي تجسّدها ببراعة الممثلة الفلسطينية الأردنية فرح بسيسو.

يتنقّل المسلسل بين اللغات الإنجليزية والعربية والإسبانية، وفي تلك الخلطة المتعدّدة الهويات عنصرُ ثراءٍ يُضاف إلى تنوّع المواضيع والرموز؛ بدءاً بصحن «الحمّص» وصولاً إلى التغريبة الفلسطينية.

يقدّم الممثل المصري الأميركي عمر إلبا أداءً استثنائياً بدَور شقيق Mo (نتفليكس)

يعود محمد أخيراً إلى بيته ليكتشف أنّ الجميع تدبّر أمره في غيابه: مصنع زيت الزيتون الخاص بوالدته شقّ طريقه إلى النجاح بمساعدة شقيقه، وصديقه المفضّل ينتظر مولوداً من شريكته، أما حبيبته «ماريا» فارتبطت برجل سواه. هو الذي ظنّ أنه رجع إلى مكانه، لم يجد لنفسه مكاناً؛ ما يضاعف لديه الشعور بالغربة وعدم الانتماء.

غير أنّ الصدمة تبلغ ذروتها عندما يكتشف أنّ الرجل الذي تواعدُه ماريا إسرائيلي أميركيّ. ولا يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ إذ إنّ «غاي» الإسرائيلي طاهٍ ناجح، ويملك مطعماً يقدّم وصفاتٍ مأخوذة عن المطبخ الفلسطيني، على رأسها الحمّص بالطحينة. وهنا، تتصاعد مظاهر النزاع الثقافي والآيديولوجي، من دون أن يخسر المسلسل عنصر الفكاهة.

يعود Mo من المكسيك ليكتشف أن حبيبته تواعدُ رجلاً إسرائيلياً (نتفليكس)

على طريقته، ومن خلال حكاية محمد وعائلته، يرفع مسلسل Mo لواء القضية الفلسطينية. يرفض تسمية ما يجري «صراعاً» بل يؤكّد أنه «احتلال»، كما يصوّر الحسرة على الأرض الدامية في عيون الأمّ يسرى، ويُكثر من رموز الحنين إلى الوطن البعيد، من زيت الزيتون إلى المأكولات الفلسطينية، مروراً بالبطّيخة، وليس انتهاءً بمفتاح العودة.

لكن لماذا غيّب عامر حرب غزة عن القصة؟

في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، جلس فريق Mo حول الطاولة وباشرَ بكتابة الموسم الثاني. ما هي إلّا أيام حتى اندلعت الحرب. يقول عامر في حديث مع صحيفة «إندبندنت» إن النقاشات احتدمت على إثر ذلك، خصوصاً أنّ الفريق مؤلّف من مسلمين ويهود ومسيحيين.

التنوّع بكل أنواعه هو من أهم عناصر إثراء مسلسل Mo (نتفليكس)

بعد أن هدأت النفوس والسجالات، ارتأى مؤلّف العمل ألّا يتطرّق إلى ما يحصل في غزة. وهو يوضح في حوارٍ آخر مع صحيفة الـ«غارديان» أنه «كان من الضروري أن تنتهي أحداث المسلسل قبل السابع من أكتوبر، ليس تجاهلاً للأحداث الآنيّة، وإنما حرصاً على القصة التي عُرف بها المسلسل والتي تجسّد بدَورها معاناة الفلسطينيين الممتدّة منذ 8 عقود».

غداءٌ عائلي في فلسطين يأتي تتويجاً لرحلة Mo (نتفليكس)

تسلك القصة خطاً تصاعدياً يبلغ ذروته في الحلقة الأخيرة. تحطّ العائلة في فلسطين حيث يتداخل الحنين والمشاعر بواقع الاحتلال المؤلم. جرى تصوير تلك الحلقة، المقتبسة عن حياة عامر الحقيقية، في جزيرة مالطا، بما أنّ الأراضي الفلسطينية كانت تحت النيران الإسرائيلية خلال التصوير. غير أن اختلاف الموقع الجغرافي لم يخدش روح الحلقة التي أتت بمثابة تتويجٍ للمسلسل.


مقالات ذات صلة

«خلّ التفّاح» القاتل... تجرّعَته الضحية والجلّاد الدجّال

يوميات الشرق الممثلة كيتلين ديفر بطلة مسلسل «Apple Cider Vinegar»... (نتفليكس)

«خلّ التفّاح» القاتل... تجرّعَته الضحية والجلّاد الدجّال

مسلسل «نتفليكس» الجديد يستعيد إحدى كبرى قصص الاحتيال التي هزّت «إنستغرام» والمجتمع الأسترالي. فمَن بيل غيبسون التي كذبت بشأن مرضها وأوهمت الناس أن العلاج بيدها؟

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق علي كاكولي وعبد الله السيف في مشهد من المسلسل الكويتي الجديد «النصاب» (نتفليكس)⁩

«النصاب» و«عريس وعروستين» و«الصفقة»... أعمال خليجية تُعرض قريباً

يبدو لافتاً تسمية «نتفليكس» عام 2025 بأنه «العام الأضخم دون منازع» بالنسبة إليها، وذلك في الحملة الترويجية العالمية للأعمال المنتظرة.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق شعار «نتفليكس» (د.ب.أ)

بعد تخطي عدد مشتركيها الـ300 مليون... «نتفليكس» ترفع أسعارها في عدد من الدول

سجلت «نتفليكس» نحو 19 مليون اشتراك جديد خلال الربع الأخير من عام 2024، ليصل مجموع مشتركيها إلى 301.6 مليون.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الممثلة الأميركية الشهيرة كاميرون دياز (د.ب.أ)

كاميرون دياز: عشت أفضل سنوات حياتي أثناء اعتزالي للتمثيل

قالت الممثلة الأميركية الشهيرة كاميرون دياز إن فترة الـ10 سنوات التي اعتزلت فيها التمثيل كانت «أفضل سنوات في حياتها».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق ابتسامةٌ للحياة (أ.ف.ب)

ميغان ماركل «الطباخة»... في مسلسل

أعلنت ميغان ماركل عن بدء عرض مسلسلها المُتمحور حول شغفها بالطهو، وذلك في 15 يناير (كانون الثاني) الحالي عبر منصة «نتفليكس».

