تشهد مصر أكثر من فعالية احتفاء بالذكرى الـ55 لرحيل «كوكب الشرق» أم كلثوم، ما بين معارض متحفية ووثائقية، وندوات متنوّعة تستعيد سيرة سيدة الغناء العربي. وإذ بدأت فعاليات حفلات استعادة أغنياتها في باريس على أنغام الموسيقى الإلكترونية، تضمّ فعاليات الأيام المصرية في قطر ندوة حول سيرة المطربة الراحلة ومسيرتها.
وقدَّمت فرقة «غرام وانتقام» مع الموسيقي اللبناني ريس بيك حفلاً لاستعادة أغنيات أم كلثوم على مسرح فيلهارموني بالعاصمة الفرنسية باريس، مساء الخميس، تضمَّن إعادة تقديمها في عرض عنوانه «أجمل ليالي»، مزجت فيه الفرقة بين العود والموسيقى الإلكترونية في عزف أشهرها.
كما أعادت إحياء أهم تلك الأغنيات، مع عرض مقاطع من الأفلام السينمائية التي أدَّت بطولتها، بتوزيع موسيقي برؤية معاصرة؛ إذ تشتهر «غرام وانتقام» بدمج الموسيقى الإلكترونية مع التراث الموسيقي العربي، لتقدّم تجربة بين الماضي والحاضر عنوانها أم كلثوم.
في هذا السياق، يرى الناقد الموسيقي المصري أحمد السماحي أنّ «تقديم أعمال أم كلثوم بالتقنيات الحديثة والموسيقى الإلكترونية يعطيها عمراً أطول ويزيدها رسوخاً»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أنّ «الاحتفاء بها في مصر ردّ لجَميلها ولجهودها، ليس فقط في الفنّ، ولكن على مستوى الدعمَيْن الروحي والمادي، خصوصاً في جولاتها عبر العالم لدعم المجهود الحربي بعد النكسة».

ومن الأغنيات الشهيرة التي قدّمتها الفرقة بطريقتها ورؤيتها الحديثة: «إنت عمري»، و«ألف ليلة وليلة»، و«أنا في انتظارك»، مع إضفاء خلفية تضمّنت مقاطع مرئية من أفلامها وحفلاتها، وسط تفاعل جماهيري لافت.
ووُلدت أم كلثوم عام 1908 وفق جواز سفرها المنشور أخيراً للمرّة الأولى ضمن معرض لمقتنياتها في القاهرة، وانتقلت من قريتها، طماي الزهايرة في محافظة الدقهلية (دلتا مصر)، إلى العاصمة مع والدها في عشرينات القرن الماضي، وبدأت مشوارها الفنّي بغناء التواشيح، وتعاونت مع الموسيقار محمد القصبجي، ثم محمد عبد الوهاب، بالإضافة إلى كبار الملحّنين والشعراء من مصر والعالم العربي.
بدورها، أقامت دار الأوبرا المصرية ندوتين في مقرّها بالقاهرة ومسرح سيد درويش بالإسكندرية، لاستعادة ذكراها من خلال المشروع الثقافي «القاهرة عنواني»، ضمن سلسلة «أرواح في المدينة» التي ينظّمها الكاتب محمود التميمي. وحظيت الندوتان بنجاح وإقبال لافتَيْن؛ مما دفع وزارة الثقافة المصرية إلى تضمين هذه الاحتفالية في برنامج أيام الثقافة المصرية المُقام حالياً في العاصمة القطرية، الدوحة.
وقدَّمت أم كلثوم عدداً من الأفلام الغنائية، من بينها: «سلامة»، و«فاطمة»، و«عايدة»، و«دنانير»، بالإضافة إلى أغنيات فيلم «رابعة العدوية». كما قدَّمت أغنيات وطنية، مثل: «مصر تتحدّث عن نفسها»، و«سلاماً شباب النيل»، فضلاً عن روائعها الشهيرة مثل: «الحب كله»، و«الأطلال»، و«يا مسهرني».

ويفتح متحف أم كلثوم بقصر المانسترلي (جزيرة المنيل - غرب القاهرة)، أبوابه للجمهور مجاناً خلال فبراير (شباط)، بالتزامن مع إحياء الذكرى الـ50 لرحيل «كوكب الشرق»، إذ تُوفيت في 3 فبراير 1975.
كما يحتفي «متحف نجيب محفوظ» في القاهرة التاريخية، الأحد، بصنّاع الهوية والرموز الفكرية والإبداعية، تخليداً لأسمائهم، ولتذكير الأجيال القادمة ببصماتهم الفريدة.
وعدَّ السماحي أم كلثوم أنها «ليست مجرّد صوت خالد وعظيم ولن يتكرّر حتى الآن، وإنما كانت كياناً ثقافياً واقتصادياً وفنّياً مستقلاً بذاته. أسطورة وستظلّ حية بيننا بفنّها وقيمتها الكبيرة التي تزداد مع الزمن».