«الشرق الأوسط» (لندن)

تغريم المخرج المصري محمد سامي في «سب» الفنانة عفاف شعيب

محمد سامي  (فيسبوك)
محمد سامي (فيسبوك)
TT

تغريم المخرج المصري محمد سامي في «سب» الفنانة عفاف شعيب

محمد سامي  (فيسبوك)
محمد سامي (فيسبوك)

في ثاني حكم يصدر ضده خلال هذا الأسبوع، قضت محكمة «جنح أكتوبر»، الاثنين، بتغريم المخرج محمد سامي 5 آلاف جنيه (الدولار يوازي 50.62 جنيه مصري) في اتهامه بسب وقذف الفنانة عفاف شعيب، وذلك بعد يومين من صدور حكم بحبسه لمدة شهرين عن تهمتي التعدي على مدير مركز صيانة سيارات بالسب والقذف والضرب.

وكانت الفنانة عفاف شعيب قد أقامت دعوى قضائية ضد المخرج محمد سامي عقب تصريحات أدلى بها في أحد البرامج التلفزيونية، طالتها بالسب والقذف، وطالب محاميها بتعويض مادي قدره 5 ملايين جنيه.

وكشف باسم الخواجة، محامي الفنانة عفاف شعيب، عن أن الحكم بالغرامة الذي صدر يعادل الحبس، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المحكمة المدنية ستنظر في 19 فبراير (شباط) الحالي جانب التعويض في الدعوى المدنية بعد صدور حكم محكمة الجنح»، متوقعاً أن يستأنف محامي الطرف الآخر على الحكم الصادر اليوم.

وأضاف أنه قدم شهادات طبية تؤكد أن الفنانة عفاف شعيب كانت موجودة بالمستشفى للعلاج خلال الفترة موضوع النزاع، وأنه تم استخراج شهادات من المستشفى تثبت ذلك.

وكانت النيابة العامة قد أحالت الدعوى للمحكمة المختصة بعد تحقيقات أثبتت وجود أدلة كافية لدعم اتهامات الفنانة، بعد تصريحات المخرج محمد سامي ضد عفاف شعيب بأحد البرامج ذكر فيها أنها ادعت المرض خلال تصوير مسلسل «آدم» متهماً إياها بالكذب لتصوير مسلسل آخر، ما عدّته الفنانة سباً وقذفاً في حقها وإساءة بالغة لها.

وكان سعيد شعبان، محامي المخرج محمد سامي، قد دافع عن موكله أمام المحكمة، قائلاً إن «التصريحات التي أدلى بها موكله في أحد البرامج التلفزيونية لم تكن مسيئة بل كانت رداً على أسئلة المذيعة، وأنه لم يستخدم عبارات تخدش الشرف أو الاعتبار»، وأفاد بـ«وجود كيدية من قبل الفنانة عفاف شعيب لعدم استعانة موكله بها في الأعمال التي يقوم بإخراجها».

ترجع جذور الأزمة لنحو 13 عاماً مضت خلال تصوير مسلسل «آدم» عام 2011 الذي كانت تشارك به عفاف شعيب ويخرجه محمد سامي ويؤدي بطولته تامر حسني ومي عز الدين، وتجددت الأزمة خلال تصريحات سامي في البرنامج التلفزيوني الذي عُرض رمضان الماضي.

الفنانة المصرية عفاف شعيب (موقع السينما دوت كوم)

وأبدت الفنانة عفاف شعيب ارتياحها للحكم الذي صدر اليوم، مؤكدة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكم سيكتمل بالجلسة التي تعقد بعد يومين أمام المحكمة المدنية، وأنها لن تتنازل عن حقها»، ولفتت الفنانة إلى أن «الأجواء لم تكن مريحة من البداية خلال تصوير مسلسل (آدم)، حيث كان المخرج يريد ممثلة أخرى بدلاً مني، في حين تمسك بوجودي كل من المؤلف أحمد أبو زيد والفنان تامر حسني والمنتج محمود شميس»، وفق قولها، مؤكدة أنها التزمت بعملها، واضطرت خلال التصوير لصعود سيارة الشرطة دون درج تصعد عليه رغم معاناتها من آلام الظهر، وأدى مرضها لإلغاء تصوير مشاهدها الأخيرة رغم أن معظم العاملين بالمسلسل زاروها في المستشفى خلال مرضها، بحسب قولها، موضحة أنها «أغلقت هذه الصفحة بعد انتهاء تصوير المسلسل وعرضه».

وقالت: «عملت طوال حياتي مع مخرجين كبار وصغار، ولم يكن بيننا سوى كل احترام، ولم يحدث قط أي خلافات بيني وبين أي منهم، ولكنني فوجئت بتصريحات المخرج التي اعتبرتها سباً وقذفاً في حقي وتتضمن إساءة لتاريخي الفني، وليس صحيحاً ما يقوله محاميه بل العكس هو الصحيح، فأنا سأرفض العمل معه مجدداً».